أعلن نادي الأسير في فلسطين عن تعليق الإضراب الجماعي الذي كان مقرراً، الجمعة 17 سبتمبر/ أيلول المقبل، بعدما تراجعت السلطات الإسرائيلية عن رفضها مطالبهم بوقف "العقوبات الجماعية المضاعفة التي فرضتها إدارة سجون الاحتلال"، رداً على عملية الهروب الناجحة التي قام بها ستة من الأسرى الفلسطينيين في سجن جلبوع.
وتعرض الأسرى الفلسطينيون في سجون إسرائيل لاعتداءات بدنية وانتقاص من حقوقهم الأساسية، ومحاولات تشتيت وإبعاد، بعد الحرج الكبير الذي أصاب السلطات الأمنية لدولة الاحتلال جراء نجاح ستة أسرى في انتزاع حريتهم.
في الوقت نفسه، تمكن محامو الأسرى الأربعة الذين أعيد إلقاء القبض عليهم وهم محمود العارضة ومحمد العارضة وزكريا الزبيدي ويعقوب قادري، من لقاء بعضهم مساء الثلاثاء 14 سبتمبر/ أيلول. ونقل المحامون، ومنهم خالد محاجنة ورسلان محاجنة، شهاداتهم التي أكدت ارتكاب قوات الاحتلال جرائم التعذيب بحق الأسرى المعاد القبض عليهم بغرض العقاب والتنكيل وانتزاع الاعترافات.
تعرض الأسرى الفلسطينيون في سجون إسرائيل لاعتداءات بدنية وانتقاص من حقوقهم الأساسية، ومحاولات تشتيت وإبعاد، بعد الحرج الكبير الذي أصاب دولة الاحتلال، جراء نجاح ستة أسرى في انتزاع حريتهم
وقال خالد محاجنة عبر حسابه الشخصي على فيسبوك قبل ساعات من الزيارة: "كخطوة استباقية لمحاولة منع المخابرات والشرطة الاستفراد بالأسرى الأربعة، وباستمرار منعهم من لقاء المحامين، قدمنا قبل دقائق استئنافاً مستعجلاً لمحكمة العدل العليا بالقدس ضد قرار المحكمة المركزية التي أقرت بمنع الأسرى من لقاء المحامين. عينت الجلسة في الغد 15.9.21 الساعة 10 صباحا قبل بداية الأعياد اليهودية التي تستمر حتى نهاية الأسبوع. لن نسكت عن حقنا كمحاميين بلقاء الأسرى".
إلا أن المحامين لم يكتفوا بانتظار قرار المحكمة واستطاعوا مقابلة الأسرى بعد منتصف الليل بقليل، كتب محاجنة "نجحنا بكسر أمر المخابرات بمنع الأٍسرى من لقاء محاميهم وبعد منتصف الليل سنزورهم". لاحقاً تمكن محاجنة من لقاء محمود العارضة لينقل شهادة مروعة من موكله عن وقائع ما تعرض له العارضة وباقي المعتقلين من تعذيب واعتداءات.
علم محاجنة أن سلطات التحقيق الإسرائيلية منعت الأٍسرى المعاد اعتقالهم ومنهم محمد العارضة من النوم، وهدده أحد المحققين بالقتل قائلاً "كان علينا أن نطلق عليك النار"، كما منعت سلطات التحقيق الطعام عن الأسرى، وحرمتهم الصلاة، ونقل نادي الأسير عن خالد محاجنة "محمد أتى للزيارة وهو منهك ويشعر بالبرد وخلال يومين لم ينم إلا ساعة واحدة".
وعلم المحامي أن الأسرى تعرضوا للضرب الشديد حين اعتقالهم، وأن قوات الاحتلال ضربت رأس محمد العارضة بالأرض، ورغم كثرة الاعتداءات وتراجع الحالة الصحية للأسرى نتيجتها، لم ينقل محمد العارضة إلى العيادة سوى مرة واحدة. ويتم التحقيق معهم على مدار الساعة، وأحدهم على الأقل (محمد العارضة) تعرض للتجريد الكامل من ملابسه خلال التحقيق.
أما المحامي محاجنة، فقد تمكن من لقاء محمود العارضة، ونقل عنه أن الأسرى قرروا خلال فترة هروبهم الابتعاد عن القرى العربية في الداخل الفلسطيني المحتل (الأراضي المقامة عليها الدولة الإسرائيلية) حتى لا يعرضوهم (أهالي القرى) للمساءلة.
ضرب وتجويع وحرمان من العلاج والطعام وتجريد من الملابس... بعض ما تعرض له الأسرى المعاد اعتقالهم، بعد أن فضحوا نظام السجون الإسرائيلية
ونفى محمود العارضة لمحاميه الشائعات التي روجتها سلطات الاحتلال بأن فلسطينيين قاموا بالإبلاغ عن الأسرى، ما أدى إلى إعادة اعتقالهم، وقال محمود إن دورية شرطة إسرائيلية عثرت عليهم بالمصادفة.
وأكد أن هتافات المحتشدين عند محكمة الناصرة أثناء جلسة المحاكمة التي انعقدت صباح الأحد أسهمت في رفع معنويات الأسرى الأربعة الذين أعيد اعتقالهم، معرباً عن سعادته بردة الفعل الشعبية، وما خلقته عملية "نفق الحرية" من فخر في نفوس أبناء فلسطين.
يأتي لقاء المحامين وأٍسرى نفق الحرية بعد ضغوط ومخاطبات من جهات فلسطينية منها نادي الأسير، الذي دعا اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة للكشف عن مصير الأسرى الأربعة المعاد اعتقالهم بعد خروجهم من نفق الحرية، وطمأنة أسرهم ووقف التنكيل بجميع المعتقلين، إذ تعمدت السلطات الإسرائيلية حجب المعلومات وإخفاء أماكن احتجاز الأسرى زكريا الزبيدي، ومحمود العارضة، ويعقوب قادري، ومحمد العارضة ومنعهم من ممارسة حقهم في لقاء المحامين، ما أثار قلقاً كبيراً حول مصائرهم خلال الأيام الماضية، خاصة بعد انتشار شائعة مقتل زكريا الزبيدي تحت التعذيب، إلا أن شقيقه نفى تلك الشائعة مساء الثلاثاء.
وفي 6 أيلول/سبتمبر الجاري، هرب ستة أسرى فلسطينيين، عبر نفق حفروه من زنزانتهم، قبل أن يعاد اعتقال أربعة منهم. وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات البحث والتمشيط لاعتقال الأسيرين المطارَدين أيهم كممجي ومناضل نفيعات.
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات البحث والتمشيط لاعتقال الأسيرين المطارَدين أيهم كممجي ومناضل نفيعات
تعذيب الأسرى
قال حسن عبد ربه المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى الفلسطينيين لوكالة "وفا" الفلسطينية إن الزبيدي البالغ من العمر 46 عاماً تعرض لضرب مبرح في وجهه، وبعد تدهور حالته نقل إلى مركز رمبام الطبي في حيفا لتلقي العلاج.
وأضاف أنه في ظل منع زيارات المحامين لمراجعة الأوضاع الصحية للأسرى الأربعة، كانت كل المعلومات المتاحة حتى مساء الثلاثاء تأتي عبر جهاز الأمن العام (الشاباك).
من جانبه، أشار نادي الأسير إلى أن لسلطات الاحتلال، خاصة المحققين، تاريخاً في تعذيب المعتقلين الأسرى في ظل غياب المحامين، وأن محاكم الاحتلال تساهم في توسيع نطاق التعذيب وخطورته من خلال إجراءاتها وقراراتها، كما حدث عقب الالتماس الذي قدمه محامو الأسرى للمطالبة برفع الحظر عن لقاء المحامين أمام محكمة الناصرة المركزية ورفضته المحكمة، بحسب الوكالة الفلسطينية الرسمية.
وأشار نادي الأسير إلى أنه وثق على مدار سنوات عمله غالبية عمليات التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون أثناء الاستجواب في غياب المحامين، لافتاً إلى أنه بعد منتصف عام 2019، صعّد الاحتلال عمليات التعذيب الممنهج أثناء الاعتقال والتحقيق بعدما شملت نحو 50 معتقلاً في ذلك الحين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...