"يؤدي الكتاب في مناطق الحرب دوراً أكبر وأهم من دوره خارج الحرب أو في أوقات السلم والرفاهية، إذ رغم عدم قدرة الناس في الحرب على الاهتمام بالكتاب والحصول عليه، وربما القدرة على القراءة، يبقى مجرد وجود الكتاب أمراً هاماً وحاجة ضروريّة جداً، أكثر منها في المناطق الأخرى"، يقول الكاتب والشاعر السوري المُقيم في ألمانيا، محمد ديبو لرصيف22 تعليقاً على انعقاد معرض الكتاب في مدينة إدلب، التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام والحكومة المؤقتة التابعة للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السوريّة، المدعومة من تركيا.
اختتمت بمحافظة إدلب يوم الجمعة، 10 سبتمبر/ أيلول الجاري، فعاليات معرض إدلب للكتاب، الذي أُقيم وسط حصار خانق وقصف عنيف نفذته القوات السورية التابعة لنظام بشار الأسد بمشاركة عسكرية روسية.
في ظل الحصار والقصف، انعقد معرض الكتاب الأول في المركز الثقافي في مدينة إدلب، شمال غربي سوريا، من 4 أيلول/ سبتمبر الجاري حتى 10 منه، بمشاركة دور نشر ومكتبات محليّة وأخرى متمركزة في تركيا، وصل عددها إلى 17، عرضت ما يقارب 6000 آلاف كتاب، طغى على الكثير منها الطابع الديني، كما وُجدت روايات ودواوين شعر وكتب في أنواع الأدب المختلفة، وكتب للأطفال. وتخلّل المعرض عدد من المحاضرات والندوات.
أُقيم معرض إدلب للكتاب وسط حصار خانق، وتحت قصف عنيف نفذته القوات السورية التابعة لنظام بشار الأسد بمشاركة عسكرية روسية.
حصلت دور النشر المشاركة، والقيّمون على المعرض على موافقات من "الحكومة المؤقتة"، التي لم تمنع كتباً بشكل مباشر، لكن علم رصيف22 من مصادر مختلفة أنّ القائمين على المعرض لم يعرضوا (أو يُرسلوا) كتباً "من الممكن أن تشكّل مشكلة" كأن يكون مثلاً على غلاف الكتاب صور نساء، أو كتباً تخالف ما يُفرض من قوانين في المنطقة، ولأنّ "القائمين على المعرض، يعرفون طبيعة المنطقة وطبيعة المسيطرين عليها، قاموا سلفاً بإخفاء بعض الكتب"، لذلك عُرضت كلّ الكتب التي أرُسلت حسب قول أحد المصادر.
خاص لرصيف22
الكتاب حق
يقول محمد الجبوري، مدير العلاقات العامة في دار موزاييك المشاركة في المعرض، لرصيف22، إنّهم كمؤسسة ثقافيّة يستطيعون تقديم الكتب، وكتبهم تُباع في المعرض بأسعار تكاد تكون أقل من أسعار الطباعة، لكن رغم ذلك فإنّ الأسعار تبقى أكبر من القدر الشرائيّة لسكّان المنطقة. ويضيف أنّ المساعدات يجب أن لا تتوقف عند المواد الغذائيّة والإعانات الإغاثيّة، بل يجب أن تشمل الكتب أيضاً.
حسب الصحافي السوري والمقيم في إدلب إبراهيم تريسي: "الظرف المادي السيىء الذي يعيشه أغلب سكّان المنطقة، إضافة إلى أسعار الكتب الغاليّة، يؤثر سلباً على اهتمام الناس بالقراءة".
ويقول تريسي لرصيف22 إنّه توجد شريحة واسعة مهتمة بالجانب الثقافي والقراءة واقتناء الكتاب الورقي في مناطق شمال غربي سوريا، لكن إضافة إلى العامل المادي السيىء وظروف الحرب القاهرة، يوجد عاملان آخران يؤثران سلباً على هذه الشريحة، أولهما العامل النفسي، إذ تشعر هذه الفئة بأنّها فئة مستضعفة مقارنة بفئة أخرى من نفس العمر لديها قوة السلاح والسيطرة واتخاذ القرارات في المنطقة مما يضع هذه الشريحة في صراع نفسي (في إشارة إلى هيئة تحرير الشام).
العامل الآخر حسب تريسي هو "غياب المؤسسات والتجمعات والمراكز الثقافيّة الفاعلة بشكل حقيقي، والتي تدعم هذه الفئة وتدعم شغفها وتوجهاتها".
"أهمية المعرض تكمن في انعقاده في هذه المنطقة بالذات، لأنّها منطقة حرب منكوبة ومليئة بالمُهجّرين، وتعاني من القصف المستمر، لكن ورغم ذلك فالحياة فيها مستمرة"
أهمية الكتاب في منطقة حرب
يقول الجبوري إنّ "أهمية المعرض تكمن في انعقاده في هذه المنطقة بالذات، لأنّها منطقة حرب منكوبة ومليئة بالمُهجّرين، وتعاني من كلّ آثار الحرب، ومن القصف المستمر، لكن ورغم ذلك فالحياة فيها مستمرة".
ويضيف: "من المؤكد وجود أشخاص يكتبون وأشخاص يقرأون الكتب والاصدارات الجديدة، وخصوصاً أنّ السائد في تلك المنطقة هي الكتب الإسلاميّة وكتب الشريعة، لذلك أرسلت الدار روايات مترجمة ودواوين شعريّة وأجناساً أدبيّة أخرى".
يبدي الشاعر السوري المُقيم في تركيا حسين الضاهر لرصيف22 سعادته بوجود دواوين له في المعرض، ويقول إنّه على الرغم من نجاته فهو "موصول بحبل سريّ بتلك البلاد" لذلك فإنّ وجود كتبه في أيّ بقعة من سوريا يعني "أولاً أنّ الكتاب في مكانه الحقيقيّ، ومن ثمّ هذا الأمر يشعرني بفرحة كبيرة، لأنّ مثل هذه النشاطات مهم جداً، لأنه عودة جزئيّة للكاتب، كما أنّه حق لا بد منه للقارئ الموجود في سوريا".
ويضيف الكاتب والشاعر محمد ديبو خلال حديثه مع رصيف22 إنّ "الكتاب يقدّم لمن هم في ظل الحصار اطلاعاً دائماً على أحدث ما ينتجه الفكر البشري من علوم ومنجزات، كما يشعرهم بأنّهم غير معزولين عن حركة العالم ومساره، وإنّهم جزء من هذا العالم، حتى وإن تناساهم هذا العالم أو تجاهل آلامهم وحصارهم. فالكتاب يبقى منفذهم إليه، والأهم إنّه يُشكّل طريقهم نحو مستقبل يحلمون به، هو من يساعدهم على كسر القيود الكثيرة التي تفرضها الحرب".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.