أصدرت جمعية الفن للتنمية المشرفة على موقع مجلة نون النسائية بياناً نفت فيه صحة شهادات كاتبات الموقع اللاتي كتبنها عبر صفحاتهن الشخصية على فيسبوك، أعلن فيها استقالاتهن من الموقع ووقف التعامل مع الجمعية بعد أن أجبرتهن - حسب شهاداتهن- على حضور جلسات الدعم "وإرشاد" نفسي تقدمها الجمعية للمعنفات، وربطت الجمعية المشرفة على المجلة استمرار إسهام الكاتبات وحصولهن على مستحقاتهن المالية بحضور تلك الجلسات و"استلهامها" في كتاباتهن للموقع.
أضاف البيان أن الجمعية "تُحقق في الإيميل المتداول الذي تم إرساله دون علم إدارة الجمعية ودون موافقتها أو دراية مدير المشروع وإدارة جمعية الفن بمحتواه"، وهو الإيميل الذي نشرته الكاتبات وظهر فيه رابط الكتابة في الموقع والحصول على المستحقات المالية بحضور الجلسات.
شعرت إنجي أن المحاضرين غير مؤهلين وليسوا على مستوى عال "مرتحتش. محستش إن ده صح"، قررت وزميلاتها الانسحاب من حضور الجلسات، فمنعتهن الإدارة من الكتابة عبر الموقع
جاء نشر بيان الجمعية بعد رفض تكرر من فريق عملها للرد على تساؤلات الصحافيين وبعد تعليقات من مدير صفحة الجمعية على فيسبوك أعلن فيه اعتزام الجمعية ملاحقة الكاتبات قانونياً، وهو التهديد الذي تلاه قيام عدد من الكاتبات بحذف شهاداتهن أو إخفائها.
"نون" آخر غير هادف للربح
يُعرف موقع "نون" نفسه بأنه " نشاط ضمن مشروع تابع لجمعية الفن للتنمية، وهي جمعية غير هادفة للربح، يرمي إلى تقديم الدعم النفسي للسيدات والرجال من خلال مجموعة أنشطة، منها مجموعات المساندة والدعم النفسي".غير أنه في اليومين الماضيين، تعرضت إدارة الموقع لحملة إلكترونية واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي، أبطالها الكاتبات والمساهمات عبر الموقع، اللواتي كتبن شهادات وروايات تنفي توفير "مساحة آمنة للسيدات" كما قيل، وتتهم الإدارة بإجبارهن (الكاتبات) على حضور جلسات الدعم النفسي لاستغلال الحكايات "السرية" كقصص يتم كتابتها عبر الموقع دون الحصول على إذن أبطالها.
كما كشفت كاتبات حضرن الجلسات، منهن الكاتبة كاميليا حسين، أن من يقدمون جلسات الدعم النفسي غير مختصين ولم يتلقوا دراسة أكاديمية أو إجازة مهنية لتقديم المساعدة النفسية، وأنهم يقدمون أنفسهم كـ"مشيرين نفسيين".
ونشرت الكاتبات منشورات ولقطات من البريد الإلكتروني الذي أرسلته إدارة الموقع، لإجبارهن على حضور الجلسات عبر منصة "زووم"، الأمر الذي استدعى انسحابهن من الكتابة، وإعلان ذلك في منشورات عبر موقع التواصل الاجتماعي، اطلع رصيف22 عليها.
رقابة وتلصص
عبر هاشتاغ (#إحكي_يا_نون)، سجلت الكاتبة شرين سامي تجربتها مع الموقع التي بدأت قبل عام ونصف، إذ كانت كل الأمور على ما يرام، وفق قولها. ولكن مع تولي جمعية الفن للتنمية إدارة الموقع، تغيرت السياسة، بعد أن أصبح له "راعٍ رسمي يتحكم في وضع إستراتيجيات جديدة".من تلك الإستراتيجيات التي تحدثت عنها شيرين: حضور الكاتبات "محاضرات دعم نفسي وبعدها مجموعات الدعم النفسي الجماعية اللي بتقوم بيها نون لدعم المعنّفات... في جروب إحكي يا نون". في البداية اعتقدت شيرين أن الحضور ليس إجبارياً، فكانت تحضر محاضرة وتترك أخرى، لا سيما بعد أن تأكدت أن محتوى المحاضرات ركيك "بسبب الاعتماد على محاضرين غير مؤهلين". لاحقاً اكتشفت شيرين أن الحضور كان إجبارياً، تقول في شهادتها: "اللي حصل إن كان في رقابة علينا، وبوست بعد كل محاضرة زي حضور وانصراف، لإثبات مين حضر ومين لأ، ولازم يكون لايف لأن زي ما اكتشفنا بعد كده اللي مش هيحضر المحاضرة في وقتها ومجموعة الدعم مش هيكتب!".
"اللي حصل إن كان في رقابة علينا، وبوست بعد كل محاضرة زي حضور وانصراف، لإثبات مين حضر ومين لأ، ولازم يكون لايف لأن زي ما اكتشفنا بعد كده اللي مش هيحضر المحاضرة في وقتها ومجموعة الدعم مش هيكتب!"
ما ذهبت إليه شيرين تؤكده رسالة بريد إلكتروني أرسلتها إدارة المؤسسة إلى الكاتبات بعنوان "عن إستراتيجية موقع نون"، وهي الرسالة التي ادعى الموقع في بيانه أنها صدرت من دون علم الإدارة، وخلالها، ألزمت الإدارة الكاتبات بحضور "كامل المحاضرات لايف على جروب احكي يا نون، وحضور كامل مجموعات الدعم والمساندة"، وذلك بهدف الكتابة عن الحملة مستقبلاً. غير أن إدارة الموقع رأت أن حضور الكاتبات لا يتم بنسبة 100%، فأخبرتهن على حضور كل مجموعات الدعم النفسي أو الاستغناء عن كتابة مقالاتهن عبر الموقع في سبتمبر/ أيلول الجاري، ولاحقاً ضمت الإدارة أكتوبر/ تشرين الثاني المقبل إلى القائمة.
وفيما يبدو أنه استباق لرد الفعل الكاتبات ضد إستراتيجية الحضور الإلزامي، واستخدام حكايات النساء الخاصة في كتابة مقالات عامة، قدم الموقع اعتذاره في نهاية البريد الإلكتروني "على أي مشاعر غضب أو إحباط، إحنا مقدرين مشاعركم جداً حقيقي" حسب نص الرسالة.
لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، إذ اكتشفت شيرين بعد اجتماع مع إدارة الموقع أنها ملزمة بحضور مجموعات الدعم مع النساء المعنفات " للتلصص عليهن" على حد قولها، وعدم كشف هويتها ككاتبة لموقع نون. وتضيف "أنا بكتب الكلام ده وأنا مذهولة حقيقي! متاجرة رخيصة بآلام الناس. تعريض الكاتبات نفسهم للضغط النفسي من جراء حضور وسماع قصص قد تؤدي لانتكاس من يتلقى علاج بالفعل، أو من تعافى من مدة حتى من مشكلة نفسية. والحجة السخيفة إن المكان بيقدم خدمة مجانية للكاتبات! خدمة مجانية إجبارية، نفسية، من غير متخصصين، فيها تلصص على عذابات الغير، وفيها انتهاك سرية جلسات الدعم نفسي".
جلسات برعاية "مشير نفسي"
الكاتبة إنجي إبراهيم إحدى الكاتبات عبر موقع نون، روت هي الأخرى تجربتها مع الإستراتيجية الجديدة التي ألزمت الكاتبات بحضور جلسات الدعم وإخفاء هويتهن الصحافية، وقالت إنها حضرت أول محاضرة وفوجئت بمحاضر يحمل لقب "مشير نفسي"، وهو لقب لم تسمع به طيلة فترة دراستها المتخصصة لعلم النفس في كلية الآداب، وحين استفسرت من إدارة الموقع عن ماهية اللقب لم تحصل على إجابة شافية.مثل شيرين، شعرت إنجي أن المحاضرين غير مؤهلين وليسوا على مستوى عال "مرتحتش. محستش إن ده صح"، قررت وزميلاتها الانسحاب من حضور الجلسات، فمنعتهن الإدارة من الكتابة عبر الموقع، فأبدت إنجي اعتراضها أكثر من مرة على الإستراتيجية الجديدة، وكان رد الإدارة "عشان تتلامسوا مع مشاكل الستات وتعبروا عنهم". حينها قررت الكاتبة الاستقالة وإنهاء مشوارها في الكتابة مع الموقع "لأن مفيش عقل واعي ونفس كريمة تقبل الكلام ده على نفسها، ولا على الستات اللى هما جمهورنا الأساسي اللي خدمناهم سنين طويلة من عمرنا" حسب قولها.
"مفيش عقل واعي ونفس كريمة تقبل الكلام ده على نفسها، ولا على الستات اللى هما جمهورنا الأساسي اللي خدمناهم سنين طويلة من عمرنا"
حملة لمنع المنشورات
جمهور الموقع اعتبر أن البيان الصادر مجرد رد " في منتهى السذاجة وعدم المهنية"
انتشرت منشورات الكاتبات المستقيلات من موقع نون على فيسبوك كالنار في الهشيم، ومع العودة إلى بعضها لإعداد هذا التقرير وجدنا أنها اختفت تماماً، إذ ظهرت رسالة فيسبوك بأن "المحتوى غير متاح". صاحب ذلك تعليقات من مؤثرات وصانعات محتوى على هاشتاغ (احكي يانون)، قلن فيه إن المنشورات تعرضت لحملة من إدارة الموقع بهدف التشويش على " فضح الانتهاكات" التي تحدث من إدارة المشروع، مما أدى إلى حذف المنشورات الأصلية. وهو ما أظهره البيان الصادر عن الجمعية الذي توعد الكاتبات باتخاذ الإجراءات القانونية ضدهن.
وبالرغم من استقالة نحو 15 كاتبة من الموقع، وتواتر روايات الكاتبات حول صيغة واحدة وهي إجبارهن على حضور الجلسات وإخفاء هوياتهن الصحافية عن المشاركات واستخدام حكاياتهن في الكتابة للموقع، نفت الجمعية المشرفة على موقع نون ذلك. الأمر الذي قوبل برفض واسع من قبل جمهور الموقع، الذين اعتبروا أن البيان الصادر ما هو سوى رد " في منتهى السذاجة وعدم المهنية"، وفي حين حاول البيان اعتبار المنشورات مجرد إدعاءات، أكد معلقون ومعلقات على البيان أن مصداقية نون مستمدة من مصداقية وكفاءة الكاتبات المستقيلات، وبالتالي من المستحيل التشكك في مصداقيتهن، وعليه فإن الموقع مدين باعتذار للكاتبات والجمهور، فضلاً عن "التراجع عن القرارات الإستراتيجية الخاطئة"، حسب بعض التعليقات.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين