شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
غابة في بيروت تتحول إلى واحة تشاركية... ملاذ

غابة في بيروت تتحول إلى واحة تشاركية... ملاذ

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 31 أغسطس 202101:19 م

برعاية من بلدية المحلّة، وبدعم من "الصندوق العربي للثقافة والفنون" (آفاق) و"المعهد الفرنسي" و"معهد غوته-  لبنان" و"مؤسسة المورد الثقافي"، وبالتعاون مع "مؤسسة ذا أذر دادا"، أطلقت "المنصة المؤقتة للفن" Temporary Art Platform/ tap  مشروع "ملاذ" ضمن تظاهرة إيكو- ثقافية تهدف إلى جعل التآزر ممارسة يومية، عبر الاستلهام من الباقي في الطبيعة المدينية والمدنيين.

مساحة خضراء وسط الجفاف

فوق مساحة حرجية يافعة عند تخوم العاصمة، يجمع المشروع 6 مبدعين/ات في برنامج يمتد من 27 آب/أغسطس إلى 5 أيلول/سبتمبر، ويهدف إلى إحياء التعلم التجريبي والتبادل وسط العموم.

وفي ظل الأزمة اللبنانية غير المسبوقة، يتفق المخططون والمنفذون لـ "ملاذ" على أن جميع السكان باتوا اليوم بحالة هشّة بسبب الانهيارات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية المُتسارعة. ثم بدافع الظروف المؤلمة، يجد هؤلاء أنفسهم مضطرين لإعادة النظر وبشكلٍ مستمر في أولويات الفن؛ وتُعد "البيئة والمشاعات" بين الثيمات غاية في الأهمية، أكثر من أي وقت مضى.


بالمناسبة، يصرح أديب الدادا، مؤسس شركة "ذا أذر دادا" والشريك في "ملاذ"، لرصيف 22: "يتغير عالمنا- لا سيما في شقه الحضري-  بطريقة تؤذي الكائنات الحية من نواحي تلوث التربة، الماء والهواء، وانحسار الخضرة عموماً.

في ظل الأزمة اللبنانية غير المسبوقة،  جميع السكان باتوا اليوم بحالة هشّة بسبب الانهيارات الاقتصادية والنفسية والاجتماعية المُتسارعة. ثم بدافع الظروف المؤلمة، يجد هؤلاء أنفسهم مضطرين لإعادة النظر وبشكلٍ مستمر في أولويات الفن

ولقد قُتل نهر بيروت منذ حوالي النصف قرن جرّاء اتخاذ تدابير غير مدروسة للحد من نتائج فيضانه باتجاه البنايات العشوائية التي راحت تنتشر على ضفتيه. هذا علماً أنه كان من الممكن تخفيف المخاطر، الطبيعية في الأساس، عبر التطوير البنيوي/ التحتي - الأزرق/ الأخضر، الموازن  أصلاً لحيوات البشر مع الحيوانات والحشرات والنباتات.

منذ حينها، تحول المكان إلى مجرد ممر للمجاري والنفايات الصلبة.

ولأني أعمل مع الفريق منذ حوالي الـ 7 سنوات على القضية، وجدنا أن بعث النهر من جديد يتخطى قدراتنا المتوفرة، ففكرنا بإنعاش نظام الغابة ووصلها بالقاطنين للنزهة والسباحة والپيك-نيك.

في مرحلة أولى بدأت في الـ 2019، زرعنا جزءاً من 500 متر مربع بـ 200 نوع أشجار وشتول. باقي لدينا 800 متر مربع سنكمل زراعتها خلال الـ 3 أشهر القادمة. وسوف نبقي جزءاً من 250 متر مربع في القلب، للقاءات. يخلص المشروع نهائياً بعد سنوات قليلة".


بدورها، تقول لنا دانيال مخول، القيمة المساعدة على "ملاذ": "لا ينحصر الفن بمفهوم اللوحة المعلقة في متحف حتى تتأملها النخبة.

إن الضيع، الضواحي، المستشفيات وغيرها، هي ساحات للاستنباط أيضاً. نأسف أن عدداً كبيراً من المبتكرين قد غادروا هذه البلاد، إذ أمسوا فيها عاجزين عن التأمل والبراعة. ثمة من يمنعنا عن التحاور والتعاون، إلا أننا سنفعل على غرار الشجر".

ويتابع جاد كرم، المدير الثقافي، واصفاً كيف يعمل مع tap منذ نيسان/أبريل الماضي، بعد حمله من إسبانيا شهادة هندسة الفضاءات المفتوحة، حتى تتجاوب مع متطلبات سياقاتها الحقيقية. 

مشروع "ملاذ" ضمن تظاهرة إيكو- ثقافية تهدف إلى جعل التآزر ممارسة يومية، عبر الاستلهام من الباقي في الطبيعة المدينية والمدنيين، ويهدف إلى إحياء التعلم التجريبي والتبادل وسط العموم

ولأن موارد "ملاذ" محدودة في الواقع، فهم استبدلوا الصيغ التنافسية بالأخرى التضامنية، عبوراً لفترة التأقلم ووصولاً، ربما، للخلاص. تحت هذه الحجة بالذات، دعوا أشخاصاً عاديين للانضمام، ومنهم فلاحي الجوار والأولاد الذين يلعبون في البورة الخلفية. وبحسب الفكرة المحورية للمشروع، تكمن العبرة في الوحي من عيش الغابة المؤهلة حديثاً، المتوقع لها أن تستكمل تطورها ذاتياً، وإن في خضم الخراب الحاصل.

تشبيك بديل عن الذي يهوي

أما فعاليات "ملاذ"، فهي عبارة عن سلسلة عروض ونشاطات تَواصل متاحة للكل، تم تصميمها مع أفراد مشاركين في الدراسة (وقية أشرف حمدان، كريستيان سليمان، ميرنا بامية، پيترا سرحال، رأفت مجذوب) ومجموعات ومؤسسات (شركة سوغي، برنامج حرشنا، أكاديمية ساقية، تحالف مختبر الفن الصديق للبيئة، مجموعة نايشن ستايشن، مبادرة النور للبنان، فندق بوسا نوڨا، ميتروپوليس، كون).

نهايات سوداء

كما حال كثر من أهالي هذا الوطن المقتول ببطء، سوف يهاجر شربل سامويل عون قبل نشر هذه المادة.

هو إذن لا يعد نفسه متواجداً بين زملائه في الميدان من أجل تقديم عمل فني محترف، بقدر إتمام "حداد" لا بد منه على "الوضع". يضيف بمرارة أننا لطالما اعتدنا نسيان الماضي دون التوقف ولو لحظة عند شعائر الرحيل، ما يترك بلا شك أثاراً عميقة في أرواحنا.  

اللافت أن لشربل أرضاً في الفنار مساحتها 2500 متر مربع، باشر بزراعتها منذ العام 2007، فأنبتت أكثر من 70 صنف فاكهة، بالإضافة للأشجار الأصلية. ولقد انشغل، هو المهندس، بمراقبة تبدل روائحها وألوانها مع تقلب الفصول.

لكن شربل جاء ليعمم وداعه الشخصي والآني عبر آخر أتى متأخراً لنهر بيروت المدفون منذ العام 1968 تحت 5 أمتار من الباطون. ومع موت الشاطئ الصغير، برأيه، اندثرت أنماط شكلت جزءاً من معيشة أسلافنا.

بإزميله، سوف ينقش على الحائط الرمادي العتيق: "هنا يرقد ذاك الذي نُحت بالماء". وسوف يجسد افتراضياً المستويات المختلفة للمجرى السابق بواسطة شرائط بيضاء، كتلك المُستعملة عادةً في عزل قبور الموتى، استحقاقاً لتخليد ذكراهم.   

واتسمت مداخلة البصري المُعاصر عمر فاخوري، والمعمار كريستيان زهر، ببساطة الشغل ومباشرة الرسالة.

يرى الاثنان أن في التحول من العمودي نحو الأفقي ترجمة لمعنى واحد: ما عاد هناك من بضائع ولا خدمات للبيع ولا قوة للشراء على كافة أراضينا، وبالتالي فقدت وسيلة الترويج الشائعة هذه وظيفتها الرئيسة، وتبعاً علة وجودها. 

لكن كريستيان سلط الضوء على جانب خفي من الفكرة نفسها، عندما أضاف أن لو طلع هذا التركيب من سنتين على أقل تقدير، لاتخذ مغزى مختلف تماماً عنه الآن، كأن يكون صرخة في وجه الرأسمالية المتوحشة أو ضد الاستهلاك غير الواعي.

أخيراً، تتنوع أشكال التعبير عن إرادة الاستمرار أثناء الفترات القاسية. أما بالنسبة لـ "ملاذ"، فصورة بعض من البلد مُوحداً ومُفكراً حول احتمالات الغد هي بمثابة طاقة متجددة يُعول عليها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image