شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
أشخاص أم أوراق لعب؟... اتفاقية قديمة تضع الإمارات في مواجهة طالبان

أشخاص أم أوراق لعب؟... اتفاقية قديمة تضع الإمارات في مواجهة طالبان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الاثنين 30 أغسطس 202103:05 م

بعدما ثبُت أن معظم المسؤولين الأفغان الذين فروا من كابول لجأوا إلى دولة الإمارات، وليس الرئيس الأفغاني أشرف غني فحسب، طُرحت تساؤلات عن سر تفضيلهم هذه الدولة تحديداً على باقي بلدان العالم التى رحبت بالأفغان الفارين من حكم حركة طالبان المتشددة.

يشير تقرير لصحيفة الإيكونومست إلى أن مسؤولين افغاناً خططوا لهروبهم مسبقاً، ونقلوا أموالاً طائلة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة قبل هروبهم الفعلي إليها مع اقتراب موعد الانسحاب الأمريكي. وهو ما يطرح تساؤلاً ثانياً، إذا ما قررت طالبان التي صارت حاكماً معترفاً به لأقغانستان، ملاحقة هؤلاء المسؤولين، هل تعيد أبوظبي، التي تربطها بأفغانستان اتفاقية تسليم مجرمين، هؤلاء الفارين إلى طالبان؟

اتفاقية قديمة

عام 2008، وقعت الإمارات عدة اتفاقيات جنائية مع دولة أفغانستان الإسلامية، بعد سنوات قليلة من إقصاء حركة طالبان وتحولها من حركة تحكم أفغانستان بقوة السلاح إلى "جماعة إرهابية" مطاردة من قبل حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة.

لم تعلن الإمارات تعليق أو إلغاء تلك الاتفاقية من طرف واحد، في الوقت الذي طالبت فيه حركة طالبان الرئيس الأفغاني الهارب إلى الإمارات أشرف غني بإعادة "الأموال المنهوبة". وهذا ما يطرح احتمالات ملاحقة غني وسواه من المسؤولين الأفغان الفارين إلى الإمارات باستخدام الاتفاقية الموقعة بين البلدين، إذا ما استكملت طالبان الإجراءات القانونية.    

تزعم الإيكونومست أن الإمارات كانت دوماً على علاقة طيبة بحركة طالبان، وأنها رحبت بحكمهم "مقابل الحصول على تدفقات مالية من عائدات المخدارات".

وكانت الإمارات واحدة من دولتين خليجيتين اعترفتا بحكم طالبان وأقامتا علاقات سياسية معها، أواخر تسعينيات القرن الماضي. إلا أن الدولتين سحبتا اعترافهما عقب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، لتنأيا عن اتهامات دعم الإرهاب، خاصة أن السعودية كانت موضوعة تحت المجهر.

وبحسب هيئة الإذاعة البريطانية، فإن الإمارات أرسلت فرقة عسكرية تعمل تحت القيادة الأمريكية للمشاركة في القتال ضد طالبان.

الإمارات "تتساهل" مع الأموال القذرة، ما جعلها وجهة مسؤولين أفغان خططوا مسبقاً لنقل مئات الملايين من الدولارات من كابول إلى دبي - المركز المالي لدولة الإمارات- على مر السنين الماضية.

غسيل الأموال الأفغانية

تقرير الإيكونومست البريطانية الذي سبقت الإشارة إليه، اتهم الإمارات بأنها "تتساهل" مع الأموال القذرة، ما جعلها وجهة مسؤولين أفغان خططوا مسبقاً لنقل مئات الملايين من الدولارات من كابول إلى دبي - المركز المالي لدولة الإمارات- على مر السنين الماضية.

ومما رصدته الصحيفة، سفر نائب الرئيس السابق، أحمد ضياء مسعود، إلى دبي مع 52 مليون دولار (38 مليون جنيه إسترليني) نقداً، وفقاً لبرقيات دبلوماسية أمريكية، علماً أن متوسط الدخل السنوي في أفغانستان هو نحو 500 دولار فقط للفرد.

تشير الإيكونومست إلى أن جزءاً من هذه الأموال اشترى بها مسعود عقارات في الدولة الخليجية، مضيفة أن شير خان فارنود، الرئيس السابق لبنك كابول، وهو "لاعب بوكر عالي المخاطر"، يمتلك أيضاً عشرات العقارات في دبي.

 كان فارنود معروفاً بتقديم قروض لشركاء حامد كرزاي، الرئيس الأفغاني الأسبق، لشراء فيلات في الإمارات. وصرح لصحيفة واشنطن بوست عام 2010 معترفاً بذلك: "ما أفعله ليس مناسباً، وليس بالضبط ما يجب أن أفعله. لكن هذه هي أفغانستان".

من المحتمل أن يسلط هروب المسؤولين الأفغان إلى الإمارات الضوء على  دبي، خاصة مع تعدد التقارير التي تصفها بأنها واحة لغسيل الأموال القذرة والتهرب الضريبي.

تسجل دولة الإمارات نتائج ضعيفة في مؤشر مخاطر غسيل الأموال الذي وضعه معهد بازل للحوكمة، إذ اعتبرها ملاذاً مفضلاً لغاسلي الأموال ومهربي الأسلحة والمسؤولين المشبوهين.

من المحتمل أن يسلط هروب المسؤولين الأفغان إلى الإمارات الضوء على  دبي، خاصة مع تعدد التقارير التي تصفها واحة لغسيل الأموال القذرة والتهرب الضريبي والمسؤولين المشبوهين

ويعتبر التقرير أن دبي التي ينظر إليها الناس باعتبارها إمارة مستقرة وآمنة، تستفيد عادة عندما يهرب إليها رأس المال، قادماً من أجزاء أكثر تقلباً في المنطقة.

بحسب الإيكونومست، فإن المسؤولين الأفغان ليسوا أول من يظهر مع حقائب مليئة بالمال في الإمارات. هرع البعثيون من العراق إلى هناك عندما غزته أمريكا عام 2003. وكذلك فعل أقارب الرئيس السوري بشار الأسد عام 2012، ومسؤولون مصريون ورجال أعمال عام 2011، مثل وزير التجارة السابق ورجل الأعمال رشيد محمد رشيد.

بحسب ورقة نشرها معهد كارنيجي للدراسات، فإن إمارة دبي تحديداً تستخدم وضعها الفريد واستقلالها النسبي في مقاومة محاولات أبوظبي لفرض الالتزام بالسياسات الدولية في حركة الأموال ومكافحة الجريمة المالية المنظمة.

المعهد نفسه نشر دراسة أخرى عام 2020 بعنوان "دور دبي في تسهيل الفساد والتدفقات المالية العالمية الإجرامية".

الدراسة خصت حكومة إمارة دبي بالعمل ساحة لغسل وتدوير الأموال القذرة التي يتحصل عليها قائمة طويلة من مجرمين، حددتهم الدراسة أمراء الحرب والجريمة الأفغان، المافيا الروسية، المسؤولين النيجيريين من لصوص الثروات والمال العام، ومحترفي غسيل الأموال الأوروبيين، ومهربي الذهب من شرق أفريقيا، "كلهم يجدون في دبي مكاناً ‘مهيأ’ للعمل".

لكن دبي ليست وحدها التي تحيط بها هالات السمعة السيئة، فعلى الرغم من مساعي أبوظبي، العاصمة السياسية الغنية بالنفط ورأس المال الاقتصادي والسياسي لفرض الالتزام ببعض معايير الشفافية الدولية على دبي، فإن أبوظبي نفسها لا تترد في إيواء مطلوبين إن كانوا سيمنحونها تفوقاً وأوراق لعب سياسية.

المثال على ذلك هو القيادي الفلسطيني محمد دحلان، الذي تلاحقه السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، والذي أصبح مستشاراً في بلاط  ولي عهد أبوظبي.

 تنقل الإيكونومست عن مسؤول إماراتي سابق أن ولي عهد أبوظبي "يحتفظ بأوراق الجوكر ليلعبها في مناطق جغرافية رئيسية". وأضافت المجلة أن دحلان يساعد في الدبلوماسية الإماراتية في صربيا وإثيوبيا وإسرائيل.

المسؤولون الأفغان ليسوا أول من يظهر مع حقائب مليئة بالمال في الإمارات. هرع إليها البعثيون العراقيون عام 2003. وكذلك فعل أقارب بشار الأسد عام 2012، ومسؤولون ورجال أعمال مصريون عام 2011، مثل الوزير السابق ورجل الأعمال رشيد محمد رشيد

هل يمكن ملاحقتهم؟

يفترض الهاربون والمنفيون السياسيون الذين يسعون للاغتسال من سرقاتهم في الإمارات أنهم يستطيعون أن يعيشوا حياة آمنة ومنعزلة وفاخرة. إذ يقول أحد السكان السابقين للمجلة البريطانية: "لا يوجد مصورون، لن يقوم أحد بمطاردتك".

الإمارات غير معروفة بمساعدة المساعي الدولية لتحقيق العدالة، إذ من النادر أن تسلّم مجرمين مطلوبين ممن تؤويهم فوق أراضيها، كما أنها لا تتقدم بطلبات ملاحقات قضائية للمخالفات المالية في الخارج، إلا في أحوال نادرة.

وترجح الصحيفة الاقتصادية البريطانية أن الإمارات لن تلتزم الاتفاقية الموقعة مع أفغانستان إذا ما طالبت حركة طالبان بتفعيلها ضد المسؤولين السابقين، وتستدل الصحيفة على ذلك بأن جنوب إفريقيا "انتظرت سنوات" حتى تساعد الإمارات في إعادة رجلي الأعمال الأخوين آتول وراجيش جوبتا، المتهمين بالفساد، ويقال إنهما يعيشان في دبي. ووقعت الدولتان اتفاقية تسليم المجرمين هذا العام لكن جنوب أفريقيا لا تزال تنتظر تنفيذها.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image