شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
ستة أفلام محرّمة في أفغانستان

ستة أفلام محرّمة في أفغانستان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الجمعة 27 أغسطس 202105:02 م

ربما لا يوجد بلد يحتاج إلى سرد بصري لمأساته بمقدار ما تحتاجه أفغانستان، فبهذه الجغرافيا المنذورة للظلم والقسوة، توجد قصص كثيرة متلعثمة تحتاج صوتاً يعبر بها إلى ضفاف أخرى، إن لم يكن قادراً على تحرير قصصها، فعلى الأقل يؤرّخ لوجودها قبل أن يختطفها الموت ويكتم صوتها إلى الأبد. وقد نجحت السينما الأفغانية، في حدود معقولة، بسرد الكثير من القصص عن مأساة الناس مع الحرية والعدالة والجوع والخوف والحرب، بعيداً عمّا يتسرّب إلى العالم عبر المواد الإخبارية الفاقدة لكل عاطفة وروح.

نجحت السينما الأفغانية، في حدود معقولة، بسرد الكثير من القصص عن مأساة الناس مع الحرية والعدالة والجوع والخوف والحرب، بعيداً عمّا يتسرّب إلى العالم عبر المواد الإخبارية الفاقدة لكل عاطفة وروح

بكرة محرّمة (2019) لأرييل نصر: إنقاذ الماضي

من أجل فهم أفغانستان من خلال أفلامها من الجيّد هنا أن نبدأ بفيلم "بكرة محرّمة" 2019، للمخرج الأفغاني أرييل نصر. يأخذنا الفيلم إلى مبنى السينما الأفغانية -ربما يجهل نصف العالم اليوم أن أفغانستان كان بها مبنى للسينما- الذي يروي قصّة بطولية لموظَّفين في المبنى، قرّرا مواجهة مصير مجهول من أجل حماية المئات من بكرات الأفلام بعدما وقعت البلاد تحت حكم طالبان، يظلاّن هناك بعد فرار الجميع، خوفاً على ذكرى بلد محفوظة في هذا الأرشيف، إن هي أتلفت لن يروي أحد قصص الناس وتفاصيلهم الصغيرة قبل أن يبتلعها كابوس الحرب.

لذلك يتسللان إلى المبنى طيلة أسبوعين من الباب الخلفي، متجنّبين الرصاص والحراس في الجهة الأمامية، ويكون عليهما، بالإضافة إلى المجازفة الجسدية، أن يقررا العناوين التي سيحتفظان بها للمستقبل، لينصبّ الاختيار في النهاية على الأفلام التي تمثّل الهوية الأفغانية وتصوّر البلد قبل ظهور طالبان.

أسامة (2003) لصدّيق برمك: ظاهرة "باتشا بوش"

فيلم "أسامة" هو وثيقة خالدة لكل من أراد اختبار مأساة أن تكون أنثى في بلد كأفغانستان، منذ المشهد الأوّل ترتفع أصوات النسوة المحتجّات: "نحن جائعات، نحن أرامل، نريد وظائف"، فمئات النساء وجدن أنفسهن دون معيل في مواجهة قرار طالبان الذي يمنع خروجهن من البيوت، لكن المظاهرة لا تدوم سوى لحظات، قبل أن يبدأ التنكيل الوحشي بهن بشتى الطرق.

يتتبع الفيلم ظاهرة تُعرف في أفغانستان بـ "باتشا بوش" أي "ارتداء زي الصبي". وهي ممارسة تلجأ لها الأسر التي لا يوجد فيها أبناء ذكور، فتختار إحدى بناتها لتكون "باتشا بوش"، تقصّ شعرها وتخفي هويتها كي تتمكن في هيئة ولد من الخروج للعمل ومساعدة العائلة في جلب قوتها اليومي.

في الفيلم ترتعب الصغيرة من دورها الجديد لكنّها تقبله في النهاية، وبعد فترة عمل قصيرة يأتي قرار آخر أكثر قسوة، إذ تقرر طالبان تجنيد كلّ الفتيان لينكتشف أمرها سريعاً وتُعرض على المحكمة. القاضي الذي يقرر الرأفة بها وتبرئتها، يقرر أيضاً رميها إلى الجحيم وتزويجها لشيخ طاعن في السن.

ربما لا يوجد بلد يحتاج إلى سرد بصري لمأساته بمقدار ما تحتاجه أفغانستان، فبهذه الجغرافيا المنذورة للظلم والقسوة، توجد قصص كثيرة متلعثمة تحتاج صوتاً يعبر بها إلى ضفاف أخرى

حجر الصبر لعتيق رحيمي (2013): الحكايات وسيلة للتطهّر

من يعرف عتيق رحيمي يعرف حتماً روايته الشهيرة "حجر الصبر" التي صدرت عام 2008 باللغة الفرنسية، ونالت جائزة غونكور. وقد قرّر عام 2012 أن يحوّلها إلى فيلم، يروي حكاية امرأة أفغانية ترعى زوجها المريض المقاتل الذي دخل في غيبوبة نتيجة طلق ناري في العنق.

يعود إلى بيته عاجزاً عن الحركة، بعدما كان بطل حرب، وتضعه ظروف عجزه في فضاء ضيّق، هو عبارة عن غرفة، مع زوجته الشابّة التي تقضي الوقت في اجترار الماضي، بينما تمزق الحرب كل شيء في الخارج.

"أولئك الذين لا يجيدون ممارسة الحب، يمارسون الحرب"، تهمس له، مفتتحة باب السرد وقد حظيت للمرة الأولى بحرية الكلام. ويتكّئ النص السينمائي على رمزيّة حضور شهرزاد في التراث العالمي، كصوت لأنثى مغيّبة إن انطلق امتلك طاقاتٍ وحشية.

كما يعتمد على أسطورة حجر الصبر الأفغانية، التي تقول إن حجر الصبر جوهرة تمتصّ هموم من يثقون بها حتى تمتلئ بحكاياتهم وتنفجر.

في خضمّ سردها لحكاياتها وأسرارها على زوجها، تبدأ بمداعبة جسده وأعضائه للمرة الأولى، ويصبح أداتها بعد أن اعتادت أن تكون هي موضوعاً لرغباته. تخبره بقصّص تتأرجح بين الحقيقة والخيال، تبتغي إثارة الغيرة والانتقام، ومع تصاعد إيقاع المكاشفة، يستفيق الزوج أخيراً وهو "حجر الصبر" بعد أن يتشرّب حكايا زوجته ينفجر وينهض لينتقم منها...

كابوليوود للويس مومنييه (2017): المقاومة عبر الفن

يأخذنا فيلم "كابوليوود"، إلى حكاية أربعة شبّان يقرّرون إعادة فتح سينما "أيروب" في كابول، وهي دار أغلقت عام 2007، فتكسرت نوافذها وتصدعت جدرانها وأصبحت فريسة الإهمال بعد أن كانت فيما مضى تستقبل عائلات من كابول تقصدها لمشاهدة الأفلام.

وفي سعيهم لتنفيذ مشروعهم الطموح يواجه الشباب تهديدات الأصوليين والخوف من العائلات وانعدام الثقة بالسلطات المتواطئة مع عادات المجتمع.

يناصر "كابوليوود" حرية التعبير في مكان يتم تقييدها فيه، وقد واجه طاقم العمل مخاطر أمنية حقيقة تطلّبت إعادة الكتابة مرات عديدة، لتكييف القصّة مع "المستجدات".

أرض ورماد لعتيق رحيمي (2004): مأساة ثلاثة أجيال

  ينطلق عتيق رحيمي من روايته التي تحمل نفس العنوان (أرض ورماد) لينجز فيلماً عن الإنسان والأرض، مقتفياً الكثير من شعرية السينما الإيرانية، الفيلم عبارة عن قصّة بسيطة لثلاثة أجيال عاشت الحرب. نتعرّف على رجل عجوز، داستاغير، يمسك بيد حفيده ياسين، البالغ من العمر خمس سنوات والمصاب بالصمم.

يعبران ببطء التلال الصفراء القاحلة والمتموجة التي لفحتها حرارة الشّمس في شمال أفغانستان، باحثين عن مراد ابن داستاغير ووالد الصبي، الذي يعمل في منجم في الجبال.

سبب الرحلة نقل أخبار مأساوية، فقد لقي كل أفراد الأسرة حتفهم تحت القصف. أما زوجة مراد، زينب فقد وجدت نفسها عارية في الشارع بعد قصف تعرّض له الحمّام، فقررت أن تلقي بنفسها في ألسنة النار.

كل الشخصيات تحمل معنى رمزياً وتجسد مأساة ثلاثة أجيال راحت ضحية الحرب، بين الجد/ الماضي المتمسك بالقانون والشرف، وابنه مراد/ الحاضر، الذي خان الاتحاد السوفياتي والطفل/ المستقبل الذي صار عاجزاً مدى الحياة.

طفل من كابول برماك أكرم (2009)

يتملكنا انطباع بأن برماك أكرم ضغط جميع مشاكل بلده في ساعة ونصف، هي مدّة فيلمه "طفل من كابول"، لكن دون فواجع وصدمات قد يقودنا إليها العنوان. إذ سرعان ما تتسلل جرعات من الكوميديا الساخرة، عبر حوارات خالد الذي يعمل سائق سيارة أجرة، ويقضي أيامه في الاختناقات المرورية التي لا تعد ولا تحصى في العاصمة الأفغانية.

لكن تشاء الأقدار أن تركب سيارته امرأة، لتنزل بسرعة تاركة طفلها الرضيع في المقعد الخلفي، لتبدأ متاعب خالد الذي يقضي أوقاتاً عصيبة محاولاً إيجاد الأم التي لا يعرف عنها شيئاً سوى أنها ترتدي "التشادور" كآلاف النساء في أفغانستان، ويحاول تسليم الطفل لمن يهمه الأمر: الشرطة، دار للأيتام، منظمة فرنسية غير حكومية. يأخذنا الفيلم في رحلة بانورامية حول مدينة كابول ليغوص بعدها في قلب المدينة البائس المنهك بالحرب والفوضى.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image