شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
البحث عن جذور مقاتلي طالبان… هل ينتمي البشتون إلى بني إسرائيل؟

البحث عن جذور مقاتلي طالبان… هل ينتمي البشتون إلى بني إسرائيل؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 24 أغسطس 202103:12 م

 مع عودة حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان، عاد الحديث عن أصول مقاتليها الذين ينحدر معظمهم من قبيلة البشتون، التي يراوح عدد أفرادها بين 15 مليونًا و25 مليونًا، يتمددون من باكستان إلى أفغانستان والهند.

 وتروج وسائل إعلام وباحثون ومنظمات ورجال دين في إسرائيل أن هناك أدلة تاريخية تشير إلى أن البشتون من القبائل الإسرائيلية العشر التي شملها الشتات قديماً مع السبي البابلي، وأنهم سكنوا جبال أفغانستان هرباً من الآشوريين، ولكن لا يوجد دليل علمي قاطع على هذه الادعاءات.

 القائلون بأن البشتون ينتمون إلى بني إسرائيل من فرع أحد أبناء النبي يوسف، يذكرون أدلة تاريخية وثقافية، منها تشابه العادات والتقاليد والأسماء مع أسماء العبرانيين الأوائل، وحتى أسماء المدن مثل قندهار تتشابه مع كلمة عبرية تعني الجبل. 

 القائلون بأن البشتون ينتمون إلى بني إسرائيل من فرع أحد أبناء النبي يوسف، يذكرون أدلة تاريخية وثقافية، منها تشابه العادات والتقاليد والأسماء مع أسماء العبرانيين الأوائل

أدلة "مقدسة"

 احتل الآشوريون مملكة إسرائيل قبل حوالى 2730 سنة، وتسببوا في شتات 10 من 12 قبيلة لبني إسرائيل، وبقت قبيلتان: بنيامين ويهوذا، وبحسب التاريخ اليهودي، ينحدر من هاتين القبيلتين الشعب اليهودي المعاصر. لكن البحث عن تلك القبائل العشر المفقودة لا يزال مستمراً. 

يذكر الكتاب المقدس أن الآشوريين وطنوا القبائل المفقودة في جوزان، وهو أحد أسماء نهر آمو داريا، وهو نهر أفغاني رئيسي. وتذكر كتابات العصور الوسطى للمسافرين اليهود إلى أفغانستان الأصول الإسرائيلية للبشتون. كذلك تعود أصول العائلة المالكة السابقة في أفغانستان إلى سلالة الملك شاول من قبيلة بنيامين لبني إسرائيل، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة الغارديان في عام 2010. 

قال شالفا ويل، عالم الأنثروبولوجيا والباحث البارز في العبرية جامعة القدس للغارديان في عام 2010 إنه يُعتقد أن القبائل المشتتة قد انتشرت في منطقة حول شمال العراق وأفغانستان حالياً، مما يجعل  البشتون مرشحاً قوياً.

وتقوم النظرية على أن هناك تشابهًا في أسماء تجمعات البشتون مع العبرانيين القدماء، مثلاً لديهم تجمع شهير اسمه يوسفزي، أي أبناء يوسف، وأفريدي الذين يعتقد البعض أنهم من فرع نجل أفرايم – أحد أبناء النبي يوسف.

 بحسب الغارديان، فإن بعض العادات والممارسات تشبه التقاليد اليهودية أيضًا، مثل إضاءة الشموع في يوم السبت، والامتناع عن تناول أطعمة معينة، واستخدام المظلة أثناء حفل الزفاف وبعض أوجه التشابه في الملابس.

واقترح عالم الأنثروبولوجيا الإسرائيلي البروفيسور أفيغدور ششان وفقًا لموقع "أي نيوز21" الإسرائيلي، أن هناك أدلة أيضاً على الثقافة العبرية في أسماء المدن الأفغانية مثل قندهار، التي يزعم أنها مشابهة للتعبير العبري "الجبل".

وفي كتابه عن "تاريخ الأفغان في 1858"، قال المحارب الفرنسي والكاتب جوزيف بيير فريير إن  حاكم إيران نادر شاه عندما قرر غزو الهند ووصل حتى بيشاور وجد مع الحاكم المحليين كتاباً مقدساً مكتوباً بالعبرية وأشياء مستخدمة في الطقوس العبرية.

في عام 2018،  ذكرت صحيفة جيروزلم بوست الإسرائيلية أن منظمة "iTribe" الصهيونية تواصلت مع 100 فرد من البشتون في أفغانستان وباكستان، وأجاب جميعهم تقريباً أن أجدادهم قالوا لهم إنهم يُطلق عليهم اسم بني إسرائيل، وأبناء إسرائيل.

 ورصدوا أيضاً أنهم يعيشون وفقًا لقانون يسمى البشتونوالي الذي يشبه إلى حد كبير قانون الفسيفساء (شريعة النبي موسى). وتدعي المنظمة أنه "عندما يتعارض البشتونوالي مع القرآن الكريم، فإنهم يتبعون قانونهم. على سبيل المثال، يُسمح للمسلمين بأكل الإبل، لكن العديد من البشتون لا يفعلون ذلك.

وبحسب الادعاءات الإسرائيلية، تشمل عادات البشتون الأخرى التي ليست شائعة بين المسلمين ولكن تتشابه مع  الممارسات اليهودية: الختان في اليوم الثامن، وزواج الأخ بأرملة أخيه، وغيرهما الكثير. 

ومع ذلك، حذر ويل في حديثه للغارديان من أن هذا ليس دليلاً على أي صلة جينية. قد يكون الحمض النووي قادرًا على تحديد المنطقة التي نشأ منها البشتون في العالم، ولكن ليس من المؤكد على الإطلاق أنه يمكنه تحديد ارتباط جيني بالشعب اليهودي.

دراسة أمريكية وجدت أن كل هذه "الأدلة" اللغوية والثقافية التي يستند إليها معتنقو نظرية كون البشتون قبيلة إسرائيلية مفقودة، هي أدلة "ظرفية ومتناقضة ولن تصمد أمام تحليل DNA"

 وفقًا للغارديان، هناك باحث هندي يدعى شهناز علي جمع عينات دم من أفراد قبيلة البشتون الذين يعيشون في ماليهاباد في شمال الهند، وتوجه بها إلى إسرائيل لدراستها ولم تعلن النتائج. ولم تقدم دراسة وراثية سابقة في نفس المجال دليلاً بطريقة أو بأخرى.

 الاعتقاد الإسرائيلي وجد من يبحث في صدقيته عبر دراسات علمية، منها ما نشر في جامعة كاليفورنيا. حاولت تقييم الأدلة التي يستند إليها الإسرائيليون المعتقدون في انتماء البشتون إليهم. فحصت الدراسة زعم البعض أنهم عثروا على آثار لقبائل إسرائيل المفقودة في الصين الحالية وبورما ونيجيريا وآسيا الوسطى وإثيوبيا وحتى في الغرب، لكن كانت الشكوك أقرب إلى الثقة في قبائل البشتون "ذات الملامح الأوروبية".

وأرجع الباحث زمان ستانيزي الأستاذ بقسم العلوم السياسية بجامعة ولاية كاليفورنيا الإصرار الإسرائيلي على ادعاء انتماء البشتون إلى "القبائل الإسرائيلية المفقودة" إلى "اليهودية السياسية" والأفكار الصهيوينة المرتبطة بمبدأ "العلياء" أو صعود قبائل بني إسرائيل إلى القدس وعليائهم على قمة العالم. إلا أنها صارت تستخدم بمعنى الهجرة إلى ما يعتقدون أنه أرض تاريخية لإسرائيل.

لكن الدراسة وجدت أن كل هذه "الأدلة" اللغوية والثقافية التي يستند إليها معتنقو نظرية كون البشتون قبيلة إسرائيلية مفقودة، هي أدلة "ظرفية ومتناقضة ولن تصمد أمام تحليل DNA". 

يعتبر اليهود المتدينون أن الشرط الأساسي في مجيء المسيح إلى الأرض، هو تجمع كل القبائل الضائعة في إسرائيل مرة أخرى "العلياء"

سر الاهتمام 

يعتبر الشرط الأساسي في إيمان اليهود لعودة المسيح إلى الأرض هو تجمع كل القبائل الضائعة في إسرائيل مرة أخرى "العلياء". 

ويزعم حاخام تحدث إلى جيروزلم بوست أن "العديد من شيوخ قبائل البشتون يخشى أنه في غضون بضعة أجيال لن يكون هناك أمة بشتونية بعد الآن"، بسبب "جهود الوهابيين وغيرهم من الأصوليين المسلمين لمحو جذورهم الإسرائيلية". 

ويضيف: "يعمل بعض كبار السن الذين نتواصل معهم على توعية عشائرهم بأصولهم الحقيقية وأهمية إعادة التواصل مع الشعب اليهودي". 

ويردف: "أما ما يحدث الآن فالجواب بسيط. إذا فقد شخص شقيقه عندما كان طفلاً ووجده بعد سنوات عديدة، فإن أول ما يناقشونه ليس عدد المرات التي يصلي فيها في اليوم. بدلاً من ذلك، يستفسرون عن رفاهية بعضهم البعض، ويحاولون مساعدة بعضهم بعضًا. وإسرائيل هي دولة رائدة عالميًا في التقنيات العسكرية والطب والاستدامة. إذا كان البشتون، كما يبدو، هم إخواننا المفقودون منذ زمن طويل ، فيجب علينا أن نجلب خبرتنا لمساعدتهم على تحسين وضعهم".

 ويختم: "بفضل التكنولوجيا الحديثة، بدأ البشتون واليهود في التواصل والحوار. تجري التبادلات اليومية بين الشعبين في منتديات مختلفة، على سبيل المثال، هناك مجموعة على فيسبوك للتواصل الاجتماعي بينهما".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image