شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
مستقبل غامض... اقتصاد مصر وإسرائيل في ظل المتحور دلتا

مستقبل غامض... اقتصاد مصر وإسرائيل في ظل المتحور دلتا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الأربعاء 18 أغسطس 202105:06 م


أظهرت توقعات مؤسسة فيتش سولوشنز للتصنيف والدراسات الاقتصادية أن هناك دولتين في الشرق الأوسط ينتظر أن تتمتعا بأعلى نمو لعام 2022 هما إسرائيل ومصر اللتان انتهجتا إستراتيجيتين متباينتين لتخطي أزمة فيروس كورونا والتعافي منها اقتصادياً. 

وتقدر فيتش سولوشنز أن الناتج المحلي الإجمالي على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سينمو بنسبة 3.6٪ في عام 2021، بعد انكماش بنسبة 4٪ في عام 2020. وسيكون لمصر وإسرائيل نصيب الأسد من هذا النمو.

ومع ذلك، تهدد سلالة دلتا الجديدة بانتشار الفيروس في كلتا الدولتين بشكل أسرع وأكثر خطورة، وتتخوف المؤسسة من أن هذا قد يدفع الدولتين إلى فرض قيود صارمة على التنقل، بشكل يهدد الإستراتيجيتين. إلا أن الحكومة المصرية أكدت مراراً أن لا نية لديها فرض إجراءات احترازية صارمة في مواجهة انتشار الفيروس الذي تبقيه الأرقام الرسمية عند إصابات محدودة حتى لا يؤثر على النشاط الاقتصادي.    

تتخوف "فيتش" من أن هذا قد يدفع الدولتين إلى فرض قيود صارمة بشكل يهدد اقتصادهما. إلا أن الحكومة المصرية أكدت مراراً أن لا نية لديها فرض حظر شامل في مواجهة انتشار الفيروس، الذي تبقيه الأرقام الرسمية عند إصابات محدودة حتى لا يؤثر على النشاط الاقتصادي

توقعات متفائلة

توقع مسح لوكالة رويترز العالمية أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 5% خلال السنة المالية التي تنتهي آخر حزيران/يونيو 2022، وأن يصل إلى 5.5% في 30 حزيران/ يونيو 2023. وتوقع صندوق النقد انتعاش نمو الاقتصاد المصري بقوة إلى 5.2% في العام المالي 2022/2021.

وتوقعت إسرائيل نموًا اقتصاديًا بنسبة 5.1% وعجزًا في الميزانية بنسبة 7% في عام 2021، لكن سيكون النمو 4.7% في العام المقبل.

بحسب التقرير، اتبعت هاتان الدولتان "وصفتين مختلفتين جذرياً" في التعامل مع أزمة كورونا بدءًا من عمليات الإغلاق حتى التطعيم باللقاحات.

تمتلك إسرائيل أحد أعلى معدلات التطعيم العالمية بنسبة 60٪ من السكان، وبدأت في إلغاء قيود التنقل وتطلب إثبات التطعيم للإلتحاق بالشركات أو الحصول على الخدمات وذلك اعتماداً على هذا النجاح. 

اتبعت مصر وإسرائيل "وصفتين مختلفتين جذرياً" في التعامل مع أزمة كورونا بدءًا من عمليات الإغلاق حتى التطعيم باللقاحات.

وتصف كارين يونغ الباحثة المختصة في معهد الشرق الأوسط للدراسات مصر بأنها "قطار شحن" من حيث أن نموها الإيجابي لا يزال يعتمد على التدرج الثابت في التركيبة السكانية لسوقها الاستهلاكية الشابة، ومرونة تدفقات التحويلات المالية من الخارج، والقيود الحكومية القليلة على التنقل. وعلى عكس إسرائيل بلغ معدل التطعيم أقل من 3% (الأرقام الرسمية في مصر تضع التطعيم عند معدل 5%) من السكان، كما أن خدمات الصحة العامة في مصر سيئة بالتعريف بحسب تقارير دولية. 

وعليه، يظهر أن الاختلاف في إستراتيجية التعافي الاقتصادي من الوباء في الدولتين "مذهل، ومتباين بشدة".

ويظهر أن النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هذا العام ضعيفاً، مع بعض الاستثناءات بين دول الخليج المصدرة للنفط نظراً لارتفاع أسعار النفط والسياسة المالية التوسعية المتوقعة. 

تقارير دولية وواقع محلي


مصرية تتلقى لقاح كورونا - المصدر: بيان رسمي من وزارة الصحة المصرية 

يعتمد نمو الاقتصاد المصري على استمرار الإنفاق على المشاريع الكبرى، ومعظم هذا الإنفاق يعتمد على سياسة مالية توسعية مدفوعة باستثمارات الحكومة في البنية التحتية وقطاع الإنشاءات والاستثمار العقاري. 

يعرف المحللون الاقتصاديون أن هناك اختلافًا في التعريف والتطبيق بين النمو والتنمية الاقتصاديين، وأن النمو لا يعني بالضرورة وجود تنمية اقتصادية مستدامة. 

واستطاعت الدولة المصرية مدفوعة بالمشروعات الكبرى أن تحقق نمواً اقتصادياً يبقي على حركة المال وخلق الوظائف في السوق، إلا أن معظم هذه الوظائف مؤقتة ومحدودة داخل قطاعات نوعية، على رأسها قطاع التشييد والبناء، الذي يدار بشكل شبه كامل من الهيئة الهندسية للقوات المسلحة. 

ولا توجد دراسات حتى الآن تستكشف أثر ذلك على سوق البناء والتشييد، بعد سلسلة من القرارات الحكومية التي أوقفت سوق العمل في مشروعات العقار الفردية والصغيرة لصالح كبار المطورين، ما يغلق باب العمل أمام صغار المطورين.

وتجادل تقارير اقتصادية ذات منظور حقوقي، في أن اعتماد النمو الاقتصادي في مصر على التوسع في الاستثمار العقاري والاقتراض المستمر والمتزايد من الخارج والتوسع في تمويل الموازنة العامة من الضرائب والرسوم، لا يقيمان تنمية اقتصادية مستدامة، وأن النمو القائم لا ينعكس على حياة الأفراد بالإيجاب، بل يفرض عليهم المزيد من الأعباء الاقتصادية.      

تجادل تقارير اقتصادية ذات منظور حقوقي، في أن اعتماد النمو الاقتصادي في مصر على التوسع في الاستثمار العقاري والاقتراض المستمر والمتزايد، والتوسع في تمويل الموازنة العامة من الضرائب والرسوم، لا يقيمان تنمية اقتصادية مستدامة

على غرار جميع التقارير الدولية اعتمد تصنيف فيتش على الأرقام من دون سياقاتها، فيرصد  توسع الميزانية المالية لمصر في العام المالي 2021-2022 في الاستثمارات العامة بأكثر من 50% من دون تحليل لنوعية المشروعات وأثرها على حرية العمل في السوق المحلية. كما يرصد زيادة في مخصصات الصحة العامة والتعليم من دون النظر إلى كونهما يبقيان تحت المعدلات الدستورية، وأن هذه المخصصات نفسها تكتب كبند واحد في الميزانية وتستولي الأجور على النسبة الغالبة منها. لا يأخذ تصنيف فيتش الديون في الاعتبار، وعلى عكس نظرة الحكومة المصرية نفسها، يجد في تزايد عدد السكان فرصة إيجابية من حيث كونه "يخلق سوقًا نهمة للمنتجات الاستهلاكية الأساسية".

الباحثة الأمريكية في مركز دراسات الشرق الأوسط تعتبر أن هذا النوع من النمو في مصر سيخلق مشكلة، لأن "الإنفاق الاستهلاكي سيواجه بشكل متزايد رياحاً معاكسة تتمثل في انخفاض الدعم"، ويوجه الإنفاق أكثر نحو الاحتياجات العاجلة بدلاً من الاستثمار في التكنولوجيا والأدوات التي قد تساعد الأفراد على تنمية الأعمال التجارية أو تعلم مهارات جديدة. 

هذا النوع من النمو في مصر سيخلق مشكلة، كونه مدفوع بالاستهلاك ويوجه الإنفاق أكثر نحو الاحتياجات العاجلة بدلاً من الاستثمار في التكنولوجيا ومهارات الأفراد

تشاؤم قصير المدى

من المتوقع أن يظل رصيد ميزانية مصر في حالة عجز حتى عام 2025، مما يؤدي إلى زيادة الضغط من أجل المزيد من تدابير التقشف، والقيود المفروضة على شبكات الأمان الاجتماعي والتي تفاقمت بسبب هيمنة سوق العمل غير الرسمية التي تجعل تقديم الدعم وقياس الاحتياجات أكثر صعوبة. 

في آب/أغسطس الماضي، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي إن الوقت حان لزيادة سعر رغيف الخبز الذي تدعمه الدولة لمحدودي الدخل.

تقول الباحثة الأمريكية إن النمو في مصر يعتمد على الاستهلاك المستمر والمشاريع الكبيرة، إلا أن المكاسب من كليهما لا تفعل الكثير لتسهيل النمو طويل الأجل في رأس المال البشري أو الصناعة الجديدة. 

إسرائيل إلى المستقبل 

في إسرائيل، استهدفت الحكومة حوافز التعافي من فيروس كورونا للشركات، وحفز الوباء الاستثمارات التكنولوجية في القطاع الخاص، لكن تواجه إسرائيل تحدياتها الخاصة في خلق فرص العمل للشباب. 

وشهد عام 2020 وصول استثمارات رأس المال في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا إلى نصف مستواها فقط عام 2019. 

واجتذبت إسرائيل 1.9 مليار دولار من الاستثمارات الرأسمالية الجديدة عام 2020، تلتها مصر بمبلغ 1.4 مليار دولار. واستثمرت إسرائيل 2.7 مليار دولار في استثمارات رأسمالية جديدة خارجياً عام 2020، بينما استثمرت مصر 300 مليون دولار فقط. 

متحور دلتا

من المتوقع أن تشكل سلالة دلتا تهديداً أكبر، وتعيد فرض القيود على التنقل وتضغط على أنظمة الصحة العامة في البلدين، وسط معدلات التطعيم المنخفضة. وعليه ستخلق معدلات أعلى من العدوى والمرض خصوصاً بين الشباب الأصحاء بشكل طبيعي.

في رأي يونغ، فإن إستراتيجية عامي 2020 و2021 للحد من عمليات الإغلاق قد لا تكون ممكنة مرة أخرى. ومن غير المرجح أن تحافظ إستراتيجية الأسواق الناشئة ذات النمو المرتفع والتي تعتمد على المستهلكين الشباب والتعاقد الحكومي، على نفس الزخم عام 2022.



رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard