أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، خلال ندوة صحافية جمعته بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، عن قرار البلدين تطوير التمثيل الدبلوماسي بينهما ليصل إلى مستوى السفارات.
وقال لابيد خلال الندوة التي نُظمت الخميس 12 آب/ أغسطس: "قررنا هذا الصباح مع وزير الخارجية ناصر بوريطة، فتح سفارتين في القدس والمغرب، في غضون أشهر قليلة، بعد افتتاح الخطوط الجوية من مراكش إلى إسرائيل".
وجاءت تصريحات لابيد عقب افتتاح مكتب الاتصال الإسرائيلي في العاصمة الرباط، الذي يأتي كإحدى الخطوات المنبثقة عن الاتفاق الثلاثي الأمريكي المغربي الإسرائيلي، الذي يعود إلى شهر كانون الأول/ ديسمبر 2020، والذي ينص على تطبيع العلاقات الإسرائيلية المغربية مقابل اعتراف أمريكي بمغربية الصحراء الغربية.
ويرأس مكتب الاتصال السفير السابق في مصر دافيد غوفرين، الذي سبق له أن كان مسؤولاً في وزارة الخارجية الإسرائيلية عن قسم الأردن، ومسؤولاً سياسياً في البعثة الدائمة لإسرائيل لدى الأمم المتحدة.
"علاقة خاصة"
ويأتي قرار افتتاح السفارات في البلدين، بحسب كل من وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، ونظيره الإسرائيلي، "تكريساً لرغبة من الملك المغربي محمد السادس، لاستئناف العلاقات الإسرائيلية المغربية الرسمية"، بعد انقطاعها منذ العام 2000، حين قرر العاهل المغربي إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي عقب الانتفاضة الثانية.
ونقل موقع"le360" المقرب من السلطات المغربية، عن مصادر إعلامية إسرائيلية، أن عملية تبادل السفراء ستتم في الشهرين المقبلين، وغالباً ما سيكون ذلك في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، أو تشرين الثاني/ نوفمير، وأن وزير الخارجية المغربي بوريطة، سيكون على متن أول رحلة للخطوط الجوية الملكية المغربية التي ستقلع إلى إسرائيل، حيث سيشرف على افتتاح السفارة المغربية هناك.
لم يصدر تعليق رسمي من بوريطة، على مسألة افتتاح السفارة، وموقعها، إلا أنه أكد أن الخطوات الدبلوماسية الجديدة، وتعزيز العلاقات بين البلدين، "تعبير عن قناعة واقتناع، وعن رغبة من الملك محمد السادس، وهو ما دَفَعَه (الملك) إلى حضور مراسم التوقيع على الاتفاق الثلاثي، وهي المرجعية الأساسية لهذه العلاقات".
وأضاف: "استئناف العلاقات يعكس رغبة جلالة الملك بإعادة تفعيل آليات التعاون بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل، واستئناف الاتصالات بشكل منتظم، في إطار علاقات دبلوماسية سلمية ودية وطبيعية. علاقة المملكة المغربية بإسرائيل لا تشبه أي علاقة أخرى".
أعلن المغرب وإسرائيل افتتاح سفارتين تعزيزا لمسار التطبيع. وزير الخارجية المغربي وصف العلاقات بين البلدين بأنها "لا تشبه أي علاقة أخرى"
من جهته، رأى لابيد أن التطورات الأخيرة، وقرار افتتاح السفارة، يأتيان استمراراً للاتفاق الثلاثي، وأضاف: "هذه العملية المعروفة باسم اتفاقية أبراهام، أو اتفاق التطبيع، مرت بنوع من التدرج، واستمرت، وازدهرت، بعد تغيير الحكومة في الولايات المتحدة، وفي إسرائيل، وتتجه نحو الذروة التاريخية بافتتاح السفارة في الإمارات قبل أشهر، وافتتاح مكتب الاتصال هنا صباح اليوم".
ونقل الوزير إلى نظيره المغربي رسالة من الرئيس الإسرائيلي موجهة إلى الملك محمد السادس، تدعوه إلى زيارة إسرائيل. وكان رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو دعا بدوره الملك إلى زيارة إسرائيل، لكنه لم يتلقَ رداً من المملكة.
أي موقع لفلسطين؟
وعن القضية الفلسطينية، والوضع في منطقة الشرق الأوسط، قال وزير الخارجية المغربي إن "هناك اليوم حاجة ماسة للبدء بإجراءات لإعادة بناء الثقة بين الأطراف كلها، في المنطقة، خدمة للسلام، والاستقرار، والرخاء، وإعادة بناء الثقة، والحفاظ على الهدوء، والإحجام عن كل ما من شأنه تأجيج التوتر، وهذه عوامل أساسية لا بد منها، لفتح أفق للنزاع السياسي الفلسطيني الإسرائيلي، والحفاظ على حل الدولتين".
وأضاف الوزير المغربي: "تطرقنا مع السيد الوزير لابيد، إلى الوضع في الشرق الأوسط، ومناسبات السلام، فجلالة الملك، وفي مناسبات عديدة، يؤكد على ضرورة الخروج من الجمود، والاستعصاء، لاستئناف المفاوضات، كونها السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي، ودائم، وشامل، على أساس حل الدولتين، تعيشان جنباً إلى جنب بأمان وسلام.
وأعلن يائير لابيد أنه مع حل الدولتين، قبل أن يقول إنه لا تتوافر الظروف المناسبة لهذا الحل.
أعداء مشتركون
وخيّم على الزيارة ظِلُّ مزاعم استعمال المغرب برنامج بيغاسوس، الذي تصنعه الشركة الإسرائيليةNSO ، للتجسس على صحافيين، وناشطين، ومسؤولين، من المغرب وخارجه، لكنه لم يعكر تماماً صفو الندوة الصحافية التي عُقدت على هامش اللقاء الذي جمع الوزيرين.
ونفى لابيد أن تكون الزيارة قد تطرقت إلى أي مسألة تخص أسئلة متعلقة بالدفاع، أو صفقات عسكرية.
وقال المسؤول الإسرائيلي: "ناقشنا ما يهم بلدينا كله. لم تتم مناقشة أي عقد أسلحة خلال هذه الزيارة. كان للزيارة هدف، وهو الاتفاقيات التجارية، وافتتاح المكاتب الجديدة".
إعلان تطوير التمثيلية الدبلوماسية إلى سفارات، الإعلان عن اتفاقيات عدة، والتأكيد على وجود "أعداء مشتركين". خلاصة الزيارة الرسمية لوزير الخارجية الإسرائيلي إلى المغرب
وعلى الرغم من أن حوار "الدبلوماسية" طغى على الزيارة، حسب المسؤول الإسرائيلي، إلاّ أن البلدين أظهرا مخاوف من الجارة الشرقية للمغرب الجزائر، وهو ما أكده لابيد الذي انتقد الاتهامات المستمرة التي يرددها مسؤولون جزائريون للمغرب، وإسرائيل، بالتحالف لزعزعة استقرار بلادهم.
وفي هذا الشأن، قال المسؤول الإسرائيلي: "بالطبع سنتعاون، وأعتقد أننا نتشارك بعض المخاوف في شأن الدور الذي تلعبه الجزائر في المنطقة، وحقيقة أنهم يقتربون من إيران الآن، ويشنون أيضاً حملة ضد قبول إسرائيل كعضو مُرَاقب في الاتحاد الإفريقي". وكانت الجزائر قد حاولت مع مجموعة من الدول، إيقاف مسار قبول إسرائيل كمراقب في الاتحاد، لكن شبكة العلاقات الواسعة للأخيرة داخل القارة، دفعت إلى فشل مساعي الجزائر.
جزء من الهوية الإسرائيلية
ورأى لابيد أن التراث والثقافة المغربية، جزء من الهوية الإسرائيلية. وتأتي هذه التصريحات بحكم أن ما يعادل عشرة بالمئة من سكان إسرائيل لديهم أصول مغربية، كما أن أكبر جالية يهودية في شمال إفريقيا، تعيش في المغرب، ويصل تعدادها إلى ثلاثة آلاف شخص، يقيمون في مدن مختلفة من المغرب. كما ينص الدستور المغربي لعام 2011 على أن المكوّن اليهودي جزء من روافد الثقافة المغربية.
وحسب سلطات البلدين، فقد جاء قرار فتح خطوط جوية مباشرة بين المغرب وإسرائيل، ليفتح الباب أمام الإسرائيليين من أصول مغربية لزيارة بلد أجدادهم.
وفي هذا الصدد، ذكّر المسؤول الإسرائيلي بأن انطلاق الطيران المدني بين البلدين، هو ترسيخ لجزء من هوية الإسرائيليين ذوي الأصول المغربية، وتحدث عن حماس هؤلاء للرحلات الجوية بين البلدين، وما صاحبها، وزيارتهم إلى المغرب. وأضاف: "مئات الآلاف ممن يشاهدوننا الآن من الإسرائيليين، يعدّون المغرب جزءاً من هويتهم، وذلك عبر الموسيقى والنكهات، والروائح... لن يسافروا كسياح، بل كعائلة، ليكتشفوا إرثهم، وذاكرتهم. نحن ممتنون للملك محمد السادس، ولرؤيته، وشجاعته، لنقف هنا اليوم".
واستمرت زيارة لابيد إلى المغرب يومين، التقى فيها نظيره المغربي، والتقى الوفد المرافق له مسؤولين مغاربة، ليتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات بين البلدين، في مجال الابتكار التكنولوجي، والزراعة، والسياحة، لكن يظل أبرزها الإعلان عن فتح السفارات بين البلدين، في خطوة لم تكن منتظرة من المتابعين لملف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...