حلّت في مدينة مراكش المغربية، أول رحلة تجارية جوية مباشرة، لشركة "إسرا إير"، تربط بين إسرائيل والمغرب، وحملت مئة مسافر قادمين من مطار بن غوريون، يوم الأحد 26 تموز/ يوليو الجاري، ليتم بذلك بدء تطبيق اتفاقية ربط البلدين جوياً.
أول رحلة جوية تجارية إسرائيلية تصل إلى المغرب، والرباط تطمح لاستقبال 200 ألف سائح إسرائيلي سنويا
وحظي ركاب الرحلة، التي تضم في غالبيتها إسرائيليين من أصول مغربية، بمراسم استقبال خاصة في مطار مراكش. واستُقبلت طليعة السياح الإسرائيليين بالتمر، والحليب، والشاي بالنعناع، في حفل استقبال أقيم على شرفهم.
وصرّح بنحاس مويال، وهو أحد المسافرين، لإحدى القنوات الدولية: "أنا من مراكش، جئت إلى هنا ثلاثين مرة، لكن هذه المرة، الرحلة لها طعم خاص. كأنها المرة الأولى". المسافر، مثل كثيرين، كان يزور البلاد لكنه كان مضطراً إلى العبور عبر دولة ثانية. لكن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل في كانون الأول/ ديسمبر 2020، فتح أجواء البلاد أمام الطيران الإسرائيلي.
وستقوم شركتا "إل عال"، و"إسرا إير"، بتنظيم الرحلات بين مطار بن غوريون الدولي، ومراكش، بمعدل ثلاث رحلات، أسبوعياً، في البداية، على أن يزيد العدد لاحقاً ليصل إلى خمس رحلات، فيما ستبدأ شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية، بدورها، بتنظيم رحلات جوية إلى إسرائيل تنطلق من مدينة الدار البيضاء، بدءاً من الشهر المقبل.
رحلة مثار جدل
أثار موضوع هذه الرحلة الكثير من الجدل، وانقسم الناس بين من يرى الأمر تطبيعاً مع "الصهاينة"، وبين من رحّب بالرحلة، وعدّها "تامغرابيت" (انتماء مغربياً)، وأن الوطن للجميع، بحكم أن من قدِموا في الرحلة من مزدوجي الجنسية، وهم مغاربة.
بين من يرون أن تقديم الرحلة على أنها عطلة لمغاربة فقط "سمٌ دُسّ في العسل"، عبد الصمد فتحي، أحد أعضاء الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، الذي كتب معلقاً على وصول الطائرة الإسرائيلية إلى مراكش: "نكافئ من هاجر من المغرب لينخرط في مشروع صهيوني، وليحتل أرضاً عربية، ويقتل ويشرد شعبها المسلم، غير مراعٍ للعشرة التي عاشوا في كنفها مع المسلمين آمنين مطمئنين، بل أقاموا مجازر ومذابح في حق المسلمين، ذهب ضحيتها ما يفوق المئة ألف شهيد منذ النكبة إلى اليوم. فكيف نكافئ من خاننا، وغدر بنا، وانخرط في عصابة الصهاينة ليحتل أرض إخواننا، ويُهوِّد مقدساتنا، ويقتل أهالينا، وإخواننا هناك". ورأى أن تدشين خط الطيران المباشر بين إسرائيل والمغرب، "سيمكّن الصهاينة من غزو المغرب من بوابة السياحة، وهو أمر مرفوض، ومدان، ويندرج في خانة الخيانة، والإجرام التطبيعي، والسقوط الأخلاقي".
#لا_مرحباً_بالصهاينة_في_بلدي، ناشطون مغاربة عبّروا عن رفضهم لوصول أول رحلة جوية تجارية إسرائيلية إلى المغرب، بينما قال آخرون إنها جسر يربط بينهم وبين اليهود المغاربة في إسرائيل
وختم فتحي حديثه بالقول إن هذه الرحلة السياحية: "تهديد للصحة في المغرب، ففي الوقت الذي تشدد فيه الدولة إجراءاتها الاحترازية بإغلاق التنقل بين المدن، كان الأولى منع التدفق الصهيوني على المغرب، غير أن الدولة لها جرأة على استهداف الشعائر التعبدية للمسلمين، كمنع صلاة العيد، والتراويح، وهي عاجزة عن منع السياحة الصهيونية، على الرغم من مخاطرها الصحية".
هاشتاغ "لا مرحباً بالصهاينة في بلدي"
وتزامناً مع هذه الرحلة التي حطت في مطار مراكش الدولي، يوم الأحد الفائت، أطلق ناشطون مغاربة وسم #لا_مرحباً_بالصهاينة_في_بلدي على فيسبوك، وحملة إعلامية مدة ستة أيام، تدعو إلى التنديد بعملية استقبال السياح الإسرائيليين في المغرب. وقالوا إن الحملة "تزامنت مع الغزو السياحي الصهيوني المرتقب لبلادنا هذه السنة".
أما المناضل اليهودي المغربي اليساري سيون أسيدون، فكتب تغريدة يقول فيها "المغرب ليس مركباً سياحياً لراحة مجرمي الحرب الصهاينة".
من جهة أخرى، تعالت أصوات نقيضة ترحب بأول رحلة سياحية من إسرائيل إلى المغرب، الذي تعيش فيه أكبر جماعة من المواطنين الذين يعتنقون اليهودية في شمال إفريقيا بتعداد يبلغ نحو ثلاثة آلاف شخص، فيما يعيش زهاء 700 ألف يهودي من أصل مغربي في إسرائيل.
وعُدّت الرحلة تدشيناً حقيقياً لعلاقة جديدة بين المغاربة في إسرائيل، وبين بلدهم المغرب، كما شأن المنسق الوطني لمشروع حزب التجمع من أجل التغيير الديمقراطي (RCD) عمر إسرى، الذي قال: "وجب إطلاق مبادرات عاجلة من شأنها أن تشكل بداية حقيقية لصحوة جماعية، للعودة إلى الذات، وللافتخار بتاريخنا غير المجزّأ، وبهويتنا الجماعية، وثقافتنا التي تُعد ملتقى لعدد من الروافد التي لقّحت جسد هذه الأرض، وروحها، وشعوبها، عبر عشرات القرون. حان الوقت لفك الارتباط بالأفكار الهدامة المستوردة كلها، وتلقيح الشعب ضد الفيروسات التخريبية التي تتعارض مع جوهر "تمغربيت"، المبني على التسامح، والتعايش، والتضامن، وتقبل الآخر، والانتصار لقضايانا المصيرية".
وأضاف إسرى: "نحن شعب حر، وإن كنا لا نتوانى في أي وقت عن التضامن مع الشعوب المظلومة كلها، فلسنا نحن ‘المفتاح’ للمشاكل كلها، يكفي أن نركز على قضايانا أولاً، ونغلّب مصالحنا، وبعدها نتآزر مع الآخرين، ويمكن أن نفعل الأمرين معاً من دون التفريط في ‘ذاتنا’، وفي ‘تمغربيتنا’".
مبررات اقتصادية؟
من جهة أخرى، تبرّر السلطات المغربية القرار بالسيادة الوطنية، وضرورة تنويع المصادر الاقتصادية للمملكة.
وقال المكتب الوطني المغربي للسياحة، إن المغرب وإسرائيل وقعا، مساء الأحد، اتفاقية للشروع في الترويج لوجهة المغرب السياحية، والتسويق المشترك من كلي الطرفين لتعزيز حركة السياحة الوافدة. وجاء بيان المكتب، بمناسبة إطلاق الرحلات الجوية المدنية بين المغرب وإسرائيل. وتهدف الاتفاقية، حسب البيان، إلى "ترويج مكاتب السياحة والسفر في إسرائيل والمغرب للمرافق السياحية في البلد الإفريقي، بهدف تنشيط الرحلات إلى أبرز مرافقه. ويتوقع المكتب الوطني ارتفاع عدد السياح الإسرائيليين إلى المغرب إلى 200 ألف سنوياً، من متوسط 50 ألفاً سابقاً".
وكانت شركة الطيران الإسرائيلية "إل عال"، قد أعلنت عن تدشين رحلاتها المباشرة إلى مراكش، وتخطيطها لتسيير خمس رحلات أسبوعية تشمل الدار البيضاء أيضاً.
ونقلت وكالات الأخبار الدولية عن وزير السياحة الإسرائيلي يوئيل روزبوزوف، قوله في حفل إطلاق رحلات الشركة، الذي حضره رئيس مكتب الاتصال المغربي لدى إسرائيل عبد الرحيم بيوض: "إن خدمة الطيران هذه ستعزز التعاون التجاري والسياحي والاقتصادي بين البلدين".
وأضافت الشركة الإسرائيلية، في معطيات كشفت عنها، أن سعر تذكرة الذهاب والإياب إلى مراكش، العاصمة السياحية المغربية، ستبلغ 580 دولاراً تقريباً.
بدورها، رأت صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية"، وهي الصفحة الرسمية لإسرائيل على موقع فيسبوك، أن الرحلة "تدشين لمحطة تاريخية أخرى من التطبيع بين البلدين؛ ما يساهم في تنشيط الحركة السياحية. إسرائيل والمغرب خاوة خاوة (إخوة)".
وكشف مسؤولون مغاربة، أنه بالإضافة إلى هاتين الشركتين، ستبدأ شركة ثالثة، وهي "أركيا"، رحلاتها إلى المغرب في الرابع من آب/ أغسطس المقبل.
وستربط هذه الرحلات مباشرة بين تل أبيب ومراكش والدار البيضاء، في خطوة تهدف إلى جذب 38 ألف سائح إسرائيلي إلى المغرب، في حين تتولى شركة الخطوط الملكية المغربية جلب 12 ألف سائح إسرائيلي مع نهاية العام الحالي.
وقبل أيام، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، أنه سيزور المغرب أوائل الشهر المقبل، بعد تدشين خطوط الطيران بين البلدين. ومن المقرر أن تعقبها زيارة لوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى إسرائيل.
وتأتي هذه الخطوة الجديدة بعد توقيع البلدين على اتفاقيات عدة، كان آخرها التعاون في مجال الأمن السيبراني.
وتأمل إسرائيل في تعزيز العلاقات الدبلوماسية، وتبادل السفراء بين البلدين، من أجل ترسيخ ما جاءت به اتفاقيات أبراهام بين إسرائيل ودول عربية، والتي أشرفت عليها إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
أقوال جاهزة
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...