تعرضت عشرات النساء في الهند والشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الأرجح للمراقبة، من قبل الحكومات التي تستخدم برامج التجسس الإسرائيلي المنشأ بيغاسوس (Pegasus)، مما يعرضهن الآن لخطر الابتزاز أو المضايقة، وفقاُ لتقرير نشرته مؤسسة طومسون رويترز في 11 آب/أغسطس الجاري.
يفسر التقرير ما تعرضت له الصحافية اللبنانية في قناة الجزيرة غادة عويس في العام الماضي من حملة ابتزاز واسعة، بعد تسريب صور خاصة لها. وقتذاك أكدت عويس أن هذه الهجمات لن تخرسها.
ويعمل برنامج بيغاسوس، الذي طورته شركة التكنولوجيا الإسرائيلية NSO، على اختراق الهواتف المحمولة، ومراقبة الميكروفون والكاميرات والوصول إلى الرسائل والصور ورسائل البريد الإلكتروني وتصديرها دون علم المستخدم إلى هذه الحكومات. وتفجرت في يوليو/ تموز الماضي فضيحة استخدام حكومات حول العالم، كثير منها عربية، لبرنامج بيغاسوس في التجسس على معارضيها وصحافييها، وكذلك في التجسس على المسؤولين داخل بلدانها أو في بلاد أخرى.
أنوشكا جين ناشطة هندية تعمل في مؤسسة حرية الإنترنت في دلهي، وتقدم من خلال عملها مساعدة قانونية لناشط وناشطة تعرضا للتجسس. تقول أنوشكا لـ"طومسون رويترز" : "تواجه النساء بالفعل مضايقات عبر الإنترنت. إذا اعتقدن أنه يمكن مراقبتهن، فقد يفرضن رقابة ذاتية أكثر فأكثر، وسوف يخشين التحدث بصوت عالٍ".
تضمنت قاعدة البيانات المسربة للأرقام التي تم اختراقها عبر البرنامج الإسرائيلي، 50 ألف رقم هاتف، ربما جرى اختراقها بين عامي 2017 و 2019، وورد في هذه القائمة أرقام هواتف عشرات النساء، بينهن 60 في الهند، صحفيات وناشطات وربات منازل، وفقاً لموقع ذا واير الهندي.
يفسر التقرير ما تعرضت له الصحافية اللبنانية في قناة الجزيرة غادة عويس في العام الماضي من حملة ابتزاز واسعة، بعد تسريب صور خاصة لها. وقتذاك أكدت عويس أن هذه الهجمات لن تخرسها
كان أحد الأهداف المحتملة موظفة سابقة في المحكمة العليا، اتهمت رئيس المحكمة العليا آنذاك رانجان جوجوي بالتحرش الجنسي، على الرغم من أن القضاة رفضوا الشكوى لاحقاً. ويظهر أن هناك العديد من أفراد عائلة الموظفة في قائمة الـ50 ألف شخص.
وقالت جين عن المرأة التي لم يتم الكشف عن هويتها علانية: "لم تكن شخصية عامة، لذلك كانت تخضع للمراقبة فقط بسبب تلك [الشكوى]، إنه انتهاك هائل لخصوصيتها".
ورفضت السلطات الهندية الكشف عما إذا كانت الحكومة قد اشترت برنامج تجسس بيغاسوس، واكتفت بالقول إن "المراقبة غير المصرح بها لا تحدث".
في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني، قال متحدث باسم NSO الإسرائيلية إنها تجري "فحوصاً صارمة لحالة حقوق الإنسان قبل البيع لدول أجنبية، كما تأخذ تعهدات لتقليل احتمال إساءة استخدام البرنامج". وأعلنت الشركة كذلك أنها أوقفت استخدام البرنامج لدى العملاء الذين تبيّن أنهم يسيئون استخدام هذه التكنولوجيا. ولكن لا توجد أدلة على صحة ما ورد في بيان الشركة الإسرائيلية.
ورفض متحدث باسم الشركة الإفصاح عما إذا كانت أي من عمليات الاختراق التي أدت إلى جمع مواد عبر بيغاسوس، قد استُخدمت لابتزاز النساء أو تخويفهن.
الشرق الأوسط
قالت علياء إبراهيم، إحدى مؤسسات منصة "درج" الإعلامية، التي شاركت مع منظمة العفو الدولية في التحقيق في استخدام "بيغاسوس" لاختراق الهواتف، إن اتجاهاً مشابهاً ظهر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
وقدرت أن ثلث الأهداف المحتملة في المنطقة هو من النساء - بما في ذلك المدافعات عن حقوق الإنسان والصحافيات، ولكن أيضاً هناك نساء مرتبطات برجال أقوياء أو رجال مستهدفين.
ثلث الأهداف المحتملة في المنطقة العربية من النساء. بما في ذلك المدافعات عن حقوق الإنسان والصحافيات، ولكن أيضاً هناك نساء مرتبطات برجال أقوياء أو رجال مستهدفين
يمكن القول إن أبرز الأهداف كانت الأميرة لطيفة، ابنة رئيس الوزراء الإماراتي وحاكم دبي محمد بن راشد آل مكتوم، والأميرة هيا بنت الحسين، زوجته السابقة.
وهنالك أيضاً خديجة جنكيز، خطيبة الصحافي السعودي المقتول والمعارض جمال خاشقجي، وزوجته حنان العطار كأهداف محتملة للبرنامج.
من نحو 10 آلاف رقم تم استهدافه في المغرب، كانت سلمى بناني زوجة الملك محمد السادس هدفاً، كذلك الفرنسية كلود مانجين، زوجة الناشط الصحراوي النعمة أسفاري، المسجون في المغرب منذ عام 2010.
وقالت علياء إبراهيم إن ذلك أدى إلى خلق حالة من الشعور بالضيق بين النساء في المنطقة، إذ "لم يعتقدن قط أنهن يمكن أن يكن هدفاً لمثل هذه المراقبة الشاملة". وأضافت: "تصاب المرأة بالرهاب من كل من حولها، وتخاف من أن تتم مراقبتها باستمرار بسبب الأشخاص الذين تعرفهم".
عنف جسدي
وقالت فريندا بهانداري، المحامية التي تعمل في مجال الحقوق الرقمية وقضايا الخصوصية في الهند التي تعرضت نساء كثيرات فيها للاستهداف، إن الهواتف المحمولة تحتوي على معلومات "شخصية وحميمة للغاية"، لذا فإن لاختراق الهاتف تأثيراً أكبر على النساء.
"دردشتنا مع أقاربنا وأصدقائنا وصور أجسادنا، يمكنهم استخدامها ضدنا"
هذه الضغوط مألوفة للصحافية المغربية هاجر الريسوني، التي حُكم عليها عام 2019 بالسجن لمدة عام بتهمة ممارسة الجنس قبل الزواج والإجهاض، وهو أمر غير قانوني في المغرب ما لم يهدد الحمل حياة الأم.
وأبلغت الريسوني مؤسسة طومسون رويترز أن رقمها ورقم زوجها مدرجان كهدفين محتملين لـ"بيغاسوس"، قائلة: "هاتفك كله تحت رحمة البرنامج - لذلك كانت حياتي كلها مفتوحة لهؤلاء الناس".
ولفتت إلى أن هذا الأمر جعلها تشعر بالرهاب "بارانويا" أكثر بكثير إذ باتت تقوم باستمرار بحذف صورها من هاتفها، واستخدام الرموز للتواصل مع أحبائها، وترك أجهزتها في غرفة منفصلة أثناء المحادثات الخاصة.
وختمت: "دردشتنا مع أقاربنا وأصدقائنا وصور أجسادنا، يمكنهم استخدامها ضدنا".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...