شهدت منطقة خلدة، عصر أمس الأحد، اشتباكات مسلحة بين عناصر من حزب الله وبين عشائر عرب خلدة بعد نصب كمين مسلح من قبل العشائر لموكب تشييع جثمان علي شبلي، الذي قُتل ليلة السبت في حفل زفاف بمنطقة الجية جنوب بيروت.
خلفيات الاشتباكات
بحسب البيان الصادر عن العشائر، فإن عملية قتل علي شبلي هي عملية ثأر واسترداد حق الطفل حسن زاهر الذي كان قد قُتل على يد علي شبلي قبل حوالي العام. وجاء في البيان:
“بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ومن قُتل مظلومًا فقد جعلنا لوليه سلطانًا فلا يسرف في القتل أنه كان منصورًا.
إن عشائر العرب وبعد استشهاد الطفل المغدور حسن زاهر غصن على يد الجاني المدعو علي شبلي لطالما نادت بضرورة تسليمه إلى القضاء اللبناني لينال جزاءه لكنه أبى ورفض واعتبر نفسه فوق القانون والمساءلة مما تسبّب وبكل أسف بالشعور بالضيم والأذى لدى أهله وأبناء العشائر في خلدة ولبنان.
وحيث كان المأمول من الجهات الأمنية والقضائية اللبنانية العمل على توقيف الجاني وسوقه للعدالة وهذا الذي لم يحصل. وبكل أسف مما زاد في احتقان أقرباء الطفل المغدور ودفع بشقيقه أحمد إلى إطلاق النار على المدعو علي شبلي أخذًا بالثأر لأخيه المظلوم وهذا ما أظهرته الصور والمشاهد.
إن العشائر العربية في لبنان وهي التي كانت وستبقى دومًا تحت سقف الدولة والقانون تعلن للرأي العام اللبناني أن أحمد غصن مطلق النار قد تمّ تسليمه إلى الجهات الأمنية المختصة وتدعو إلى التهدئة وضبط النفس وعدم الانجرار وراء الشائعات المغرضة والتي يسعى الأشرار لبثّها من أجل زعزعة السلم الأهلي في وطننا لبنان، وإنها تعتبر هذا الحادث فرديًا ومحصورًا وتعلن بأن الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية كافة هي المخولة بحماية المواطنين وعدم السماح لأي أحد بالعبث بأمن الوطن واستقراره
حفظ الله لبنان من شر الفتن وجمع شمل جميع العائلات على الخير والمحبة والسلام”.
"نحن أمام ممارسات تتحمّل مسؤوليتها السلطة وأيضًا يتحمّل مسؤوليتها الحزب الأقوى في لبنان”
بعد إصدار البيان بيوم، وأثناء تشييع علي شبلي من أمام منزله في منطقة خلدة، تم إطلاق النار على موكب التشييع، ممّا أسفر عن مقتل أربعة أشخاص مقربين من حزب الله، من بينهم زوج شقيقة شبلي، محمد أيوب.
تصريحات سياسية وأمنية
بعد اندلاع الاشتباكات دعا رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نجيب ميقاتي أبناء منطقة خلدة إلى “الوعي وضبط النفس، وعدم الانجرار إلى الفتنة والاقتتال الذي لا طائل منه”.
وقال النائب، عن كتلة الوفاء للمقاومة، حسن فضل الله لقناة الميادين: “إن من قام بالكمين والجريمة الموصوفة في خلدة جنوب بيروت عصابات مسلحة متمردة على الدولة والقانون، وهؤلاء القتلة لا ينتمون إلى العشائر، وتصرّفوا بطريقة إجرامية”.
وأضاف: “أهل المغدور علي شبلي وحزب الله تصرفوا بطريقة إنسانية أمس، وسلمنا قاتل شبلي إلى الأجهزة الأمنية، ولا نريد للغة الثأر أن تكون هي السائدة، بل لغة القانون للاقتصاص من المجرم. ومن لديه هذه الثقافة وهذا البعد الإنساني يتصرف بهذه الطريقة”.
وأكّد أن ما حدث في خلدة كبير وخطير جداً، وهو تحوّل كبير، فحواه أن تتمركز هذه العصابات على أسطح البنايات، وتطلق النار على مشيعين مدنيين، وعلى نساء وأطفال، وعلى أناس كانوا ينقلون جثمان علي شبلي المقتول غدراً.
وغرّدت الرئاسة اللبنانية عبر تويتر: “الرئيس عون طلب من قيادة الجيش اتخاذ الإجراءات الفورية لإعادة الهدوء إلى خلدة وتوقيف مطلقي النار وسحب المسلحين وتأمين تنقل المواطنين على الطريق الدولية”.
أما قيادة الجيش اللبناني فأعلنت أن وحداتها المنتشرة في خلدة ستقوم “بإطلاق النار باتجاه أي مسلح يوجد على الطرقات في خلدة وباتجاه أي شخص يقدم على إطلاق النار من أي مكان آخر”.
وقالت في بيان إن مسلّحين أقدموا على إطلاق النار باتجاه موكب التشييع، مما أدى إلى حصول اشتباكات أسفرت عن سقوط ضحايا وجرح عدد من المواطنين وأحد العسكريين.
مستقبل الثأر والردود المتوقّعة
يشرح الأستاذ الجامعي والناشط السياسي علي مراد لرصيف22 أن الاشتباكات ستقف عند هذا الحد. ويقول: “لا مصلحة لحزب الله بتصعيد الأمور وتوتير الوضع الأمني. تحديدًا لأنه الحزب الأقوى في لبنان. كما أن هذا النوع من الاشتباكات تكرّر خلال السنوات الأخيرة في لبنان في عدّة مناطق. هذا النمط من المواجهات تتداخل فيه الأمور الخاصّة والعائلية مع السياسة، إلا أن القوى الأمنية دائمًا تتدّخل في الموضوع وتمنع انفجاره. ومن المحتمل في ظل الانهيار أن ترتفع وتيرة هذه المواجهات، لكن ذلك لا يعني أننا على أبواب حرب أهلية”.
"يعكس هذا المشهد بوضوح سياسة الإفلات من العقاب التي صارت نمطًا في لبنان"
ويضيف: “يعكس هذا المشهد بوضوح سياسة الإفلات من العقاب التي صارت نمطًا في لبنان. فمع تحييد القضاء يتم حل الأمور من خلال اللجان الأمنية والسياسية التي تتواصل هي مع الأطراف من عائلات ومن أحزاب لحل الأمور. وحتّى عندما يتم تسليم المتهمين في بعض الحالات، دائمًا يتم إيجاد حلول معيّنة قانونية أو قضائية أو حتى سياسية لإيقاف الاشتباكات. ولذلك نحن أمام ممارسات تتحمّل مسؤوليتها السلطة وأيضًا يتحمّل مسؤوليتها الحزب الأقوى في لبنان”.
وعن ارتباط هذه الأحداث بذكرى 4 آب/أغسطس، يقول مراد: “لا أعتقد أن السياسة تُختزل في هذا البلد بجمهور 17 تشرين مقابل المنظومة السياسية. ففي الواقع العمل السياسي عندنا يختلف ويرتبط بعدّة عوامل، منها صراعات في حالة سبات لا تتمحور كلّها حول قوى المعارضة. وهذا ليس للتقليل من دور المعارضة لكن ما حدث لن يؤثّر على 4 آب، وبالعكس يمكنه أن يكون حافزًا لأن شعارات قوى المعارضة تقف ضد السلاح المتفلّت الذي شهدناه يوم أمس وضد طريقة صناعة السياسية في هذا البلد وهي تبلورت في انفجار 4 آب ورأيناها أمس في عمليات الثأر التي تحوّلت إلى قاعدة في بلادنا”.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...