سجلت الجزائر أمس، 31 يوليو/ تموز، رقماً مرتفعاً لحالات الإصابة الجديدة لعدوى فيروس كورونا المستجد، وسط انتشار واسع للمتحور دلتا "السلالة الهندية" الذي قفز يعدد الإصابات اليومية إلى ما تجاوز 1500 إصابة خلال الأسبوع المنقضي، قبل ان تشدد الدولة إجراءات حظر التجوال والتباعد الاجتماعي في البلاد.
إذ بلغ عدد الحالات الجديدة المسجلة رسمياً في 31 يوليو/ تموز، 1203 حالة جديدة، فيما صار متوسط عدد حالات الوفاة خلال الاسبوع الأخير من يوليو 1503 حالة. وإجمالاً قفز عدد الإصابات في عُموم البلاد إلى نحو 167 ألفاً و131 إصابة، بينما وصل عدد الوفيات إلى إجمالي 4161 حالة بحسب أرقام الأسبوع الأخير من تموز.
يأتي هذا في الوقت الذي باتت تعاني فيه الجزائر من أزمة نقص كبير في الاكسجين الطبي اللازم لإنعاش مرضى كورونا ممن تراجعت قدرتهم على التنفس بسبب ما يحدثه الفيروس من التهاب رئوي حاد وسريع يهدد حياة المصابين. وأدى النقص إلى ارتفاع في معدلات وفاة المحتجزين لدى المستشفيات ومن يحتاجون إلى تلقي الأكسجين في العزل المنزلي.
أظهر أحد الفيديوهات قيام أشخاص باقتحام مخزن لقارورات الأكسجين بمستشفى الثنية، إثر وفاة أحد المصابين بكورونا متأثرًا بنقص الأكسجين. وأظهر المقتحمون وجود اسطوانات مخزنة، زعموا أن المستشفى قصَّرت في استخدامها وتركت المرضى للموت.
وأصدرت مديرية الصحة والسكان لمحافظة سكيكدة شمال شرقي البلاد بياناً بعد أن تفاقمت أزمة نقص الأكسجين لدى مستشفياتها، وأبرزها مستشفى "الأخوة ساعد قُرمش"، وأكد البيان أن حالات الوفيات التي وقعت بالمستشفى يوم الجمعة 30 يوليو/ تموز، "حدثت بسبب نفاذ خزان الأكسجين، برغم عمل المُولد بكفاءة".
وأضحت مسؤولة المديرية في بيانها أن المرضى المتوفين "كانوا في حاجة إلى الأكسجين الطبي، وكانوا مربوطين بالمولد. غير أن سعة وتدفق هذا الأخير لم تكن كافية لتغطية كل الاحتياجات بشكل كاف بسبب العدد الكبير للحالات الحرجة".
وأظهرت صور وفيديوهات، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي، فوضى عارمة في أروقة عدد من المُستشفيات، يظهر فيها ذعر الأطباء وطواقم التمريض وكذلك المرضى بسبب النُقص الحاد المُسجل للأكسجين.
كما أظهر أحد الفيديوهات قيام بعض الأشخاص باقتحام مخزن مُخصص لقارورات الأكسجين بمستشفى الثنية (بلدة صغيرة تقع شرق البلاد)، إثر وفاة أحد المرضى مُتأثرًا بفيروس كورونا - بحسبهم- بسبب نُقص الأكسجين. وأظهر المقتحمون وجود اسطوانات مخزنة، زعموا أن المستشفى قصَّرت في استخدامها وتركت المرضى للموت.
كما ظهر الارتباك عند وصول اسطوانات الأكسجين إلى مُستشفى عين طاية بالعاصمة الجزائرية، أظهرت حالة القلق المنتشرة بين الطةاقم الطبية وغياب آلية واضحة للتعامل مع تسلم وحفظ اسطوانات الأكسجين.
وظهرت على شبكات التواصل الاجتماعي اعتراضات واسعة النطاق على قرار الجزائر مُساعدة الجارة الشرقية تونس بمادة الأكسجين، على الرغم من نقصه في الجزائر.
إذ سلمت الجزائر إلى تونس – قبل قرارات قيس سعيد الأخيرة التي وترت العلاقة بين البلدين- هبة تضامنية تضم شاحنات أكسجين و20 طُنًا من مُعدات طبية وأدوية و250 ألف جرعة من لقاح فيروس كورونا.
غير أن الجزائر تراجعت بعد تفاقم الأزمة في مستشفيات الجزائر نفسها، إذ أعلن وزير الصحة التُونسي في حكومة المشيشي المُقَالَة عن وجود نُقص كبير في مادة الأُكسجين خاصة بعد إيقاف الجزائر تصدير هذه المادة مُنذُ 16 يُوليو/ تموز الجاري.
وفي حديث لـرصيف 22، قال رئيس النقابة الوطنية لمُمارسي الصحة العُمومية إلياس مرابط إن المُستشفيات الجزارية باتت "في وضع كارثي" بسبب بلوغ حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) إلى مستويات وصفها بالقياسية.
وتابع: "نكافحُ من أجل توفير الأكسجين للمرضى. والأطباءُ يُعانون من إرهاق جسدي وانهيار نفسي. يجبُ اتخاذ إجراءات أكثرُ صرامة وإلا فمستشفياتنا ستنهار".
سلمت الجزائر إلى تونس – قبل قرارات قيس سعيد الأخيرة- هبة تضامنية تضم شاحنات أكسجين. غير أن الجزائر تراجعت وأوقفت التزويد بعد تفاقم الأزمة في مستشفيات الجزائر نفسها
ويرى رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث العلمي مُصطفى خياطي، أن نُقص الأكسجين في المُستشفيات الجزائرية لهُ علاقة بسوء الإدارة، ورفع نسبة استهلاك هذه المادة، "فالنمط العلاجي المستعمل يتضمنُ كميات كبيرة من هذه المادة الحيوية، والمستشفيات لم تحرص على ترقية تجهيزاتها بما يتناسب مع احتياجاتها الفعلية من الأكسجين".
فالمستشفيات – حسب خياطي - لم ترفع مخزونها من الأكسجين، رُغم أن قطاع عريض منها يعيش حالة طوارئ صحية، "في وقت أعطت وزارة الصحة والسكان بالتنسيق مع وزارة الصناعة الصيدلانية تعليمات تقضي برفع الإنتاج الوطني".
وكشف ، رئيس الوزراء الجزائري أيمن بن عبد الرحمن في تصريحات صحفية، أن نسبة إنتاج الأكسجين المضغوط لحالات الاستخدام الطبي، يتراوح بين 400 ألف و420 ألف لتر يوميًا، "غير أن الارتفاع المُفاجئ للطلب على الأكسجين استوجب اتخاذ قرارات وإجراءات جديدة لتعزيز الإنتاج".
ومن بين الإجراءات التي اتخذت لاحتواء الأزمة وفق رئيس الوزراء الجزائري استيراد أكثر من 15 ألف مُكثِّف، وصل نحو 1800 منها إلى البلاد بالفعل، وينتظر أن يصل نحو 2250 مكثف في الفترة ما بين 3 إلى 5 آب/أغسطس الجاري. والباقي سيصل ابتداء من العاشر من آب/ أغسطس على مراحل، بحسب تصريحات رئيس الوزراء.
ونوّه بن عبد الرحمن بأن الجزائر تقدمت بطلبيات لاقتناء "10 وحدات لإنتاج الأكسجين قدرتها بين 20 ألف و40 ألف لتر، ستوزع على الوحدات الاستشفائية الكبرى". وهو ما من شأنه "تخفيف الضغط الموجود حالياً في مختلف المستشفيات". كما أشار إلى "إجراء استعجالي" باستيراد أكثر من 160 ألف لتر من الأكسجين من الخارج، بالإضافة إلى كميات أخرى ستصب في وقت لاحق من أغسطس/ آب.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...