"سنوات من العدوان الإيراني على جارها الغربي العراق بلغت ذروتها في السرقة الصريحة لموارد البلاد الطبيعية". بهذه الكلمات وصف تقرير في صحيفة آسيا تايمز الصينية، تعدي طهران على حقوق بغداد في المياه.
يأتي تقرير الصحيفة الصينية في ضوء تقارير أخرى ظهرت خلال الأسابيع الأخيرة، نشرتها وسائل إعلام دولية وإيرانية معارضة (تصدر في الخارج)، لفتت إلى قيام إيران بإعادة توجيه ممرات مائية حيوية في العراق نحو أراضيها. وزاد الانتباه أكثر فأكثر مع اندلاع احتجاجات ضخمة في أقليم الأحواز ضد سياسات الحكومة الإيرانية، بدأت بسبب معاناة سكان القطاع من انقطاع المياه بشكل يهدد حياتهم وموارد أرزاقهم، متهمين الحكومة بتوجيه موارد الإقليم لفائدة سكان أقاليم أخرى داخل إيران، بدوافع عنصرية.
وفي 13 يوليو/ تموز الجاري، أعلن وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني أن بلاده ستتقدم إلى الأمم المتحدة بشكوى تطلب فيها "تأمين موارد العراق المائية ضد الاعتداءات الإيرانية".
وبحسب التقرير الصيني، والشكوى التي يعدها العراق، تعمل إيران "بنشاط" على "عرقلة مغذيات أهم الأنهار في بلاد ما بين النهرين دجلة والفرات"، إذ يحصل العراق منها على أكثر من 90٪ من مياهه العذبة، على الرغم من المطالب المستمرة من المسؤولين العراقيين لطهران بالامتناع عن عرقلة تدفق المياه.
أعلن وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني أن بلاده ستتقدم إلى الأمم المتحدة بشكوى تطلب فيها "تأمين موارد العراق المائية ضد الاعتداءات الإيرانية".
قطع المياه
خلال تصريحاته التي أعلن فيها لجوء بلاده إلى الأمم المتحدة، قال الوزير الحمداني: "لم يظهر الإيرانيون أية استجابة إيجابية، وما زالوا يقطعون المياه عن مجاري سروان وكارون والكرخة والوند، مما تسبب في أضرار جسيمة للسكان". وأعلن الوزير العراقي أن قطع إيران للمياه بشكل كامل عن أربعة أنهار "سيخلق وضعاً صعباً. وستواجه محافظة ديالس وضعاً خطيراً لو استمر".
شرعت إيران في بناء سدود على منابع الأنهار وتقليص الروافد التي تتدفق إلى العراق. وبدأت هذه السياسات بالتسبب في نقص كبير في المياه العابرة للحدود، ما أيقظ أزمة للسكان العراقيين في شرق البلاد، وهم يعتمدون اعتماداً كلياً على المياه الآتية من الأراضي الإيرانية.
يقول أستاذ العلوم السياسية العراقي فراس إلياس لرصيف22 إن إيران تتبع سياسة تحويل مجاري الأنهار من أجل مشاريع أخرى في البلاد "من دون أن تراعي مصالح العراق".
وتذكر أنيتا هوجان في مقالها لآسيا تايمز أن حجب المياه عن العراق يحدث بغرض توجيه تلك المياه إلى مشاريع أخرى، مثل محاولات إيران لإحياء بحيرة أرميا في شمال غربي البلاد.
احتجاجات الأحواز
أثار سياسة طهران في تشييد السدود قلق الكثير من الإيرانيين، إذ تعمل شركات المقاولات الكبرى، وجميعها مرتبطة بفيلق الحرس الثوري، على بناء عشرات السدود، ويرى المعارضون أن هذه الإنشاءات تجري من دون أي دراسة حقيقية لتأثيرها على إمدادات المياه والبيئة.
يقول إلياس إن هذه السياسة أدت إلى حجب المياه عن إقليم الأحواز المجاور للعراق، بعد حجب المياه من المنبع. وعليه، اندلعت احتجاجات ضخمة في أقليم الأحواز ضد سياسة طهران المائية.
وتشير التقارير إلى أن نقص المياه في إيران هذا العام أسوأ بكثير مما كان عليه في العام الماضي، بسبب انخفاض هطول الأمطار بنسبة 50٪ تقريباً في فصلي الشتاء والربيع، ويتم تزويد نحو 8000 قرية بالمياه بواسطة الناقلات، وقد جفت العديد من المحميات الطبيعية والبحيرات.
تعمل شركات المقاولات الكبرى، المرتبطة جميعها بالحرس الثوري الإيراني، على بناء عشرات السدود. ويرى المعارضون أن هذه الإنشاءات تجري من دون أي دراسة حقيقية لتأثيرها على إمدادات المياه والبيئة
الماء والنفوذ
يعاني العراق منذ سنوات نقصًا حادًا في إمدادات المياه اللازمة للشرب والزراعة. وأحد العوامل الرئيسية في ذلك هو قيام جارتيه الإقليميتين، تركيا وإيران، ببناء سدود ضخمة.
في آيار/ مايو المنقضي، اضطرت تركيا إلى زيادة كمية المياه التي يتم إطلاقها في نهري دجلة والفرات لمساعدة العراق وسوريا في حل أزمة المياه.
ويبيّن تقرير آسيا تايمز أن تصاعد النقص الذي يعانيه العراقيون في المياه هو "أبرز المشكلات المتمثلة في النفوذ الإيراني في البلاد" وأثره على جميع المستويات.
ويوضح فراس إلياس أن المياه تستخدم "كسلاح سياسي" في المفاوضات بين العراق وإيران، إذ أصبح الماء ورقة ضغط إيرانية فاعلة.
في رأي كاتبة المقال في الصحيفة الصينية، فإن أزمة المياه سلطت الضوء لدى العراقيين على الحاجة إلى السيطرة على العلاقات مع إيران، مشيرة إلى أن تدمير إيران لإمدادات المياه العراقية، "هو إلى حد ما صورة مصغرة عن محاولات سيطرتها على بغداد".
وأضافت الباحثة عن الغضب العراقي من إيران أن نقص المياه النظيفة أدى إلى "تدمير الزراعة وتشريد السكان وتوجيه ضربة خطيرة للنظام الصحي الذي تراجع بالفعل بسبب أزمة كورونا".
ونقلت عن الخبير الإقليمي العراقي مؤيد سالم الجحيشي: "علينا الابتعاد عن رعايتهم، هذا ما تشجعنا دول أخرى على فعله، وإيران تحاول مقاومة ذلك وتهميش الإرادة الدولية".
وحذرت الباحثة من أن إيران لا تواجه أزمة مياه هذا العام فحسب، بل تواجه أيضاً نقصاً خطيراً في الكهرباء قد يؤثر على قدرتها على تزويد العراق بالطاقة على أساس اتفاقية ثنائية. وقال مسؤولون إيرانيون في الأيام الأخيرة للجمهور الغاضب، إن جميع صادرات الكهرباء قد توقفت.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين