أزمة بين تركيا والعراق... هل تبدأ حرب المياه من بلاد الرافدين؟
كثيراً ما سمعنا عن حرب المياه وعن أن العقود المقبلة ستشهد صراعات على الحصص المائية بين البلدان المتشاطئة. ويبدو أن هذا الأمر اقترب في العراق مع أزمة المياه التي يعيشها حالياً نتيجة بناء سد أليسو التركي الذي سيحرمه من نصف حصته المائية من نهر دجلة. يبدو أن بلاد ما بين النهرين أو وادي الرافدين مهددة بفقدان هذين الوصفين إذا ما استمرت أزمة المياه التي تعيشها الآن. فجارتها الشمالية تركيا بدأت بتشغيل سد أليسو الذي سيلقي
بـ"ضررٍ" كبير على العراق. [caption id="attachment_151070" align="alignnone" width="700"] سد أليسو التركي[/caption] وقد يتسبب بناء السد التركي بإحداث أزمة مائية كبيرة تحرم ملايين العراقيين من الحصول على نصف حاجتهم من المياه، فضلاً عن حرمان مساحة واسعة من الأراضي الزراعية من حصتها الإروائية. وتشكّل مياه الأمطار 30% من موارد العراق المائية فيما تشكل مياه الأنهر الآتية من إيران وتركيا نحو 70%. ويوضح عضو مجلس النواب العراقي شروق العبايجي لرصيف22 أن "هذه السنة هي سنة جفاف، وبناء سد أليسو سيحرم العراق من نصف ما يحتاجه، والسبب ليس في السد فقط، بل في عدم قدرة وزارة الموارد المائية على السيطرة على ما يحدث من تجاوزات في الحصص المائية للأراضي الزراعية".
دجلة الآن
في الأيام الأخيرة، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صور لجانب من نهر دجلة في مدينة الموصل، تُظهر مدى الجفاف الذي ضرب أجزاء من النهر الذي يفترض أن يكون فيه شيء من الماء باعتباره النقطة الأولى التي تتدفق إليها المياه من تركيا. ويبلغ طول نهر دجلة 1،850 كيلومتراً. وبعد أن ينبع من جبال طوروس التركية، يتدفق إلى الجزء الجنوبي الشرقي من العراق ويلتقي مع نهر الفرات الذي يرتبط معه عبر قنوات طبيعية شبه دائمة، ليشكلان في ما بعد شط العرب في محافظة البصرة، أقصى جنوب العراق.ولوحظ خلال اليومين الماضيين وجود أماكن في نهر دجلة ظهرت فيها أجزاء طينية من أرض النهر، بعد تراجع منسوب المياه فيه إلى أكثر من النصف، وهذا يحصل لأول مرة، بسبب بدء تركيا بتخزين المياه في سد أليسو. ومع بدء تشغيل سد أليسو يوم الجمعة الماضي، فإن المياه التي تتدفق إلى العراق الآن تبلغ كميتها 390 متراً مكعباً في الثانية، بينما كانت في العام الماضي 700 متراً مكعباً في الثانية، وهذا ما يؤكد أن نسبة العراق تراجعت إلى النصف تقريباً.
ويبعد سد أليسو عن الحدود العراقية 50 كيلومتراً تقريباً، وبدأت الحكومة التكرية بإنشائه عام 2006 في قرية أليسو جنوبي تركيا، ويبلغ ارتفاعه 140 متراً، ويمتد على طول 1800 متر. وخلال اجتماع تشاوري عقدته رئاسة البرلمان العراقي الأحد، قال وزير الموارد المائية حسن الجنابي إن "تركيا تنصلت من اتفاق مسبق يقضي بتأجيل ملء السدود إلا بعد الاتفاق مع العراق، وبدأت بملء السدود مع بداية آذار (مارس) الماضي". ولكن قبل ذلك بيوم، قال في تصريح صحافي إن هناك اتفاقاً مع الأتراك حول كمية المياه التي تخزن في السد، بين الأول من يونيو والأول من نوفمبر المقبل، وبعد ذلك، يجتمع الطرفان في مدينة الموصل لمراجعة الاتفاق وفق المعطيات الجديدة.خلال المفاوضات التي جرت في أوقات سابقة بين المسؤولين الحكوميين العراقيين والأتراك، اتهمت تركيا مفاوضيها بأن بلدهم "مهدر" للمياه التي تنبع من تركيا وتسير باتجاه نهر دجلة...
تظاهر العشرات من العراقيين الاثنين أمام مقر السفارة التركية في منطقة الوزيرية بالعاصمة بغداد، مطالبين بضرورة عدم "حرمان" العراق من حصصه المائية، ورفعوا لافتات وصفت سياسة تركيا المائية تجاه العراق بـ"الإبادة الجماعية"وحذّر الجنابي من أن "الأزمة المائية ستكون في الموسم المقبل" على اعتبار أن العراق يمتلك الآن 17 مليار متر مكعب من المخزون المائي، وهو ما سيساعده على تجاوز فصل الصيف الحالي وإرواء الأراضي الزراعية.