"ليس لديّ متسع من الوقت لممارسة الرياضة، أشعر بالتعب والإرهاق ولا أقدر حتى على تحريك إصبعي، أكره الصالات الرياضية بسبب الاكتظاظ..."، هذه عيّنة من الأعذار الأكثر شيوعاً لعدم ممارسة الرياضة، لكن الحقيقة، إن الحصول على لياقة بدنية يتطلب وقتاً وجهداً أقل مما نعتقد.
في كتاب Fitter Faster، يوضح الصحافي المتخصص في الصحة روبرت ديفيس، ومدرب اللياقة البدنية الشهير براد كولويتش جونيور، كيفية قضاء وقت أقل بكثير في التمرين الرياضي، والحصول على نفس النتائج من ممارسة التمارين المجهدة أو حتى أفضل.
وفي ظلّ العديد من النصائح والمعلومات الخاطئة التي قد يتداولها الناس عند الحديث عن التمارين الرياضية، إليكم/نّ أبرز الخرافات الشائعة التي تتعلّق باللياقة البدنية والتي قد يؤدي البعض منها حتى إلى نتائج عكسية وخطيرة على صحة الإنسان.
التمدد المسبق منعاً للإصابات
يعلم الكثير منّا في حصة الرياضة أن تمارين التمدد الثابت، مثل الوصول إلى أصابع القدمين والضغط على العضلات قبل ممارسة النشاط الرياضي، يمكن أن تحمي المرء من الإصابات، لكن الأبحاث العلمية لم تفلح في دعم هذه الفكرة.
علاوة على ذلك، قد تؤدي تمارين التمدد الثابتة قبل التمرين إلى إلحاق ضرر من خلال إضعاف الأداء، وذلك لكون العضلات الأكثر مرونة تعمل مثل مقلاع ممدود، وتولد قوة أقل من تلك التي تكون مشدودة، كما هناك نظرية أخرى مفادها أن شدّ العضلات "الباردة" يضرّ بها.
تتمثل الطريقة الأفضل في الإحماء ثم القيام بتمارين التمدد الديناميكي، أي التمارين التي تنطوي على الحركة.
على عكس التمدد الساكن، فإن التمدد الديناميكي يمهّد العضلات للعمل وقد يحسّن الأداء.
ففي دراسة أجريت على الرجال الشباب ومتوسطي العمر، تبيّن أن ارتفاعات القفز العمودي زادت بعد التمدد الديناميكي، بينما انخفضت بعد التمدد الثابت.
وبالتالي يمكن تأجيل التمدد الثابت إلى ما بعد التمرين، بحيث تكون العضلات "دافئة"، هذا ويجب أن يكون تمرين التمدد بين 20 إلى 30 ثانية، ويشعر خلالها المرء بانزعاج طفيف وليس بألم.
التمرين على معدة فارغة لحرق المزيد من الدهون
الأساس المنطقي وراء ممارسة التمارين الهوائية على معدة فارغة، هي ممارسة تُعرف باسم "تمارين القلب السريعة"، أي عندما يتم استنفاد مخزون الكربوهيدرات في الجسم، فيحرق الجسم الدهون بشكل أساسي. بالإضافة إلى ذلك، عندما تكون مستويات الأنسولين منخفضة، وهو ما يحدث عند الصوم مثلاً، يتمّ حرق المزيد من الدهون.
في الواقع، ليس هناك الكثير من الأدلة على أن تمارين الكارديو على معدة فارغة قد تزيد من حرق الدهون، لا بل أظهرت العديد من الأبحاث أن تمارين القلب السريعة لا تقدم أي مزايا. ففي تجربة مدتها أربعة أسابيع، حددت بشكل عشوائي شابات لا يأكلن قبل التمرين أو يشربن مخفوقاً يحتوي على 250 سعرة حرارية قبل التدريبات الهوائية، مقابل أخريات يتبعن نظاماً غذائياً منخفض السعرات الحرارية، فقد فقدت كلتا المجموعتين نفس الكمية من الدهون والوزن.
وبالتالي، بالنسبة للأشخاص الذين ليسوا رياضيين، فإن القيام بتمرين قوي على معدة فارغة يمكن أن يكون مثل قيادة سيارة فارغة من دون بنزين.
مراقبة معدل ضربات القلب أثناء التمرين
بهدف قياس شدة التمرين، تطلب بعض البرامج من الأشخاص ارتداء أجهزة لقياس معدل ضربات القلب، كما تعرض العديد من صالات الألعاب الرياضية مخططات توضح معدل ضربات القلب المستهدف.
تكمن المشكلة في أن هذه الأهداف تعتمد على الحدّ الأقصى لمعدل ضربات القلب (MHR)، والذي يصعب قياسه بأنفسكم/نّ.
في ظلّ العديد من النصائح والمعلومات الخاطئة التي قد يتداولها الناس عند الحديث عن التمارين الرياضية، إليكم/نّ أبرز الخرافات الشائعة التي تتعلّق باللياقة البدنية والتي قد يؤدي البعض منها حتى إلى نتائج عكسية وخطيرة على صحة الإنسان
وفي حين أن الأشخاص الذين يعانون من حالات طبية قد يحتاجون إلى جهاز مراقبة معدل ضربات القلب أثناء النشاط، يمكن لمعظمنا استخدام طريقة أبسط لقياس الشدة: مقياس من 1 إلى 10 يقيس مدى صعوبة عمل الجسم بشكل عام، بحيث تشير 5 أو 6 إلى كثافة معتدلة و7 أو أعلى تعني نشاطاً قوياً.
هذا وقد تكون أسهل طريقة هي اختبار التحدث: إذا كنا نستطيع التحدث والغناء أثناء نشاطنا دون أن نشعر بضيق في التنفس، فإن مستوى الشدة يكون منخفضاً. إذا كنا نستطيع التحدث دون الغناء، فإن الشدة تكون معتدلة. وإذا كان بإمكاننا نطق بضع كلمات فقط قبل أن نضطر إلى التقاط أنفاسنا، فهذا يعني بأننا نقوم بتمرين قوي.
رفع الأثقال عند المشي
يبدو أن حمل الأثقال الصغيرة أو ارتداء أثقال المعصم، هي طريقة جيدة من الناحية النظرية لزيادة كثافة المشي أثناء العمل على الجزء العلوي من الجسم.
تؤدي زيادة الوزن إلى حرق المزيد من السعرات الحرارية، لكن هناك مشكلة: عادة ما تحرق الأوزان الخفيفة التي يستخدمها الأشخاص للمشي عدداً قليلاً جداً من السعرات الحرارية الإضافية، والأوزان الثقيلة الضرورية لحرق السعرات الحرارية بشكل هادف قد تغير تأرجح الذراع وتزيد من خطر التعرض للإصابات.
قد يكون الخيار الأفضل هو المشي باستخدام العصا. هذه الممارسة نشأت في فنلندا كطريقة تدريب في غير موسمها للمتزلجين/ات عبر البلاد.
تشير الأبحاث إلى أن المشي مع العصا يعمل على تمرين الجزء العلوي من الجسم وعضلات البطن، ويسمح بالمشي بشكل أسرع ويحرق سعرات حرارية أكثر من المشي المنتظم، كل ذلك دون الشعور بجهد أكبر. بالإضافة إلى ذلك، وعلى عكس الأوزان التي قد تضغط على المفاصل، فإن المشي مع العصا يزيل الضغط عن الركبتين والأوراك وأسفل الظهر.
شرب المياه ليس فقط عند الشعور بالعطش
تؤكد الحكمة التقليدية والتي روّج لها صنّاع المشروبات الرياضية أنه يجب على المرء أن يشرب الماء حتى قبل الشعور بالعطش، سواء كان ذلك قبل التمرين وأثناءه وبعده، لتجنّب الجفاف. لكن الدراسات تظهر أنه بالنسبة لمعظم الناس، يعتبر العطش مؤشراً موثوقاً للحاجة إلى مزيد من السوائل، حتى أثناء التمرين.
بخلاف الاعتقاد السائد، تشير الأبحاث إلى أن الجفاف ليس سبباً لتقلصات العضلات المرتبطة بالتمارين الرياضية، وقد وجدت الدراسات التي شملت راكبي دراجات أن الجفاف الخفيف لا يضعف أداء التمرين.
على الرغم من ضرورة التأكد من استهلاك كمية كافية من الماء، فقد تكون المشكلة الأكبر من الجفاف هي الإفراط في الشرب أثناء التمرين. إذا تناولنا الكثير من السوائل بحيث لا يستطيع جسمنا التخلص من الفائض، يمكن أن تنخفض مستويات الصوديوم بشكل خطير، ولتجنب ذلك من المهم شرب الماء عند الشعور بالعطش فقط.
تناول الطعام بعد التمرين للشعور بالطاقة
إن العلم أقل حسماً بشأن ما إذا كان تناول البروتين بعد التمارين الهوائية مفيداً أم لا.
قد يساعد تناول الكربوهيدرات بعد التمارين الرياضيين/ات على التحمل، خاصةً إذا كان لديهم/نّ جلسة تدريب أخرى في وقت لاحق من اليوم.
تشير بعض الأبحاث إلى أن حليب الشوكولا هو غذاء مثالي للشفاء لهؤلاء الرياضيين بسبب نسبة الكربوهيدرات إلى البروتين، ولكن بالنسبة لبقيتنا، ممن يمارسون روتيناً للتمرين على المشي أو الجري لمدة 30 إلى 60 دقيقة، فليس هناك حاجة بشكل عام للتزود بالطاقة.
في الواقع، إذا كنا نراقب وزننا، فإن إضافة السعرات الحرارية بعد التدريبات، دون تقليلها بشكل كاف في أي مكان آخر في نظامنا الغذائي، يمكن أن يقوّض جهودنا.
تجنب الجنس قبل المنافسة
لطالما اعتُبر الامتناع عن ممارسة الجنس ضرورياً للنجاح في الرياضة، على غرار ما قاله الملاكم روكي بالبوا في فيلم روكي: "المرأة تضعف الساقين"، لكن الأبحاث لم تدعم هذه النظرية.
قامت إحدى الدراسات التي شملت رياضيين سابقين، بقياس قوة القبضة في الصباح التالي لممارسة الجنس مع زوجاتهم، ثم كرروا الاختبار بعد أن امتنع الرجال عن الجنس لمدة ستة أيام على الأقل. لم تكن هناك اختلافات في نتائج الاختبار.
لطالما اعتُبر الامتناع عن ممارسة الجنس ضرورياً للنجاح في الرياضة، على غرار ما قاله الملاكم روكي بالبوا في فيلم روكي: "المرأة تضعف الساقين"، لكن الأبحاث لم تدعم هذه النظرية
بشكل عام، يشير البحث إلى أن الجنس قبل النشاط البدني ليس له آثار سلبية، طالما أن هناك مدة زمنية فاصلة بين العملية الجنسية والتمرين (وجود ساعتين على الأقل بينهما).
والحقيقة، إن ممارسة الجنس قد تؤدي لتحسين الأداء الرياضي، من خلال مساعدة الأفراد على الاسترخاء، هذا ومن غير المعروف ما إذا كان هناك فرق بين النساء والرجال بشأن هذه المسألة، مع العلم بأنه من المحتمل أن يختلف التأثير من شخص لآخر.
وعليه، إذا كنتم/نّ تتساءلون/ن عن كيفية تأثير الجنس على الأداء قبل المباراة الرياضية، فعلى الأرجح أنكم/نّ بحاجة إلى إجراء تجربتكم/نّ الخاصة والاطلاع على الأمر بأنفسكم/نّ.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...