شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
إحالة حسام بهجت للمحاكمة... فصل جديد من صدام مصر مع الحقوقيين

إحالة حسام بهجت للمحاكمة... فصل جديد من صدام مصر مع الحقوقيين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 13 يوليو 202106:28 م

في عام 2002 وبينما تشتد قبضة نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك على الحريات العامة، وبعد نشاط فردي في الدفاع عن الحريات الشخصية والكتابة عنها في الصحف، أسس الشاب السكندري حسام بهجت مؤسسة صغيرة نمت بسرعة لتصبح واحدة من أعم وأبرز المنظمات الحقوقية في مصر التي تحظى باحترام وتقدير دولي، وهي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

من وقتها، ظهر الصحافي والحقوقي الشاب كأحد المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان وأكثرهم فاعلية، ليدخله نشاطه في الدفاع عن الحريات العامة والشخصية في صراعٍ مستمر مع أجهزة الحكم التي تنوعت على إدارة الدولة، وأحدث فصول ذلك الصراع، هو القرار الصادر من النيابة العامة المصرية، وأعلن به بهجت في ساعة متأخرة من مساء الإثنين، 12 يوليو/ تموز الجاري، بإحالته إلى محاكمة، تنعقد أولى جلساتها عقب انتهاء الإجازة القضائية المصرية، في يوم 7 سبتمبر/ أيلول المقبل، على خلفية اتهامه بإهانة هيئة نظامية هي "الهيئة الوطنية الانتخابات"، ونشر شائعات كاذبة تفيد تزوير نتيجة الاستحقاق الانتخابي، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي في ارتكاب جرائم، وذلك لكتابته تدوينة على موقع تويتر العام الماضي، انتقد فيها الرئيس السابق للهيئة الوطنية للانتخابات، وحمله مسؤولية  “الخروقات” التي شابت عملية الانتخابات البرلمانية السابقة، وهي الخروقات التي أعلنها المجلس القومي لحقوق الإنسان، وهي مؤسسة ذات شخصية اعتبارية مستقلة، تمولها الدولة. وهو ضمن المجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية.

سيل من الاتهامات المتناقضة واجهها بهجت منذ برز نشاطه الحقوقي، ما بين الاتهام بمخالفة قانون الجمعيات الأهلية والانتماء لجماعة إرهابية والتخابر مع الغرب. مع ذلك يبدو الرجل شديد الاقتناع بما يفعل، لا يعتذر عن الانحياز إلى الفئات الأكثر تهميشاً أو ضعفاً في المجتمع

صدام مبكر ومتجدد

سيل من الاتهامات المتناقضة واجهها بهجت منذ برز نشاطه الحقوقي، ما بين الاتهام بمخالفة قانون الجمعيات الأهلية والانتماء لجماعة إرهابية والتخابر مع الغرب. مع ذلك يبدو الرجل شديد الاقتناع بما يفعل، لا يعتذر عن الانحياز إلى الفئات الأكثر تهميشاً أو ضعفاً في المجتمع. يبدو كمن سد فراغاً في واسعاً في هذا المجال الشاق، أو كصوت مغاير داخل المجتمع الحقوقي نفسه، فقد اصطدم في أول الأمر بمجموعات حقوق الإنسان التي تقاعست عن الدفاع عن اعتقال 52 مواطناً اعتقلوا بتهم تتعلق بميولهم الجنسية في مطعم على النيل في القضية الشهيرة إعلامياً باسم "كوين بوت"، كان ذلك في مايو/أيار 2001، وكانت هذه نقطة تحول حقيقية بالنسبة لبهجت، حسب ما ذكرته وسائل إعلام دولية في ذلك الوقت.

انتقد بهجت مجموعات حقوق الإنسان وصمتها عن القضية، واستهداف جهاز الأمن "غير المبرر" لمجتمع المثليين في البلاد، وسرعان ما تم فصله من منصبه في  المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.

تتضح الصورة أمامه أكثر، فيرى أنه من الواجب تأسيس منظمة تعمل "على الاستقلالية الشخصية والسلامة الجسدية، والخصوصية"، مع الدفاع عن الحريات السياسية وحرية إنشاء أحزاب المعارضة، ورفع القيود عن الصحافة وغيرها، فكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، التي شكلت على مدار أكثر من 10 سنوات دعماً في حماية الحقوق الشخصية والجسدية ومراقبة الانتهاكات وتوثيقها، وتسليط الضوء على أوضاع السجناء السياسيين في السجون المصرية، ليدخل في صراعاً آخر مع السلطات.

العام 2002 صدر قانون المنظمات غير الحكومية، وحاولت عدة منظمات التسجيل بشكل قانوني، وكانت المبادرة من بين المجموعات القليلة التي لم تحصل على الترخيص في عام 3200 "من ساعتها وإحنا أمام القضاء حتى نحصل على رقم التسجيل فقط" ثم في العام 2014، منحت وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي للمنظمات مهلة لتوفيق أوضاعها أمام القانون، يقول بهجت في مقابلة مع BBC: "تقدمنا بنفس الملف للتسجيل كمنظمة أهلية(..) لكن الحكومة لا تزال مخالفة للقانون الذي يلزمها بتسجيل الجمعيات الأهلية".


بهجت بصحبة محاميه جمال عيد ومتضامنين أثناء التحقيق معه في قضية التمويل الأجنبي- المصدر: المبادرة المصرية للحقوق الشخصية

في عام 2015، كان بهجت على موعد مع صدام جديد، هذه المرة بسبب عمله الصحفي لا الحقوقي، إذ جرى احتجازه عقب استدعائه للمحاكمة العسكرية في نوفمبر/ تشرين الثاني، والتحقيق معه في القضية العسكرية رقم 14477 لسنة 2016 جنح عسكرية شمال 2015، على خلفية نشره تحقيقاً صحافياً يكشف إخضاع عدد من ضباط الجيش المصري لمحاكمة عسكرية بعد تدبيرهم محاولة انقلاب ضد الرئيس عبدالفتاح السيسي. وقتها صدرت بيانات دولية تدين القبض عليه لممارسة عمله الصحفي والحقوقي، واضطرت السلطات إلى الإفراج عنه مع إبقاء ملف القضية مفتوحاً.

في عام 2016، كان حسام على موعد مع صدام جديد من الدولة، على خلفية اتهامه في القضية 317 لسنة 2011 المعروفة إعلامياً بـ"قضية التمويل الأجنبي"، صدر حينها قرار بالتحفظ على أموال حسام الذي كان قد ترك منصبه بالمبادرة ليعود بدوام كامل إلى الصحافة، كما صدر قرار بمنعه من السفر. وهي قرارات لا تزال سارية برغم تصفية القضية تدريجياً بإخراج حاملي الجنسيات غير المصرية منها والإبقاء على المدافعين المصريين عن حقوق الإنسان ومن بينهم بهجت على قوائم الاتهام.

أحدث المصادمات هي قضية التغريدة التي سيواجه بموجبها المحاكمة في 7 سبتمبر/ أيلول المقبل، بتهم أبرزها "إهانة الهيئة الوطنية للانتخابات".

تتضح الصورة أمامه أكثر، فيتجه إلى تأسيس منظمة تعمل على [الدفاع عن] الاستقلالية الشخصية والسلامة الجسدية، مع الدفاع عن الحريات السياسية ورفع القيود عن الصحافة

مكاسب كثيرة

بالرغم من الصدامات التي يحتمها العمل في الدفاع عن حقوق الإنسان مع الدولة أو المجتمع، إلا أن ثمة مكافآت أو مكاسب قد يتحصل عليها المدافعون عن حقوق الإنسان ومنهم بهجت، إذا استطاعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية التي أسسها، وعاد لقيادتها من نهايات مارس/ آذار الماضي، على انتصارات حقوقية منها قرار القضاء المصري بالاعتراف بحق أتباع الديانات "غير المعترف بها" - ويقصد بها البهائيين - للحصول على وثائق الهوية اللازمة في العام 2008، قال بهجت  في حوار سابق إن الحكم كان نتاج "دعم المبادرة لحقوق البهائيين المضطهدين في مصر".

كما كانت المبادرة المصرية طرفاً أساسياً في عدد من القوانين المهمة الصادرة في مصر، والمتعلقة بالحقوق العامة ومنها قانون الرعاية الصحية المعروف بقانون التأمين الصحي الشامل.

وتنشط المبادرة في مجالات العدالة الجنائية والحريات المدنية إلى جانب الحقوق الفردية والعامة كالحق في الصحة والتعليم والمعرفة.

لا يجد بهجت تعارضاً بين عمله الصحفي والحقوقي، ففي حوار أجراه مع هيئة الإذاعة البريطانية BBC في 2021 - قبل أن يترك الصحافة ويعود للتفرغ للعمل الحقوقي - قال إن مثله العليا التي يؤمن بها استمدها من صحفيين مدافعين عن حقوق الإنسان، حتى الآباء المؤسسين للصحافة المصرية كانوا هم المناضلين من أجل الاستقلال الوطني أو التنوير أو ضد الاحتلال، "لست مضطراً للفصل بين الانتمائين إلا في حالة كتابتي مقال رأي"، حتى وقت اشتغاله بالعمل في حقوق الإنسان: "لم أكن أكتب تحقيق صحفي وأنشره لأني في هذا الوقت داعية".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard