مساء 3 كانون الأول/ ديسمبر، أطلقت السلطات المصرية سراح ثلاثي طاقم إدارة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، جاسر عبد الرازق وكريم عنارة ومحمد بشير، وفق ما أعلنته المنظمة الحقوقية الرائدة.
جاء القرار المفاجىء عقب الكثير من الضغوط والتنديد الدوليين لهجمة السلطات الأمنية المصرية على المنظمة على خلفية انعقاد اجتماع حضره العديد من الدبلوماسيين الغربيين في مقرها. لكن الفضل في إطلاق سراح الثلاثة أرجع بشكل أساسي إلى النجمة العالمية سكارليت جوهانسون.
في 2 كانون الأول/ ديسمبر، بثت جوهانسون مقطع فيديو قالت فيه: "حرية التعبير في مصر حالياً أمر خطير. أريد أن ألقي الضوء على أربعة أشخاص اعتقلوا على خلفية عملهم وقتالهم دفاعاً عن كرامة الآخرين: جاسر، وكريم، ومحمد و(الباحث بالمبادرة باتريك) زكي من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية".
وتابعت: "هؤلاء الرجال أمضوا حياتهم يكافحون الظلم والآن يجدون أنفسهم خلف القضبان، وجميعهم يواجهون اتهامات باطلة قد تغيّبهم لسنوات في السجن. الحقيقة أن جريمتهم الوحيدة هي وقوفهم دفاعاً عن كرامة المصريين"، مشيرةً إلى عمل المنظمة على مدار السنوات منذ إنشائها في الصفوف الأولى لإصلاح نظام العدالة الجنائية الذي يدمر حياة الأبرياء.
وكان الثلاثي المفرج عنه، علاوةً على باتريك المعتقل منذ بداية العام الجاري، يواجه اتهامات بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وهي الاتهامات التي طالما وجهها النظام الحالي في مصر لمنتقديه من الصحافيين والناشطين المعنيين بالدفاع عن حقوق الإنسان.
ولفتت وسائل الإعلام الموالية للنظام إلى أن "موظفي" المبادرة ستستمر محاكمتهم على ذمة القضية رقم 855/2020 حصر أمن دولة عليا، موضحةً أن الإفراج عنهم أعقب "تقديم الأوراق القانونية بتقنين الوضع القانونى للمبادرة وتحويلها إلى جمعية".
في هذا الصدد، أوضحت المبادرة أنها سبق أن تقدمت ثلاث مرات بطلبات إلى الجهات المعنية لتقنين أوضاعها ولم تتلق رداً، مبرزةً أنها توجهت بخطاب لوزيرة التضامن الاجتماعي، نيڤين القباج، لترتيب أوضاعها عقب إقرار اللائحة التنفيذية لقانون الجمعيات الأهلية الجديد.
عقب ساعات من مناشدة #سكارليت_جوهانسون، أفرجت السلطات المصرية عن ثلاثي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، جاسر وكريم وبشير. داعمو حقوق الإنسان نسبوا لها الفضل ومنتقدو النظام ثاروا على تدخلها الذي "ينتهك السيادة" لكن القصة قد تكون مختلفة قليلاً
الفضل لجوهانسون؟
لم تكن جوهانسون أول صوت فني عالمي يدعم فريق المبادرة، وإن كانت أكثرهم شهرة. شارك الممثل والكاتب اﻹنجليزي ستيفن فراي والصحافي البريطاني جون مكارثي والممثل البريطاني بيل ناي والممثل اﻹنجليزي جوزيف فاينس والممثلة اﻹنجليزية كاري موليغان والمذيعة البريطانية ستايسي دولي، رسائل مصورة أو مكتوبة تدعو إلى سرعة الإفراج عنهم.
ساهمت في إيصال الصوت إلى الوسط الفني العالمي صانعة الأفلام الوثائقية جيسي كيلي، زوجة عنارة، التي قالت في مقابلات تلفزيونية ومقالات رأي إن زوجها "هو ذلك النوع من الأشخاص الذي ينبغي لمصر أن تبني مستقبلها اعتماداً عليه، لا أن تسجنه".
Human rights activist Karim Ennarah is currently jailed in Egypt, along with several colleagues from @EIPR. Karim’s wife, documentarian @Jeky_Kelly, is urging for him to be released: “He’s the kind of person that Egypt should be building its future around, and not jailing.” pic.twitter.com/JjSQgK8OIp
— Christiane Amanpour (@camanpour) December 1, 2020
علاوةً على الضغط الدولي من جهات متعددة، بما في ذلك 55 منظمة حقوقية في الداخل والخارج على رأسها الأمم المتحدة، والتنديد الذي لم يتوقف منذ القبض على طاقم المبادرة، لا يمكن أن يُغفل دور النائب السابق في البرلمان المصري، محمد أنور عصمت السادات، الذي ينتمي إلى عائلة الرئيس المصري الأسبق الذي يحمل اسمه.
كان السادات أول من أبلغ المبادرة بالإفراج عن فريقها، وهو الذي نجح قبل ذلك في إقناع السلطات الأمنية بالسماح لأسرتي بشير وعنارة بزيارتهما في السجن عقب السماح بزيارة لأسرة جاسر.
رغم كل ما سبق، نُسب الفضل الأكبر في الإفراج عن جاسر وبشير وكريم إلى جوهانسون، حتى أن معلقين تمنوا لو أعلنت نجمة هوليوود تضامنها مع نحو 60 ألف معتقل سياسي في البلاد، وفق تقديرات حقوقية. يتضح هذا جلياً في تعليق الصحافي المصري والناشط الحقوقي حسام بهجت، أحد مؤسسي المبادرة الذي تولى مهمة إدارتها في ظل اعتقال رفاقه.
عبر تويتر، كتب بهجت: "أستطيع أن أؤكد أن أصدقائي وزملائي في المبادرة، جاسر وبشير وكريم، تم إطلاق سراحهم وهم في منازلهم. الأمر الذي يعني، حسبما أعتقد، أننا (وأنتِ) فعلناها". وأضاف في تغريدة أخرى: "من الواضح أني أقصد سكارليت بـ‘أنتِ‘".
في غضون ذلك، رأى البعض أن هذا دليل على أن النظام المصري "جبان" و"يخاف" من الخارج، وطمح إلى أن تبذل جوهانسون جهداً في حل المشكلات الأخرى بمصر في التعليم والصحة، في إشارة إلى تأثيرها القوي.
"إحنا هنعذر الحكومة عشان دي محدش يقدر يرفض لها طلب"... مصريون موالون للنظام يتغاضون عن خضوع السلطات لمناشدة #سكارليت_جوهانسون عشان "حلاوتها"
على الجانب الآخر، هاجم موالون للرئيس السيسي جوهانسون بشدة، معتبرين تعليقها تدخلاً في شأن داخلي وانتهاكاً لسيادة حكومتهم. وتداولوا أيضاً صوراً لها مع الشيخة موزة، والدة أمير قطر وزوجها أمير البلاد السابق، الشيخ حمد بن خليفة، لافتين إلى كونها مأجورة. وسخر منتقدون للنظام من "محاولات أخونة" جوهانسون.
وردت الفنانة المصرية ليلى عز العرب على جوهانسون في مقطع فيديو قائلةً: "سيدة جوهانسون أنا أيضاً فنانة، فنانة مصرية وأنا حقاً لست سعيدة بكاتب السيناريو الخاص بك. أنتِ ليست لديكِ أية فكرة عن مصر أو المصريين أو حتى نظامنا القضائي الذي نثق فيه بشدة".
رد الفنانة ليلي عز العرب علي سكارليت جوهانسن ??#ScarlettJohansson_interfering_in_egyptian_affairs pic.twitter.com/c8EB5W7Fn9
— ﮼رغدة﮼السعيد (@RaghdaaElSaeed) December 3, 2020
وأضافت: "هؤلاء الأشخاص الأربعة الذين تحدثت عنهم ليسوا معتقلين بل متهمون ستتم محاكمتهم بعدالة وفق القانون. أما إذا كنتِ تريدين تغيير مجال عملك إلى ناشطة سياسية، فرجاءً اهتمي بقضايا أمريكا مثل أزمات السود أو الجوع".
لكن قلة من أنصار النظام تناولوا الأمر بالنكات والتقليل من تأثيره. فقال أحدهم: "إحنا هنعذر الحكومة عشان دي محدش يقدر يرفض لها طلب"، مع صور للفنانة الفاتنة.
ماذا عن باتريك؟
وفيما أعربت الغالبية العظمى عن ارتياحها لإطلاق سراح الثلاثي، عبّر البعض منهم عن أملهم بأن تستمر الجهود الدولية والضغوط للإفراج عن جميع المعتقلين على خلفية التعبير عن آرائهم. وانتقد آخرون عدم الإفراج عن باتريك زكي على وجه التحديد.
غردت الناشطة الحقوقية والسياسية منى سيف: "مكنش ينفع باتريك معاهم فوق البيعة… كنتم هتخسروا إيه يعني؟".
لكن ملابسات الإفراج عن الثلاثي ترجح احتمال أن القرار اتخذ على عجالة لتهدئة الغضب الدولي الذي ركز على انتقاد توقيف كريم وجاسر وبشير على وجه التحديد؛ قبل ساعات من تنفيذ تخلية السبيل كان أفراد أمن بملابس مدنية يسعون خلف العثور على مقر إقامة حسام بهجت الذي أعلن استجواب والدته في الإسكندرية، مبرزاً أنه غادرها قبل 22 عاماً.
ربما يكون عدم الإفراج عن باتريك، الذي تحدثت عنه جوهانسون أيضاً في مقطعها، دليلاً آخر على أن قرار الإفراج لم يكن بفضل جهدها وحده، على الرغم من أن هذا لا يقلل بأي حال من أنها ساهمت في الضغط على النظام المصري.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون