شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
مهمتنا هي إنهاء الاستعمار وليس إدارة الصراع

مهمتنا هي إنهاء الاستعمار وليس إدارة الصراع

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الثلاثاء 29 يونيو 202109:38 ص


ترجمة من الإيطالية: ديانثوس

غاصت عقولنا بدويّ الحرب مجدداً. الصراع من أجل القدس، من أجل الضفة الغربية، من أجل غزة، وفي شوارع إسرائيل نفسها. هي ليست صراعات مستقلة، بل صراع واحد على الأراضي بين نهر الأردن والبحر المتوسط جميعها.

يتطلب تفسير أحداث الأسابيع الماضية المتسارعة بين فلسطين وإسرائيل، فهم "الحركة الصهيونية "التي حدّدت دولة إسرائيل، وسنّت أجندتها الوطنية، وأسستها كحركة استيطانية استعمارية. حمل اليهود القوميّون القادمون إلى فلسطين، في أواخر القرن التاسع عشر، أجندة واضحة للاستيلاء على البلد، وتحويله من فلسطين العربية إلى إسرائيل اليهودية. واستمر السعي إلى هذا الهدف، واستمرت دولة إسرائيل باستكمال هذا المشروع بهجماتها على التجمعات السكانية الفلسطينية في القدس الشرقية، ونشاطها السريع لتهويد الجزء المحتل من المدينة، وهجومها الشامل على قطاع غزة، وقمعها العنيف للاحتجاجات بين المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل. توازى ذلك كله مع قمع عسكري في الضفة الغربية، وتقسيمها إلى "غيتوات". تعمل إسرائيل اليوم على حملة من الاستيطان الشامل، مما يعني أن احتلال الصهيونية لفلسطين دخل مرحلة التطهير.

أفضل ما يمكن للأحزاب الديمقراطية الغربية أن تفعله، وخاصة اليسارية منها، هو دعم من يسعون إلى تحقيق مستقبل مشترك في إسرائيل وفلسطين. لقد كانت منظمة التحرير الفلسطينية محقة في منتصف الستينيات من القرن الماضي، عندما أعلنت أن "إسرائيل كيان استيطاني يجب إنهاء استعماره، واستبداله بديمقراطية شاملة." لكن في العام 1988، تخلت المنظمة عن النضال ضد المستعمر، بعد إغراء "حل الدولتين،" ودخلت في "عملية سلام" لا نهاية لها عرفنا لاحقاً أنها خديعة. مات حل الدولتين لأن المستوطنين لم يعترفوا أبداً بالحقوق الوطنية للسكان الأصليين الذين جردوهم من ممتلكاتهم، والحقيقة أن إسرائيل لم تعدّه خياراً أبداً.

في العام 1988، تخلت المنظمة عن النضال ضد المستعمر، بعد إغراء "حل الدولتين،" ودخلت في "عملية سلام" لا نهاية لها عرفنا لاحقاً أنها خديعة

تقودنا أحداث السنوات الأربعة والخمسين الماضية من الاحتلال، وفهمنا للمطالب الصهيونية الحصرية بالأرض، إلى استنتاج لا مفر منه، وهو أن إنهاء الاستعمار هو الحل الحقيقي الوحيد لـ"الصراع" الإسرائيلي الفلسطيني.

نثق بأن حركة سياسية تقدمية يهودية عربية عابرة للحدود هي الحل الوحيد الذي سينشّط آفاق اتفاق سلام بين الطرفين. وعلى المجتمعات المدنية في أنحاء العالم جميعها، المساعدة في جعل ذلك ممكناً. حل الدولة الواحدة هو الحل الواقعي الوحيد من الناحية السياسية، مهما عظمت الجهود المبذولة في سبيل تحقيقه. فعلى مدى السنوات العديدة الماضية، صاغ الفلسطينيون التقدميون، والإسرائيليون اليهود، سوياً، حملة "دولة ديمقراطية واحدة"، وأعدوا برنامجاً سياسياً ذا رؤية ديمقراطية مشتركة واقعية، وقابلة للتحقيق، مكوناً من عشر نقاط، ويعتمد على المبادئ الأساسية التالية:

تعود أرض فلسطين التاريخية إلى كل من يعيش فيها، ومن طُرد، أو نُفي منها، منذ عام 1948، مهما كان دينه، أو عرقه، أو أصله القومي، أو مواطنته الحالية.

تنفيذ حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وأحفادهم، وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 184، وهو مطلب أساسي للعدالة، ومعيار للمساواة. كما ستحمل هذه العودة أسس استعادة الوطنية الفلسطينية، وقدرتها على تلبية احتياجات الشعب، وتقرير مصيره.

يجب أن يقوم أي نظام حكم على مبدأ المساواة في الحقوق المدنية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، للمواطنين جميعهم، واستبدال النظام الاستيطاني للقومية العرقية والدينية، بديمقراطية دستورية قائمة على المواطنة المشتركة، وتعزيز عمل المجتمع المدني المشترك.

حل الدولة الواحدة هو الحل الواقعي الوحيد من الناحية السياسية، مهما عظمت الجهود المبذولة في سبيل تحقيقه

الاعتراف بالتنوع المجتمعي، وتقاليده المميزة، الدينية، واللغوية، والثقافية، وتجاربه الوطنية، مع توفير ضمانات دستورية للطوائف القومية، والعرقية، والدينية، وغيرها في البلاد.

تعويض عادل لعقود من التدمير من قبل الاستعمار الصهيوني في فترة ما قبل الدولة، وما بعدها، وإلغاء القوانين، والسياسات، والممارسات، وأنظمة السيطرة العسكرية، أو المدنية، جميعها، التي تضطهد وتميز على أساس العرق، أو الدين، أو الأصل القومي، أو الجنس.

إقامة دولة لا طائفية، لا تعطي الأفضلية لمجتمع عرقي أو ديني على آخر، وتفصل الدولة عن الأديان كلها التي فيها.

المشاركة الرئيسية والعادلة للذين تم استبعادهم تاريخياً من عملية صنع القرار عند تحديد الخطوط العريضة لمثل هذا البرنامج السياسي، وخاصة فلسطينيي الشتات، ومجتمع اللاجئين، والمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل.

وضع خطة اقتصادية شاملة توفر الأمن والاستدامة والتوظيف الهادف والتعويض العادل بما في ذلك التمييز الإيجابي affirmative action للمواطنين الفلسطينيين، واللاجئين على وجه الخصوص، الذي يحتاجون إلى الدعم والاندماج في سوق العمل الحديث بعد أجيال من التهميش.

الاعتراف بالترابط مع العالم العربي الأوسع، مع فسيفساء الهويات الدينية والثقافية في الشرق الأوسط. وعلى الدولة الجديدة الانخراط في تعزيز الهياكل الإقليمية والعالمية مع تحقيق المساواة والاستدامة، والتي على أساسها سنستطيع إنهاء الاستعمار المحلي في نهاية المطاف.

لربما تبدو فكرة الدولة الواحدة التي بدأت للتو بحشد المناصرة السياسية، كلاماً على ورق. لكن الفلسطينيين دعموا فكرة الدولة الديمقراطية الواحدة على امتداد أرض فلسطين التاريخية لوقت طويل، فهي كانت حجر أساس منظمة التحرير الفلسطينية.

مهمتنا اليوم هي إقناع الفلسطينيين المشتتين، والمضطهدين، والمنهكين بإمكانية تحقق الدولة الواحدة، وأنها ليست حلاً خيالياً، بل حل يستحق استثمارهم السياسي

مهمتنا اليوم هي إقناع الفلسطينيين المشتتين، والمضطهدين، والمنهكين بإمكانية تحقق الدولة الواحدة، وأنها ليست حلاً خيالياً، بل حل يستحق استثمارهم السياسي. لن يقبل الإسرائيليون اليهود بهذا الخيار بالتأكيد، لأن دولة إسرائيل اليهودية لا تساوي بين اليهود، وسكان فلسطين، في الحقوق. لكن حملة "دولة ديمقراطية واحدة" استحوذت على خيال القواعد الشعبية العالمية. وبوجود القيادة الفلسطينية، قد تستطيع الحملة تكرار نجاح حزب المؤتمر الوطني الإفريقي عندما أنهى نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، والذي عارضه حينها المجتمع الأبيض المهيمن في تلك الفترة.

يتصاعد في غضون ذلك الدعم الدولي لقوى التغيير الفلسطينية والإسرائيلية التي تعمل من أجل السلام العادل، والمصير المشترك، عقب الهجمات على حي الشيخ جرّاح، والمسجد الأقصى، وغزة. تخنق إسرائيل النقاش اليوم من خلال مساواة معاداة السامية بأي انتقاد يطال عنفها، أو عنف المستوطنين. وعلى الرغم من نجاح هذه المنهجية بين الحكومات، إلا أنها قوبلت بالرفض القاطع من التقدميين في أنحاء العالم جميعها، ومنهم اليهود الليبراليين الذين يختارون حقوق الإنسان، والعدالة الاجتماعية، على دعم إسرائيل القمعية. على سبيل المثال، منظمة الصوت اليهودي من أجل السلام، وهي أكبر منظمة لليهود الأمريكيين الشباب في الولايات المتحدة، وتعرّف عن نفسها على أنها معادية للصهيونية.

معالجة القضايا الأساسية هو ما سينهي حالة الصراع. وبذلك، على الحل أن يعالج، وبدقة، الأسباب الكامنة وراء الصراع، وأن يستوعب منطقه، وهياكله، ونواياه. وعليه، فإن فهم الصهيونية كمشروع استعماري استيطاني مستمر يعطينا المنظور الضروري لفهم سياسات إسرائيل، ونواياها، ويتضمن ذلك فهم الأحداث الفردية لعمليات إخلاء حي الشيخ جرّاح، والاحتجاجات والاعتداءات على الأقصى خلال شهر رمضان، والهجوم على غزة، والنزاعات الطائفية التي اندلعت داخل إسرائيل.

نهج "حل الصراع" الفاشل الذي اعتمدته الحكومات على مدى العقود الخمسة الماضية، هو في الواقع شكل من أشكال "إدارة الصراع ليس إلا". فهي لم تخدم سوى "الجانب" الأقوى، أي إسرائيل. كما أعطت الشرعية الدولية لنظام الاحتلال، والفصل العنصري، والاستعمار. النهج العادل الوحيد سيكون بإنهاء الاستعمار، وحل الهياكل الاستعمارية، واستبدالها بأشكال جديدة من المجتمع السياسي الشامل.

حان الوقت لتجاوز حل الصراع إلى عملية تحرير تجمع الأرض بأكملها، وشعوبها جميعها إلى مستقبل متساوٍ، وسلمي، ومزدهر، وآمن، ومشترك.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel


* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard