مجاز الجوار، مؤانسة الغرباء في البستان المجاور
لم يكن وقتٌ شعرتُ فيه أن اللحظة ليست لحظة الرومي. في الحزن أو السرور، في الشوق أو الابتعاد، طالما كانت كلمات مولانا جلال الدين حاضرة كي تسقيني جرعة من عالمٍ أسمى، عالم يتلهف فيه المرءُ للأبد، يتوجّه نحو طيّات كتبه، فيلقى نفسه على عتبته (الأبد). هاتان القصيدتان من أحبّ قصائد جلال الدين الرومي إليّ من ديوانه الذي أسماه "ديوان شمس" تحبيباً وتزلفاً لحبيبه ورفيقه ومرشده، شمس الدين التبريزي؛ قصيدتان كي نحتسي اليوم تلك الجرعة العذبة من الغيب.
بعد كلّ من الترجمتين هناك رابط لأجمل ما سمعت من موسيقى مبنية على كلٍّ من القصيدتين، وفي البداية بودكاست لإلقائي للقصيدتين بالفارسية. ولنا جميعاً ذلك الصفاء الذي نرومه في الشعر ليس إلا.
غلام القمر
أنا غلام القمر، فلا تقل غيرَ القمر
وحين تقابلني لا تتحدث إلا عن الشمع والسكّر
لا تحدّثني عن الأحزانِ بل عن الكنز
وإن كنتَ بلا خبر عن هذا، فلا تكابد، ولا تقلْ أي شيء
جُننتُ الليلة البارحة، فرآني العشقُ وقال:
ها أنا أتيتُ، فلا تصرخْ، ولا تمزّقْ ثياباً، ولا تقل أيّ شيء
قلتُ: يا عشقُ! أنا خائف من شيء آخر
في الحزن أو السرور، في الشوق أو الابتعاد، كلمات مولانا جلال الدين حاضرة كي تسقينا جرعة من عالمٍ أسمى... (مجاز) في رصيف22، فسحة للكتابة الإبداعية
قال: ذلك الشيء الآخرُ صار الآن في العدم، فلا تقل أيّ شيء
سأهمِسُ في أذنك خبايا الأحاديث
فطأطئْ رأسَك أن: نعم!، وسوى برأسِك لا تقل أيّ شيء
قلتُ: عجباً! ما هذا الوجه ؟ ملاكٌ أم بشر؟
قال: هذا ما سوى الملاك والبشر، فلا تقل أي شيء
قلتُ: ما هذا؟ قل لي! سأنقلب رأساً على عقب
قال: ابقَ هكذا منقلباً، ولا تقلْ أيّ شيء
أيها الجالس في هذا البيت المليء بالنقوش والخيال
انهضْ، اخرجْ من هذا البيت، خذْ أثاثَك، ولا تقل أيّ شيء
أنا وأنت
طوبى لبرهةٍ نجلس فيها في الشرفةِ أنا وأنت
بنَقشينِ، بهيئتين، وبروحٍ واحدةٍ، أنا وأنت
زهوُ النباتِ وتغاريد الطّيور تمنحنا ماءَ الحياة
لمّا نطلّ على البستانِ أنا وأنت
طوبى لبرهةٍ نجلس فيها في الشرفةِ أنا وأنت، بنَقشينِ، بهيئتين وبروحٍ واحدةٍ، أنا وأنت... (مجاز) في رصيف22، فسحة للكتابة الإبداعية
تُقبل نجوم الأفلاك لتنظرنا
فنريها قمرَنا أنا وأنت
أنا وأنت نجتمع وجداً دون أنا وأنت
جذلينِ وبعيدينِ عن الأباطيل المشوشةِ، أنا وأنت
ببغاوات الفلك تتناول السكّرَ جمعاء
في ذلك المقام الذي نضحك فيه أنا وأنت
والأعجب أننا، أنا وأنت، جالسان في نقطةٍ هنا
وفي اللحظة نفسها نقطن العراقَ وخُراسانَ، أنا وأنت
بصورة على هذه الأرض نسير وبأخرى
في الفردوس الخالد وفي حقل السكّر، أنا وأنت
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ 12 ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يوموالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومرائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت