شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
دعم أم احتلال؟... حقائق حول الوجود الروسي في سوريا

دعم أم احتلال؟... حقائق حول الوجود الروسي في سوريا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 16 يونيو 202102:05 م

وسط تصريحات متباينة في موقفها وقوتها، يلتقي الرئيس الأمريكي جو بايدن بنظيره فلاديمير بوتن اليوم، الأربعاء 16 يونيو/ حزيران في جنيف، في ختام الجولة الخارجية الأولى التي يقوم بها بايدن منذ تسلمه مهام منصبه في يناير/ كانون الثاني الماضي. ومع أن الملفات التي تتوقع وسائل الإعلام الغربية أن يطرحها بايدن للمناقشة مع نظيره الروسي، لا تتضمن الملف السوري فقد تعيد تحركات جديدة في الداخل الأمريكي الوجود الروسي في سوريا إلى واجهة الحوار. 

 دعم أم احتلال؟

في سبتمبر/ أيلول 2015، نفذت روسيا أول ضربة جوية بها داخل الدولة السورية، ثم  أرسلت روسيا قوات عسكريّة إلى سوريا تحت لافتة "دعم" نظام بشار الأسد، لينتهي الوضع بعد أشهر بسيطرة روسيا على قطاعات من الأراضي السورية، تمارس عليها أعمال السيادة العسكرية والاقتصادية.

 وفتها، نشر الكاتب والمفكر الفلسطيني الماركسي سلامة كيلة (1955-2018) مقالًا بعنوان "روسيا تحتل سوريا". في مقاله لفت سلامة كيلة إلى أنه بعد سنوات من الدعم السياسي واللوجستي، وبعد أن "تحوّلت روسيا من الشيوعيّة إلى الرأسماليّة، وباتت دولة إمبرياليّة؛ تريد ككل إمبرياليّة أن تتوسع عالميًا".

إلى جانب وجود قواتها العسكريّة في سوريا، تسيطر روسيا على قطاع واسع من الثروات الطبيعية، وتتحكم ببعض أهم مفاصل الصناعة والتجارة في البلاد. إلى جانب استغلال حاجة السوريين والزج بهم كمرتزقة في حروب إقليمية.

 لتعدد الأطراف اللاعبة في سوريا، وتدخل دول عديدة في السيطرة على قطاعات من الأراضي السورية بشكل مباشر مثل روسيا وتركيا، أو عبر وكلاء، يبدو وكأن الوجود الروسي في سوريا فرضه الأمر الواقع، إلا ان التحركات الروسية تطرح التساؤل: هل تحتل روسيا سوريا حقًا؟ هذا ما سنحاول أن نجيب عنه في هذا التقرير مستعرضين أهم الاتفاقيات بين سوريا وروسيا، ووجود القوات العسكريّة الروسيّة في سوريا وسيطرتها على قطاع واسع من الثروات الباطنيّة، وتحكمها ببعض أهم مفاصل الصناعة والتجارة في البلاد.

نصت الاتفاقيّة على رغبة روسيا بـ"بناء مدارس جديدة وإعادة تأهيل تلك المدمرة" بهدف "استيعاب المزيد من التلاميذ وإجراء دورات تدريبيّة في روسيا لتعليم المدرسين والإداريين اللغة الروسيّة"

قاعدة حميميم العسكريّة

هي قاعدة جويّة عسكريّة روسيّة تقع في محافظة اللاذقيّة، وتشكّل مركز قيادة القرار العسكري الروسي في سوريا، وهي منطقة يحصر الوجود فيها بالقوات الروسيّة، ويمنع دخول القوات السوريّة إليها.

 الوضع الاستثنائي لتلك القاعدة العسكرية التي تحولت إلى وضع أرض روسية فوق الأراضي السورية، ظهر مبكرًا في صورة شهيرة أظهرت وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى قاعدة حميميم في زيارة غير معلنة، حينذاك منع ضابط روسي بشار الأسد من الاقتراب والمشي بجانب الرئيس الروسي الذي رفض النزول في مطار مدني، بل توجّه مباشرة نحو قاعدته العسكريّة، ليقف الأسد على مبعدة من بوتين وكأنّه جندي في الجيش الروسي.

 

كان النظام السوري قد وقّع في العام 2015اتفاقيّة مع روسيا تمنح الحق للقوات العسكريّة الروسيّة في استخدام قاعدة حميميم في كلّ وقت، من دون مقابل، ولأجل غير مُسمى. وجاء في بنود الاتفاقيّة أنّ "القوات العسكريّة الروسيّة محصنة من القضاء السوري المدني والإداري"، وأن جميع "الممتلكات المنقولة وغير المنقولة لمجموعة الطيران الروسي محصّنة، ولا يجوز لممثلي سوريا الدخول إلى أماكن وجود مجموعة الطيران الروسي إلا بموافقة قائد المجموعة (الروسي)".

 وأضافت الاتفاقيّة في بنود أخرى أنّه من حق روسيا أن "تنقل أية أجهزة أو ذخائر إلى داخل سوريا أو خارجها من دون تكاليف أو رسوم"، وأنّ "كل الممتلكات المنقولة وأجهزة البنيّة التحتيّة التي تُنشر مؤقتًا في قاعدة حميميم الجويّة تبقى ملكًا لروسيا"، وأنّ "من حق موظفي مجموعة الطيران الروسيّة الدخول والخروج من سوريا بتقديم وثائق خروج سليمة من روسيا [من] دون الخضوع للتفتيش على الحدود". 

بعد توقيع الاتفاقيّة بحوالي سنة، تمّ الإعلان عنى وسيع قاعدة حميميم لتصبح قاعدة عسكريّة جويّة مجهزّة بشكل متكامل. حتى أنّ وزارة الدفاع الروسيّة أعلنت في مايو/أيار الفائت عن وصول ثلاث قاذفات إستراتيجيّة روسيّة، في دليل جديد على قدرة القاعدة العسكريّة على استيعاب جميع أنواع القاذفات والطائرات والأسلحة الثقيلة.

وقالت وزارة الدفاع الروسيّة في صيف 2020 إنّها توصلت إلى اتفاق مع النظام السوري من أجل تخصيص ثمانية هكتارات إضافيّة للقاعدة من الأراضي المحيطة بها، إضافة إلى منح روسيا مناطق بحريّة أخرى قرب قاعدة طرطوس البحريّة.

بشار الأسد في الخلفية بينما يلقي بوتن كلمته إلى جنود وضباط قاعدة حميميم الجوية 


قاعدة طرطوس وميناؤها

تسيطر روسيا بشكل شبه مطلق على ميناء طرطوس المُطل على البحر الأبيض المتوسط، وهو أهم ميناء بحري سوري. وبنت القوات الروسيّة قاعدة عسكريّة بالقرب من الميناء المدني. وإن صنّف النظام الروسي القاعدة نقطة دعم فني ومادي، وليس قاعدة عسكريّة.

 تعد هذه "النقطة" هي المنشأة البحريّة الوحيدة (المعروفة) التي تمتلكها روسيا خارج أراضيها، إلى جانب منشآتها في شبه جزيرة القرم التي احتلتها روسيا من أوكرانيا منذ العام 2014.

 ووقّع النظام السوري مع نظيره الروسي في العام 2017 اتفاقًا يسمح باستخدام ميناء طرطوس مجانًا 49 عامًا، ممّا يمنح روسيا السيادة الكاملة على الميناء والقاعدة العسكريّة، كما يسمح الاتفاق باحتفاظ روسيا بعشرات السفن الحربيّة، بما في ذلك السفن التي تعمل على الطاقة النوويّة.

حقول النفط والغاز

تسيطر القوات الروسيّة في سوريا بشكل مباشر على جميع حقول النفط في محافظة حمص وريفها، وأهمها "حقل الشاعر"، فيما تتقاسم قوات سوريا الديمقراطيّة (قسد) المدعومة أمريكيّا، وقوات النظام السوري السيطرة على باقي الحقول.

 وسلّمت الحكومة السوريّة إلى القوات الروسيّة حقلي "التيم" و"الورد" وحقلًا آخر في الرقة، خاضعة لسيطرتها عن طريق منح شركة "أرفادا" المملوكة لحسام القاطرجي -الموضوع هو وشركته على قائمة العقوبات الأمريكيّة، والمقرّب من الإدارة الروسيّة- حق التنقيب عن النفط في دير الزور والرقة.

 هذا فضلًا عن عقود مع شركتي "ميركوري" و"فيلادا" الروسيتين المختصتين في مجالي الحفر والتنقيب، من أجل مسح مناطق في ريف دمشق ودير الزور والحسكة، بهدف استخراج الثروات الباطنيّة، وأهمها النفط.

 كذلك تسيطر روسيا على حقول الغاز الواقعة في منطقة تدمر وبلدة قارة في ريف القلمون، وعلى الاحتياطي السوري للغاز الطبيعي في ساحل مدينة طرطوس وفي مدينة بانياس، وفي حال استخراج الغاز من هذه الحقول تصبح سوريا ثالث أكبر مصدّر للغاز الطبيعي عالميًا.

وصادقت الحكومة السوريّة على عقد مع شركة "كابيتال" الروسيّة بهدف التنقيب عن الغاز والنفط في السواحل السوريّة المُطلة على البحر الأبيض المتوسط، وبموجب هذا العقد "تمنح  الدولة السوريّة الشركة حقًا حصريًا في التنقيب عن البترول وتنميته في البلوك البحري رقم 1 في المنطقة الاقتصاديّة الخالصة للجمهوريّة العربيّة السوريّة في البحر الأبيض المتوسط مقابل ساحل محافظة طرطوس حتى الحدود البحريّة الجنوبيّة السوريّة اللبنانية بمساحة 2250 كيلومترًا مربعًا".


 نشر اللغة الروسيّة

حسب تقرير صحافي نشرته صحيفة الشرق الأوسط، فإنّ "عدد المدارس التي تدرّس اللغة الروسيّة تجاوز 170 في سوريا، وهناك أكثر من 20 ألف تلميذ يدرسون اللغة الروسيّة" بعد إدراج اللغة الروسيّة لغة اختياريّة في المدارس.

 في نوفمبر/ تشرين الثاني وقّعت وزارة التربيّة السوريّة مع نظيرتها الروسيّة "اتفاقيّة التعاون في التعليم الثانوي العام والمهني"، بهدف تطوير التواصل المباشر بين معاهد روسيا وسوريا التعليميّة والمهنيّة، وتقديم المعلومات والدعم اللازمين لتسهيل هذا التعاون وتبادل الخبرات في المجالين التعليمي والمهني.

 ونصت الاتفاقيّة على رغبة روسيا بـ"بناء مدارس جديدة وإعادة تأهيل تلك المدمرة" بهدف "استيعاب المزيد من التلاميذ وإجراء دورات تدريبيّة في روسيا لتعليم المدرسين والإداريين اللغة الروسيّة"، إذ أشار نائب وزير التربية الروسي، ديمتري كلوشكو، إلى وجود نحو خمسين ألف طالب يتعلمون اللغة الروسيّة وإلى وجود 200 مدرس فقط، وهذا ما يلفت إلى أن الأرقام التي تعلنها الحكومة الروسيّة أكبر من الأرقام التي وردت في التقارير الصحافيّة (ذكرت صحيفة الشرق الأوسط 20 ألف طالب فقط).

التوغل الاقتصادي

وقّع النظام السوري عدّة اتفاقيات صناعيّة وتجاريّة مع روسيا، قد يكون أهمها إنشاء خط بحري يربط ميناء طرطوس بالميناء الروسي في شبه جزيرة القرم، ويهدف الخط البحري إلى نقل الحمضيّات من سوريا إلى روسيا بحمولة 4500 طن شهريًا.

ووُقع كذلك اتفاق بإنشاء معمل فرز وتوضيب الخضار والفواكه بأنواعها المختلفة في طرطوس، باستثمار سوري روسي. كما قال وزير الصناعة السوري زياد الصبّاغ إنّه قد "تمّ التوافق مع الجانب الروسي على إحداث خط إنتاج لصناعة 'الجينز' وبطاقة عالية في اللاذقيّة".

 ووقّع النظام السوري عقدًا مدته أربعون عامًا مع شركة "ستروي ترانس غاز" الروسيّة، التي تسيطر بموجبه الشركة على مجمع الأسمدة في بلدة قطينة في ريف حمص الجنوبي، حيث يتكون المجمع من معمل "السوبر فوسفات" ومعمل "اليوريا ومعمل "نترات الأمونيوم" على أن تكون حصة الحكومة السوريّة من الأرباح 35% وحصة الشركة الروسيّة 65%. فضلًا عن عقد موقّع مع شركات روسيّة بهدف استثمار حقول الفوسفات في البادية السوريّة. يذكر أن تلك المواد المستخدمة في صناعة الأسمدة يدخل بعضها في صناعة الأسلحة ومنها أسلحة محرمة دوليًا.

في السياق ذاته، وقّعت الحكومة السوريّة اتفاقيات مع موسكو بهدف تطوير النبيّة التحتيّة في البلاد بقيمة 850 مليون يورو، حسبما أعلن رئيس الوزراء وائل الحلقي، كما وقعت وزارة السياحة عقدًا يهدف إلى تأهيل قرية المنارة السياحيّة في محافظة طرطوس بقيمة 90 مليون دولار أمريكي.

ووقعّت وزارة الأشغال العامة والإسكان وشركة "ستروي إكسبيرت" الروسيّة عقدًا يهدف إلى توريد آليات ثقيلة ومعدات هندسيّة إلى سوريا، ووُقّعت اتفاقيّة مع شركة "سوفوكريم" الروسية بكلفة سبعين مليون يورو بهدف بناء أربع مطاحن حبوب في محافظة حمص على أن تغطي الحكومة السوريّة تكاليف البناء.

الأمن الداخلي

وحدة للشرطة العسكرية الروسية التي أنشئت خصيصاً لـ"حفظ الأمن الداخلي" في سوريا

تنتشر قوات الشرطة الروسيّة في العديد من المدن والبلدات السوريّة. ففضلًا عن وجود قوات روسيّة في القواعد العسكريّة وعلى خطوط القتال مع قوات المعارضة، فإنها تتقاسم السيطرة عبر قوات الشرطة على عدد من المناطق السوريّة، مع القوات الإيرانيّة، وقوات النظام السوري.

 برز ذلك بشكل واضح في مدينة حلب، فبعد استعادة قوات النظام السيطرة على المدينة بدعم جوّي روسي كثيف في العام 2016،انتشرت قوات الشرطة الروسيّة بشكل مكثف في شوارع المدينة، بهدف "حفظ الأمن" حسب تعبير ورد في بيان وزارة الدفاع الروسيّة.

كذلك يظهر انتشار القوات الروسيّة بشكل واضح في مدينة درعا، وسيطرتها على مناطق واسعة من المحافظة بعد توقيع اتفاق التسويّة بين النظام السوري وقوات المعارضة، إذ قامت بتشكيل اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس، والذي يضم معظم المقاتلين السابقين في فصائل المعارضة المختلفة.

 وتنتشر أيضًا القوات الروسيّة في مناطق شرق الفرات، إلى جانب القوات التركيّة والقوات الأمريكيّة، بهدف "حفظ الأمن" وذلك بعد هجوم ميليشيات مدعومة بقوات تركيّة على مناطق شرق الفرات واحتلالها مدنًا كرديّة وتهجير أهلها.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard