أصدرت شركة "نيو ميديا أكاديمي" المنتجة للموسم الجديد من برنامج "الدحيح" لمقدمه المصري أحمد الغندور بيانًا توضح فيه علاقاتها بأكاديمية وبرنامج "ناس ديلي" اللذين تلاحقهما اتهامات بالترويج للتطبيع، وذلك بعد أن شن متابعون مصريون وعرب حملة لمقاطعة برنامج "الدحيح" على خلفية تورط الشركة المنتجة لموسمه الجديد في الترويج للتطبيع مع دولة الاحتلال.
تمكن رصيف22 من استعادة الصفحتين المحذوفتين عبر آلية wayback machine، ما أظهر مشاركة عدد من المدربين الإسرائيليين منهم يوناتان بيليك، وآجون هير في تدريبات "نيو ميديا".
وجاء في البيان الذي نشر على صفحة "نيو ميديا" الرسمية على فيسبوك اليوم، الاثنين 14 يونيو/ حزيران، أن أكاديمية الإعلام الجديد "نيو ميديا أكاديمي" أطلقت في يونيو/ حزيران 2020 بهدف إثراء المحتوى العربي على الإنترنت ودعم صناع مؤثرين إيجابيين وتدريب الشباب العرب على فنون صناعة المحتوى. وأضاف البيان بشأن ما أثير حول علاقة نيو ميديا بشركة "ناس ديلي"، أن الأخيرة - ومقرها سنغافورة- تعاونت مع أكاديمية نيو ميديا "لعدة اشهر" بهدف تقديم برامج تدريبية، وأن العلاقة بين الكيانين انتهت قبل عام.
وأعربت "نيو ميديا" عن أسفها "للحملة التي أطلقها مغردون وبعض وسائل الإعلام العربية لتسييس المحتوى العلمي ووضعه ضمن قضايا سياسية لا تمت من قريب أو بعيد إلى الأكاديمية". واختتم البيان دون أن تعلق أكاديمية نيو ميديا على الاتهامات الموجهة إليها بالترويج للتطبيع والتي كانت وراء إطلاق حملة المقاطعة ضد البرنامج.
قبل شهر كتب "الدحيح" عبر صفحته على فيسبوك قبل شهر، أنه لم يحب الاحتفال بعيد ميلاده في "ظل ما يحدث من تهجير لأخواتنا في الشيخ جراح وتدنيس للمسجد الأقصى، ولكن في نفس الوقت حجم الصمود والمقاومة سبب قوي للفخر والاعتزاز".
وأثناء إعداد هذا التقرير، نشر صانع المحتوى ومقدم برنامج "الدحيح"، أحمد الغندور، عبر صفحته الشخصية ما يشبه البيان التوضيحي، أكد فيه على موقفه الداعم للقضية الفلسطينية وأن لا نية لديه للمشاركة في أي نشاط تطبيعي أو داعم للتطبيع، ونفى استمرار العلاقة بين أكاديمية ناس ديلي وأكاديمية نيو ميديا الإماراتية المنتجة للموسم الجديد من برنامجه الناجح، معربًا عن تفهمه مخاوف الجمهور من أن يتحول برنامجه لمساحة "دس السم في العسل" وتسهيل ترويج التطبيع مؤكدًا أن محتوى برنامجه وطبيعته لن يتغيرا، واعاد التأكيد على أنه لن يشارك في أي نشاط يهدف إلى التطبيع.
أصل الحكاية
لم يكد صانع المحتوى المصري أحمد الغندور يعود إلى تقديم أولى حلقات برنامجه الشهير بعد انقطاع استمر عاماً خاض فيه تجارب أخرى إحداها مع شبكة "شاهد"، حتى وجد عاصفة من الانتقادات والهجوم اللاذع من قبل نشطاء ومغردين عبر هاشتاغ وسم (#قاطع_الدحيح)، الذي حل في قائمة أكثر الوسوم تداولاً بموقع التدوينات القصيرة تويتر في مصر والأردن وعدد من الدول العربية الأخرى خلال الـ 24 ساعة الماضية، بمعدل تجاوز 22 ألف تغريدة في مصر وحدها حتى كتابة هذه السطور.
وصب المغردون جامّ غضبهم على الغندور بعد عودته عن طريق بوابة "أكاديمية نيو ميديا" الإماراتية التي أنشأها حاكم دبي محمد بن راشد في سبتمبر / أيلول 2020، بالتزامن مع توقيع اتفاقية التطبيع مع إسرائيل، بهدف تسخير نفوذ صنّاع المحتوى العرب" و"تعزيز المحتوى الذي ينسجم مع أهداف الأكاديمية" بحسب بيان التأسيس.
وتستهدف الأكاديمية المؤثرين من جنسياتٍ مختلفة لإدارة حساباتهم ومتابعة المحتوى الذي ينتجونه.
مع "ناس ديلي"
تظهر صفحة محذوفة كانت منشورة عبر وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية "وام"، تمكن رصيف22 من استعادتها عبر أداة way back machine، أن البرنامج التدريبي الأول الذي قدمته أكاديمية ناس ديلي لصالح الشركة الإماراتية بدأ في 26 يوليو/ تموز 2020، واستمر أسبوعين. ما يعني أن التعاون بين ناس ديلي ونيو ميديا لم ينتهِ قبل عام، بحسب زعم البيان الصادر عن أكاديمية نيو ميديا صباح، الاثنين.
وقامت أكاديمية نيو ميديا الإماراتية المنتجة للموسم الجديد من الدحيح بحذف صفحتين من موقعها، لبرنامجين تدريبيين هما "يوتيوبر الشباب" و "البرنامج المفتوح لابتكار المحتوى" وكلاهما بالتعاون مع أكاديمية "ناس ديلي". إذ يظهر في ديلي عنواني الصفحتين كلمة trashed ما يعني حذفهما بمعرفة إدارة الموقع.
وتمكن رصيف22 من استعادة الصفحتين المحذوفتين عبر آلية wayback machine، ما أظهر مشاركة عدد من المدربين الإسرائيليين منهم يوناتان بيليك، وآجون هير، كما شارك فيها المحاضر بافل بيتروف الذي يشير حسابه الشخصي على لينكد إن إلى كونه محاضر في أكاديمية ناس ديلي.
ووجد رصيف22 عند استعادة الصفحات المحذوفة أن "البرنامج المفتوح لابتكار المحتوى" الذي يقدمه محاضرون إسرائيليون من ناس ديلي أعلن عن دورة جديدة منه في مطلع العام الحالي، ما يؤكد من جديد أن التعاون بين الكيانين لم ينته قبل سنة كما ادعى بيان نيو ميديا الصادر اليوم. كما أن موقع ناس ديلي الرسمي لا يزال يحتفظ بشعار نيو ميديا ضمن المؤسسات الشريكة.
كما تظهر الصفحة الشخصية على Linkd-in لأحد العاملين لدى أكاديمية نيو ميديا الإماراتية ويدعى أحمد بسيوني وهو أحد المسؤولين عن حسابات نيو ميديا على شبكات التواصل الاجتماعي، أن تلك الدورة التدريبية الأولى لا تمثل التعاون الوحيد بين الكيانين، إذ احتفظ محرك البحث جوجل بنسخة قديمة من الملف الشخصي لبسيوني على لينكد إن يظهر فيها أنه أثناء عمله في "ناس ديلي أكاديمي" في سبتمبر/ أيلول 2020، قدم خدمات كمدرب مساعد لصالح أكاديمية الإعلام الجديد، ما يشهد بأن التعاون بين الكيانين ظل قائمًا، ولم ينته قبل عام من الآن بحسب زعم البيان الإماراتي.
"ناس ديلي" والتطبيع
أكاديمية "ناس ديلي" أسسها ويترأسها مدون الفيديو نصير ياسين، وهو شاب إسرائيلي مسلم من أصول فلسطينية تعود إلى قرية عرابة بالجليل، ويضم الطاقم التدريبي للأكاديمية إسرائيليين يترأسهم جوناثان بيليك، الذي خدم في جيش الاحتلال. ويقدم برنامج "ناس ديلي" محتوى طالته اتهامات بالترويج لـ"التطبيع الناعم" مع دولة الاحتلال الإسرائيلي والتغطية على جرائمها، وسبق أن حذرت حركة مقاطعة إسرائيل من البرنامج ودعت صانعي المحتوى العرب والمؤثرين إلى مقاطعته العام الماضي.
بعد أيام من اتفاقية التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، أعلن نصير عن إجراء مسابقة مع برنامج للتدريب يهدف إلى صناعة المشاهير، بتمويل من أكاديمية "نيو ميديا"، وبالفعل استطاعت الأكاديمية جذب عدد من المؤثرين وصانعي المحتوى العرب أبرزهم المؤثرة العراقية مينا الشيخلي، التي تشرف على برنامج صناعة المحتوى بالأكاديمية.
يحاول نصير تقديم نفسه على أنه نموذج للتعايش السلمي بين إسرائيل والعرب، ويعلن أن الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين باعتبار أنها "ًصراع"، ويرى أن احتلال إسرائيل الأراضي الفلسطينية إنما هو نزاع مثلما يحدث بين المغرب وجبهة البوليساريو على الصحراء المغربية. يقول: "اعتقدت أن الصراع بين إسرائيل وفلسطين كان ظاهرة غير عادية في العالم. لكن هذا ليس صحيحًا. واجهت صربيا وكوسوفو نفس المشاكل الرديئة، وكذلك السودان أو المغرب والصحراء الغربية. هذه الدول تمكنت من حل الصراعات، ونحن بحاجة إلى حل نزاعاتنا".
موقف "الدحيح"
قبل شهر، علّق الغندور عبر حسابه بموقع فيسبوك على الاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين في حي الشيخ جراح وما تبعها من حرب على غزة، كتب أنه لم يحب الاحتفال بعيد ميلاده في "ظل ما يحدث من تهجير لأخواتنا في الشيخ جراح وتدنيس للمسجد الأقصى، ولكن في نفس الوقت حجم الصمود والمقاومة سبب قوي للفخر والاعتزاز".
هذا المنشور الذي يعلن موقفًا واضحًا مؤيدًا للحقوق الفلسطينية، كان ذخيرة للهجوم على الغندور خلال دعوات المقاطعة التي تبعت الحلقة الأولى من برنامجه مع أكاديمية نيو ميديا، إذ أعاد مغردون تداولها، ونشروا رسوماً كاريكاتورية ساخرة عن أحمد الغندور، مذكرين إياه بالعبارة الشهيرة التي يرددها في البرنامج "عزيزي المشاهد شوف المصادر"، وهو إسقاط على "الدحيح" لتحري المصادر التي تؤكد أن أكاديمية نيوميديا الإماراتية متورطة في التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
يذكر أن الغندور كرر موقفه الداعم للحقوق الفلسطينية خلال مناقشة كتاب "رأيت رام الله" للشاعر الفلسطيني الراحل مريد البرغوثي، من خلال غرفة الغندور على تطبيق "كلوب هاوس".
من الذي غرد ضد الدحيح؟
حسب أداة "social bearing" لتحليل هاشتاغات موقع تويتر، حملت غالبية التغريدات على وسم #قاطع_الدحيح نقداً للبرنامج، في حين لم تنل الحلقة سوى تعليق إيجابي واحد، كما أظهرت خريطة البلدان التي كتبت منها التغريدات التفاعل عليها من مصر وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية والسودان والعراق والمملكة المتحدة.
بيّنت الأداة الحسابات الأكثر تغريداً ضد الدحيح مثل حساب قناة الجزيرة القطرية، وشبكة رصد، والإعلامي المحسوب على جماعة الإخوان معتز مطر، وكذلك الناشط المحسوب على الإخوان هيثم أبو خليل.
كذلك أظهرت تحليلات الأداة أن نسبة 65% من التغريدات كتبت باللغة العربية، ونحو 15% كتبت باللغة الإنجليزية، فيما ارتبطت هاشتاغات ووسوم أخرى بالهاشتاغ الأساسي مثل " التطبيع خيانة، صهيونية، نيو ميديا، الاحتلال، unfollow، #boycott_the_dhaih، قاطعوا_المنتجات_الاسرائيلية، انقذوا_حي_الشيخ_جراح".
وبيّنت الأداة الحسابات الأكثر تغريداً ضد الدحيح مثل حساب قناة الجزيرة القطرية، وشبكة رصد، والإعلامي المحسوب على جماعة الإخوان معتز مطر، وكذلك الناشط المحسوب على الإخوان هيثم أبو خليل ومجموعة من الحسابات والمنصات الداعمة لفلسطين.
وانتقل الجدل إلى مجموعة "مكتبة غندور" على موقع فيسبوك، وهي تضم محبي "الدحيح"، حيث تحولت المجموعة إلى ساحة من الجدال بين المؤيدين للدحيح بشكل مطلق، معتبرين أن البرنامج هدفه تبسيط العلوم دون الدخول في أي نقاشات سياسية، وبين المطالبين بمقاطعته حتى يقوم بتغيير المنصة التي يذيع من خلالها برنامجه.
وطالبت اللجنة الوطنية لمقاطعة الاحتلال في بيان سابق كل المشاركين من صناع المحتوى العرب بالانسحاب من المشروع التطبيعي للاحتلال، "والامتناع عن توفير أوراق التوت للتغطية على جرائم الاحتلال، وذلك التزاماً بمسؤوليتهم الوطنية والأخلاقية أولاً، وانطلاقاً من مسؤوليتهم كمؤثّرين وصنّاع محتوى ثانياً".
وختمت بيانها: "إن كانت مقاومة التطبيع هامّة في كل زمان، كونه يشكّل سلاحاً إسرائيليًا فعّالًا يستخدم لتقويض نضالنا من أجل حقوق شعبنا غير القابلة للتصرف، وأهمها العودة وتقرير المصير والتحرر الوطني، فإن مناهضة التطبيع في هذا الزمن تعدّ ضرورة نضالية ملحة لمنع تصفية القضية الفلسطينية، القضية المركزية للشعوب العربية".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ اسبوعينلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...