تحوّل لافت في عمليات الاغتيال الممنهجة بالعراق طرأ، الاثنين 7 حزيران/ يونيو، بقتل أحد ضابط جهاز المخابرات الوطني العراقي داخل سيارته بالعاصمة بغداد، في ما يعتقد أنه رسالة لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ورداً على اعتقال أحد "الإرهابيين".
ومنذ بداية الاحتجاجات الشعبية المحدودة في البصرة عام 2018، ولاحقاً الموسعة في العديد من المحافظات العراقية بما فيها العاصمة في تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، احتجاجاً على تردي الخدمات العامة وتفشي البطالة، وقعت سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت الناشطين والإعلاميين المناوئين للميليشيات والنفوذ الإيراني في البلاد.
وبينما يُشير أحدث بيانات المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق إلى تنفيذ 82 عملية اغتيال بالعراق منذ تظاهرات تشرين، 34 منها ناجحة، قالت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية الدولية، نهاية الشهر الماضي، إن الاغتيالات تتكرر في العراق في "جو يسوده الإفلات من العقاب" إذ "أصبحت الجماعات المسلحة وقحة حتى أن المسلحين لا يخشون الاقتراب من شخص ما في منتصف الشارع في مدينة عراقية كبرى وإطلاق النار عليه دون الخوف من أي عواقب".
تعهد بـ"القصاص"
وفي غياب التوضيح الرسمي لتفاصيل حادث الاثنين، ذكر موقع "ناس نيوز" العراقي المستقل عن مصدر لم يذكره أن "العقيد نبراس فرمان وُجد مقتولاً داخل سيارته الرباعية الدفع بعد أن هاجمه مسلحون مجهولون" في حي البلديات (شرق بغداد)، مضيفاً أنه "تلقى عدة رصاصات في الجزء العلوي من جسمه" وتوفى في الحال داخل سيارته. وزاد الموقع أن أحد المارّة أُصيب في الحادث.
"كان له الدور الأبرز في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة على امتداد سنوات خدمته"... المخابرات العراقية تنعى أحد أبرز ضباطها عقب اغتياله بأحد أحياء بغداد، ومعلقون: نتاج استمرار "التحريض الولائي" من قادة الحشد الشعبي وإعلامه
في الأثناء، أوضح مصدر لموقع "السومرية نيوز" أن الضابط الكردي المغتال "يشغل منصب مدير مكتب الرصافة في جهاز المخابرات العراقي".
في بيان نقلته وسائل الإعلام المحلية، نعى جهاز المخابرات ضابطه قائلاً: "بمزيد من الثبات والإصرار على مواصلة العطاء، ينعى جهاز المخابرات الوطني العراقي الشهيد العقيد نبراس فرمان شعبان الذي طالته أيادي الحقد بعملية جبانة غادرة هذا اليوم، في محاولة يائسة لثني الجهاز عن أداء واجبه الوطني".
وأشاد بخصال الفقيد باعتباره كان "مثالاً يُحتذى به في التفاني والإخلاص لخدمة وطنه وشعبه، وكان له الدور الأبرز في محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة على امتداد سنوات خدمته".
وبينما قدمت العزاء لذوي الضابط الضحية، توعدت المخابرات العراقية بأن "دم الشهيد سيكون مناراً للقصاص من القتلة المجرمين الذين يحاولون سلب إرادة الدولة وإضعاف همة أبنائها"، معاهدةً الشعب العراقي أن "هذه الجرائم لا تزيد أبناءكم في الجهاز إلا إصراراً على المضي قدماً في ملاحقة أعداء العراق حتى تحقيق النصر الناجز".
وفي آذار/ مارس الماضي، أعلن جهاز المخابرات مقتل أحد عناصره، محمود ليث حسين، برتبة مقدم، في منطقة المنصور من قبل مجهولين قرب دار نسيبه. رغم أن الحادث وقع في فترة تشهد توتراً للعلاقة بين المخابرات والميليشيات المسلحة، راج أن وراء الحادث خلافات عائلية، وليس حادثاً سياسياً أو انتقامياً.
لكن الحادث الأخير، كما يظهر في بيان المخابرات، يبدو مدبراً ومقصوداً منه إهانة الجهاز الأمني بشكل لا يدع مجالاً للشك، وخاصةً نظراً لأهمية العقيد الضحية.
"دم الشهيد سيكون مناراً للقصاص من القتلة المجرمين الذين يحاولون سلب إرادة الدولة وإضعاف همة أبنائها"... المخابرات العراقية تتعهد الثأر لعقيدها المغتال. هل تنجح في ضبط الجناة أم يستمر "الإفلات من العقاب"؟
رسالة إلى الكاظمي؟
فور تداول الخبر، تنبأ معلقون بأن السبب الكامن خلف الاغتيال هو كشف الضابط ملفات فساد وإحالتها إلى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد.
بيد أن حساب "شبكة شكو ماكو" العراقي، الذي يتابعه نحو 25 ألف شخص عبر تويتر، أشار إلى أن الاغتيالات في صفوف المخابرات في الحادثتين المشار إليهما هي نتاج استمرار "التحريض الولائي".
"اغتيال ضابط مخابرات بمثابة رسالة مباشرة للكاظمي دون وسيط، ربما لتذكيره أن قاسم مصلح ما زال معتقلاً".
وتابع الحساب: "البداية كانت مع قيقو الخزعلي (المقصود قيس الخزعلي الأمين العام لعصائب أهل الحق) عندما اتهم جهاز المخابرات بالعمالة، بعد اعتقال القيادي ‘الازيرجاوي‘ في العصائب، ليتم بعدها اغتيال ضابط المخابرات المقدم الشهيد محمود ليث".
وأضاف أنه في يوم اعتقال (قائد عمليات غرب الأنبار في الحشد الشعبي) ‘قاسم مصلح ريزو‘ حرّضت وسائل إعلام الفصائل على ضباط جهاز المخابرات، وتحدتهم للخروج إلى بوابة ‘القادسية‘ للمواجهة في المنطقة الخضراء، واليوم يتم اغتيال الشهيد نبراس فرمان". وقبل نحو أسبوعين، اعتقلت قوات عراقية مصلح وقال مصدران أمنيان مطلعان لرويترز إن الرجل اعتُقل لضلوعه في عدة هجمات على قاعدة عين الأسد الجوية التي تستضيف قوات أمريكية ودولية.
وختم الحساب بالتحذير من أن استمرار "الماكينة الإعلامية الولائية المرتزقة بتخوين الجهاز والتحريض على ضباطه"، والتبرؤ لاحقاً من حوادث الاغتيال، وإن "تبنى داعش العملية وإن لم ينفذها كعادته في تبني كل العمليات الإرهابية، وينقذ الفصائل من الاتهامات".
من جهته، اعتبر الإعلامي العراقي زيد عبد الوهاب الأعظمي "اغتيال ضابط مخابرات بمثابة رسالة مباشرة للكاظمي دون وسيط، ربما لتذكيره أن قاسم مصلح ما زال معتقلاً". وأضاف في تغريدة أخرى: "البلد كله مخترق من ساسه لرأسه... فلا غرابة من اغتيال ضابط في جهاز المخابرات".
وكانت "هيومن رايتس" قد حذرت من أنه "في حال لم تكن السلطات العراقية قادرة على اتخاذ خطوات عاجلة لوقف عمليات القتل خارج نطاق القضاء هذه، فإن مناخ الخوف الملموس الذي خلقته سيحدّ بشدة من قدرة أولئك الذين كانوا يدعون إلى التغيير على المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع