كانت مسألة مشاركة الصحابة في الثورة على الخليفة الثالث عثمان بن عفان في أواخر سنة 35هـ، من أهم المسائل وأكثرها حرجاً وصعوبة على كل مَن عمل على تأريخ أحداث الفترة الأولى من الإسلام.
التراث الديني السنّي يرى في صحابة الرسول، وخصوصاً الذين أُطلق عليهم العشرة المبشرين بالجنة، وغيرهم من السابقين الأولين وزوجات الرسول، شخصيات على قدر كبير من القداسة، بحيث لا يجوز التعرض لهم أو إقحامهم في أحداث تلك الثورة، إلا على النحو الذي يُظهرهم في جانب الخليفة، مدافعين عنه وواقفين في صفه.
على الرغم من ذلك، فإن القراءة المتأنية للمصادر التاريخية من شأنها أن تقدّم رؤية مخالفة، إذ أكدت الكثير من الروايات أن هناك مجموعة من كبار الصحابة الذين لعبوا أدواراً تحريضية في تلك الثورة، حتى شاع ما نُقل عن لسان سعد بن أبي وقاص: "قُتل عثمان بسيف سلته عائشة، وشحذه طلحة، وسمه علي"، أما الزبير فقد "أشار بيده وصمت بلسانه"، وذلك بحسب ما يذكر ابن عبد ربه الأندلسي (ت. 328هـ) في كتابه "العقد الفريد".
عمرو بن العاص
حظي عمرو بن العاص بمكانة متميزة في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، إذ أُوكلت إليه مهمة ولاية مصر وجمع خراجها واستمر على تلك المكانة حتى اغتيال عمر في عام 23هـ.
أثناء حادثة الشورى، والتي اجتمع فيها المرشحون الذين سماهم عمر لاختيار خليفته من بينهم قُبيل وفاته، حاول عمرو أن يكون له دور وسط الحاضرين وأن يُظهر نفسه كواحد من أهل الحل والعقد. وبعد اختيار عثمان خليفةً جديداً، نجد أن عمرو استمر حاكماً على مصر ولكن سرعان ما قُلّصت صلاحياته، إذ أُسندت مهمة جمع الخراج إلى عبد الله بن سعد بن أبي السرح، عام 27 هـ، وكان من الطبيعي أن يغضب عمرو من ذلك، فنجده يعبّر عن غضبه قائلاً: "أمسك البقرة من قرنيها، وغيرى يحلبها؟!".
رغم ذلك، استمر عمرو قريباً من دوائر القوة والنفوذ في دولة الخلافة، إذ كان وثيق الصلة بالحزب الأموي الحاكم، وكان مقرّباً من عثمان، حتى أن الأخير أرسل في طلبه لاستشارته عند زيادة معارضته، فقال له عمرو أمام الناس: "يا أمير المؤمنين، إنك قد ركبت الناس بمثل بني أمية فقلت وقالوا، وزغت وزاغوا، فاعتدل أو اعتزل، فإنْ أبيت فاعتزم عزماً وأقدم قدماً"، فنهره عثمان وغضب من كلامه. وبحسب رواية يذكرها ابن الأثير (ت. 630هـ) في كتابه "الكامل في التاريخ"، انتظر عمرو حتى خرج جميع الناس من عند عثمان وخلا به، فقال له: "والله يا أمير المؤمنين لأنت أكرم عليّ من ذلك، ولكني علمت أن بالباب مَن يبلغ الناس قول كل رجل منّا فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي فأقود إليك خيراً وأدفع عنك شراً".
وتعبّر هذه الرواية عن موقف عمرو من عثمان والثوار، إذ كان دائماً ما يحاول أن يأخذ موقفاً وسطاً بين الطرفين حتى يجد لنفسه مكاناً وحظوة عند المنتصر منهما. فرغم علاقته القوية بالأمويين والخليفة الثالث، إلا أننا نجد أن روايات عدّة أيدت اشتراكه في الدعوة والحشد ضد عثمان، ومن ذلك ما ذكره ابن الأثير على لسان عمرو نفسه: "والله إنّي كنت لألقى الراعي فأحرّضه على عثمان".
عمار بن ياسر
من المعروف أن عمار بن ياسر كان علوي الهوى، فبعد وفاة الرسول، كان من ضمن الصحابة القلائل الذين اعتقدوا بأحقية على بن أبي طالب بالخلافة، وكان يعتقد أن عليّاً هو أولى الناس بالإمامة والحكم.
بحسب المصادر التاريخية، ظل عمار في خلافة أبي بكر وعمر متبعاً لعلي، ونهج نهجه في التعايش السلمي مع حكم الخليفتين، أما في زمن عثمان فقد تغير الوضع، إذ ظهرت منه الكثير من الإشارات التي تدل على معارضته للخليفة الثالث.
الحقيقة أن الخلاف بين عمار وعثمان كان له ما يبرره، فعمار، صاحب البشرة السوداء والذي ترجع أصوله إلى عائلة يمنية خاملة الصيت، معدومة الثروة والجاه، كان يمثل الطبقة الأدنى في المجتمع الإسلامي في زمن عثمان، أما الخليفة الأموي صاحب الثراء والجاه، فكان يمثل صفوة الطبقة الأرستقراطية الحاكمة.
كان الصدام بين الرجلين أمراً لا مفرّ ولا مهرب منه إذن، لأن كل منهما مثّل طبقة اجتماعية متمايزة ومتباعدة عن الطبقة التي يمثلها الآخر، وهناك ما يدلّ على أن العلاقات بين الرجلين كانت سيئة منذ وقت مبكر من حياتهما، ومن ذلك ما ذكره نور الدين الحلبي (ت. 1044هـ) في كتابه "السيرة الحلبية"، من أن عمار ارتجز، أثناء العمل في بناء المسجد النبوي، قائلاً: لا يستوي مَن يعمّر المساجد يدأب فيها قائماً وقاعداً ومن يُرى عن الغبار حائداً. فلما سمع عثمان بذلك، عرف أن عمار يقصده، فغضب وتوعّده، ولكن الرسول سرعان ما دافع عن عمار وصالح بين الرجلين.
"كانت مسألة مشاركة الصحابة في الثورة على الخليفة الثالث عثمان بن عفان في أواخر سنة 35هـ، من أهم المسائل وأكثرها حرجاً وصعوبة على كل مَن عمل على تأريخ أحداث الفترة الأولى من الإسلام"
معارضة عمار لعثمان والأمويين من جهة وموالاته لعلي والهاشميين من جهة أخرى، اتّضحت أثناء انعقاد مجلس الشورى لاختيار خليفة عمر، فعندما احتدم الخلاف بين المسلمين حول الاختيار بين علي وعثمان، تعصّب عمار للأول ودخل في شجار مع بعض الأمويين المتعصبين لعثمان، بحسب ما ورد في تاريخ الطبري (ت. 311هـ).
وبعد اختيار عثمان للخلافة، كان عمار أحد أعمدة المعارضة السياسية الأكثر فعالية وتأثيراً ضد الخليفة والنظام الأموي الحاكم، وكانت مسألة السياسة المالية للدولة إحدى أهم النقاط التي اعترض فيها عمار على عثمان.
على سبيل المثال، يذكر ابن العبري (ت. 685هـ) في كتابه "تاريخ مختصر الدول" أن عثمان لمّا بلغه غضب الناس من توزيع المال على أقربائه من بني أمية، خطب قائلاً: "هذا مال الله أعطيه مَن شئت وأمنعه ممَّن شئت، فأرغم الله أنف من رغم أنفه"، فقام عمار بن ياسر قائلاً: "أنا أول مَن رغم أنفه"، فتعرض له الأمويون بالضرب والإيذاء حتى فقد وعيه وكُسرت أضلاعه.
وذكر عمر بن شبة (ت. 262هـ)، في كتابه "تاريخ المدينة المنورة"، أن معاوية بن أبي سفيان هدد عمار بالقتل إبان زيارته الأخيرة لعثمان، وقال له: "أبا اليقظان، إني تركت بالشام أكثر من عدد أهل الحجاز، كلهم شجاع فارس، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويحج البيت لا يعرف عماراً ولا سابقته، ولا علياً ولا قرابته، فإياك أن تنجلي الغمة فيقال هذا قاتل عمار"، فرد عليه عمار قائلاً: "أبالقتل تخوفني؟ والله يا بني أمية لا تسبوني ونقول أحسنتم".
السيدة عائشة
تحقيق موقف السيدة عائشة بنت أبي بكر من أحداث الثورة على الخليفة الثالث مسألة من الصعوبة بمكان، وذلك بسبب وجود الكثير من الروايات المتعارضة. ففي حين تثبت بعض الروايات أنها شجعت على الثورة ضد عثمان ودعت إلى قتله، هناك أخرى تنفي صلتها بأحداث الثورة.
حظيت عائشة بوضع ممتاز في زمن الخليفة الثاني. فبحسب إجماع المصادر التاريخية، أستأثرها عمر بالقدر الأكبر من الأعطيات دوناً عن جميع زوجات الرسول، ولكن الوضع تغير بشكل كبير في عهد الخليفة الثالث، إذ ساوى عثمان في العطاء بين نساء الرسول جميعاً. وبحسب ما يذكر اليعقوبي في تاريخه أغضبت تلك المساواة عائشة "فكان بين عثمان وعائشة منافرة وذلك لأنه نقصها مما كان يعطيها عمر بن الخطاب، وصيّرها أسوة غيرها من نساء رسول الله".
آثار هذا الغضب وضحت في انتقاد عائشة لسياسات عثمان. نجدها تعلن موقفها الرافض لتعيين الأمويين في مناصب الدولة المهمة، وتدعو لعزل كل من عبد الله بن سعد بن أبي السرح عن ولاية مصر والوليد بن عقبة عن ولاية الكوفة، كما اغتنمت فرصة الصدام بين عثمان وعدد من الصحابة مثل عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر، لتنتقد الخليفة وسياساته، حسبما يذكر سعيد الأفغاني في كتابه "عائشة والسياسة".
"مما يؤكد على معارضة علي لعثمان في سياساته المالية والإدارية، أنه تكاد لا توجد رواية تاريخية واحدة تذكر أن علياً أخذ أي أموال أو هبات من عثمان كما فعل غيره من أهل الشورى وكبار الصحابة"
وهناك الكثير من الروايات التي أظهرت تشجيع عائشة للثورة على عثمان والخروج عليه، فقد ورد عند الكثيرين من المؤرخين، ومنهم اليعقوبي وابن العبري، أن أشد الصحابة على عثمان وقت الثورة عليه كانوا "طلحة والزبير وعائشة". من ذلك أن عائشة أعلنت أمام المسلمين أن عثمان خالف سنّة الرسول في عدد من المواقف.
على سبيل المثال، يذكر اليعقوبي أنه أثناء وجود عثمان في المسجد النبوي خطيباً في أحد الأيام، أخرجت عائشة قميص رسول الله من حجرتها ونادت قائلة: "يا معشر المسلمين، هذا جلباب رسول الله لم يبل، وقد أبلى عثمان سنّته، فقال عثمان: ربّي اصرف عنّي كيدهن إن كيدهن عظيم".
وفي رواية أخرى يذكرها المطهر بن طاهر المقدسي في كتابه "البدء والتاريخ"، أن عائشة أخرجت شعرة من شعر رسول الله ونعله وثيابه، وقالت: "ما أسرع ما تركتم سنّة نبيكم، فقال عثمان في آل أبي قحافة ما قال وغضب حتى ما كاد يدري ما يقول".
وتوجد عدد من الروايات التي لا تجعل انتقاد عائشة لعثمان يقف عند حد الاتهام والتعريض به فحسب، بل هناك روايات تتحدث عن تحريضها الثوار على قتل الخليفة، بقولها "اقتلوا نعثلاً، فقد كفر""، ونعثل وهو الاسم الذي كان الثوار يسمون به عثمان تقليلاً من شأنه، ويقال إنه كان يهودي من يهود المدينة وكان يشبه عثمان، حسبما ورد في كتاب "الفخري في الآداب السلطانية" لابن الطقطقي.
ولكن في المقابل، نجد بعض الروايات التي تتبرأ فيها عائشة من دم عثمان بن عفان بعد مقتله، فقد ورد في كتاب "فضائل الصحابة" لابن حنبل، أن عائشة قالت لقَتَلة عثمان: "اسمعوا نحدثكم عما جئتمونا له، إنكم عتبتم على عثمان في ثلاث خلال: في إمارة الفتى وموضع الغمامة وضربه بالسوط والعصا، حتى إذا مصصتموه موص الثوب بالصابون، عدوتم عليه الفقر الثلاث، حرمة البلد وحرمة الخلافة وحرمة الشهر الحرام، وإنْ كان عثمان لأحصنهم فرجاً وأوصلهم للرحم".
كذلك، هناك رواية أخرى تتبرأ فيها عائشة من مشاركتها في الثورة أو دعوتها الناس للاشتراك بها، فهي تقول للأشتر النخعي، أحد زعماء الثوار، عندما حدثها عقب مقتل عثمان وقال لها إنها أرسلت كتباً إلى الناس في الأمصار تدعوهم للخروج على الخليفة: "والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم سواداً في بياض". وفي رواية أخرى أنها قالت "معاذ الله أن آمر بسفك دماء المسلمين وقتل إمامهم واستحلال حرمتهم".
طلحة بن عُبيد الله
كان طلحة أحد الستة من أصحاب الشورى، ولكنه، بحسب أرجح الأقوال، لم يشارك في اختيار شخص الخليفة الثالث، لأنه كان غائباً عن المدينة، وعندما رجع إليها وجد أن الناس بايعوا عثمان، الأمر الذي وافق عليه ورحب به، بحسب ما يذكر الجوهري في كتابه "السقيفة وفدك".
سيراً على عادته في إجزال العطاء، نجد أن عثمان أعطى 200 ألف درهم لطلحة، وكذلك أقطعه عدداً من الأراضي، على أن أهم القرارات التي اتخذها عثمان واستفاد منها طلحة، كان قرار السماح بتبديل الأراضي في الجزيرة العربية بالأراضي الواقعة في الأمصار وفي الاقاليم المفتوحة، إذ كان لطلحة مساحات واسعة من الأراضي في خيبر فقام باستبدالها بمجموعة من الضياع في منطقة (النشاشتج) الواقعة بالقرب من البصرة، بحسب ما يذكر الطبري، وقد أدت تلك المبادلة إلى زيادة ثروة طلحة بشكل كبير حتى أصبح واحداً من أهم أفراد الطبقة الأرستقراطية وأحد أشهر رموزها.
رغم كل ذلك، نجد أن هناك شبه إجماع في كتابات المؤرخين حول الدور الكبير الذي لعبه طلحة في الثورة ضد عثمان. على سبيل المثال، يقول ابن الطقطقي: "وأما طلحة رضي الله عنه، فإنه كان من أكبر المساعدين على عثمان وهذا تشهد به جميع التواريخ". كما أن ابن سيرين يذكر عند الحديث عن دور الصحابة في الثورة على الخليفة الثالث إنه "لم يكن أحد من أصحاب النبي أشد على عثمان من طلحة"، وذلك بحسب ما يذكر ابن عبد ربه في "العقد الفريد".
حتى الروايات التي تذكر رأي عثمان في الصحابة في أواخر أيامه، تشهد بوضوح وجلاء على أنه كان يعتقد أن طلحة أحد أعمدة المعارضة والثورة الرئيسية ضده، ففي إحدى الروايات يقول عثمان: "ويلي من طلحة... أعطيته كذا وكذا ذهباً وهو يروم دمي". وفي رواية أخرى، يذكرها ابن مسكويه في كتابه "تجارب الأمم"، يحاول الخليفة أن يثير العصبية القبلية وصلة القرابة في نفس علي بن أبي طالب فيذكّره بصلة القربى بين بني هاشم وبني أمية وبأن الفرعين يتحدران من أصل واحد، عبد مناف، ثم يقول: "ولو لم يكن من هذا شيء، ثم كنّا نحن في جاهلية، لكان عيباً على عبد مناف أن يبتزهم أخو بني تيم ملكهم"، وهو يقصد بذلك طلحة، الذي كان في ذلك الوقت كبير عشيرة تيم بن مرة.
وعلى الرغم من الاتفاق حول دعوة طلحة للثورة على عثمان، إلا أن المصادر تختلف في تحديد الدور الذي لعبه في أحداثها، فالبعض منها، مثل العقد الفريد لابن عبد ربه، يرى أن طلحة ساعد محمد بن أبي بكر والمصريين وحشد بني تيم خلفهم، بينما توجد رواية أخرى أوردها ابن قتيبة الدينوري في كتابه "الإمامة والسياسة"، ترى أن طلحة حرض الثوار على منع الطعام والشراب عن الخليفة، أما الرواية الشيعية التي يذكرها الشيخ المفيد في كتابه "الجمل" فتذكر أن طلحة اشترك بنفسه في حصار عثمان.
في المقابل، عملت الروايات السنّية التقليدية، كعادتها، على نفي اشتراك طلحة في أي أمر من أمور الثورة على عثمان، ودللت على ذلك بكون ابنه محمد بن طلحة كان أحد المدافعين عن الخليفة يوم اغتياله.
على أنه حتى الرواية السنّية لم تستطع أن تنفي دور طلحة في الثورة بشكل تام، فهي تذكر أنه لما قُتل عثمان وقام علي بن أبي طالب بضرب وسب بعض المدافعين عن الدار، قام طلحة بتهدئته وقال له: "لا تضرب يا أبا الحسن ولا تشتم ولا تلعن، لو دفع مروان ما قُتل"، فهو هنا يبرر فعل الثوار ويرى أن قتل عثمان كان رد فعل طبيعي بعد تستره على مروان بن الحكم، وهو ما يمكن أن نفهم منه أن طلحة بن عبيد الله كان، على أقل تقدير، كان متعاطفاً مع الثورة ومتفهماً لأسبابها.
علي بن أبي طالب
أغلب الظن أن علياً ابتعد كثيراً عن دوائر الحكم والسلطان في خلافة عثمان، وأنه ترك المنصب الاستشاري الذي كان يشغله في زمن عمر بن الخطاب.
رغم ذلك، نجده يعارض الخليفة في عدد من المسائل المتعلقة بأحكام الدين، فيطالب بالقصاص من عبيد الله بن عمر جزاءً له على قتله مجموعة من الأبرياء الذي ظن عُبيد الله أنهم اشتركوا في قتل أبيه، كما أن علياً طالب بتطبيق حد الجلد على الوليد بن عقبة بن معيط عندما شهد عليه الشهود بشربه للخمر، ولم يكتف بذلك، بل نراه يقوم بتطبيق الحد بنفسه عندما لمس تقاعس الخليفة عن تنفيذه لصلة القرابة التي تربطه بالوليد.
تؤكد المصادر التاريخية أن علياً كان كثيراً ما ينتقد سياسات عثمان الإدارية، وأنه عاب عليه تعيين أقربائه من الأمويين في مناصب الدولة العظمى، وعاب عليه اختيار معاوية كوالٍ للشام، فلما تعلل عثمان بأن عمر كان قد اختاره من قبل في ذلك المنصب، رد عليه علي قائلاً: "أنشدك الله هل تعلم أن معاوية كان أخوف من عمر من يرفأ غلام عمر منه؟ فقال عثمان: نعم، فقال علي: فإن معاوية يقتطع الأمور دونك وأنت تعلمها فيقول الناس: هذا أمر عثمان، فيبلغك ولا تغير على معاوية"، حسبما يذكر الطبري.
ومما يؤكد على معارضة علي لعثمان في سياساته المالية والإدارية، أنه تكاد لا توجد رواية تاريخية واحدة تذكر أن علياً أخذ أي أموال أو هبات من عثمان كما فعل غيره من أهل الشورى وكبار الصحابة كالزبير وطلحة وسعد وعبد الرحمن بن عوف. من هنا يمكن القول إن القطيعة بين الرجلين كانت أمراً واقعاً لا سبيل إلى إنكاره، وأن الخلاف بين منهجيهما وفكريهما كان حقيقة لا ادّعاء.
وتُظهر الروايات التاريخية أن الخليفة المُحاصَر من قِبل الثوار، كان متأكداً من دور علي في الثورة ضده. فأثناء الحصار، أرسل إلى علي مستنجداً "فإن كنت مأكولاً فكن خير أكل... وإلا فأدركني ولما أمزق"، حسبما يذكر ابن قتيبة في "الإمامة والسياسة".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...