قبل نحو ستة أشهر، أصبحت زارا محمد أول سيدة تُنتخب على رأس المجلس الإسلامي في بريطانيا (MCB)، أكبر هيئة إسلامية في البلاد. الآن، تقع على عاتقها مسؤولية تغيير النظرة إلى الإسلام في ظل تصاعد الإسلاموفوبيا والاعتداءات ضد المساجد والمسلمين هنا.
وكانت محمد (29 عاماً)، وهي من أصل باكستاني ومولودة في غلاسكو، والحاصلة على الماجستير في قانون حقوق الإنسان وتعمل مستشارة تدريب وتطوير، قد فازت على الإمام والمذيع أجمال مسرور، لتخلف هارون خان الذي شغل المنصب لولايتين متتابعتين منذ عام 2016.
مهمة محمد ليست سهلة أبداً. خلال تهنئته إياها، قال عمدة لندن صادق خان، إن المسلمين البريطانيين الملونين يعانون ضربة مزدوجة من العنصرية وكراهية الإسلام، مضيفاً أن مهمتها "صعبة وشاقة... يمكن القول إنها أصعب وظيفة في البلاد".
لكن بدا أن محمد على قدر المسؤولية. خلال حفل إفطار عبر الإنترنت في نهاية شهر رمضان الفائت، منحت الأمينة العامة الكلمة لأسقف وحاخام وسيخ. بل ووصف الأسقف بأنه "مصدر إلهام" والحاخام بأنه "شخص سأتعلم منه دروساً"، في ما بدا حرصاً منها على محو الربط بين المجلس والتطرف الذي ارتبط في الأذهان لسنوات.
على الرغم من انقسام المسلمين في بريطانيا -أكثر من ثلاثة ملايين شخص- في العرق والتنشئة والثقافة، يبقى MCB أكبر هيئة مظلة للمساجد مع نحو 500 عضو مؤسسي. لكن المجلس ارتبط بعلاقة سيئة مع الحكومة البريطانية وحزب المحافظين.
بعد ستة أشهر في منصب أمين عام أكبر هيئة إسلامية في البلاد… زارا محمد ابنة الـ29 عاماً تُبشّر بـ"فصل جديد للإسلام في بريطانيا". كيف؟
"فصل جديد للإسلام في بريطانيا"
في مقال لها، نُشر في 5 حزيران/ يونيو، قالت صحيفة "التايمز" البريطانية إن وجود محمد على رأس المجلس "يُبشر بفصل جديد للإسلام في بريطانيا"، موضحةً أن الشابة الواثقة من نفسها والصريحة تنتمي إلى جيل جديد من المسلمين البريطانيين الذين يعيدون تعريف كيفية تفاعلهم مع المجتمع الأوسع.
وأبرزت أن أولوياتها خلال عامين في المنصب، وربما أربعة إذا أُعيد انتخابها، هي مساعدة الفئات المختلفة للمجتمع المسلم على التعافي من آثار الوباء، وتمكين النساء والشباب المسلمين، ومعالجة الإسلاموفوبيا من خلال تشجيع انخراط أكبر للمسلمين في الحياة العامة.
بشأن الإدماج ، قالت محمد لـ"التايمز" إنها أشركت بالفعل ممثلين عن منظمات وجماعات صومالية تمثل المسلمين من ذوي الإعاقة فيما تعتقد أن المواقف تجاه المثلية الجنسية وزواج المثليين بحاجة إلى التغيير. وأوضحت أن MCB يمكن أن يفعل المزيد للتأكد من ألا ترتدي الفتيات المسلمات الحجاب رغماً عنهن.
أما في ما يتعلق بمعالجة الإسلاموفوبيا، قالت محمد إن الجهد الأكبر ينبغي أن يبذل للوصول إلى المسلمين المهمشين بدلاً من مجرد تسليط الضوء على حالات الاعتداء على المسلمين.
أضافت: "الإسلاموفوبيا مضرة للغاية، أليس كذلك؟ لذا دعونا نبدأ قبل هذه المشكلة... كيف يمكننا زيادة الانخراط والاندماج، سواء كان ذلك سياسياً أو (من خلال) الحراك الاجتماعي، مما يساعد المسلمين الشباب على الشعور بأنهم جزء من المجتمع؟".
هل يتغير موقف الحكومة؟
برغم كل جهود التغيير التي تقودها محمد، يعتقد أن الحكومة البريطانية لن تستأنف العلاقات مع المجلس الإسلامي البريطاني حتى يعتذر عن الروابط التاريخية بالتطرف.
شكّل انتخاب محمد باعتبارها امرأة محجبة ذات عقلية جريئة تتحدث بثقة عن دور المسلمين أثناء الوباء وتستخدم سنها وجنسها لبناء جسور مع منظمات وشرائح مجتمعية مختلفة، الوجه الجديد للإسلام في بريطانيا
وكان MCB قد أجرى عدة إصلاحات في عام 2010 بعدما أضاف نائب رئيس سابق، هو الدكتور داود عبد الله، اسمه إلى دعوة إلى العنف ضد إسرائيل. في هذا السياق، أشار فرانسيس دايفيس، أستاذ الدين والمجتمعات والسياسة العامة في جامعة برمنغهام إلى أن بعض الهندوس والسيخ اعتنقوا وجهات نظر مثيرة للجدل أكثر من تلك التي عبر عنها مجلس الأمن الإسلامي، لكن المسلمين يتم تقييمهم وفق "معايير أعلى" من قبل الحكومة.
وعن نيتها الاعتذار عن الماضي "المتطرف" المزعوم، قالت محمد: "كنت مراهقةً وقت حدوث هذه الأشياء، وقد أوضحت لجنة MCB بالفعل مواقفها بشأن كل هذه الأمور. إنه شعور غير عادل بعض الشيء بأن أتحمل المسؤولية عن ذلك. ألا يجب أن تكون لديهم علاقة معي ومعرفة المزيد عن رؤيتي والعمل الذي أقوم به؟ أعتقد أننا بحاجة إلى الجلوس وإجراء محادثة وإجراء مناقشة مناسبة".
وأردفت بالقول: "أنا أمثل قيادة جديدة، وقيادة شابة، ومستقبل، وهي مجرد فرصة ضائعة". وكانت محمد قد خاطبت الحكومة في رسالة تسأل خلالها عن سبب عدم الانخراط في التعاون والتعامل مع المجلس، في آذار/ مارس الماضي، من دون أن تتلقى أي رد.
قبل انتخابه للمنصب، انتقد MCB رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون لاستخدامه لغة تحريضية في وصف المسلمين. كما حث المجلس حزب المحافظين مراراً وتكراراً على التحقيق في مزاعم الإسلاموفوبيا داخل صفوفه. اعتذر الحزب الشهر الماضي بعدما خلصت مراجعة مستقلة بتكليف من جونسون إلى أن "المشاعر المعادية للمسلمين لا تزال مشكلة" داخل الحزب.
مع ذلك، قالت محمد إن الاعتذار "لا يذهب بعيداً بما يكفي لمعالجة الطبيعة المؤسسية للإسلاموفوبيا حقاً".
مأزق آخر بين المجلس والحكومة يتمثل في كيفية تعريف الإسلاموفوبيا حيث عرّفتها المجموعة البرلمانية لعموم الأحزاب والمختصة بالمسلمين البريطانيين، في عام 2019، على أنها "نوع من العنصرية يستهدف التعبيرات عن الإسلام أو الإسلام المتصور".
رفضت الحكومة هذه الصيغة وقال منتقدون إنها تعرقل حرية التعبير. تختلف محمد مع ذلك، معتبرةً: "نحتاج إلى أن نكون قادرين على إجراء مناقشات ومحادثات صحية حول جميع الأديان، ولكن ما يقلقنا هو خطاب الكراهية".
إلى ذلك، شكّل انتخاب محمد باعتبارها امرأة محجبة ذات عقلية جريئة الوجه الجديد للإسلام في بريطانيا. تتحدث بثقة عن دور المسلمين أثناء الوباء. وتستخدم سنها وجنسها لبناء جسور مع منظمات وشرائح مجتمعية مختلفة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين