شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"لا أحد يفوقنا عطاءً"... أسرة شهيد فلسطيني تتبرع بأعضائه لإنقاذ خمسة من اليهود

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 25 مايو 202110:45 ص

طفل فلسطيني وخمسة مرضى يهود أنقذ حياتهم جميعاً الشهيد محمد كيوان محاميد الذي قضى برصاصة في الرأس على أيدي الشرطة الإسرائيلية قبل نحو أسبوع، إذ قررت أسرته التبرع بأعضائه بعدما تأكد موته سريرياً، ضاربةً أروع الأمثلة في التعايش وحب الحياة.

وكان كيوان ابن السبعة عشر عاماً، الذي ينتظر تخرجه الشهر المقبل، قد أصيب خلال استهداف الشرطة الإسرائيلية لمجموعة من المتظاهرين بوادي عارة، أم الفحم المحتلة، فجر الأربعاء 12 أيار/ مايو.

نُقل الفتى في حالة حرجة إلى المستشفى حيث لم يفق من غيبوبته لتُعلن وفاته الأربعاء 19 أيار/ مايو. في ظل هذه اللحظات العصيبة، كان على والدي كيوان أن يحسما أمر التبرع بأعضاء أصغر أبنائهما فقررا في نهاية الأمر التبرع لإنقاذ حياة ستة أشخاص بغض النظر عن جنسهم أو دينهم.

"عائلة تؤمن بالتعايش"

وذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل" إن أعضاء كيوان توزعت كالتالي: حصل شاب يهودي (37 عاماً) على قلبه، ورجل يبلغ من العمر (66 عاماً) على رئتيه، في عمليتي زراعة أجريتا في مستشفى "شيبا"، ومُنح الكبد لإسرائيلي آخر (69 عاماً) في مستشفى "بلينسون"، وإحدى كليتيه لفتاة تبلغ من العمر (16 عاما) في مستشفى "رمبام"، وحصلت إسرائيلية خامسة (35 عاماً) على الكلية الأخرى في مستشفى "إيخيلوف"، بينما زُرع فص من كبده في جسم طفل فلسطيني يبلغ من العمر سنة واحدة في مستشفى "شنايدر" للأطفال.

"عائلة تؤمن بالتعايش المشترك"... أسرة الشهيد محمد كيوان، المغدور في أم الفحم برصاص شرطة الاحتلال، تتبرع بأعضائه لإنقاذ ستة أشخاص خمسة منهم يهود. رغم الإشادة الواسعة، استنكر البعض إنقاذ حياة إسرائيليين ليشاركوا في قتل المزيد من الفلسطينيين ونهب ممتلكاتهم

تزامن الفعل النبيل لأسرة كيوان المكلومة مع حملة اعتقالات وترويع انتقامية تشنها قوات الاحتلال ضد المواطنين الفلسطينيين في مدينة أم الفحم - كما سائر مدن الداخل المحتل- التي انتفضت في الآونة الأخيرة ضد العدوان الإسرائيلي على حي الشيخ جراح وغزة.

ونقلت وسائل إعلام فلسطينية عن عم الشهيد، الدكتور رائد محاميد، قوله: "نحن عائلة تؤمن بالتعايش المشترك، ورغبتنا في إنقاذ حياة مرضى بغض النظر عن الجنس والدين والعرق".

أما والد الشهيد، محمود كيوان، فصرّح لموقع "واللا" الإسرائيلي: "صحيح أن ابني توفي، لكنني أردت أن أتيح للناس الحياة... ألا يموتوا، لا قدر الله". ولفت إلى أنه حالما تأكد أن نجله لا يمكن إنقاذه، "كان من الطبيعي أن أمنح أعضاءه لإنقاذ آخرين".

وأردف الوالد: "كل شخص يستحق الاحترام، وأنا احترم الجميع، سواء كانوا يهوداً أو عرباً" حاثاً الجميع على تبني نظرته بشأن الاحترام المتبادل.

"لا أحد يفوقنا عطاءً وكرماً"

عقب تداول الخبر، أشادت حسابات فلسطينية عديدة بتصرف الأسرة الذي يعكس استمرار الشهيد في منح الحياة والفخر لغيره حتى عقب رحيله.

"أن تتبرع عائلة الشهيد محمد كيوان بأعضائه، رغم هول الصدمة والألم والغضب الشديد، فهذا ليس من الأمور المفهومة ضمناً… لكن في شعبنا لا شيء مفهوماً ضمناً. رغم كل الشوائب ورغم كل مآسينا، لا أحد يفوقنا عطاءً وكرماً"

وقال الناشط الحقوقي من الداخل المحتل، جعفر فرح، مدير مركز مساواة، على حسابه في فيسبوك: "تعرفت على عائلة الشهيد محمد محاميد كيوان يوم الأربعاء الماضي... قرارهم التبرع لإنقاذ حياة 6 أشخاص هو الفرق بين شعبنا الجميل وحقارة رجال الشرطة القتلة والمتسترين عليهم".

وعقّب الصحافي بكر جبر زعبي: "أن تتبرع عائلة الشهيد محمد كيوان بأعضائه، رغم هول الصدمة والألم ورغم الغضب الشديد، فهذا ليس من الأمور المفهومة ضمناً. أعضاء الشهيد أنقذت حياة 6 أشخاص، بينهم 5 اسرائيليين يهود. هذا ليس مفهوم ضمناً. ولكن في شعبنا لا شيء مفهوماً ضمناً. رغم كل الشوائب ورغم كل مآسينا، لا أحد  يفوقنا عطاءً وكرماً... لا أحد".

ومضى مؤكداً أن قلب كيوان الكبير كان أكبر من قاتليه بأسلحتهم وقواتهم وجبروتهم وأنه "سيستمر بالنبض الآن، رغم أنفهم".

لكن بعض المعلقين الفلسطينيين عارضوا ذلك بشدة. رأى فريق منهم أنه لا يجوز المساس أو التصرف بجسد الشهيد، فيما استنكر آخرون التبرع لإنقاذ حياة إسرائيليين ليشاركوا في قتل المزيد من الفلسطينيين واستباحة منازلهم ونهب ممتلكاتهم.

وكانت مدينة أم الفحم قد أعلنت الحداد ونفذت إضراباً عاماً عقب تشييع كيوان في جنازة مهيبة حضرتها عشرات الآلاف وسط هتافات قوية أبرزها: "ما خلقنا تنعيش بذلّ، خلقنا نعيش بحريّة".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard