"على إسرائيل أن تنتبه إلى أن ثقل الرأي العام العالمي ينقلب ضدها". أطلق هذا التحذير كاتب الرأي البريطاني في صحيفة "الغارديان"، جوناثان فريدلاند، على خلفية العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
عقب القصف الوحشي المتواصل مدى 11 يوماً، وافقت إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على هدنة دخلت حيز التنفيذ فجر الخميس 20 أيار/ مايو، بعدما خلّفت 284 شهيداً، بينهم 66 طفلاً و39 سيدة و17 مسناً، علاوة على 1948 إصابة متفاوتة، وفق أحدث حصيلة للضحايا صادرة عن وزارة الصحة في حكومة غزة.
يعتقد فريدلاند أن "التركيز العالمي المكثف على غزة أكثر من أي صراع آخر حول العالم، قد تتغير معه المواقف الغربية تجاه الشرق الأوسط".
برغم القمع الرقمي وتقييد الخطاب الفلسطيني عبر الإنترنت، لا سيّما على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، حظيت غزة بتضامن عالمي واسع اقترن بشجب وحشية جرائم الاحتلال الذي استهدف المدنيين وأباد عائلات وشرد مئات الآلاف من الأشخاص. كان لقتل وترويع وتشريد الأطفال الفلسطينيين صدىً أوسع في خلق هذا التعاطف والتفاعل العالمي غير المسبوق.
حماقة وهْم وأد القضية
برأي الكاتب البريطاني، لم ينته الصراع بسريان الهدنة وصياغة كل طرف قصة نصر يروج لها. تتباهى حماس بالقدرة على تصنيع وتطوير صواريخ عالية الدقة رغم الحصار الإسرائيلي على القطاع منذ عام 2007، وخرق نظام القبة الحديدية الإسرائيلي الذي طالما أُشير إليه بالبنان، وترويع الإسرائيليين، وثقب النسيج الاجتماعي الإسرائيلي بتضامن المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل مع المقاومة والتوحد مع مطالب سائر فلسطين المحتلة.
تحوّل مهم أحدثه التضامن الواسع عقب قصف غزة: وضع القضية الفلسطينية بموازاة حركة #MeToo وحراك #BlackLivesMatter، باعتبارها مسألة ذات أهمية قصوى لدى جيل عالمي، ولا يقتصر دعمها على السياسيين فحسب، بل كذلك على الشخصيات الشعبية البارزة
على الجانب الآخر، يزعم القادة الإسرائيليون أن عملية حرس الأسوار أضعفت القدرة العسكرية لحماس، وأن معظم القتلى كانوا من مقاتلي الحركة، وأنهم حققوا في هذا العدوان أكثر مما أنجزوه خلال الاعتداءات في أعوام 2009 و2012 و2014 مجتمعة.
رغم ما سبق، يرى فريدلاند أن إسرائيل لا تستطيع خداع أحد بروايتها تلك بينما "تعرف إسرائيل أنها تحملت كارثة إستراتيجية: ‘كانت تلك الحرب الحدودية الأكثر فشلاً وانعداماً للجدوى في تاريخها‘، باعتراف رئيس تحرير صحيفة "هآرتس"، ألوف بن".
ويعتقد الكاتب أن "الإخفاقات الأكبر سبقت القصف الأخير وتجاوزته"، مشيراً إلى الاعتقاد الإسرائيلي الخاطىء بأنها استطاعت وأد القضية الفلسطينية كلياً عقب توقيع "اتفاقات أبراهام" مع دول الخليج، مستدركاً أن الأحداث الأخيرة كشفت لإسرائيل "حماقة هذا الوهم".
يلفت فريدلاند إلى أن ظن إسرائيل أن هذا الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية قد يزول سريعاً ربما يكون "الخطر الإستراتيجي الآخر" على الاحتلال، لافتاً إلى أن المراقبين يتحدثون عن حصول نقطة تحوّل في الطريقة التي يُنظر بها إلى الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حول العالم، وخاصة في الغرب، خلال الأسبوعين الماضيين.
وشرح: "إعادة صياغة هذا الصراع - بصوت عالٍ ومؤثر- ليس كصراع وطني بين أطراف متنافسة، ولكن كقضية مباشرة للعدالة العرقية". واسترجع مشاهد من لافتات مظاهرة نهاية الأسبوع الماضي في لندن وقد دُوّن عليها عبارات مثل: فلسطين لا تستطيع التنفس، وحياة الفلسطينيين مهمة.
وعن أهمية هذه النظرة الجديدة للصراع، قال فريدلاند إنها تضع القضية الفلسطينية (وسم #FreePalestine) بموازاة حركة مناهضة التحرش العالمية (#MeToo) ونضال السود لأجل العدالة والمساواة (#BlackLivesMatter)، باعتبارها مسألة ذات أهمية قصوى لدى جيل عالمي، ولا يقتصر دعمها على السياسيين فحسب، بل كذلك على الشخصيات الشعبية البارزة، من لاعبي كرة القدم إلى المطربين فالمؤثرين في الموضة مع ملايين المتابعين.
وتعزز الاشتباكات الطائفية ضد المواطنين العرب داخل إسرائيل هذه الرؤية، إذا ما أضيفت إليها حوادث وحشية الشرطة أو التمييز في نظام العدالة الجنائية التي يبدو أنها تجاري ما يتعرض له السود، بحسب الكاتب.
وختم فريدلاند بالتأكيد على أنه ينبغي لإسرائيل الاهتمام بإشارات التحذير هذه وإلا "فسوف ينتهي بها الحال إلى دولة منبوذة".
"إضفاء الطابع الإسرائيلي على الفلسطينيين في الداخل المحتل، وتدجينهم في الضفة الغربية تحت الاحتلال، وعزل غزة إلى الأبد"... عن أوهام نتنياهو التي كشف فشل العدوان الإسرائيلي على غزة زيفها
هزيمة منكرة لنتنياهو
في سياق متصل، ركز مقال لعدد من الكتاب والمراسلين في صحيفة "فايننشال تايمز" على الدور الذي لعبه الصراع الأخير أو "الغضب الفلسطيني" في فضح أوهام بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي طالما روج إلى إبقاء الفلسطينيين محاصرين، وتعزيز علاقات إيجابية مع الجيران العرب، وتوفير الأمان والازدهار للإسرائيليين، كأهم إنجازات مسيرته السياسية الطويلة.
وشدد المقال على أن "وهم نتنياهو - أن إسرائيل يمكن أن تعيش في سلام دون حل الصراع الفلسطيني- تحطم" عقب الصراع الأخير الذي اندلع احتجاجاً على اعتداءات الإسرائيليين على المسجد الأقصى.
ونقل المقال أيضاً عن مصطفى البرغوثي، العضو المؤثر في منظمة التحرير الفلسطينية قوله إن "إسرائيل اعتقدت أنها ستعمل على إضفاء الطابع الإسرائيلي على الفلسطينيين في الداخل المحتل، وتدجينهم في الضفة الغربية تحت الاحتلال، وعزل غزة إلى الأبد"، مردفاً بالقول: "لقد فشلوا في تحقيق هذه الأمور الثلاثة، والآن لدى الفلسطينيين في كل مكان هدف واحد - إنهاء الفصل العنصري الإسرائيلي - وهو أمر غير مسبوق منذ عام 1948".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين