في دقيقة ونصف، استطاع المخرج الفلسطيني الشاب عمر رمال (23 عاماً) صناعة سرد مكثّف لواقع القضية الفلسطينية منذ النكبة حتى يومنا هذا، وجوهرها القائم على سرقة الاحتلال الاستيطاني الصهيوني للأرض والتاريخ، وذلك من خلال فيلمه القصير الذي حمل عنوان "المكان" أو The Place.
عبر مشاهد متلاحقة، نرى الأم الفلسطينية تحكي أن مطبخها أقرب مكان لها في الدار وفى الخلفية نجد المستوطنين من العصابات الصهيونية تستولي على أغراض مطبخها، وهكذا الحال مع الطفلة في غرفتها والشاب والأب في حديقة الدار.
وفي تقديمه للفيلم، قال رمَال: "المكان هو إحنا... وجودنا... ذكرياتنا ومخططاتنا المستقبلية".
أحداث الشيخ جراح كانت المحرّك للفيلم
"خلال ثلاث أيام خرج الفيلم للنور"، يحكي عمر رمَال عن كواليس التحضير للفيلم لرصيف22، مضيفاً: "تأثرت بما حدث من تهجير قسري لأهالي حي الشيخ جراح بالقدس، شعرت برغبة شديدة لنشر القصة اللي عم بتصير بفلسطين بطريقة سينمائية، وشاركت الفكرة مع فريق العمل الذين شجعوني لتنفيذها، واستغرق الفيلم يوم كتابة ويوم تصوير وآخر للمونتاج، وقرّرنا بثّ الفيلم يوم ذكرى النكبة 15 مايو".
في دقيقة ونصف، استطاع المخرج الفلسطيني عمر رمال، صناعة سرد مكثّف لواقع القضية الفلسطينية منذ النكبة حتى يومنا هذا، وجوهرها القائم على سرقة الاحتلال الاستيطاني الصهيوني للأرض والتاريخ
فلسطين قضية حق وعدل
وما إن نشر رمال فيلمه على حساباته بمواقع التواصل الاجتماعي، حتى نجح في حصد ما يقارب 6 ملايين مشاهدة حتى كتابة هذه السطور وتفاعل جماهيرى كبير من فنانين ومخرجين ومطربين من كل أنحاء الوطن العربي. يقول عمر: "لم أتوقع هذا الانتشار الضخم ولكن تمنيت أن يحدث هيك، فلسطين هي قضية حق وعدل وكنت على يقين أن هناك ناس كثيرة تؤمن بهذا الحق مثلنا".
وعن اختيار فكرة البيت للتعبير عن المكان بالفيلم، يحكي عمر: "حبيت أعرف المشاهد وين مايكون كِيف نحن كفلسطينية متعلقين بالمكان وكِيف الإسرائيليين بيحاولوا باستماته لسرقته منذ النكبة ووصولاً للشيخ جراح، بل يومياً نحن كفلسطينيين نتعرض لسرقة الاحتلال.
"القصص التي لا نرويها تصبح ملكاً لأعدائنا"
بحب دائما التركيز في أفلامي على القضايا الإنسانية والحقوقية، وفلسطين قضية وجود وحقوق والفيلم قصة وجود إنساني؛ والبيت يحمل معنى هام حميمي كبير لكل انسان وين ما كان، فما بالك أن المكان يكون فلسطين التي تتعرض دائماً للسرقة والظلم والقتل".
عمر رمال من مواليد مدينة "سيلفيت" بالضفة الغربية والمقيم حالياً بالأردن والذي تعرقله جائحة كورونا لزيارة بلاده يقول: "أحببت السينما والأفلام لتكون وسيلتي لحكي وتوثيق الرواية الفلسطينية، ومن أجلها سافرت للأردن لدراسة صناعة السينما، ورغم ابتعادي الآن عن بلدي لكن فكرت في إخراج (المكان) كوسيلة تضامن معها".
الفيلم وسيلة تضامن ومقاومة ضد الاحتلال
يُكمل: "لما تشوفي هيك بلدك وأهلك يتحدوا، يقاوموا وبيعانوا بيكون واجبي المقاومة معهم عن طريق كاميرتي والأفلام، وبعرف إن الفيلم اشي كتير متواضع وبسيط مقابل تضحيات وصمود أهلنا في غزة والقدس والضفة وبالداخل الفلسطيني، ولكن عم بحاول أقوم بواجبي، وسعيد جداً بانتشار الفيلم ومشاهدة الملايين له، فالسينما وسيلتنا للمقاومة ونشر الرواية الحقيقية عن فلسطين، فلسفتي السينمائية حكي القصص الإنسانية الصادقة عكس تلك التي يريد العام إجبارنا على تصديقها".
الفلسطينيون مجرّد وحوش على الشاشات الإسرائيلية
يستنكر عمر رمال الصورة السلبية التي تتبناها السينما الإسرائيلية للفلسطيني في أفلامها، موضحاً: "دائماً السينما الإسرائيلية تحارب الشخصية الفلسطينية في أفلامها وتُسطحها، وتحولها لوحوش ما بتحسّ، ما بتحبّ، ما بتخاف، فيش أي جانب إنساني جواتنا وبشخصياتنا، رغم إننا بنخاف ونبكي عادي، وشعب يحب الحياة.
نحن ناس مبدعين حلوين، مثقفين وجميلين ومرتبين، لازم الممثل الفلسطيني عن جد يبقى حلو على الشاشة، بيزعل بيضحك، بيعيش ويعبر، عكس الشخصيات التي تظهر على شاشات الإسرائيليين".
المخرج عمر رمال: "السينما الإسرائيلية تحارب الشخصية الفلسطينية في أفلامها وتُسطحها، وتحولها لوحوش ما بتحسّ، ما بتحبّ، ما بتخاف، فيش أي جانب إنساني جواتنا وبشخصياتنا، رغم إننا ناس مبدعين حلوين، مثقفين وجميلين ومرتبين
"واجب علينا بالسينما الفلسطينية نفهم كيف نفرج العالم حقيقة الفلسطيني، وصحيح فيلم (المكان) خرج متأثراً بأحداث الشيخ جراح، لكنه يحكي قصة سرقة وطن من الاحتلال الصهيوني من أيام النكبة، وعلينا توثيق كل قصصنا الإنسانية ونشرها للعالم ليعرف أكثر عن بشاعة الاحتلال"، يحكي رمال عن دور السينما كوسيلة مقاومة للفلسطينيين.
القصص التي لا نرويها تصبح ملك أعدائنا
يستطرد قائلاً: "تأثرت للغاية بمقولة الكاتب الفلسطيني الكبير إبراهيم نصر الله وهي (القصص التي لانرويها تصبح ملكاً لأعدائنا) وهذا دوري كسينمائي في حكي الرواية الفلسطينية ونشرها لتعرفها الاجيال الجديدة وأن تتعلق الناس بقضية فلسطين مجدداً".
ولكن النشر عن القضية الفلسطينية عبر منصات التواصل الاجتماعي شهد حظراً وحجباً منذ اندلاع أزمة حي الشيخ جراح وصولًا للقصف العنيف على غزة، وأصبحت الخوارزميات تتوعد بالحذف أو الحظر أي شخص ينشر محتوى يعبر عن إجرام الاحتلال الصهيوني ويدعم القضية ويندد بقتل الأطفال ومئات الأبرياء.
السوشيال ميديا أدركت خطورتنا في فضح جرائم الاحتلال
ويعلق عمر رمال عن هذه الازمة قائلاً: "المسؤولون عن السوشيال ميديا أدركوا بقوة خطورة النشر والتعبير عن قضيتنا وفضح جرائم الاحتلال، عشان هيك هما عم يحجبونا ولكن نحن مكملين، فى ظل وجود لمنصات وتضامن الشعوب العربية، ونحن كفلسطينين تعودنا أن نحارب الدمار والخراب بالفن منذ سنوات طويلة.
نحن فشلنا سياسياً وضل فقط سلاحنا الثاني وهو الفن والغناء وبكل الطرق الممكنة، فنحن مجبورين نواصل ونكمل وماراح نوقف".
"المكان" الفيلم القصير الثالث لعمر رمال، الذي بدأ مشواره الفني بفيلم وثائقي قصير يحمل عنوان "فاطمة" يوثق حياة طفلة سورية من خلال تأثير المخيم على هويتها ونضجها، وشارك الفيلم بأكثر من 40 مهرجان عالمي وحصد العشرات من الجوائز، بينما استوحي رمال فيلمه الثاني الروائي القصير "حاجز" من أحداث حقيقية حول استشهاد صديقه بفلسطين، ولاقى الفيلم تفاعلاً جماهيرياً كبيراً بعد عرضه.
انضم/ي إلى المناقشة
jessika valentine -
منذ أسبوعSo sad that a mom has no say in her children's lives. Your children aren't your own, they are their father's, regardless of what maltreatment he exposed then to. And this is Algeria that is supposed to be better than most Arab countries!
jessika valentine -
منذ شهرحتى قبل إنهاء المقال من الواضح أن خطة تركيا هي إقامة دولة داخل دولة لقضم الاولى. بدأوا في الإرث واللغة والثقافة ثم المؤسسات والقرار. هذا موضوع خطير جدا جدا
Samia Allam -
منذ شهرمن لا يعرف وسام لا يعرف معنى الغرابة والأشياء البسيطة جداً، الصدق، الشجاعة، فيها يكمن كل الصدق، كما كانت تقول لي دائماً: "الصدق هو لبّ الشجاعة، ضلك صادقة مع نفسك أهم شي".
العمر الطويل والحرية والسعادة لوسام الطويل وكل وسام في بلادنا
Abdulrahman Mahmoud -
منذ شهراعتقد ان اغلب الرجال والنساء على حد سواء يقولون بأنهم يبحثون عن رجل او امرة عصرية ولكن مع مرور الوقت تتكشف ما احتفظ به العقل الياطن من رواسب فكرية تمنعه من تطبيق ما كان يعتقد انه يريده, واحيانا قليلة يكون ما يقوله حقيقيا عند الارتباط. عن تجربة لم يناسبني الزواج سابقا من امرأة شرقية الطباع
محمد الراوي -
منذ شهرفلسطين قضية كُل إنسان حقيقي، فمن يمارس حياته اليومية دون ان يحمل فلسطين بداخله وينشر الوعي بقضية شعبها، بينما هنالك طفل يموت كل يوم وعائلة تشرد كل ساعة في طرف من اطراف العالم عامة وفي فلسطين خاصة، هذا ليس إنسان حقيقي..
للاسف بسبب تطبيع حكامنا و أدلجة شبيبتنا، اصبحت فلسطين قضية تستفز ضمائرنا فقط في وقت احداث القصف والاقتحام.. واصبحت للشارع العربي قضية ترف لا ضرورة له بسبب المصائب التي اثقلت بلاد العرب بشكل عام، فيقول غالبيتهم “اللهم نفسي”.. في ضل كل هذه الانتهاكات تُسلخ الشرعية من جميع حكام العرب لسكوتهم عن الدم الفلسطيني المسفوك والحرمه المستباحه للأراضي الفلسطينية، في ضل هذه الانتهاكات تسقط شرعية ميثاق الامم المتحدة، وتصبح معاهدات جنيف ارخص من ورق الحمامات، وتكون محكمة لاهاي للجنايات الدولية ترف لا ضرورة لوجوده، الخزي والعار يلطخ انسانيتنا في كل لحضة يموت فيها طفل فلسطيني..
علينا ان نحمل فلسطين كوسام إنسانية على صدورنا و ككلمة حق اخيرة على ألسنتنا، لعل هذا العالم يستعيد وعيه وإنسانيته شيءٍ فشيء، لعل كلماتنا تستفز وجودهم الإنساني!.
وأخيرا اقول، ان توقف شعب فلسطين المقاوم عن النضال و حاشاهم فتلك ليست من شيمهم، سيكون جيش الاحتلال الصهيوني ثاني يوم في عواصمنا العربية، استكمالًا لمشروعه الخسيس. شعب فلسطين يقف وحيدا في وجه عدونا جميعًا..
محمد الراوي -
منذ شهربعيدًا عن كمال خلاف الذي الذي لا استبعد اعتقاله الى جانب ١١٤ الف سجين سياسي مصري في سجون السيسي ونظامه الشمولي القمعي.. ولكن كيف يمكن ان تاخذ بعين الاعتبار رواية سائق سيارة اجرة، انهكته الحياة في الغربة فلم يبق له سوى بعض فيديوهات اليوتيوب و واقع سياسي بائس في بلده ليبني عليها الخيال، على سبيل المثال يا صديقي اخر مره ركبت مع سائق تاكسي في بلدي العراق قال لي السائق بإنه سكرتير في رئاسة الجمهورية وانه يقضي ايام عطلته متجولًا في سيارة التاكسي وذلك بسبب تعوده منذ صغره على العمل!! كادحون بلادنا سرق منهم واقعهم ولم يبق لهم سوى الحلم والخيال يا صديقي!.. على الرغم من ذلك فالقصة مشوقة، ولكن المذهل بها هو كيف يمكن للاشخاص ان يعالجوا إبداعيًا الواقع السياسي البائس بروايات دينية!! هل وصل بنا اليأس الى الفنتازيا بان نكون مختارين؟!.. على العموم ستمر السنين و سيقلع شعب مصر العظيم بارادته الحرة رئيسًا اخر من كرسي الحكم، وسنعرف ان كان سائق سيارة الاجرة المغترب هو المختار!!.