عن الصين، دون عنصرية
هي دوماً مصادفات بحتة أن يخرج ما يهدد البشرية من الصين. فبعد الوباء، هناك صاروخ صيني في السماء بوزن 21 طناً وإلى الآن لا نعلم أي سيسقط، أو علمنا منذ بضعة ساعات. الخبر ليس ساخراً، هناك صاروخ لا نعلم أين سيقع ولا ما هي آثاره، وحرفياً "يأمل" المراقبون والفلكيون ألا يسقط في منطقة مأهولة.
لن نتحدث عن الصين، بل الفضاء، المساحة التي تحولت منذ وقت قصير إلى محط للصراع الاستعماري: من سيكون سيد الفضاء؟ إذ لم تعد تكفي الخطوة الأولى التي قام بها نيل أرمسترونج في الستينيات، وسواء كانت الصور حينها مفبركة أو لا، الحقيقة الآن أن الفضاء يشكّل "أرضاً" جديدة، الأغنياء يحاولون نهبها والاستقرار في ربوعها، الدول تحاول استعمارها والإمارات تحاول بناء ناطحات سحاب تطفو ضمنها.
المرعب في الأمر كله هو الحوادث المرافقة لهذه الخطوات العملاقة في تاريخ البشرية، تلك الخطوات ذات الآثار التي قد تكون كارثية، فالقاعدة التي تحكم العلاقة بين التطور والحادث بسيطة: كلما ازداد الإنجاز البشري تطوراً ازدادت الحوادث فتكاً.
نلاحظ أننا كبشر نسعى لفنائنا، فحوادث الطبيعة الكبرى، طوفانات، نيازك، ناقة تتحدث، كلها تعيد إنتاج شكل جديد لعالمنا، أما الحوادث التي يتسبب بها البشر فعدمية، لا حياة من بعدها، كالحوادث النووية التي تهدد الجميع.
نأمل ألا يقع الصاروخ على رأس أحد، نكتة سمجة لكن احتمال تحققها وارد، ونطالب الأمم المتحدة، بصياغة حق جديد من حقوق الإنسان، نُسأل إثره فرداً فرداً إن كنا نقبل ببناء مفاعل أو صاروخ أو مسرّع ذري، لأن خطأ واحداً ضمن هذه المشاريع يهدد حياة الجميع، لا فقط القائمين على التجربة وأًصحاب القرار، وبناء على هذا الحق، لابد أن نحصل على مقابل مادي في حال قبلنا بهذه الخطوات العملاقة التي إن نجحت تكون النتيجة بضعة صور لرجل آلي يمشي على كوكب جديد، وإن فشلت فسيموت الجميع.
نبيذ فضائي
في ذات السياق السابق، تعرض دار كريستيز في مزاد علني لها نبيذاً فرنسياً من بوردو مُعتّقاً في الفضاء لمدة 14 شهراً، التعتيق تم بتمويل من شركة خاصة تحاول تطوير أبحاث غذائية في الفضاء، وأضافت الدار أن سعر الزجاجة قد يصل إلى مليون دولار.
هي دوماً مصادفات بحتة أن يخرج ما يهدد البشرية من الصين. فبعد الوباء، هناك صاروخ صيني في السماء بوزن 21 طناً وإلى الآن لا نعلم أي سيسقط، فالقاعدة التي تحكم العلاقة بين التطور والحادث بسيطة: كلما ازداد الإنجاز البشري تطوراً ازدادت الحوادث فتكاً
لا نعرف ما هي الفائدة من هكذا أبحاث، أو ما الذين يمكن أن تضيفه الزراعة في الفضاء عدا ما نراه في فيلم "interstellar" لكريستوفر نولان، لكن إن كان الأمر كذلك نقترح عدداً من التجارب في الفضاء التي قد تضيف إلى البشرية ما لم تكن تعرفه من قبل:
1- جمع كل القداحات الفارغة في الكرة الأرضية وإرسالها للفضاء علها تمتلئ بغاز فضائي نستغني بسببه عن كل مفهوم إعادة تعبئة القداحة.
2- إرسال رائد فضاء وتزويده بمعدات شديدة التعقيد والخصوصية تمكنه من أن يبصق في الفضاء، وملاحقة البصقة لنرى إن كانت ستتسارع أو تتباطأ أو تصل إلى نهاية الكون.
3- أرسال رائدي فضاء من الصين إلى خارج الكوكب مع طاولة بينج بونج وتأمل اللعبة في ظل انعدام الجاذبية.
4- التشاور مع حسن نصر الله وفتح المجال الفضائي أمامه لساعات للتأكد إن كان يمتلك قدرات صاروخية تصل إلى الفضاء.
5- التعاقد مع DJ Khaled وإرساله للفضاء من أجل طبخ البابا غنوج ومقارنة طعمه بين الأرض والفضاء.
200 عام على رحيل نابليون
تحتفل فرنسا هذا العام بمرور مئتي عام على رحيل نابليون، صاحب اليد البيضاء حسب لوحة "حصار يافا" لأنطوان جان غرو، في هذه المناسبة نشر الصحفي غيوم نافال بيرسوا على جداره الفيسبوكي التالي:
مضى مئتي عام على موت:
نقترح التعاقد مع DJ Khaled وإرساله للفضاء من أجل طبخ البابا غنوج ومقارنة طعمه بين الأرض والفضاء
· الرجل الذي دفن الجمهورية الأولى على حساب نظام يحابي الأثرياء شغّل ضمنه كل أفراد أسرته.
· الرجل الذي أعاد العبودية، وألغى حرية الصحافة، وأنشأ ديكتاتورية عسكرية وبوليسية في فرنسا.
· الرجل الذي أسس جهاز الدولة الفرنسية ليشابه في سلطويته نظام الجيش. جهاز يهمين على المجمع عوضاً عن العمل لخدمته، ميراث هذا الرجل ما زال إلى الآن يثقل كاهل فرنسا.
· الرجل المسؤول عن موت 5 ملايين أوروبي، و1.5 مليون فرنسي (كان عدد سكان أوروبا حينها 190 مليوناً، وعدد سكان فرنسا 29).
· الرجل الذي بسبب عدوانيته وانتهاكاته تمكن من تحويل معظم جيران فرنسا إلى أعداء دائمين.
· الرجل الذي تسبب بخضوع فرنسا لأول احتلال عسكري منذ حرب المئة عام، وترك البلاد بمساحة أصغر مما كانت حين تسلم السلطة.
· الرجل الذي، بالرغم من كل شيء، ما زال معبوداً من قبل كل الرجعيين والسلطويين، والشوفينيين المحتارين، الذين يحنون إلى زمن "عظمة فرنسا".
يتفق محرّرو المقتطف الجديد أن كلمة "رجل" تكفي لنعرف تاريخ الشخص في تلك الحقبة.
أحطّ رواسب الذكورية
لا كلمات قادرة على وصف الفتاة السورية نهلة التي فارقت الحياة بعد تعرّضها للتعنيف من قبل والدها في مخيم "فرج الله" في ريف محافظة إدلب في سوريا، الفتاة التي تظهر في صورة قبل موتها وهي مكبلة بالسلاسل من قبل والدها، فارقت الحياة، بعد أن لقت في سنواتها القصيرة من الحياة أشدّ أشكال التعذيب.
لا كلمات قادرة على وصف موت الفتاة السورية نهلة بعد تعرّضها للتعنيف من قبل والدها في مخيم "فرج الله" في ريف محافظة إدلب، الفتاة التي تظهر في صورة قبل موتها وهي مكبلة بالسلاسل من قبل والدها في واحد من أشد أشكال الذكورية انحطاطاً
تقليد تعنيف البنات قديم قدم وجود الرجال، ولا يتضح فقط في ظاهر الوأد، اليونان قدموا نموذجاً آخر في مسرحهم، أجاممنون ضحى بابنته إيفيجينيا لأجل مجده الشخصي واسترضاء للآلهة، ذات الأمر في الثقافة الشعبية المعاصر، في فيلم "أفينجرز" يضحّي الشرير ثانوس بابنته غامورا كي ينال حجر الروح.
مهما اختلفت التواريخ والأشكال الفنية، هذا التقليد الذي يرى في البنات فريسة سهلة و"غرضاً" لتفريغ الغضب، واحد من أشد تقاليد الأبوّة عنفاً واستمراراً في الزمن، ولا مبرر له سوى الطمع أو الجهل أو حماقة الآباء، أولئك الذين نبتلى بهم دون أي خيار، وأحياناً لعنة الانتساب لبعضهم كحالة نهلة، ليست إلا علامةً على العطب العميق في البشر، واحتمالات وجود الشرّ في أماكن لا يمكن أن نتوقع ظهوره فيها، شرٌّ وعنف مجاني وعبثي لا يمكن تبريره.
بيل غيتس أعزباً
هناك جيل مميز من تاريخ البشرية، جيل نشأ وكبر ثم أنجب جيلاً جديداً وهكذا دواليك إلى الآن، كلهم متفقون أن بيل غيتس أغنى رجل في العالم، مهما كان البلد الذي ننتمي إليه اسم غيتس يقترن دوماً بالغنى الفاحش، وطلاقه الذي نشهده حالياً تحطيم لمقولة آمن بها الكثيرون، مقولة مفادها التالي: "بإمكانك أن تصبح أغنى رجل في العالم وأنت تعمل من كراج بيتك".
الأسد يمتلك حلماً فانتازياً بأن يكون رئيساً على لا أحد. وحده في حي المهاجرين في دمشق، يراقب موت الجميع بصمت
لا يهمنا تفاصيل الطلاق والتسوية والمبالغ الخيالية التي سيتم تقاسمها، لكن بيل غيتس لم يعد رقم 1 لا بل ولم يعد رقم 2، إذ نظرياً سيقتسم ثروته مع زوجته، لكن هذا لا يعني أنه سيصبح فقيراً، بل لن يكون الأغنى، لم تعد نكتة "أتظن نفسك بيل غيتس" ذات معنى، ما نحزن بسببه، فقدان الثقافة الشعبية لواحدة من تعابيرها، وتحولها من حقيقة، إلى مجرّد نكتة سمجة.
بيل غيتس أعزب، لا يهم، لكنه لم يعد الأغنى، لا نحاول أن نقول هنا لمهووسي البرمجة ألا يتزوجوا، بل أن يبذلوا جهداً ليكونوا أزواجاً صالحين، لأجلنا نحن، فلن نحتمل أن يصبح محمد بن سلمان هو الأغنى، فبيزوس وغيتس على الأقل، لم يرثوا ثرواتهم، بل عملوا -ولو لفترة قصيرة- لأجل تجميعها.
هابرماس قال لا
رفض الفيلسوف الألماني يوجين هابرماس جائزة الشيخ زايد التي تكرمه كشخصية العام الثقافية، الأمر الذي أشعل الجدل حول موقف هابرماس، ولماذا قَبِل الترشيح بالأصل، ثم وجهت الأصابع بالشماتة إلى الإمارات، راعية الثقافة والمثقفين، وخاطفة الأميرات ومشعلة الحروب، لكن المثير في الاهتمام، أن الجائزة في هذه الحالة لا قيمة لها سوى قيمتها المادية البالغة ما يقارب الربع مليون يورو.
لا ننفي الدور الذي تلعبه الإمارات في الهيمنة على الثقافة العربية، ولا نظن أن لرفض هابرماس أثراً كبيراً سوى المقالات النظرية عن دور المثقف في علاقته مع السلطة، لكن ما نظن أنه الحل الأنسب، هو أن يترشح كل الكتاب لهذه الجوائز ويكنزوا من المال أكبر قدر ممكن، ولاحقاً أي بمجرد وصول نقود الجائزة إلى حساب الكاتب البنكي، بإمكانه أن يغير رأيه والاعتراف لاحقاً بأن سبب قبولهم الجائزة والترشيح هو المال، نعم المال، إن كان نصيب كاتب ما من رواية 300 ألف دولار كجائزة، فليأخذها ثم ليشتم من يريد، الشتم مجاني، النقود لا.
ما نقترحه هو التعامل بسخرية مع هذه الجوائز، والنظر إليها كعمل بيروقراطي مجبرين على القيام به، وما أن ننهيه حتى نشتم المؤسسة كما نشاء.
نقترح التعامل بسخرية وخبث مع جوائز "المال الخليجي"، بأن يترشّح الكاتب ويحصل على الجائزة ثم يشتم الجميع. الشتم مجاني، النقود لا
ننصح بما سبق بسبب غياب أي جهود لتقديم محتوى قادر على منافسة الهيمنة الخليجية على الثقافة والصحافة، ولا أحد يحب حياة الكاتب المعذّب والفقير، أي "لنلعب" لعبة الجائزة، ونفوز، ونشتري منزل ثم نشتم من نريد بحرية.
كيماوي الأسد ما زال يهدد "الجميع"
أعلن نظام الأسد عام 2014 أنه دمّر كل ما يمتلكه من أسلحة كيماوية، تلك التي ثبت أنه استخدمها في هجمات ضد المدنيين، فالأسد وظّف غاز الكلور والسارين ذا المزيج الخاص الذي يمكن تسميته بـ"اللمسة السورية"، ومنذ بضعة أيام أُعلن أمام مجلس الأمن عن اكتشاف عامل كيماوي جديد يصنع في سوريا.
يراهن الأسد على حياة "الجميع"، يضرب القوانين كلها بعرض الحائط، خصوصاً أن السلاح الكيماوي لا يهدد سوى البشر، أي لا تقع الأبنية ولا تُحرق الأرض، موت صامت وبدون لون يجتاح قرى بأكملها، هذا التهديد الذي يمارسه الأسد وحذلقاته أمام المفتشين الدوليين، يؤكد أننا أمام نظام عدميّ، يستهدف الناس والحياة التي لا يريد لها الاستمرار، وكأن الأسد يمتلك حلماً فانتازياً بأن يكون رئيساً على لا أحد. وحده في حي المهاجرين في دمشق، يراقب موت الجميع بصمت.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...