تعكف شركات الأدوية وعدد من المختبرات الحكومية على تطوير الجيل الثاني من لقاحات فيروس كورونا المستجد، لكن عبر جرعات "سهلة التناول والنقل والتخزين" وقادرة على التعامل مع الطفرات المتغيرة المتعددة للفيروس وتجنب الأوبئة في المستقبل.
وفق ما نشره الكاتب المختص في مجال صناعة الأدوية والرعاية الصحية، بيتر لوفتوس، وزميله المختص في أخبار المال والاستثمار، غريغوري زوكرمان، في "وول ستريت جورنال"، فإن الجيل الثاني من لقاحات كورونا قد يأتي على شكل حبوب أو بخاخ أنف.
يرى الكاتبان أن هذه اللقاحات المنتظرة قد تكون أسهل في التعاطي والنقل والتخزين من مجموعة اللقاحات الحالية التي تشكل العمود الفقري لجهود التطعيم على مستوى العالم، والتي يتطلب بعضها الحفظ عبر سلاسل تبريد منخفضة الحرارة بشدة.
كما يُعتقد أن هذه اللقاحات الجديدة، التي تطورها مجموعة من مختبرات الحكومة الأمريكية وشركات الأدوية الكبرى، بما فيها: "سانوفي" و"التيميون" و"غريستون أونكولوجي"، لديها القدرة على توفير استجابات مناعية تدوم طويلاً وتكون أكثر فعالية ضد الطفرات الفيروسية الأحدث والمتعددة، ما قد يساعد في تفادي تفشي الأوبئة في المستقبل، بحسب الشركات المطورة.
ما أبرز اللقاحات الجديدة؟
خلافاً للقاحات المعتمدة، هناك 277 لقاحاً لكوفيد-19 قيد التطوير حول العالم، بما فيها 93 دخلت مرحلة الاختبار على البشر، وفق منظمة الصحة العالمية. في حين أن غالبية هذه اللقاحات تعتمد على الحقن، ويعتمد بعضها على بخاخ أنف أو أقراص الفم.
أحد أبرز هذه اللقاحات هو لقاح على هيئة بخاخ أنف من "التيميون" طوّر على غرار لقاح ضد الأنفلونزا الموسمية شائع للأطفال من أسترازينيكا. بحسب سكوت روبرتس، كبير المسؤولين العلميين في "التيميون": "إنها طريقة سهلة وفعالة للغاية لإعطاء اللقاح. لا حاجة إلى الإبر والحقن".
ويستخدم هذا اللقاح نسخة معدلة من فيروس غير ضار يسمى الفيروس الغدي، وصُمم ليحمل رمزاً جينياً يوجه خلايا الجسم لصنع "سبايك بروتين" من فيروس كورونا يؤدي إلى استجابة مناعية، بما في ذلك إنتاج الأجسام المضادة في الدم، وبناء دفاع ضد الفيروس الحقيقي.
"أسهل في التناول والنقل والتخزين" مع "استجابات مناعية تدوم طويلاً" و"فعالية أكبر"... صانعو الأدوية يطورون جيلاً ثانياً من لقاحات كورونا على هيئة بخاخات أنف وأقراص
يشبه اللقاح في صيغته لقاحي "جونسون آند جونسون" و"أسترازينيكا" المضادين لكورونا. لكن إعطاءه كبخاخ للأنف قد يسهم، علاوة على ما سبق، في تحفيز نوع من الاستجابة المناعية المعروفة باسم المناعة المخاطية، والتي قد تساعد في إزالة الفيروس من الجهاز التنفسي، وبالتالي تقليل انتقال العدوى عبر الأشخاص الملقحين به، وفق روبرتس.
وأضاف روبرتس: "امتلاك هذه المناعة المخاطية التي يمكن أن تمنع العدوى في طريقها (عبر التنفس) وكذلك تحييدها عندما تكون في طريقها إلى الخارج (من الجسم) قد يكون أمراً مهماً للغاية من منظور الصحة العامة". وتتوقع الشركة أن تظهر النتائج الأولية للاختبارات حول تحفيز اللقاح الاستجابة المناعية المطلوبة بأمان منتصف العام الجاري.
لقاح آخر تطوره شركة "فاكسارت"، في كاليفورنيا، على هيئة قرص يمكن ابتلاعه. في شباط/ فبراير الماضي، قالت الشركة إن دراسة محدودة في مراحلها المبكرة أظهرت أن لقاحها أثار استجابات مناعية ضد الفيروس وكانت لديه القدرة على الحماية من الطفرات الحديثة.
في غضون ذلك، تطارد شركتا "فايزر" و"مودرنا" لقاحات الجيل الثاني عبر تركيبات جديدة تحرص خلالها على تحسين شروط النقل والتخزين.
ويعمل أكاديميون وباحثون حكوميون بالتوازي على إنتاج لقاحات جديدة. بدأ معهد والتر ريد للجيش للأبحاث (WRAIR)، التابع لوزارة الدفاع الأمريكية، تجربة سريرية للقاح قد يوفر حماية أكبر ضد طفرات كورونا. لكن باحثي الجيش الأمريكي لديهم هدف أبعد يتمثل في صنع لقاح للحماية من جميع أنواع فيروسات كورونا في جرعة واحدة.
وتجدر الإشارة إلى أن العديد من لقاحات الجيل الثاني في المرحلة المبكرة أو المتوسطة للاختبار على البشر، ما يعني أنها قد لا تكون متاحة إلا بنهاية عام 2021 أو حتى عام 2022.
المزايا والعيوب المحتملة
قال غريغوري بولاند، الأستاذ وباحث اللقاحات في كلية "مايو كلينك" الطبية البحثية في ولاية مينيسوتا الأمريكية، إن اللقاحات الجديدة قد "تشكل بعض التحسينات" على قيود اللقاحات الحالية المتعلقة بالنقل والتخزين أو ضرورة أخذ جرعتين على بعد أسبوعين، ما من شأنه أن يسرع جهود التطعيم بشكل أكبر في المناطق الريفية.
وتوقع: "سنشاهد الجيل الثاني وأيضاً الجيل الثالث من اللقاحات". لكن حتى الآن، لا يوجد ضمان لاجتياز هذه اللقاحات الجديدة جميع الاختبارات لا سيّما أن بعض الشركات المطورة، مثل "التيميون" و"غريستون"، ليست لديها سوابق في إطلاق لقاحات في الماضي.
لا تزال هذه اللقاحات قيد التطوير وعلى الأرجح لن تكون متوفرة قبل نهاية 2021 أو 2022. ويشير مختصون إلى إمكانية اعتمادها "معززات مناعة" ضد أي أوبئة مستقبلية في الدول الغنية، وضمن حملات التلقيح الشاملة في الدول الفقيرة
تحدٍ آخر تواجهه الشركات المطورة هو العثور على عدد كافٍ من الأشخاص المستعدين لتلقي لقاحات غير معتمدة أو دواء وهمي في التجارب السريرية بينما بإمكانهم الحصول على جرعات مصرح بها وثبتت فعاليتها في ظل جائحة عالمية في مرحلة انتشار ثالثة مميتة.
اعترفت متحدثة باسم "التيميون" بهذه المشكلة، معتبرةً أن العثور على المتطوعين بات أكثر صعوبة، مستدركةً بالقول إن تركيبة رذاذ الأنف لديها جاذبية كافية لمواصلة جذب المتطوعين.
معززات للمناعة
تجدر الإشارة إلى أنه في حال ثبوت نجاعة هذه اللقاحات الجديدة في الحماية ضد كوفيد-19، فقد تستخدم "معززات للمناعة" في الولايات المتحدة وغيرها من دول العالم التي يتوقع أن تكون قد قطعت أشواطاً بعيدة في تلقيح غالبية سكانها خلال الأشهر القليلة المقبلة. ويشدد الخبراء في الفترة الأخيرة على أهمية معززات المناعة مع تزايد الطفرات الجديدة والشديدة العدوى للفيروس التاجي.
يمكن أيضاً استخدام لقاحات جديدة كلقاحات أولية في البلدان النامية والفقيرة التي تأخرت حملات التحصين الشاملة فيها.
في هذا الصدد، شدد جون ماسكولا، مدير مركز أبحاث اللقاحات في المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية على الأهمية الكبيرة لأن يكون هناك مستقبلاً "لقاحات يسهل التعامل معها وتتميز بخصائص أفضل لسلسلة التبريد".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ ساعةالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ 22 ساعةوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ 22 ساعةرائع
مستخدم مجهول -
منذ 5 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت