قبل يومين فقط من تعليق حقوق سوريا في المنظمة الدولية لحظر انتشار الأسلحة الكيميائية، أعلنت عدة منظمات سورية عزمها التقدم بشكوى جنائية في السويد ضد "مسؤولين رفيعي المستوى" في الحكومة السورية، بسبب "تورطهم في هجمات كيماويّة ضدّ مدنيين"، إذ تمّ استخدام غاز السارين في الهجوم على مناطق مدنيّة، مما تسبب في أضرار بشريّة فادحة.
وفي بيان صحافي نُشر، الاثنين التاسع عشر من نيسان/أبريل الجاري، قالت منظمات "المدافعون عن الحقوق المدنيّة" و"المركز السوري للإعلام وحريّة التعبير" و"الأرشيف السوري" و"مبادرة عدالة المجتمع المفتوح"، بالإضافة إلى "ضحايا وناجين سوريين"، إنّها ستتقدم بالشكوى متضامنة مع ناجين وضحايا سوريين.
الشكوى تتضمن شهادات مباشرة من ضحايا وناجين من الهجمات بغاز السارين في خان شيخون والغوطة ومئات الأدلة التوثيقيّة، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو، ووثائق تدل على نوع الأسلحة الكيماويّة المُستخدمة وتثبت هويّة المسؤول عن هذه الهجمات.
الشكوى الجنائيّة الجديدة
جاء تقديم الشكوى الجنائيّة الحاليّة في السويد استباقاً لاجتماع الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائيّة، والبالغ عددها 193 دولة، وذلك لمناقشة عواقب هذا على سوريا، من بين قضايا أخرى ناقشها الدول الأعضاء.
وخلال الاجتماع الذي عُقد أمس الأربعاء 21 نيسان/ أبريل، صوتت الدول الأعضاء، بغالبيّة الثلثين المطلوبة، على تجريد سوريا من حقوقها في المنظمة، وتعليق امتيازاتها، ومن ضمنها الحق في التصويت، بسبب "انتهاكات سوريا المتكررة لاتفاقيّة الحد من استخدام الأسلحة الكيميائية"، وجاء ذلك بعد وقت قصير من نشر المنظمة نفسها تقريرًا قالت فيه إنّ النظام السوري مسؤول عن هجمات كيميائية شنّت في محافظة إدلب في العام 2018.
وقالت المنظمات التي أصدرت بيان الشكوى الجنائيّة في السويد إنّ الشكوى تتضمن "شهادات مباشرة من ضحايا وناجين من الهجمات بغاز السارين في خان شيخون (محافظة إدلب في العام 2017) والغوطة (الشرقيّة في ريف العاصمة دمشق في العام 2013)"، كما تتضمن الشكوى مئات الأدلة التوثيقيّة، بما في ذلك الصور ومقاطع الفيديو، ووثائق تدل على نوع الأسلحة الكيماويّة المُستخدمة وتثبت هويّة المسؤول عن هذه الهجمات، "كما تحتوى الشكوى على تحليل شامل لتسلسل القيادة العسكريّة السوريّة".
أفادت دراسة لمعهد برلين الدولي للسياسات العامة، نُشرت في نهاية العام 2019، إنّ 336 هجومًا بمواد كيماويّة مثل غاز الكلور أو غاز السارين، جرت في سوريا، منذ بداية الثورة في آذار/مارس 2011، واعتبرت الدراسة أن نظام الأسد "شن حربًا على معارضيه"، وأن هذه الهجمات موثّقة بصورة مؤكدة.
تأتي هذه الشكوى، بعد شكوى سابقة قدمتها المنظمات المذكورة إلى القضاء الألماني في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، نيابة عن ضحايا الهجوم الكيميائي بغاز السارين في سوريا، وشكوى جنائيّة أخرى قُدمت في آذار/ مارس عام 2020 للقضاء الفرنسي، كأولى الشكاوى الجنائيّة المتعلقة بالهجمات الكيماويّة في سوريا ضدّ شخصيات رئيسيّة في النظام السوري.
تاريخ "كيماوي" طويل
أفادت دراسة لمعهد برلين الدولي للسياسات العامة، نُشرت في نهاية العام 2019، إنّ 336 هجومًا بمواد كيماويّة مثل غاز الكلور أو غاز السارين، قد شنّ في سوريا، منذ بداية الثورة السوريّة في آذار/مارس 2011، واعتبرت الدراسة أن نظام الأسد "شن حربًا على معارضيه"، وأن هذه الهجمات موثّقة بصورة مؤكدة.
وأضافت الدراسة أنّ 98% من هذه الهجمات الكيميائية الموثّقة يتحملها الرئيس السوري بشار الأسد. وفي نفس السياق كانت مجلة "دير شبيغل" الألمانيّة الواسعة الانتشار قد نشرت تحقيقًا قالت فيه إنّ النظام السوري، بقيادة بشار الأسد، يتحمل معظم الهجمات الكيميائية في سوريا، مرفقة التحقيق بأدلة تتضمن شهودًا ووثائق ومقاطع فيديو.
كما قال بيان "الشكوى السويديّة": "خلال السنوات العشر السابقة، استخدمت الحكومة السوريّة الأسلحة الكيميائية بشكل إستراتيجي كأداة إرهاق للسكان المدنيين الذين يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة لقمع أيّ مقاومة ضدّ النظام".
أمل ورجاء
نشرت المنظمات، صاحبة الشكوى الجنائيّة الأخيرة في السويد ملفًا مرفقًا بالبيان الصحافي، يتضمن أسئلة وأجوبّة حول "الشكوى السويديّة" وحول الحملة القانونيّة الأوسع. وورد في هذا الملف أنّ هذه الشكاوى الجنائيّة تُظهر أنّ أعلى دوائر قوات الحكومة السوريّة تقف وراء هذه الهجمات، وبذلك يمُكن اتهامها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة من خلال استخدام الأسلحة المُحرّمة.
ويضيف الملف أنّ القانون الدولي قد "تآكل" وأنّ أضرارًا جسيمة قد أُلحقت به بسبب ما يحدث في سوريا، وعدم قدرة هذا القانون على محاسبة الجناة وتقديم مرتكبي الجرائم المُحتملين إلى المحاكمة من أجل الوصول إلى العدالة. لكن، ومن خلال هذه الشكاوى يُمكن تحديد المسؤولين في الحكومة السوريّة الذين يقفون وراء هذه الهجمات الكيميائية، حتى يتم إصدار مذكرات توقيف بحقهم، "ولو لم يكونوا متاحين حاليًا لإلقاء القبض عليهم".
في البيان الصحافي الذي رافق "الشكوى السويديّة" قال إريك ويت، كبير مسؤولي السياسات في "مبادرة عدالة المجتمع المفتوح"، إحدى المنظمات المشاركة في تقديم الشكوى الجنائيّة لدى القضاء السويدي: "إنّ تمرير القرار من شأنه أن يشير إلى أنّ استخدام الحكومة السوريّة للأسلحة الكيماويّة له عواقب دبلوماسيّة". فيما قال هادي الخطيب، مؤسس ومدير الأرشيف السوري: "من خلال تقديم هذه الشكوى الجنائيّة، نريد أن ندعم نضال الضحايا والناجين من أجل الحقيقة والعدالة. نأمل أن يؤدي التحقيق السويدي في هذه الجرائم في نهاية المطاف إلى محاكمات وإدانات لمن أمروا بالهجمات وعملوا على تنفيذها".
(*) بيانات الإنفوغراف منقولي عن موقعي الجزيرة وساسة بوست إلى جانب بحث مستقل قام بع محرر رصيف22
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...