شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"يضع الإنسانية على المحك"... أول شكوى جنائية نيابة عن ضحايا الهجمات الكيميائية في سوريا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الجمعة 9 أكتوبر 202003:44 م

قُدمت الاثنين الماضي، في 5 تشرين الأول /أكتوبر 2020، أول شكوى جنائية أمام القضاء الألماني، نيابة عن ضحايا الهجوم الكيميائي بغاز السارين في سوريا. وقد أعلنت ثلاث منظمات غير حكومية وهم: مبادرة العدالة، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير والأرشيف السوري، أنهم قدموا شكاوى جنائية نيابة عن ضحايا استخدام الأسلحة الكيميائية لمكتب المدعي العام الاتحادي الألماني.

 ووفق البيان الذي أصدره الأرشيف السوري، في 6 تشرين الأول/أكتوبر، تضمنت الشكاوى أكثر التحقيقات تفصيلاً في هجمات غاز السارين والتي استهدفت الغوطة الشرقية في ريف دمشق، في 21 آب/أغسطس من العام 2013، ومدينة خان شيخون في محافظة إدلب، في شهر نيسان/أبريل من العام 2017.

يؤكد الأرشيف السوري أن هناك أدلة كثيرة وخيوط جديدة تثبت مسؤولية الحكومة السورية عن تنفيذ هذه الهجمات. وقد تسببت هذه الهجمات بمقتل أكثر من 1400 شخص، بينهم العديد من الأطفال. وتزامنت هذه الهجمات مع غارات جوية على مرافق طبية قريبة، ما أعاق الاستجابة الطبية الطارئة بشكل كبير.

وكشف الأرشيف السوري بالتعاون مع صحيفة كناك Knack البلجيكية، أن شركتين بلجيكيتين قد قامتا بشحن 168 طناً من سلائف السارين الى سوريا، بشكل غير قانوني وبمخالفة واضحة لعقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على سوريا منذ العام 2013. وتواجه الشركتان حالياً دعاوى مقامة ضدهما من قبل الجمارك البلجيكية، أمام محكمة مدينة أنتويرب Antwerp الجنائية في بلجيكا.

 تضمنت الشكاوى أكثر التحقيقات تفصيلاً في هجمات غاز السارين والتي استهدفت الغوطة الشرقية في ريف دمشق، في 21 آب/أغسطس من العام 2013، ومدينة خان شيخون في محافظة إدلب، في شهر نيسان/أبريل من العام 2017

وفقاً لموقع DE24 الإخباري الألماني، تقدم محامون يمثلون ضحايا الهجوم بالأسلحة الكيميائية في سوريا، بدعوى أمام المدعي العام الاتحادي في ألمانيا، في 6 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، ضد مسؤولين من النظام السوري. هذه الهجمات تسببت بمقتل مئات المدنيين في المناطق التابعة لسيطرة "الثوار " بحسب الموقع.

بحسب الموقع الألماني أيضاً، فإن هذه فرصة نادرة لمحاكمة حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، لأن محاولات القوى الغربية السابقة لمحاكمة النظام السوري في محاكم أممية، كانت تُصد بسبب استخدام الفيتو الروسي والصيني في مجلس الأمن. أما الحكومة السورية فما زالت تنفي استخدامها لأسلحة كيميائية ضد المدنيين إلى اليوم.

ويُمكّن قانون الولاية القضائية العالمية الأشخاص من تقديم الدعاوى أمام المحاكم الألمانية، في قضايا الجرائم ضد الإنسانية التي تحصل في أي مكان في العالم. ويؤكد المتحدث باسم المدعي العام الاتحادي الألماني، أن الشكوى قد وصلت للمدعي العام، ولم يدل بأية معلومات إضافية.

بحسب المحامين، يستند المشتكون إلى أدلّة كثيرة على استخدام النظام لغاز السارين في سوريا، في الغوطة الشرقية والغربية، في آب/أغسطس 2013، وفي خان شيخون في نيسان/أبريل 2017، حيث قُتل حوالي 1400 شخص.

وأكد محمد عبد الله (أرتينو)، منسق الحملات والمناصرة في الأرشيف السوري لرصيف22، أنه سيتم الاستماع أمام المحكمة الى 17 شخصاً من الناجين، بالإضافة إلى 50 من الموظفين المنشقين عن النظام.

وشدد محمد عبد الله على أن هناك الكثير من النشطاء، سواء مصوري الفيديو أو الصور الذين ساعدوا المنظمات غير الحكومية الثلاث على تقديم الدعوى أمام المدعي العام الألماني، من خلال تزويد المنظمات بالمواد التي تشكل دليلاً على استخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا، مضيفاً: "بدون هذه المواد لم نكن لنقدر أبداً على تقديم هذه الدعوى، شكر كبير لهؤلاء النشطاء".

ويوضح محمد عبد الله قائلاً إن هناك محامين قانونيين، بالتعاون مع مبادرة العدالة والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، عُينوا لتمثيل الضحايا بالدعوى أمام المحاكم الألمانية. وبالنسبة للأدلة التي جمعت لتقديمها أمام المحكمة، قام الأرشيف السوري بجمع مواد على مدى ثلاث سنوات، من فيديوهات وصور، بالإضافة للمقابلات مع ضحايا وشهود، ممن كانوا موظفين في المؤسسات السورية وانشقوا عن النظام. 

ويتابع عبد الله: "الصعوبة التي واجهناها خلال هذه السنوات الثلاث هي في البحث عن هؤلاء الشهود حتى نستطيع جمع شهاداتهم".

والأرشيف السوري، بحسب عبد الله، قام بجمع هذه المواد وتحليلها باستخدام أدوات مفتوحة المصدر، والتي ساعدتهم لإيجاد أي مواد من الممكن أن تفيد التحقيق أكثر. وأضاف: "على ما أظن، هذه أول مرة يتم تحقيق عبر أدوات مفتوحة المصدر، ويتم رفعه بقضية قانونية بهذا الحجم".

وأكد محمد عبد الله لرصيف22 أن الأرشيف السوري قد رفع دعوى قانونية على شركات بلجيكية كانت قد باعت مادة "إيزوبروبانول" للحكومة السورية، وهي مادة غير مضافة على لائحة المواد المحظورة عالمياً، وأكد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية فرانس بريس، أن هذه المادة، أي إيزوبروبانول، تخضع عندما تكون بنسبة 95% لترخيص خاص بالتصدير، لأنه يمكن استخدامها لتصنيع أسلحة كيميائية، من بينها غاز السارين الذي يشتبه بأن النظام السوري استخدمه في النزاع المستمر منذ عشر سنوات.

وأوضح عبد الله أن فريق عمل مبادرة العدالة قد أجرى مقابلات مع شهود العيان الناجين، وهؤلاء سيكونون عنصراً أساسياً في هذه القضية، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير قام بدور مهم أيضاً في إيجاد الشهود ورفع الدعوى.

يتابع عبد الله: "نحن في الأرشيف السوري لدينا أكثر من 6 جيجا مواد عن هذا الموضوع بين صور وفيديو، وفي عملنا نبحث في تفاصيل هذا الموضوع، ونحاول أن نتأكد من صحّة ادعاءات الشهود. وتوصلنا كأرشيف سوري إلى أن المسؤولية هي على عاتق الحكومة السورية، وهناك في الادعاء الذي قمنا به أسماء مسؤولين رفيعي المستوى هم من قاموا بإعطاء الأوامر بهذه الهجمات، فالجناة وسلسلة القيادة محدّدون بهذه الدعوى".

ووفقاً لتقرير عن خلفية الدعوى، نشره المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، فإن أحد الشهود المنشقين أشار إلى "أن الهجمات بالأسلحة الكيميائية قد اتسمت بأهمية خاصة، حيث نفذت بعلم القائد العام للجيش ووزير الدفاع ورئيس الأركان وقائد القوات الجوية والدفاع الجوي ومدير إدارة المخابرات الجوية ووزير الدفاع الحالي العماد علي عبد الله أيوب، المتورط في هجوم خان شيخون، بالإضافة إلى تورط اللواء أحمد بلول، قائد القوات الجوية والدفاع الجوي في الجيش العربي السوري".

وقال ستيف كوستاس المحامي من مبادرة العدالة  Open Society Justice initiative في البيان الصحفي الذي أصدره المركز السوري للإعلام وحرية التعبير: "إن المدعين العامين يملكون الآن أدلة كافية لإصدار مذكرات توقيف بحق عناصر من نظام الأسد"، وأضاف: "ستكون هذه خطوة مهمة على المدى الطويل لضمان محاكمات ضد مسؤولين سوريين".

وقد أثبتت تحقيقات أجرتها الأمم المتحدة عام 2016 أن قوات النظام السوري قد قامت باستخدام الكلور وغاز السارين. 

وورد في بيان المركز السوري للإعلام وحرية التعبير المذكور أعلاه، أنه خلال عشر سنوات من الصراع، استخدمت الحكومة السورية الأسلحة الكيميائية كجزء من نمط أوسع من الهجمات المتعمدة والواسعة النطاق ضد المدنيين، في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

 وجاء في البيان أيضاً: "وفي حين أن معظم الأسلحة الكيميائية المستخدمة خلال الصراع كانت عبارة عن ذخائر مضاف إليها غاز الكلور، فإن استخدام قنابل السارين قد تم من خلال برنامج مكثف برعاية الحكومة السورية للبحث والتطوير وإنتاج وتخزين غاز السارين، حيث لعب مركز (البحوث والدراسات العلمية السورية)، وهو وكالة حكومية سورية، دوراً مركزياً في هذا البرنامج".

"نحن في الأرشيف السوري لدينا أكثر من 6 جيجا مواد عن هذا الموضوع بين صور وفيديو، وفي عملنا نبحث في تفاصيل هذا الموضوع، ونحاول أن نتأكد من صحّة ادعاءات الشهود. وتوصلنا كأرشيف سوري إلى أن المسؤولية هي على عاتق الحكومة السورية"

في هذا الإطار، ووفقاً للبيان نفسه، يقول المدير العام للمركز السوري للإعلام وحرية التعبير، مازن درويش: "من غير المنطقي أن يتعامل المجتمع الدولي مع جريمة خطيرة، كاستخدام الأسلحة الكيميائية، بهذا الاستخفاف الذي نشاهده اليوم. إن غياب تحرك حقيقي لكي تتحمل الحكومة السورية مسؤولياتها لا يضع حقوق السوريين على المحك فحسب، بل حقوق الإنسانية جمعاء".

 ويتابع درويش: "سوريا هي اختبار لجدية محاسبة مجرمي الحرب، والفشل ليس خياراً، وهذا ما يجعل لزاماً أن تتحد الجهود الدولية لكي تمنع الإفلات من العقاب من هذه الجرائم لضمان عدم تكرارها".

أما ستيف كوستاس، كبير المسؤولين القانونيين في مبادرة العدالة، فيقول إن التعاون الدولي سيكون مفتاحاً للجهود الناجحة لمحاسبة الجناة، وأنه على الدول التي لديها أدلة على برنامج الأسلحة الكيماوية السورية والهجمات الكيميائية أن تقدم تلك المعلومات إلى الدول ذات الاختصاص القضائي، للتحقيق مع القادة والمسؤولين السوريين المتورطين ومقاضاتهم.

ووفق بيان المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، أدان المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية OPCW، في شهر تموز /يوليو المنصرم، استخدام سلاح الجو السوري لقنابل غاز السارين والكلور المحظورة. 

وسيبدأ الاجتماع المقبل لكل الدول الأعضاء في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، المعروف بمؤتمر الدول الأطراف في المعاهدة، في أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، ويمكن أن يؤدي إلى رد جماعي من الدول الأعضاء على انتهاك سوريا لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية من عام 1997.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image