شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
تقرير يكشف اتساع نطاق الاختراق الإسرائيلي للأمن الإيراني

تقرير يكشف اتساع نطاق الاختراق الإسرائيلي للأمن الإيراني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الأربعاء 21 أبريل 202104:35 م
تفتخر إيران بقدرتها على إحكام قبضتها الأمنية داخل البلاد، وهو ما تبدى في موجات التجسس على المواطنين والاعتقالات الواسعة والاعتداءات والانتهاكات التي قمعت عدداً من الهبات الأهلية السلمية ضد سلطات الحكم الإيرانية في السنوات الماضية. كما تفتخر الدولة التي تتناطح عسكرياً بشكل مباشر أو بالوكالة مع عدد من القوى الدولية والإقليمية، بقدرتها على مد أذرعها السياسية والعسكرية إلى محيطها، خاصة في منطقة الخليج العربي وسوريا.
سلسلة الضربات التي تلقتها إيران في الأسابيع الأخيرة وعلى رأسها هجوم نطنز، باتت تهدد المهابة التي استثمرت الدولة الطموحة نووياً في بنائها.

إلا أن سلسلة الضربات التي تلقتها إيران في الأسابيع الأخيرة وعلى رأسها هجوم نطنز، باتت تهدد المهابة التي استثمرت الدولة الطموحة نووياً في بنائها.

 نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تقريراً، قالت فيه إن تل أبيب لديها شبكة سرية داخل إيران، وأن الأخيرة تقف عاجزة عن كشفها.

 وقال مسؤولون استخباراتيون في التقرير - الذي شارك في كتابته صحافي إسرائيلي-  إن الهجمات التي باتت إيران تتعرض لها مؤخراً، "تسلط الضوء على سهولة تمكن المخابرات الإسرائيلية من الوصول إلى أعماق إيران وضرب أهدافها الأكثر حراسة بشكل متكرر، وبمساعدة إيرانيين منشقين". وأعلنت إيران السبت 17 أبريل/ نيسان أن عميلاً إيراني الأصل والجنسية هو المخرب الذي يقف وراء هجوم نطنز.

تسعة أشهر عصيبة 

في أقل من تسعة أشهر، أطلق شخص يقود دراجة نارية رصاصة قاتلة على أبو محمد المصري القيادي في تنظيم القاعدة، الذي كان يتخذ من طهران ملاذاً. واغتيل كبير العلماء النوويين الإيرانيين رمياً بالرصاص، وهز انفجاران منفصلان غامضان مفاعل نطنز في العام الماضي.

إذا ما صحت الشكوك المتعلقة بمقتل حجازي، فإن هذا الجنرال سيكون ثالث مسؤول عسكري إيراني رفيع المستوى يتم اغتياله في الأشهر الخمسة عشر الماضية.

وذكرت وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية خلال الأسبوع الجاري أن الجنرال محمد حسين زاده حجازي، نائب قائد فيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري، توفي بسكتة قلبية، إلا أن هناك شبهات حول الأسباب الحقيقية وراء موته. إذ أصر نجل قائد بارز آخر في فيلق القدس على تويتر على أن وفاة حجازي، الذي كان هدفاً للموساد الإسرائيلي، لم تكن متعلقة بمرض في القلب.

فيما بعد أشار المتحدث باسم الحرس الثوري إلى أن الجنرال مات بسبب آثار متراكمة لـ "مهام صعبة للغاية"، وإصابة حديثة بفيروس كورونا، والتعرض لأسلحة كيماوية خلال الحرب العراقية الإيرانية.

 وإذا ما صحت الشكوك المتعلقة بمقتل حجازي، فإن هذا الجنرال سيكون ثالث مسؤول عسكري إيراني رفيع المستوى يتم اغتياله في الأشهر الخمسة عشر الماضية.

وذكرت وثيقة للمخابرات العسكرية الإسرائيلية عام 2019 أن حجازي كان شخصية بارزة ومسؤولاً عن الملف اللبناني في فيلق القدس وقائد مشروع الصواريخ الموجهة. وقال المتحدث باسم الحرس الثوري رمضان شريف إن إسرائيل كانت تريد بالفعل اغتياله.

ويُعتقد أن إسرائيل بدأت في اغتيال شخصيات رئيسية في البرنامج النووي الايراني في عام 2007، عندما توفي عالم نووي في مصنع يورانيوم في أصفهان في تسرب غاز غامض. وفي السنوات التي تلت ذلك، تم اغتيال ستة علماء ومسؤولين عسكريين آخرين قيل إنهم بارزون في جهود وملف إيران النووي.

وقال قائد كبير آخر لفيلق القدس، وهو رستم قاسمي، مؤخراً إنه نجا بصعوبة من محاولة اغتيال إسرائيلية خلال زيارة للبنان في آذار/مارس الماضي.

 تعلق الصحيفة الامريكية: "لكن الاغتيال ليس سوى أداة واحدة في حملة تعمل على مستويات وجبهات متعددة داخل إيران وخارجها".

وتمثل هذه الهجمات تصعيداً في حملة طويلة الأمد تشنها أجهزة المخابرات في إسرائيل والولايات المتحدة لتخريب ما تعتبرانه أنشطة تهديدية لإيران، وأهمها البرنامج النووي الذي تصر إيران على أنه سلمي، وتمويل إيران للميليشيات في عدد من دول العالم العربي، وما يتردد عن تطويرها صواريخ دقيقة التوجيه بحوزة حزب الله في لبنان.

عمليات متعددة


(مفاعل نطنز)

ورصد تقرير نيويورك تايمز عدة وقائع رأي فيها دليلاً على الضعف الإيراني في مواجعة الاستخبارات الإسرائيلية، ومنها أنه عام 2018، نفذت إسرائيل غارة ليلية جريئة لسرقة نصف طن من المحفوظات السرية لبرنامج إيران النووي من مستودع في طهران. 

وبحسب الصحيفة وصلت إسرائيل أيضاً إلى أهداف إيرانية في مختلف أنحاء العالم، إذ كشف مسؤول سابق في المخابرات الأمريكية أن تل أبيب تعقبت معدات مخصصة لإيران في دول أخرى لتدميرها، أو إخفاء أجهزة إرسال داخلها، أو تركيب عبوات ناسفة داخلها لتفجيرها بعد تركيب المعدات داخل إيران.

وقالت عميلة استخبارات إسرائيلية سابقة إنه من أجل الوصول الى هذه المعدات، كانت تقود هي وضابط آخر إلى المصنع ويختلقان أزمة، مثل حادث سيارة أو نوبة قلبية، وتطلب المرأة المساعدة من الحراس. مما يتيح لهما الوصول إلى المنشأة للتعرف على نظامها الأمني حتى يتمكن فريق آخر من اقتحامها وتعطيلها، على حد قولها.

تقول نيويورك تايمز إنه كان من الصعب على إسرائيل تنفيذ هذه العمليات من دون مساعدة داخلية من إيرانيين، وقد يكون هذا هو أكثر ما يزعج طهران.

في مقابلة مع التلفزيون الإيراني الرسمي الأسبوع الماضي، كشف رئيس البرنامج النووي الإيراني السابق فريدون عباسي دواني عن أسباب حدوث انفجار في محطة نطنز النووية في تموز/يوليو الماضي، بأنه تم وضع متفجرات كانت مغلقة داخل مكتب ثقيل تم وضعه في المصنع قبل أشهر.

وقال مسؤولون إن الانفجار وقع في مصنع ينتج جيلاً جديداً من أجهزة الطرد المركزي، مما أدى إلى تأخير برنامج التخصيب النووي الإيراني لأشهر.

وقال علي رضا زكاني، رئيس مركز الأبحاث في البرلمان، في الأسبوع الماضي إنه في حالة أخرى، تم إرسال آلات من موقع نووي إلى الخارج لإصلاحها، وأعيدت إلى إيران مع 300 رطل من المتفجرات معبأة بداخلها.

ولا يُعرف سوى القليل عن الانفجار، الذي وقع في نطنز الشهر الحالي، باستثناء أنه دمر نظام الطاقة المستقل بالمحطة، والذي أدى بدوره إلى تدمير الآلاف من أجهزة الطرد المركزي.

تقول نيويورك تايمز إنه كان من الصعب على إسرائيل تنفيذ هذه العمليات من دون مساعدة داخلية من إيرانيين، وقد يكون هذا هو أكثر ما يزعج طهران.

ضعف إيراني

كشفت الهجمات، التي يعتبرها صحافيو نيويورك تايمز، أحدث موجة منذ أكثر من عقدين من عمليات التخريب والاغتيالات، عن وجود ثغرات أمنية محرجة في إيران.

وقال رئيس المركز الإستراتيجي في البرلمان إن إيران تحولت إلى "ملاذ للجواسيس". ودعا قائد سابق للحرس الثوري الإسلامي إلى إصلاح جهاز الأمن والمخابرات في البلاد. وطالب مشترعون آخرون باستقالة كبار مسؤولي الأمن والمخابرات.

وذكر مسؤولون ومحللون إيرانيون إن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لإيران هو أن الهجمات كشفت أن لدى إسرائيل شبكة فعالة من المتعاونين داخل إيران، وأن أجهزة المخابرات الإيرانية فشلت في العثور على هؤلاء العملاء.

ورأت سنام وكيل، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في معهد تشاتام هاوس البريطاني: "أن قدرة الإسرائيليين بفعالية على ضرب إيران في الداخل بهذه الطريقة الوقحة أمر محرج للغاية ويظهر ضعفاً أعتقد أنه يسير بشكل سيىء داخل إيران".

حاكم النظام الإيراني عدة مواطنين خلال العقد الماضي، واتهمهم بالتواطؤ في عمليات التخريب والاغتيال الإسرائيلية، وحُكم عليهم بالإعدام.

ومن آثار هذه الهجمات، أنها شوهت أيضاً سمعة الجناح الاستخباري للحرس الثوري المسؤول عن حراسة المواقع النووية والعلماء.

وطالب قائد سابق في الحرس الثوري بـ "تطهير" جهاز المخابرات، فيما دعا نائب الرئيس الإيراني، إسحاق جهانجيري، إلى محاسبة الوحدة المسؤولة عن الأمن في نطنز على إخفاقاتها.

بعد كل هجوم، كانت إيران تكافح للرد، زعمت في بعض الأحيان أنها حددت هوية المسؤولين فحسب بعد مغادرتهم البلاد أو تقول إنهم ما زالوا هاربين. ويصر المسؤولون الإيرانيون أيضاً على أنهم أحبطوا هجمات أخرى.

وتزداد دعوات الانتقام بعد كل هجوم، واتهم المحافظون حكومة الرئيس حسن روحاني بالضعف أو إخضاع أمن البلاد للمحادثات النووية على أمل أن تؤدي إلى تخفيف العقوبات الأمريكية.

في الواقع، تحول المسؤولون الإيرانيون إلى ما وصفوه بـ "الصبر الإستراتيجي" في العام الأخير لإدارة دونالد ترامب، معتبرين أن إسرائيل سعت إلى استدراجهم إلى صراع مفتوح من شأنه أن يقضي على إمكانية التفاوض مع إدارة ديمقراطية جديدة.

وقال روحاني ووزير الخارجية محمد جواد ظريف إنهما لن يسمحا للهجمات بتعطيل المفاوضات لأن رفع العقوبات كان له الأولوية.

وترجح الصحيفة الامريكية أن إيران قد حاولت الانتقام لكنها فشلت. إذ ألقي اللوم على طهران في انفجار قنبلة بالقرب من السفارة الإسرائيلية في نيودلهي في كانون الثاني/يناير الماضي، وتم اعتقال 15 مسلحاً مرتبطاً بإيران الشهر الماضي في إثيوبيا بتهمة التخطيط لمهاجمة أهداف إسرائيلية وأمريكية وإماراتية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image