كشفت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، في 30 آذار/مارس الحالي، أن رجل أعمال أسترالي، اخترق دوائر الحكم البريطانية، وأقام روابط وثيقة مع كبار موظفي الدولة، نجح في استمالة ولي عهد السعودية محمد بن سلمان لتمويل شركته التي أفلست مؤخراً.

ذكر التقرير الذي أعده أربع صحافيين وهم روبرت سميث وآراش مسعودي وسينثيا أو مورشو وجيم بيكارد، أن رجل الأعمال وهو الملياردير "ليكس غرينسبل"، استطاع استقطاب رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون، ليعمل مستشاراً لديه.

قال التقرير إن ثلاثة أشخاص سمعوا رجل الأعمال صاحب شركة "غرينسيل كابيتال" التي أفلست مؤخراً، يروي أنه سافر في رحلة تخييم في الصحراء السعودية رفقة كاميرون، وبن سلمان.

صحيفة فايننشال تايمز تكشف عن علاقة مالية بين بن سلمان و الملياردير الأسترالي "ليكس غرينسيل" لتمويل تحويل مكة لمدينة ذكية.

الرحلة

ذكر أحد الأشخاص أن الرحلة كانت خلال شهر كانون الثاني/يناير، أو شباط/فبراير 2020، قبل وقت قصير من انتشار فيروس كورونا الذي أدى إلى توقف السفر حول العالم.
وتظهر سجلات رحلات الطائرات الخاصة الأربعة التابعة لشركة "غرينسيل كابيتال"، عن سلسلة من الرحلات توجهت إلى السعودية بالفعل خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الماضي.

وقال شاهد آخر لفاينانشال تايمز، إن الرجل الأعمال الأسترالي أوضح أنه "اجتمع تحت سماء الليل مع الملك السعودي، المعروف باسم "أم بي أس"، بداعي أن الرجلين كانا قد درسا القانون في الجامعة".

حاولت "فاينانشيال تايمز" أن تسأل كاميرون عدة مرات عن رحلة التخييم في الصحراء، لكن رئيس الوزراء السابق تجاهل الإجابة عن الاستفسارات. وتعرض دوره في إفلاس الشركة إلى تدقيق متزايد، بعد أن كشفت الصحيفة أنه ضغط على زملائه السابقين من أجل الحصول على قروض حكومية طارئة.

وتبين أن كاميرون، بعث رسائل نصية لوزير المالية ريشي سوناك على رقمه الشخصي طلباً للمساعدة من خلال برامج الحكومة المتعلق بفيروس كورونا، والمخصص لمساعدة المؤسسات التجارية، وظهر أيضا أن الشركة استفادت من برنامج حكومي آخر.

وظهر أيضا أن غرينسيل تمكن من الوصول إلى موظفين في حكومة كاميرون، بصفته مستشاراً متطوعاً، وأقنع الوزراء أن يؤسسوا برنامج قروض للصيدليات المرتبطة بهيئة الخدمات الصحية الوطنية NHS، ووضع البرنامج تحت إدارة شركة "سيتي بانك"، التي عمل بها غرينسيل في السابق.

 وزار كاميرون المملكة علناً في تشرين الأول/أكتوبر 2019، وحضر ما يسمى بقمة "دافوس الصحراء" في الرياض، أي بعد عام من مقتل الصحافي جمال خاشقجي على يد رجال أمن سعوديين. وتعرض على إثرها لانتقادات في ذلك الوقت من قبل منظمة العفو الدولية، التي قالت إن حضور رئيس الوزراء السابق "يُفسَّر على أنه دعم للنظام السعودي" على الرغم من انتهاكات "حقوق الإنسان المروعة".

استخدم كاميرون، الذي يتقاضى ما لا يقل عن 120 ألف جنيه إسترليني في الساعة مقابل المشاركة والحديث في فعاليات، طائرات شركة "غرينسيل" للسفر حول العالم، كما شاهدت "فاينانشيال تايمز" صورة له على متن إحدى هذه الطائرات ذات الأثاث الفاخر.

عين على الصندوق السيادي

ذكرت الصحيفة أن أسطول غرينسل من الطائرات، الذي يعتبر رفاهية غير عادية، كان مفيداً خلال زيارة أخرى للسعودية.

في آب/أغسطس 2019، كان الرئيس التنفيذي لشركة "سوفت بنك" ماسايوشي سون قد عقد اجتماعات في المركز التجاري بجدة، بناء على دعوة من ياسر الرميان رئيس صندوق الاستثمار العام في المملكة/ وهو من أضخم الصاديق السيادية للثروة في العالم.

وتذكر الصحيفة أن غرينسيل، الذي كان يبلغ من العمر 42 عاماً، عزز مكانته مؤخراً كملياردير، بفضل استثمار سوفت بنك في شركته المالية التي تحمل اسمه.

في أيار/مايو 2019، أفادت صحيفة الشرق الأوسط السعودية أن مجموعة "غرينسيل كابيتال" حصلت على تمويل من صندوق "رؤية" بقيمة 800 مليون دولار.

كان تعامل غرينسيل مع السعودية متعدد الأوجه. في حزيران/ يونيو الماضي، تحدث جون لو، المدير التنفيذي لشركة غرينسل، في "أسبوع التكنولوجيا المالية الافتراضية للمملكة المتحدة والسعودية". وهو حدث استضافته وزارة التجارة الدولية في المملكة المتحدة والسفارة البريطانية في الرياض.

حاولت "فاينانشيال تايمز" أن تسأل كاميرون عدة مرات عن رحلة التخييم مع بن سلمان في الصحراء، لكن رئيس الوزراء السابق تجاهل الإجابة عن الاستفسارات.

وقال "لو" في الحدث: "نحن شركة ربما لم يسمع بها كثير من الناس، ومع ذلك، في نفس الوقت، مدى وصولنا واسع جداً".

يذكر "لو" على حسابه في "لينكد- إن" أنه قاد توسع غرينسيل في السعودية، وخلال الفعالية الاقتصادية، أعلن أن شركته أبرمت عقوداً مع "بعض أكبر الشركات في المملكة". لكنه امتنع عن تسمية أي منها، وأعلن عن إنشاء مكاتب للشركة في الرياض.

العمل مع أرامكو

أشارت "فايننشال تايمز" إلى أن الشركة الوحيدة التي بدت أنها هدفاً سحرياً لرجال الأعمال، هي شركة  النفط "أرامكو" التي تسيطر عليها الدولة السعودية.

لطالما روّج غرينسيل بأن شركته تسير نحو الفوز بعقد مربح لتقديم ما يسمى بتمويل سلسلة التوريد لأرامكو، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. ومع ذلك، لم تنته شركته فعلياً من تقديم أي تمويل لسلسلة التوريد لشركة النفط السعودية.

تحديث مكة

خلال رحلة 2019 إلى جدة، كان المسؤولون التنفيذيون في "سوفت بنك" يدرسون كيف يمكنهم مساعدة المملكة الصحراوية على تحديث مدينة مكة المكرمة، التي تجتذب ملايين الزوار من المسلمين كل عام خلال موسم الحج.

دار النقاش خلال الرحلة، حول إمكانية مشاركة الشركات المختلفة في صندوق "رؤية" في لعب دوراً في تحديث المدينة، فتبني شركة "Katerra" الأمريكية الناشئة في مجال الإنشاءات بنية تحتية جديدة، فيما تقوم شركة الذكاء الاصطناعي في هونغ كونغ "SenseTime" بتقديم خدمة التعرف على الهوية بقراءة الوجه، بينما يمكن أن تساعد شركة "Oyo" الهندية في إنشاء فنادق لزيارة الحجاج.

وذكرت "فايننشال تايمز" أن دور "غرينسيل" في هذا المقترح هو تمويل المشروع.

واعتقد سون، الذي كان يصف غرينسبل "برجل المال" أن الممول الأسترالي كان قادراً على تمويل هذه المخططات الضخمة.

وقال أحد الأشخاص المشاركين في المحادثات: "لقد كان جزءاً من حل شامل لتحويل مكة إلى مدينة ذكية".