زعمت بلومبرغ أن بنكاً خاصاً يتخذ من لوكسبمرغ مقراً له قدم لمحمد بن زايد (MBZ)، ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات، "معاملة خاصة" تتجاوز المشورة المالية إلى مخططات خطيرة بينها ضرب الأسواق المالية القطرية بهدف "إفقار حكومتها".
استندت الوكالة إلى "مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني والوثائق والملفات القانونية ومقابلات مع مطلعين سابقين" في تقريرها عن الخدمات التي قالت إن بنك "هافيلاند" (Havilland) ومؤسسه ديفيد رولاند قدمها لأحد أكبر عملائه، مبرزةً أن ولي العهد الإماراتي (59 عاماً) عُرف بـ"The Boss" أي "الرئيس" بين المديرين التنفيذيين للبنك. كان لدى بن زايد 38 مليون دولار في حسابه بالبنك عام 2012، وفق وثيقة داخلية اطلعت عليها بلومبرغ تصف عائلته بأنها "رئيسية للبنك وشبكة المساهمين فيه".
وأوضحت أن رولاند (75 عاماً) "استخدم" الأمير البريطاني أندرو لفتح الباب لعلاقة غير رسمية مع MBZ في تسعينيات القرن الماضي، مضيفةً أن خدمات رولاند غير المتعلقة بالنصائح المالية امتدت إلى البحث عن صفقات في زيمبابوي، وإنشاء شركة لشراء حقوق صور اللاعبين في فريق مانشستر سيتي لكرة القدم المملوك لأبو ظبي، علاوةً على محاولة وضع رئيس مؤسسة مملوكة لرولاند آنذاك في مجلس إدارة منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية لاختراقها بعد أن نشرت تقارير انتقادية ضد الدولة الخليجية.
خطة لتدمير اقتصاد قطر
لكن الخدمة الأكثر فجاجةً كانت تلك الخطة التي وضعها البنك عام 2017 للهجوم على الأسواق المالية القطرية، حيث كان الرباعي: السعودية والإمارات ومصر والبحرين، قد بدأ مقاطعتها للتو متهماً إياها بتمويل الإرهاب. كانت الخطوة تتمحور حول "التحكم في منحنى العائد، وتحديد المستقبل" -إحدى المهام الرئيسية في المقترح، الذي أعده محلل سابق في البنك، دعا خلاله إلى هجوم منسق لاستنزاف احتياطيات قطر من العملات الأجنبية وإفقار حكومتها.
أرسل الخطة أحد أبناء رولاند، مسؤول تنفيذي كبير في البنك، عبر البريد الإلكتروني إلى ويل تريكس، الذي أصبح مستشاراً لولي العهد الإماراتي بعدما كان يعمل في جهاز المخابرات البريطاني (MI6). أوضحت بلومبرغ أن تريكس كان "الوسيط" بين رولاند وMBZ.
"هجوم منسق لاستنزاف احتياطيات قطر من العملات الأجنبية وإفقار حكومتها"... بلومبرغ تكشف للمرة الأولى علاقة بن زايد ببنك خاص في لوكسمبرغ تتهمه قطر بالتخطيط لضرب أسواقها المالية
هذه الخطة المكتوبة جزء من دعوى قضائية منظورة في لندن الآن رفعتها حكومة قطر العام الماضي ضد فرع "هافيلاند" في العاصمة البريطانية، متهمة إياه بتدبير حملة كلّفت البلاد أكثر من 40 مليار دولار لدعم بنوكها وحماية عملتها. كانت الوثيقة من بين العديد من الأوراق التي عثر عليها المخترقون وسرّبوها لينشرها موقع "ذا إنترسبت" في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2017.
على الرغم من اهتمام وسائل الإعلام بهذه الدعوى، فإن بلومبيرغ هي أول من يتناول الصلة المباشرة بين البنك وMBZ، بل الادعاء بأن البنك كان قد رسم الخطة لمصلحته. يواجه البنك تحقيقات واسعة في لوكسمبورغ على خلفية تعاملاته مع عائلة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف.
رداً على الاتهامات بشأن قطر، قال البنك -وفق ما يظهر في إيداعات المحكمة- إن العرض لم يكن "خطة حرب" وإنما "إستراتيجية لإدارة المخاطر" غرضها حماية حيازات الإمارات من السندات القطرية، مبرزاً أنها وضعت بعد اجتماع في آب/ أغسطس عام 2017 في لندن بين رولاند والرئيس التنفيذي لصندوق الثروة السيادية لأبو ظبي، شركة مبادلة للاستثمار. ونفى البنك تنفيذ أي من الخطوات المقترحة أو القيام بأي شيء غير قانوني. وشدد: "لم يكن البنك جزءاً من أي مؤامرة ضد قطر ويرفض جميع مزاعم قطر".
خدمات ليست معتادة من البنوك قدمها "هافيلاند" لبن زايد الذي عرفه مديروه بـThe Boss، بينها خطة لـ"إفقار حكومة قطر" وأخرى للعثور على موطئ قدم في جنوب قارة أفريقيا وثالثة لاختراق هيومن رايتس ووتش والتعرف على أسرار أنشطتها
خدمات مشبوهة أخرى
لفتت بلومبرغ إلى أنه بغض النظر عما إذا كان البنك متورطاً في أمور قانونية أو غير قانونية، فإنه قدم خدمات ليست من النوع المعتاد لعمل البنوك. وأشارت إلى أنه عندما أراد بن زايد وضع موطئ قدم في جنوب القارة الأفريقية عام 2011، عمل تريكس مع البنك على إيجاد مصادر للاستثمارات المحتملة إذ وقع الاختيار على زيمبابوي.
خدمة إضافية قدمها رولاند لولي عهد أبو ظبي حين قدّم مليوني دولار لـ"هيومن رايتس ووتش" بعد انتقادها الإمارات عام 2011 لاعتقالها ومضايقتها نشطاء حقوق الإنسان مثل المعتقل حالياً أحمد منصور. تم تقديم الأموال عبر منظمة إنسانية حديثة الإنشاء يمولها رولاند وتزعم الدفاع عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط.
جرى انتخاب روبسون، رئيس المؤسسة الخيرية، ضمن مجلس إدارة هيومن رايتس ووتش بعد بضعة أشهر، تحديداً في نيسان/ أبريل عام 2012. كما عُيِّن في اللجنة الاستشارية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة.
فور انضمامه إلى مجلس الإدارة، كتب روبسون في مذكرة أرسلها بالبريد الإلكتروني إلى جوناثان رولاند، نجل ديفيد رولاند، يطلب منه مشاركتها مع صاحب العمل: "لقد تلقينا القائمة الكاملة للمشاريع التي تقوم بها هيومن رايتس ووتش حالياً في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، مبرزاً حصوله على ملاحظات مفصلة عن اجتماع بين المجموعة ووزير بريطاني.
تم تسليط الضوء على مدى أهمية هذه المعلومات لمحمد بن زايد في شهر آب/أغسطس من نفس العام عندما أرسل ديفيد رولاند بريداً إلكترونياً إلى جوناثان، مشيراً إلى روبسون بالحرفين الأولين من اسمه: "GJR مهم جداً في HRW بالنسبة لـ‘الرئيس‘ ومن مصلحتنا أن تعمل". في الشهر التالي، تعهدت مؤسسة رولاند بمبلغ إضافي قدره 930 ألف دولار للمنظمة الحقوقية لإنفاقها على مشاريع في الشرق الأوسط.
ذكرت إيما دالي، المتحدثة باسم هيومن رايتس ووتش في نيويورك، لبلومبرغ أن المنظمة فحصت فترة وجود روبسون في مجلس الإدارة ولم تجد أي تضارب، مشددةً على أن الجماعة لم تكن تعلم عن علاقات رولاند أو البنك بمحمد بن زايد.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...