شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!

"لا تقوله صراحةً ولكني أشعر به"... أحاديث أمهات وبناتهن عن الزواج

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 30 مارس 202104:51 م

"تُشعرني والدتي بهذا الضغط من خلال المزاح. تستخدم السخرية لإيصال رسالتها بين الحين والآخر. كما تربط بعض المواضيع بالزواج مباشرةً. فإن دللتها على ديكور منزل أعجبني، تدعو 'عقبال ما أشوفه ببيتك'. لا أمانع هذا. ولكنها تشعرني بالضغط".

هذا ما تقوله لرصيف22 س.خ. مشيرةً إلى رغبة والدتها في زواجها بطرق غير مباشرة. وهي رغبة تشعر بها العديد من الفتيات والنساء، وتؤثر على بعضهنّ مهما تظاهرن بعدم الاكتراث لها.

"تُشعرني والدتي بهذا الضغط من خلال المزاح. تستخدم السخرية لإيصال رسالتها بين الحين والآخر".

تتابع أن والدتها كانت تهتم كثيراً بنظرة المجتمع، ولكنها باتت تتحدّث عن الزواج من منظور آخر، هو ربطه بالاستقرار والأمان ونجاح المرأة. تضيف: "أعلم أنها لا تزال مهتمة بنظرة المجتمع. لا تقول هذا صراحةً، ولكني أشعر به". 

أما ديانا حاكمي، فتعرب عن استغرابها من تحوّل مشاعر الأمهات بين ما قبل دخول الجامعة وما بعد التخرّج منها: "الحب والعلاقات كلّها ممنوعة قبل دخول الجامعة، لكنها تصبح مطلباً بعد التخرّج بشكل مفاجئ".

وتوضّح أنه في السنة الجامعية الرابعة، بدأت تلميحات والدتها إلى الزواج. وبعد التخرج، بات متوقعاً منها أن تعمل على هذا المشروع بهدف إنجازه بأسرع وقت.

تقول: "فجأة فتحوا الموضوع! صارحونا فيه من قبل مثلاً. لم نناقش الأمر في البيت سابقاً حتى تريدونا أن نتزوج فجأة بعد التخرّج".

وتضيف أن الحديث المباشر عن الزواج لم يعد يزعجها، وإنما الكلام المبطّن حوله. "أكثر أنواع 'النقّ' (الإلحاح) الذي يضايق الفتاة ليس ذلك الصريح كـ'متى ستتزوجين؟' أو 'يا ريت بنتي بتسمع الكلام وبتتزوج' أو 'كبرتي'، وإنما المبطّن كـ'شوفي ما أذكى هالبنت. تزوجت. عرفانة مصلحتها' أو 'هالبنت عنجد يُعتمد عليها'. نوع الإلحاح الذي يقلل من قدرك كفتاة غير متزوجة هو أكثر إلحاح أتحسس منه، حينما تصبح هناك مقارنات مع فتيات أخريات بشكل غير واضح. أما باقي أنواع الإلحاح، فتعودناها". 

على النقيض، تشير أمل المشرفية إلى أنها لا تستطيع القول إن والدتها ضغطت عليها، وإنما كانت هناك مجرّد "أمنية أو رغبة بأن ترى ابنتها سعيدة ومستقرة". تقول أمل إنها من هذا المنطلق فسّرت لوالدتها أنه "مثلما لا يوجد ضمانات في الحياة، ففي الزواج نفس الشيء. وأنه لا يضمن السعادة أو الاستقرار". ولفتت إلى أنها عايشت هذا الضغط من غير الأهل، مثل الصديقات اللواتي رأين في الزواج سعادتهنّ وأردن لها المثل.

وأشارت إلى نوع آخر من الضغط، هو الذي تضع بعض الفتيات أنفسهنّ فيه بسبب رغبتهنّ بالإنجاب. "بالنسبة للمرأة، يصبح الأمر كأنه قنبلة بيولوجية موقوتة".

في هذا التقرير، آراء لأمهات حول مشاعرهنّ تجاه زواج بناتهنّ. هل هناك شيء غير معبّر عنه ؟ ما الأفكار التي تراودهنّ وتسبب بتلميحات مستمرة للأمر؟ التقينا أمهات وفتيات، وأمهات وبناتهن، البعض تحدثن عن ذلك الإلحاح، وأخريات لم يعترفن به صراحة.

"أكثر أنواع 'النقّ' (الإلحاح) الذي يضايق الفتاة ليس ذلك الصريح وإنما المبطّن. نوع الإلحاح الذي يقلل من قدرك كفتاة غير متزوجة هو أكثر إلحاح أتحسس منه. أما باقي أنواع الإلحاح، فتعودناها..."

"حياة مشبعة بالعاطفة"

"مشاعر الأم مختلطة، فهي تريد لابنتها أن تعيش حياة مشبعة بالعاطفة كما هي مشبعة بالنجاح العملي مثلاً. وحتى الأمهات يقعن تحت ضغط مجتمعي! 'إيمتى بنتك بدها تتزوج'؟ 'ليش لهلق ما تزوجت'؟ وتأويلات كثيرة".

هذا ما تقوله لبنى ح.، وهي أم لابنتين. توضّح لرصيف22 من ناحية أخرى أن "البيت الذي تنشأ فيه الفتاة على أنها إنسان مستقل بذاته، مسؤول، قادر على المواجهة، يجعلها لا تنتظر الزواج طيلة الوقت، ولكن إذا أتى الشخص المناسب الذي يكمل هذه المنظومة ويحدث التكافؤ الاجتماعي والبيئي والثقافي، تكون أمام زواج ناضج قبل أن يكون تقليدياً وكأنه واجب".

وعن مفهوم "قطار الزواج"، تقول إنه بات كلمة بالية جداً، "هذا وأنا الأم التي تتمنى في داخلها أن تسعَد ابنتها بزواج أو قد تحب أن ترى حفيداً لها. ولكن ليس للزواج قطار ومحطات معينة. قد يأتي بسن العشرين أو الثلاثين وقد لا يأتي!". 

وتشير إلى أنه إذا وجد هذا المصطلح عند البعض، فهو بالتأكيد ضغط اجتماعي بشكل أو بآخر تتعرض له الفتيات، ومثال على ذلك عندما نرى فتاة يسألها البعض مباشرة "إيمتى بدنا نفرح فيكي؟". 

وتقول إن الزواج بات أصعب اليوم للكثير من الاعتبارات، "قد تكون للوهلة الأولى الأسباب المادية، وهذا أكيد، لكن متطلبات العصر وطريقة الحياة الجديدة المنفتحة ووسائل التواصل الاجتماعي اللامنتهية صعّبت الموضوع أكثر! تعارف وصداقات أو رفقاء ورفيقات، لكن دون الشعور أن هناك حاجة للزواج. هذا عدا نظرة بعض الفتيات للأمر، فهي الفتاة الشابة العاملة المستقلة، ماذا تريد إذاً من الارتباط؟".

"الأمان في الزواج في نظر بعض الأمهات والآباء يأتي من المسؤولية البحتة والخوف على الفتاة إذا ما غادر الأبوان الحياة".

وتعتبر لبنى الزواج "فرحة أو استكمالاً لحياة أقرها الله". أما عن ربطه بالأمان، فتقول: "الأمان في الزواج في نظر بعض الأمهات والآباء يأتي من المسؤولية البحتة والخوف على الفتاة إذا ما غادر الأبوان الحياة، فمن السند بعد ذلك؟ وقد تكون هذه مشاعري أيضاً! في النهاية الزواج هو جزء من الحياة وليس الحياة بأكملها، لكنه يوفر بيتاً مستقراً وأولاداً ومستقبلاً، إذا كان بناؤه منذ البداية صحيحاً قوياً".

وختمت: "مشاعر مختلطة تلك التي تراود الأم ورغبتها في رؤية ابنتها وهي تبدأ حياة جديدة بعيدة عنها. يعتصر القلب ولكنه سعيد. وقلب لا يفتر بالدعاء أن يكون زواجاً سعيداً وأن يكون هذا الشخص هو الحبيب والصديق قبل أن يكون زوجاً". 

"مشاعر الأم مختلطة، فهي تريد لابنتها أن تعيش حياة مشبعة بالعاطفة كما هي مشبعة بالنجاح العملي مثلاً. وحتى الأمهات يقعن تحت ضغط مجتمعي! 'إيمتى بنتك بدها تتزوج'؟ 'ليش لهلق ما تزوجت'؟ وتأويلات كثيرة..."

الزواج بشرط

أما عبير حسن، وهي أم لابنة واحدة، فتعتقد أن خوف بعض الفتيات من عدم الزواج يعود إلى ربطه بالقدرة على الإنجاب، والخوف مما يسمى مجتمعياً بـ"سن اليأس". وترجع رغبة الأمهات بزواج بناتهنّ إلى "الخوف الشديد عليهن، ولتكوين أسرة وأبناء، وبذلك يكون الأم والأب قد أتمّا الرسالة"، على حد قولها. 

وتلفت إلى أنها تتمنى أن ترى ابنتها عروساً، "ولكن إن لم يكن الزواج مبنياً على المودة والرحمة والتفاهم والاستقرار، فلا حاجة له، ولن يشعرني ذلك بالخجل (المجتمعي)".

وتشدد على أن "الزواج كأي مشروع قابل للنجاح أو للفشل، وقد تتوفر به عوامل الأمان أو لا تتوفر وذلك يعتمد على الشريكين". تضيف: "أحلم بأن تتزوج ابنتي. لكن في المقام الأول، ما أريده هو سعادتها، سواء تزوجت أم لا". 

"الحياة تهون مع الشريك"

"لم يتأخر الوقت بالنسبة لابنتي وهي من مشجعات فكرة التمهل والاختيار الدقيق. أما ما يمكن ملاحظته عند بنات صديقاتي اللواتي مررن بهذه التجربة، فإن التأخر بالزواج قد يخلق خوفاً وقلقاً من عدم الارتباط والحصول على الشخص المناسب". 

هذا ما تقوله مها البنك لرصيف22، وهي أيضاً أم لابنة واحدة، لافتة إلى أن "نظرة المجتمع إلى الزواج اختلفت بشكل كبير للكثير من الأسباب ولم تعد تشكل هذه الأهمية كالسابق". 

"الأمهات يعرفن أن تكوين الأنثى نفسياً وجسدياً يختلف عن الذكر".

أما عن رغبة الأمهات بزواج بناتهنّ، فتقول: "الحقيقة أن الأمهات يعرفن أن تكوين الأنثى نفسياً وجسدياً يختلف عن الذكر. لذلك تشعر الأم أن وجود رجل كزوج بجانب الأنثى يساعدها على تحمل أعباء الحياة، وخاصة أن الأهل غير دائمين". 

وتشير إلى أننا "كائنات اجتماعية وبحاجة لشريك بهذه الحياة للمشاركة بكل شيء. ويسعد الأهل بزواج الأولاد والبنات لشعورهم أن أبناءهم وجدوا الشريك". وترى أن الأمان يكمن في الشريك لأن "الحياة تهون مع شخص لديه المودة والرحمة والحب". 

وتختم: "الأهل متأكدون أنهم سيرحلون، وتبقى حياة بناتهم مع شريك الحياة هي الاستمرار". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image