شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"هي قوّة خارقة"... عن نبش شعور الأنوثة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 24 مارس 202112:15 م

بشكل غير مقصود، تجد بعض الفتيات والنساء أنفسهنّ في رحلة بحث عن عنصر داخليّ: الأنوثة كـ"شعور". وهو شعور قد يظهر لدى البعض عند مُمارستهنّ الرقص الشرقي أو شراء الملابس الداخلية، أو انجذاب الجنس الآخر لهنّ. 

المؤكد أنه لا يوجد تعريف واحد لمشاعر الأنوثة. وهذا ما تبيّن خلال حديث مع مجموعة نساء، في محاولة لمعرفة بعض تعريفاتها، ولماذا البحث عنها؟ وكيف تُسلب من الأساس؟

بشكل غير مقصود، تجد بعض الفتيات والنساء أنفسهنّ في رحلة بحث عن عنصر داخليّ: الأنوثة كـ"شعور". وهو شعور قد يظهر لدى البعض عند مُمارستهنّ الرقص الشرقي أو شراء الملابس الداخلية. لماذا البحث عنه؟ وكيف يُسلَب من الأساس؟

"كنت غير مرئية رغم حجمي"

"النظام الأبوي مثل التائه الذي لا يعرف ماذا يريد. يستخدم موضوع 'الأنوثة' لفرض قيود وشروط إضافية، وليضع النساء في مقارنات من خلال وضع معايير خاصة به. ولهذا أرى أنه لا ينبغي للمرأة الانصياع لهذا النظام". 

هذا ما تقوله لرصيف22 مديرة التحرير اللبنانية أمل المشرفية رداً على سؤال هل يقمع النظام الأبوي الأنوثة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.  

ترى المشرفية أن الأنوثة تُكبت عند الصغر بحجّة "التربية" و"العيب"، فيما تصبح "مطلباً" في ما بعد عندما تتخطى الفتاة العمر الذي يسمح لها بالزواج.

ولماذا قد تبحث المرأة عن مشاعر الأنوثة؟ تجيب أمل: "الأمر مرتبط بأن تكون مرغوبة. بمعنى أن المجتمع يعطي قيمة أكبر للشكل على حساب المضمون. فهناك من تبالغ بإظهار صفات أو مزايا الأنوثة لتكون مرغوبة ومحط اهتمام. من الممكن أن يكون الأمر مرتبطاً فقط برغبتها الشخصية، لكن بطريقة ما، في مجتمعاتنا العربية، أعتقد أن السبب الأول هو السائد أكثر". 

وفي ما يخصّ تعامل بعض فئات المجتمع مع النساء، مع تفاوت درجات "الأنوثة" بينهن، تشير أمل إلى أنها تلتمس اختلافاً بالتعامل "خاصة إذا قمنا بمقارنة بين امرأة يُطلق عليها تعبير 'امرأة ومكترة' وبين إمرأة تعتبر 'حسن صبي'". 

وتضيف: "حينما كان لدي وزن زائد، كنت غير مرئية رغم حجمي، واكتشفت هذا بعد خسارة بعض الوزن بالطبع! وبالتالي، المجتمع يعامل الشخص حسب معايير معينة، تعتمد بأغلبها على الشكل بالتأكيد". 

وما الأنوثة بالنسبة لها؟ تردّ: "أنوثتي هي من الأمور المفروغ منها. لا أفكر فيها ولا تشغلني من ناحية إن كانت أقل أو أكثر من أنوثة غيري، أو أن عليّ أن أكون أكثر أنوثة. وكثيراً ما يزعجني تحديد بعض الناس لما 'يجعل المرأة أقل أنوثة'، مثل أنها تستخدم ألفاظاً نابية أو أن يكون صوتها عالياً أو لكونها مدخّنة أو تشرب كحولاً، أو 'لا سمح الله' تكون سمينة! أشعر وكأن الموضوع يستخدم لمحاصرة الأنثى".

متى تشعرين بأنوثتك أو ما الأفعال التي تشعرك بأنوثتك؟ جوابها: "إذا أردنا الحديث بشكل تقليدي، فأنا أهتم بمظهري كثيراً، أحب تغيير تسريحة ولون شعري بشكل متكرر، أحب الـMakeup كثيراً ولكني لا أستخدمه بشكل يومي. أهتم بترتيب أظافري بشكل أسبوعي. بالمقابل، لا أهتم بأن ألبس بشكل مثير أو لافت للنظر. أُفضّل أن أشعر بالارتياح على أن أكون لافتة للنظر. ولا أرتدي كعباً عالياً سوى في المناسبات. أي شيء أفعله، يكون من منطلق أنه مريح لي، ولا يقيّدني".

"حينما كان لدي وزن زائد، كنت غير مرئية رغم حجمي، واكتشفت هذا بعد خسارة بعض الوزن بالطبع! وبالتالي، المجتمع يعامل الشخص حسب معايير معينة، تعتمد بأغلبها على الشكل بالتأكيد"

"رجولية الرجل تعطي الأنثى أنوثتها"

أما الأردنية شروق مكحل، المتخرجة من كليّة الإذاعة والتلفزيون، فتحكي لرصيف22 أن الأنوثة هي "الشعور الوحيد الذي من المقبول أن يشعرها بأنها نقيض الرجل، وهو الشعور الوحيد الذي يستسلم عنده كل رجل، والشعور الذي بسببه تستمرّ عوالم كبيرة مثل دور الأزياء وشركات الـMakeup، وما إلى ذلك"، مشيرة إلى أن شعور الأنوثة ناتج بشكل أساسي عن علاقة المرأة برجل شريك، أو هكذا تعتقد.

وتلفت إلى أنها تشعر بالأنوثة من خلال شراء ما يخصّ المرأة على سبيل المثال، أو رؤية طفل، موضحة أن هذا يحرك مشاعرها، أو "عند اللقاء بنقيضها متفجر الرجولة". وتتجسد "ذروة الإحساس بالأنوثة" بحسب شروق، خلال العلاقة الحميمية مع شريك وهو ما لم تجرّبه بعد وإنما تسمع عنه. تضيف: "في حال كان يفهم بالطبع، لأنه من الممكن أن تشعر المرأة بشيء سيئ لدرجة أن تكره أنوثتها". 

ولتعزز مشاعر الأنوثة، تمارس شروق الرقص الشرقي، قائلةً: "في كل مرة أتأكد أن لديّ مواهب مدفونة تستحق أن ترى الضوء". وكمُحجبة، تعتقد أن الحجاب يقلل من الأنوثة في العلن، إذ "تتجلى الأنوثة في مواضع الجمال، من الشعر إلى الرقبة، إلى العظمتين أسفل الرقبة، إلى الصدر وتقسيم الجسم، ووظيفة الحجاب الرئيسية إخفاء كل ذلك"، بحسب قولها. 

وأشارت إلى أن بعض المجتمعات قد تُشعر المرأة بأنها "ليست أنثى ما يكفي" بسبب معايير الجمال الحالية: "الصدر الكبير والمؤخرة الكبيرة". 

ولماذا قد تبحث المرأة عن الأنوثة؟ تردّ شروق: "الإنسان يبحث دائماً عمّا يفتقده. والمصدر الأصلي للأنوثة المفقودة هو النقيض للأنوثة، أي الرجل"، مضيفة: "رجولية الرجل تعطي الأنثى أنوثتها، بغض النظر من هو. قد يكون الأب في الطفولة، الأخ في مرحلة المراهقة، والشريك في مرحلة ما بعد البلوغ". 

"تتجسد 'ذروة الإحساس بالأنوثة' خلال العلاقة الحميمية مع شريك… في حال كان يفهم بالطبع، لأنه من الممكن أن تشعر المرأة بشيء سيئ لدرجة أن تكره أنوثتها"

"الإحساس بالأنوثة لا يقتصر على النساء"

"أي تعريف للأنوثة هو بالتأكيد تعريف نسبي. أعتقد أن أنوثتي تكمن في حبي للعطاء ورغبتي باحتواء الآخرين، في حدسي وقوة إحساسي بنفسي وبمحيطي. الأنوثة بالنسبة لي قوة خارقة Super power". 

هذا ما تقوله الشابة الفلسطينية علا يحيى لرصيف22، لافتةً إلى أنها تستشعر أنوثتها حينما تشعر بأنها متميزة أو مختلفة بسبب هذه الصفة، وحينما تشعر أنها لن تكون على ما هي عليه اليوم، إن كانت رجلاً. 

"للأسف، لست فخورة بذلك، أحياناً أشعر بأنوثتي بسبب مدح أو تعليق إيجابي من أشخاص سواء على شكلي، أو تفكيري، أو تصرفاتي".

وتضيف: "للأسف، لست فخورة بذلك، أحياناً أشعر بأنوثتي بسبب مدح أو تعليق إيجابي من أشخاص سواء على شكلي، أو تفكيري، أو تصرفاتي. لكنّي أعلم أن الاعتماد على الآخرين لاكتمال شعور بداخلنا هو أمر غير صحيح".

وتشير إلى أن أكثر ما يُشعرها بأنوثتها هو أن "أطلع حلوة هذا اليوم، أحط Makeup، ألبس لبس يخلّي شكل جسمي أحلى". 

ولا ترى أن المجتمع "يقمع" الأنوثة ولكنه يحصرها في شكل معيّن، موضحة: "الأنثى بحسب المجتمع هي الطرف الأضعف أو الأكثر هشاشة وبالتالي غير قادرة على التعامل مع الحياة كما هي"، وفي هذا السياق تقول إنه يجب تثقيف المجتمع بالمعنى الأوسع والأشمل للأنوثة.

و"المرأة الأكثر أنوثة" بحسب تعريف الشارع العربي، قد تُعامل بشكل ألطف، بالنسبة لعلا، لكن "ليس بطريقة ألطف دائماً، ففي أوقات، يكون للطف دوافع سلبية"، في إشارة إلى أنه قد يصيب المرأة هنا أي مكروه كاعتداء جنسي.  

وتختم: "الإحساس بالأنوثة لا يقتصر على النساء، يمكن أن يبحث أي شخص عن الأنوثة. كل شخص اضطر لسبب أو آخر أن يعيش حياة مزدوجة، ويكبت إحساساً موجوداً في داخله ويظهر إحساساً آخر يتناسب مع المجتمع، سيعود ويبحث عن الذي فقده في وقت من الأوقات".

"مجتمعاتنا الشرقية تقمع الأنوثة"

أما الصحافية السورية ديانا حاكمي، فتقول لرصيف22: "الأنوثة بالنسبة لي غير محددة. هي القدرة على أن يكون الشخص قوياً وحنوناً. هي توازن بين العطف مع الناس والشدّة أو الصرامة حينما يحتاج الأمر. شعور الأنوثة يكون حينما أتصرّف بهذه المشاعر بالتحديد. حينما أشعر بالقوة، مع أخذ مراعاة مشاعر الآخرين بعين الاعتبار".

"مجتمعاتنا الشرقية تقمع الأنوثة بطريقة مباشرة وغير مباشرة أيضاً بقول عبارات من قبيل: 'وطّي صوتك'، و'ما تتشخلعي وأنتِ بتمشي'، و'ما تخلي أنوثتك واضحة'".

وتؤكد أنها تشعر بالأنوثة في أماكن عدة،  مثل العمل، حينما يتم التجاوب معها عند طرح فكرة ما على سبيل المثال أكثر مما يتمّ التجاوب مع زميل لها. وأيضاً حينما يتم تسهيل مُعاملة لها في مكان ما لكونها أنثى.

ومن الأفعال التي تجعلها تشعر بأنوثتها الاعتناء. بالنفس وأيضاً حينما تعتني بالآخر. وترى أن الرقص الشرقي أيضاً من الأفعال التي تُشعرها بأنوثتها، ولكنه "هواية" ولا تقوم به لتُعزز هذا الشعور.

وتعتبر أن مجتمعاتنا الشرقية تقمع الأنوثة بطريقة مباشرة وغير مباشرة أيضاً بقول عبارات من قبيل: "وطّي صوتك"، و"ما تتشخلعي وأنتِ بتمشي"، و"ما تخلي أنوثتك واضحة". 

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard