شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اترك/ ي بصمَتك!

"لا مستقبل لي في سوريا"... هل يرغب اللاجئون السوريون في أوروبا بالعودة إلى وطنهم الأم؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 19 فبراير 202104:40 م

أصدرت منظمة اليوم التالي، وهي منظمة أسسها سوريون تتخذ من تركيا مقرًا لها وتهدف إلى دعم الانتقال الديمقراطي في سوريا، دراسة استقصائيّة في كانون الثاني/ يناير الماضي تحت عنوان "ما بين الاندماج والعودة – واقع اللاجئين السوريين الجدد في أوروبا" واستهدفت اللاجئين في أربع دول أوروبيّة (ألمانيا، فرنسا، هولندا، السويد) ممن أقاموا لسنة أو أكثر في البلد المُضيف، وكلّهم لجأوا إلى تلك الدول بعد انطلاق الثورة السوريّة في أواسط آذار/مارس سنة 2011، وهم 1600 شخص موزعون بالتساوي بين الدول الأربع (400 مستجيب/ة في كلّ دولة).

ضمن الدراسة الاستقصائيّة ورد سؤال، وصفته الدراسة بـ"الشائك"، يتمحور حول رغبة الفئة المستجيبة للدراسة بالعودة إلى سوريا إذا استقرت الأوضاع، ومن ثمّ شُرِحَت عبارة "إذا استقرت الأوضاع" من قبل مُعدّي الدراسة بأنّها "تحمل معاني مختلفة باختلاف المستجيبين، وهو أمر طبيعي مع تعدّد أوجه ومستويات الصراع في سوريا بين صراع محلي وإقليمي ودولي".
سوريا، البلد المُصدر الأول للاجئين منذ العام 2014: أكثر من 66% منهم لا يريدون العودة، حسب دراسة حديثة
أجاب 33.9% من المستجيبين للدراسة بنعم، يرغبون بالعودة والعيش في سوريا، فيما أجاب 66.1% برفضهم العودة.

وفي سؤال ملحق بالسؤال السابق، سُئِل المستجيبون عن شرطهم الأساسي للعودة، فأجاب 56.6% بأنّ إطلاق عملية تغيير سياسيّ حقيقيّة في البلاد تشمل أجزاءً من السلطة هو شرطهم الأساسي في العودة فيما قال 34.5% إنّ توقف العمليات العسكريّة بشكل نهائي بغض النظر عن شكل التسويّة هو شرط أساسي من أجل العودة إلى سوريا.

مؤتمر إعادة اللاجئين

تشير التقديرات إلى أنّ أكثر من نصف سكان سوريا، الذي بلغ عددهم التقريبي قبل بداية الثورة سنة 2011 أكثر من 22 مليوناً وانخفض في العام 2018 إلى حوالي 18 مليوناً، قد أصبحوا في عداد النازحين واللاجئين، إذ نزح داخليًا أكثر من ستة ملايين ولجأ إلى الدول المختلفة حوالي سبعة ملايين، وبشكل رئيسي إلى تركيا ولبنان والعراق والأردن ومصر والسودان وألمانيا وفرنسا وهولندا والسويد. وهذا ما جعل سوريا بلد المُصدر الأول للاجئين منذ العام 2014، إذ وصلت نسبة اللاجئين السوريين إلى 8.25% من نسبة اللاجئين عالميًا البالغ عددهم حوالي 80 مليوناً حتى نهاية العام 2019.
في هذا الإطار عقد النظام السوري برئاسة بشار الأسد في نهاية السنة الماضية مؤتمرًا دوليًا لإعادة اللاجئين بدعم روسي ودول حليفة للأسد مثل إيران والصين وفنزويلا، وعدد من دول الجوار كلبنان والعراق، فيما حضرت الأمم المُتحدة بصفة "مراقب" وقاطع الاتحاد الأوروبي هذا المؤتمر.
خلال كلمة الافتتاح التي نُقلت عبر تقنية الفيديو، اعتبر رأس النظام السوري، بشار الأسد، أنّ قضيّة اللاجئين هي "قضيّة مُفتعلة".
"لا أريد لابنتي أن تعيش في بلاد تنهكها الحرب والديكتاتوريّة وانعدام الحقوق والكرامة والعدالة"... لماذا لا يعود اللاجئون السوريون؟
رفض الاتحاد الأوروبي المشاركة في هذا المؤتمر، إذ قال "جوزيب بوريل"، وزير خارجيّة التكتل الأوروبي إنّ "الشروط الحاليّة في سوريا لا تُشجّع على الترويج لعودة طوعيّة على نطاق واسع ضمن ظروف أمنيّة وكرامة تتماشى مع القانون الدولي".
في وقت سابق لهذا المؤتمر في العام 2018، كانت مجموعة مصغّرة من الدول (ألمانيا والسعوديّة ومصر والولايات المتحدة الأمريكيّة وفرنسا والأردن والمملكة المتحدة) قد أصدرت بيانًا حول سوريا، أكدّت أنّ لا حل في سوريا قبل إيجاد حل سياسي دائم مبني على أساس قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

(صورة من مؤتمر عودة اللاجئين السوريين أثناء إلقاء الأسد لكلمته عبر فيديو مصوّر. المصدر وكالة سبوتنيك الروسيّة)

هل يرغب اللاجئون حقًا في العودة؟

"لن أعود إلى سوريا في ظل نظام الأسد" تقول ديما لرصيف22، وهي لاجئة سوريّة (38 سنة) تعيش في ألمانيا منذ سبع سنوات وتضيف أنّها "قد تفكر بتجربة الحياة في سوريا بعد سقوط الأسد، لكنّها لا تعتقد بأنّ هذا ممكن على المدى المنظور".
في سؤال رصيف22 لوسيم، وهو لاجئ سوري يعيش في ألمانيا منذ ثماني سنوات عن رغبته بالعودة إلى سوريا، أجاب بأنّه لن يعود لسببين اثنين أولهما "وجود الأسد وجماعته وانتهاكاتهم" والثاني هو "تغيير المجتمع في سوريا، حيث تحّول بفعل سنوات الحرب إلى مجتمع وحشي. تغيرت تركيبة المجتمع وانعدمت محبة الآخر وازدادت الأفعال الأنانيّة بسبب ما فعلته الحرب الأهليّة بالبشر هناك".
يضيف وسيم (41 سنة) أنّ شخصيته قد تغيرت في أوروبا، وصارت الحريات الشخصيّة بالنسبة إليه أولويّة وهو ما لا يوفره المجتمع السوري في الوقت الحالي، "لم أعد أشبه الناس في سوريا، المجتمع مختلف عني كليًا. قد أزورها يومًا ما لكنني لن أعيش هناك مرة أخرى" يقول وسيم.
"لقد بنيتُ عائلة هنا" يقول يوسف (30 سنة) لرصيف22، وهو لاجئ سوري يعيش في أوروبا منذ تسع سنوات، "لدي شريكة أوروبيّة، وطفلتنا نصفها أوروبي ونصفها شرق أوسطي، لا أريد لها أن تعيش في بلاد تنهكها الحرب والديكتاتوريّة وانعدام الحقوق والكرامة والعدالة". ويضيف أنّه قد يفكر بالعودة إذا ما كبرت ابنته وتحلّل من مسؤوليتها "لكن ذلك في حال وجود دولة ديمقراطيّة تحترم الحريات وفيها نوع من العدالة والأمان، وذلك لن يكون بوجود عائلة الأسد في الحكم، على كلّ حال هذا لن يحدث قبل عشرين سنة" يقول يوسف.
يقول زانا (25 سنة) لرصيف22، وقد لجأ إلى ألمانيا منذ خمس سنوات، إنّه على سبيل المثال يستطيع امتلاك عقار في ألمانيا يومًا ما، هذا كان حلمًا بالنسبة إليه في سوريا، وهو من الأكراد المكتومي القيد، الذين لا يستطيعون امتلاك شيء في سوريا، ولا حتى شهادة مدرسيّة، رغم أنّه وُلد هو وأجداده هناك.
ويضيف زانا أن الحياة في ألمانيا أسهل وأنّه لن يعود إلى سوريا بغض النظر عن الحرب، لأنّ مستقبله مؤمنٌ بشكل ما هنا، ولا مستقبل له في سوريا.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard