شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
يوميات جمال الدين الأفغاني في باريس كما روتها تقارير البوليس السرّي الفرنسي

يوميات جمال الدين الأفغاني في باريس كما روتها تقارير البوليس السرّي الفرنسي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 23 مارس 202110:59 ص


تتوارى أزقة باريس الرمادية تحت طبقة سميكة من الثلوج، فيما تذرع الريح الباردة، القادمة من تخوم القطب، المدينة في جولة من جولات برد شباط القاسية. يبدو شتاء 1883 غير مختلف عن الشتاءات التي مرّت على المدينة، إلا أنه سيكون فارقاً ومفصلياً لرجل يرتدي عمامة سوداء، ويدخل الكهولة بروح الشباب الثائر. فقد وصل السيد جمال الدين الحسيني الأفغاني الأسد آبادي لتوه إلى عاصمة الجمهورية الفرنسية الثالثة، قادماً من الشرق الأقصى، في رحلة بحرية طويلة.

لم يكن الأفغاني شخصاً عادياً، فهو إحدى الشخصيات الأكثر جدلاً في تاريخ المسلمين الحديث، وسبق قدومه إلى باريس تاريخ حافل من النشاط السياسي والفكري الذي جرّه وراءه من عواصم الشرق الملتهبة، من الآستانة العثمانية وصولاً إلى حيدر أباد الهندية مروراً بالقاهرة، حيث ترك أثراً سياسياً في النخب الدينية الصاعدة في تلك العواصم.

عام 1969، نشرت الباحثة الإيرانية هوما باكدمان رسالتها للدكتوراه، والتي اهتمت فيها بالأفغاني، عن دار النشر الفرنسية الشهيرة "ميزونوف ولاروز"، وقدّم لها المستشرق الفرنسي الماركسي، مكسيم رودنسون.

كشفت الدراسة عن مجموعة من الوثائق التي نُشرت لأول مرّة حول حياة الأفغاني في باريس، وكان لافتاً من خلال الملاحق التي نشرتها الباحثة في كتابها الجزء المتعلق بالوثائق الأمنية، وهي عبارة عن تقارير حررتها الأجهزة الأمنية الفرنسية حول تحركات الأفغاني وعلاقاته.

ظلّت بقية هذه الوثائق لعقود حبيسة في رسالة باكدمان دون أن تصل إلى القارئ العربي، بالرغم من الدراسات العديدة التي نشرت حول الأفغاني وحياته وخاصة في ما يتعلق بمواقفه من القضايا العربية في عصره كالثورة العرابية في مصر وعلاقته بالخديوي توفيق (1852-1892) والثورة المهدية في السودان (1881-1885) والاستعمار الإنكليزي.

وخلال الاحتفال بالذكرى المئوية لرحيل الأفغاني (ت. 1897)، نشر الباحث التونسي محمد الحداد كتيباً تحت عنوان "الأفغاني: صفحات مجهولة من حياته، دراسات ووثائق" (1997)، محاولاً الاحتفاء على طريقته بالأفغاني، من خلال نقل عدد مهم من الوثائق حول حياة الرجل للعربية، ومن بينها الوثائق الأمنية التي تخص حياته في باريس، والواردة في رسالة الباحثة الإيرانية باكدمان، إلى جانب وثائق أخرى تتعلق بسجالات فكرية كان الأفغاني يخوضها في مجتمع النخبة الفرنسية وأشهرها سجاله اللاهوتي حول الإسلام والعلم مع المؤرخ الفرنسي إرنست رينان (1883).

"غزير الثقافة ويتحدث بثماني لغات"

في 20 حزيران/ يونيو 1883، أرسل مدير شؤون الإجرام في شرطة لندن رسالة إلى رئيس الشرطة الفرنسية يطلب فيها التعاون من أجل معلومات حول الأفغاني، وعلل طلبه بأن الأفغاني كتب رسائل تهديد للعديد من الشخصيات في مصر، فشرعت الأجهزة الأمنية الفرنسية في التحقيق حول المزاعم البريطانية وكان ردها شديد الإيجاز في رسالة مؤرخة بتاريخ 20 تموز/ يوليو يقول فيها رئيس الشرطة الفرنسية لنظيره في لندن:

"يشرّفني أن أنقل لكم هنا نتائج التحقيق الذي أمرت به بهذه المناسبة. السيد جمال الدين هو من رجال القلم، أصله من أفغانستان، عمره 45 سنة، أعزب يقيم منذ 17 شباط (فبراير) في عدد 16 شارع سيز (Rue de Sèze) – الدائرة الباريسية العاشرة، ويدفع إيجاراً مقداره خمسون فرنكاً. لقد استأجر هذا البيت باسم ‘جمال الدين’ وكان قادماً من كلكتا (الهند) ولم يسبق له القدوم إلى باريس. المشهور عنه أنه غزير الثقافة وأنه يتحدث بثماني لغات رغم أنه يستعمل الفرنسية بكثير من العسر. شارك السيد يعقوب صنوع – أستاذ اللغة العربية ورئيس تحرير صحيفة عربية مقرها في باريس، 48 جادة كليشي – تحرير عدة مقالات مناوئة لإنكلترا. يستقبل العديد من الزوار ويبدو مترفه الحال. سلوكه اليومي وأخلاقه لا تدعو إلى أية ملاحظة سلبية".

يعقوب صنوع

ويشير الحداد في تعليقه على الوثيقة الأمنية الفرنسية إلى أن "فرنسا كانت في ذلك الوقت عاقدة العزم على مكايدة البريطانيين بعد احتلالهم مصر في 1882، فسمحت لبعض مناوئي ذلك الاحتلال بالإقامة على أراضيها وتوجيه نشاطاتهم ضد الإنكليز وقد استفاد جمال الدين الأفغاني من هذا الوضع وأقام في باريس، ويتبيّن من خلال التقرير أن الأفغاني حتى ذلك الوقت لم تكن (باريس) تعتبره من العناصر الخطيرة، رغم أن المعلومات الواردة بشأنه تبدو قليلة جداً".

ويظهر في نص الوثيقة الفرنسية اسم يعقوب صنوع، أحد رفاق الأفغاني في باريس منذ قدومه إليها. كان لصنوع، وهو يهودي مصري ومن رواد المسرح الساخر، دورٌ بارز في استقبال الأفغاني وتقديمه للنخب الفرنسية وللصحافة، وقد شاركه الأفغاني في تحرير الصحف التي كان يصدرها في باريس، "أبو نضارة" و"الوطني المصري"، والتي كانت تعادي الوجود البريطاني في مصر.

"لم يكن هذا الرجل مسلماً أبداً"

لاحقاً، بدأت المخابرات الفرنسية في إجراء متابعة دقيقة لنشاط الأفغاني وعلاقاته، وبعد عام من قدومه، وضعت مصالح إدارة الشرطة الباريسية مذكرة في 28 آذار/ مارس 1884 ترصد تاريخه ومعتقده قبل وصوله إلى فرنسا يقول كاتبها:

"جمال الدين (...) ذو روح شديدة التحرر تميّزه عن غيره من أصحاب ديانته. لقد شارك هؤلاء فترة ما كراهيتهم للأجانب وخاصة الإنكليز، أول مَن نال عداوته في بداية درب نضاله الذي لم يتوقف أبداً. لم يشهد الاحتلال الإنكليزي في الهند عدواً في مثل عناده وإصراره. (...) بل يقال إنه ادّعى النبوة مثل صديقه أحمد مهدي السودان (الزعيم السوداني محمد أحمد المهدي). ولقد نشطت السلطات الإنكليزية في البحث عنه ولم يفلت من أيديها إلا بفضل إخلاص أصحاب ديانته الذين أخفوه فترة ثم يسّروا له فرصة السفر بحراً. وصل إلى الآستانة واستُقبل بحفاوة كبيرة، فقد استقبله السلطان عبد العزيز في قصره استقبالاً تخللته كل مظاهر الاحترام، كذلك عامله خلفاء عبد العزيز بالاعتبار عينه، آملين استعمال نفوذه عند الضرورة لدى مسلمي الهند ضد الإنكليز، حلفائهم الأعزاء، وقد تابع الإنكليز تحركاته في الآستانة وطلبوا من الحكومة العثمانية أكثر من مرة توقيفه وإبعاده ولكن دون جدوى. إلا أن جمال الدين قدّم لهم بنفسه، مع الأسف، فرصة الإيقاع به. فقد عُيّن أستاذاً بإحدى المدارس فتعرض ذات مرة في درس عام إلى أصول الديانة الإسلامية وهيّجه تصفيق أعضاء ‘تركيا الفتاة’ فبلغ به الحد أن نعت محمداً بالدجال واعتبره هو وبقية الأنبياء ‘أصحاب حرفة يجنون وحدهم مكاسبها’. لقد فجّر فضيحة ضخمة ووجدت السفارة الإنكليزية الفرصة مناسبة لتصوير جمال الدين بصورة الرجل الخطير الجدير بالعقاب".

"تعرّض ذات مرة في درس عام إلى أصول الديانة الإسلامية وهيّجه تصفيق أعضاء ‘تركيا الفتاة’ فبلغ به الحد أن نعت محمداً بالدجال واعتبره هو وبقية الأنبياء ‘أصحاب حرفة يجنون وحدهم مكاسبها’"

ويتابع كاتب المذكرة سرد مسيرة الأفغاني حتى قدومه إلى باريس: "التقى في باريس خليل غانم أفندي، الذي كان قد عرفه في الآستانة كاتباً لأسعد باشا، أحد كبار الوزراء سابقاً (مدير المنح العثمانية في باريس). لقد عيّن خليل غانم سنة 1877 نائباً لسوريا في المجلس العثماني واختار المنفى تجنباً للسجن أو لما هو أقسى من ذلك لأن السلطان نقم عليه. وكان خليل غانم محرراً في صحيفة "لوديبيا" ففتح أعمدتها أمام جمال الدين الذي نشر فيها مقالات حول تأثير الديانة الإسلامية لا يتذكرها المسلمون إلا كارهين مرعوبين، فهم يعتبرونها خيانة من مشارك لهم في الدين. لقد قرأت في تلك الفترة إحدى هذه المقالات على موظف عثماني سامٍ كان في رحلة إلى باريس فصرخ: لم يكن هذا الرجل مسلماً أبداً".

يُشار إلى أن خليل غانم، وبعد أن شدّ الرحال إلى المنفى، أصبح من أشد المدافعين على استقلال العرب عن السلطنة العثمانية، وقد عمل محرراً في جريدة "الفيغارو"، وأصبح مقرّباً من الإدارة الفرنسية. ويقاسمه الأفكار نفسها شقيقه شكري، الكاتب المسرحي اللبناني، والذي هرب من بلاد الشام نحو مصر ثم باريس وانتهى به المطاف مترجماً في مكتب "الفيغارو" في تونس.

"من جنود المهدي"

عندما وصل الأفغاني إلى باريس، كانت الثورة المهدية في السودان تعيش أيام عزها (1881-1885). خرج محمد أحمد المهدي، مؤسس الطائفة المهدية، في عام 1881 ثائراً ضد الحكم المصري للسودان، ما تطور لاحقاً إلى صراع ضد الاحتلال الإنكليزي، ونجح بحلول عام 1883 في هزيمة الجيش المصري المدعوم إنكليزياً والذي قاده الضابط البريطاني "هكس باشا"، في واقعة "الأبيض".

أثارت انتصارات المهدي، في سياق الهزائم التي تعرض لها العالم العربي والإسلامي في نهاية القرن التاسع عشر، عواطف جياشة لدى قطاعات واسعة من المثقفين العرب والمسلمين في ذلك الوقت، بينهم جمال الدين الأفغاني.

"جمال الدين، شأنه شأن كل الشرقيين، قادر على المجاملة عندما يلاحظ عجزه عن المعاداة... يضحّي بأفكاره الليبرالية ويعود مسلماً متحمساً مدفوعاً بكراهيته للإنكليز ورغبته في الاستحواذ على حق التحدث باسم المهدي بعد أن كان يظهر في الآستانة بمظهر المفكر المتحرر"

وفي هذا السياق، يقول كاتب مذكرة المخابرات الفرنسية: "تعرّف جمال الدين على السيد روشفور (Rochefort) وكتب مرات عديدة في صحيفة ‘الإنترانسجان’ (L'Intransigeant)، ثم استيقظت كراهيته للإنكليز بنشاط حثيث على وقع الانتصارات الأولى التي حققها المهدي في السودان، فعاد إلى تحمسه الأول للإسلام ليقاوم به الإنكليز، إذ أنه الوسيلة الوحيدة لتحريك الجماهير السودانية التي تخلط بين الدين والوطنية. لقد التحم بالنبي الأسود (المهدي)، بل لعله ذهب للقائه في معسكره ونصّب نفسه ممثلاً للمهدي ومنافحاً عنه في باريس، حيث نشر صحيفة عربية عنوانها ‘العروة الوثقى’".

وروشفور المذكور هو هنري روشفور (1831-1913) الذي ربطت الأفعاني به علاقة متينة، وكان المحرر الرئيسي لجريدة "الإنترانسجان''، واسمها يعني "المتصلب"، وكان اشتراكياً صلباً، وأحد رموز "كومونة باريس".

وتشيد المذكرة الفرنسية بالدور الذي لعبه الأفغاني في بناء جسور الثقة بين الإمام محمد المهدي وفرنسا بالقول: "نحن مدينون له بما نالته فرنسا لدى المهدي من تأثير وحظوة. لقد تضمنت مراسلة وردت من مصر منذ أيام قليلة أن المهدي قال لمبعوثي الجنرال غوردون (قائد الجيوش البريطانية في السودان) إنه ‘لن يتفاوض أبداً مع الإنكليز، لكنه مستعد للتفاوض مع الفرنسيين بشأن السلام’ وتضيف البرقية الإخبارية ‘إن فرنسا مدينة إلى وكيلها في الخرطوم، السيد هربين Herbin بهذا الاحترام الذي يكنه لها المهدي’، لكن الحقيقة أنه كان مستحيلاً على السيد هربين الاتصال من الخرطوم بالنبي (المهدي)، وإنما يرجع الفضل إلى جمال الدين في الحظوة التي نالتها فرنسا لدى الثوار. أضف إلى ذلك أن صحيفة ‘الإنترانسجان’ أعلنت منذ بضعة أيام إيفاد السيدين أوليفيه بان Olivier Pain وروشفور الابن إلى معسكر السودان فلا بد أنهما يحملان مكاتيب توصية من جمال الدين".

كما أشارت المخابرات الفرنسية في مذكرتها إلى "اللعبة السياسية" التي يقوم بها الأفغاني، في سياق دعمه للمهدي، إذ يحاول أن يدفع بالتناقض بين تركيا وإنكلترا إلى أقصاه، منطلقاً من طبيعته البراغماتية، وفقاً للوثيقة التي يقول كاتبها محاولاً تحليل هذه النفعية: "إن جمال الدين، شأنه شأن كل الشرقيين، قادر على المجاملة عندما يلاحظ عجزه عن المعاداة، فلقد رأيناه يضحّي بأفكاره الليبرالية ويعود مسلماً متحمساً مدفوعاً بكراهيته للإنكليز ورغبته في الاستحواذ على حق التحدث باسم المهدي بعد أن كان يظهر في الآستانة بمظهر المفكر المتحرر. ولا مجال للشك في أنه عندما تتخلص مصر والسودان من الاحتلال الإنكليزي سينقلب جمال الدين ضد الأتراك الذين يحتاج الثوار السودانيون إلى دعمهم اليوم للانتصار على الإنكليز، رغم أن دعمهم سياسي بحت إلى حد الآن. يبدو أن الخطة التي يتبعها المهدي وجمال الدين حالياً هي قطع الطريق أمام كل محاولة اتفاق بين تركيا وإنكلترا حول المسألة السودانية".

غموض حول تمويل "العروة الوثقى"

بعد فترة من المساهمة في تحرير صحف يعقوب صنوع، توجّه الأفغاني نحو تأسيس جريدته الخاصة "العروة الوثقى" في آذار/ مارس 1884. وتشير المذكرة الأمنية الفرنسية الصادرة في الشهر نفسه إلى أن الجريدة كان "مقرها بعدد 6 شارع مارتيل (Rue Martel) أما هدفها، على ما ورد في التعريف بها، فهو محاربة الإنكليز الذين اغتصبوا مصر، ومحاربة السلطان الذي اغتصب الخلافة، ثم ضم المسلمين إلى دعوة المهدي وحثهم على الاعتراف به نبياً بشّر القرآن بظهوره... ترسَل الصحيفة في شكل حزم بضائع إلى البلاد العربية وشمال إفريقيا، وقد صدر منها عددان يفيان بما وعد به جمال الدين من إثارة ضد الإنكليز، لكنهما لا يتضمنان نفس النقد موجهاً إلى السلطان، على عكس ما كان منتظراً من قراءة التعريف بالصحيفة. إن هذا التغيير يؤكد الشائعات التي سبق أن عرضتها حول اتفاق مفترض بين المهدي والسلطان (العثماني). على أنه يجدر التساؤل عن الجهة التي تتولى تمويل الصحيفة العربية لجمال الدين ذات التكلفة الباهظة. هل يملك المهدي موارد مالية؟ إن هذا أمر مشكوك فيه".

وفي وثيقة أخرى نشرها الدكتور محمد الحداد في كتابه، نجد رواية يمكن أن تكون حلاً لأحجية تمويل العروة الوثقى الغامض، إذ تكشف رسالة وصلت إلى هيئة تحرير "صحيفة باريس" في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1884 من شخص مقيم في إيطاليا، ويبدو أنه أحد المعاونين السابقين للأفغاني، عن تمويل مصري للجريدة العربية الوليدة.

ويكشف كاتب الرسالة التي نشرتها الصحيفة الفرنسية، بتاريخ 3 كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، أن ممول الجريدة هو إسماعيل باشا، خديوي مصر المخلوع في العام 1879، والذي كان يقيم حينذاك في مدينة نابولي في إيطاليا، حيث نجح أحد الوسطاء أن يحصل من الخديوي على هبة بمليون فرنك فرنسي لفائدة جمال الدين.

ويقول الكاتب المجهول: "لما تخلص الشيخ من الضيق المالي استقدم من بيروت صديقاً له هو محمد عبده" للعمل معه في الجريدة. لكن صدور الجريدة أصبح مهدداً بعد مدة بسبب نقص التمويل، إذ رفض إسماعيل باشا أن يقدّم مزيداً من الهبات للأفغاني بعد أن منحه 2000 فرنك إضافية تحت إلحاح شديد، وفقاً للوثيقة.

أدى ذلك إلى الاستنجاد بالجنرال حسين التونسي، وهو مساعد سابق للوزير خير الدين باشا في تونس وأول رئيس لبلدية تونس وأحد المساهمين في تحرير العبيد. وكان التونسي مقيماً في منفاه الإيطالي بعد دخول الاحتلال الفرنسي إلى تونس، وكان ويمتلك ثروة كبيرة، وجرى التواصل معه لغرض سد النقص في ميزانية الجريدة، ومع ذلك فقد توقفت عن الصدور في تشرين الأول/ أكتوبر 1884، ولم تكن قد أطفأت شمعتها الأولى بعد.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image