السمنة هي "جائحة عالمية بحد ذاتها"، هذا ما حذرت منه الأمم المتحدة في عام 2020.
الآن، ثبُت أن زيادة الوزن والسمنة مرتبطتان بشكل أساسي بنسبة غير قليلة من حالات الإصابة والوفاة المتصلة بفيروس كورونا المستجد بعدما بيّن تقرير صادر عن "الاتحاد العالمي للسمنة" (World Obesity Federation)، هذا الأسبوع، أن الغالبية العظمى من وفيات كورونا على مستوى العالم وقعت في دول ذات مستويات عالية من السمنة.
ووجد الاتحاد - عقب تحليل لمعدلات وفيات كورونا العالمية بالمقارنة مع معدلات السمنة في الدول المبحوثة، أن 88% من الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 في العام الأول للجائحة حدثت في بلدان يُصنف أكثر من نصف سكانها على أنهم يعانون زيادة الوزن.
وأن يُصنف الشخص بأنه زائد الوزن يعني أن مؤشر كتلة الجسم (BMI) له أعلى من 25. أما السمنة، فتعني أن مؤشر كتلة الجسم فوق 30.
وشمل التقرير المعنون: "كوفيد-19 والسمنة… أطلس 2021"، جميع الدول العربية ما عدا فلسطين. ومن المنطقة أيضاً، ضم تركيا وإيران وإسرائيل. ومن دول العالم المتقدم التي يعاني سكانها السمنة وشهدت بعض أكبر نسب وفيات كورونا أيضاً: بريطانيا وإيطاليا والولايات المتحدة.
ارتباط ملحوظ
في حين توفي نحو 2.5 مليون شخص بكوفيد حول العالم، كان 2.2 مليون منهم في دول تعاني معدلات مرتفعة من السمنة، وفق التحليل المستند إلى بيانات مستقاة من مصادر موثوقة مثل جامعة جونز هوبكنز وما تصدره عن وفيات كورونا، والمرصد الصحي العالمي التابع لمنظمة الصحة العالمية، وبياناته حول السمنة.
لاحظ الاتحاد العالمي للسمنة أيضاً، أن معدلات الوفاة بكورونا تتناسب طردياً مع نسبة زائدة الوزن من السكان. ففي البلدان التي يُصنف أقل من نصف سكانها البالغين على أنهم يعانون من زيادة الوزن، تقل الوفيات إلى العُشر مقارنةً بالبلدان ذات النسب الأعلى من السمنة بين بالغيها. ولوحظ في الوقت عينه ارتباط ارتفاع مؤشر كتلة الجسم بزيادة خطر دخول المستشفى، والحاجة إلى العناية المركزة والتنفس الاصطناعي لدى الإصابة بالفيروس التاجي.
تحذير: في #اليوم_العالمي_لمكافحة_السمنة… زيادة الوزن ترفع مخاطر الإصابة بكورونا وتطوير أعراض خطيرة تستوجب دخول المستشفى تصل إلى الوفاة بالفيروس
أورد التقرير كذلك أنه في جميع أنحاء العالم كانت زيادة الوزن ثاني أكبر مؤشر بعد تقدم العمر على تطوير أعراض خطيرة لكورونا تستوجب دخول المستشفى و/ أو ارتفاع خطر الوفاة بالفيروس.
وفي ما خص الكُلفة الاقتصادية لكورونا، قال معد التقرير، تيم لوبستين، الأستاذ الزائر في جامعة سيدني والمستشار السابق لمنظمة الصحة العالمية، إن الوباء قد يكلف العالم نحو 28 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة بين 2020 و2025.
واستنتج أن ما بين ستة إلى سبعة مليارات من هذا المبلغ، قد تكون مرتبطة بزيادة الوزن.
أولوية التلقيح
تبعاً لما سبق، حث الاتحاد ومقره لندن حكومات العالم على منح الأولوية للأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة في إجراء اختبارات الكشف عن فيروس كورونا والرعاية الصحية وكذلك التلقيح.
مع ذلك، اعتُبرت اللقاحات غير كافية لحماية هذه الفئة من خطر الوباء. في إجابة عن سؤال: إذا كانت لقاحات كوفيد-19 فعّالة، هل يشعرنا ذلك بالارتياح؟ أجاب التقرير: "لا".
ويشعر باحثون بالقلق من أن لقاحات كورونا قد لا توفر للأشخاص الذين يعانون السمنة نفس القدر من الحماية الذي تمنحه لأولئك الذين لا يعانون زيادة الوزن. ومن الثابت علمياً أن مرضى السمنة المفرطة لديهم استجابة مناعية غير منتظمة، ما يمكن معه توقع أن تكون لقاحات covid-19 أقل فعالية لديهم.
تحذيرات سابقة
وفيما يقدم تقرير الاتحاد العالمي للسمنة - الذي تزامن مع اليوم العالمي لمكافحة السمنة والموافق 4 آذار/ مارس - الدليل الإحصائي العالمي الأول على اقتران السمنة بالأعراض الخطيرة لكورونا حتى الوفاة بالفيروس، حذّر خبراء كُثر من هذه الارتباط في السابق.
معدلات الوفاة بكورونا في البلدان التي يُصنف أقل من نصف سكانها البالغين كزائدين في الوزن تقل إلى العُشر مقارنةً بالبلدان ذات النسب الأعلى من السمنة بين بالغيها
وكان كبير علماء الأوبئة في فرنسا، البروفيسور جان فرانسوا دلفريسي، الذي يرأس المجلس العلمي الذي يقدم المشورة للحكومة بشأن الوباء، قد حذّر، في آب/ أغسطس الماضي، من أن زيادة الوزن تمثل خطراً كبيراً على المصابين بفيروس كورونا، رابطاً بين تفشي الفيروس في أمريكا ونسب البدانة المرتفعة بها.
وأضاف: "هذا الفيروس رهيب ويمكن أن يصيب الشباب ولا سيما الذين يعانون من السمنة. الذين يعانون من زيادة الوزن يحتاجون إلى توخي الحذر حقاً".
وقبل ذلك، نظر أطباء في أمريكا وألمانيا إلى السمنة كعامل "غير مباشر" في تفشي كوفيد والوفاة به، معتبرين أن الأمراض المرتبطة بالسمنة مثل السكري والضغط وأمراض الأوعية الدموية من الأسباب المباشرة لتفاقم المرض. وحث أطباء في البلدين المرضى من أصحاب الوزن الزائد على تخفيف الوزن والاحتراس الزائد من خطر الإصابة بالفيروس التاجي.
لكن تقريراً لهيئة الصحة العامة في إنكلترا، يستند إلى بيانات الفيروس المحلية، صدر نهاية تموز/ يوليو الماضي، نبه إلى أن من يعانون من السمنة أو الزيادة في الوزن معرضون أكثر من غيرهم لخطر الوفاة أو الاعتلال الشديد لدى إصابتهم بالفيروس.
وذكرت الهيئة الصحية آنذاك أن من يتراوح مؤشر كتلة الجسم لديهم بين 30 و35، يزيد خطر وفاتهم جراء الإصابة بكوفيد-19 بنسبة 40%، فيما ترتفع النسبة إلى 90% بين من يزيد مؤشر كتلة الجسم لهم عن 40.
ويعد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أبرز الأمثلة على ذلك. وقد بدأ في فقدان الوزن جنباً إلى جنب مع التعهد بمعالجة مشكلة السمنة، عقب دخوله العناية المركزة إثر إصابته بكوفيد-19 العام الماضي.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...