شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!

"المرأة لا تضيء كالأفلام"... زواج مدمني البورنو

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 4 مارس 202111:24 ص

"بدأت في مشاهدة أول مقطع إباحي في عمر الـ 10 سنوات بعد تشجيع أصدقائي، وأدمنت المشاهدة، حاولت مراراً التوقف في شهر رمضان أو غيره، وفشلت، وقال لي بعض الأصدقاء لما تتجوز هتبطل"، يحكي الشاب "أ. م" البالغ من العمر 29 عاماً، وهو مهندس في القاهرة.

حاول الشاب العشريني أن يسرع في أمر الزواج، واختار فتاة تصغره بخمس سنوات، جميلة بمقاييسه، ولكنه بعد مرور الأيام الأولى على زواجه عاد أيضاً للمشاهدة. بدأ يقارن بين ما يراه على الشاشة والواقع، ومن ثم زاد اهتمامه بالشاشة أكثر، يقول عن زوجته: "هي مهما فعلت لي، لن تقدم ما أشاهده، حاوَلَت تنبيهي عدة مرات لتجاهلي لها، وعدم إعطائها حقوقها الزوجية، لا أعرف إن كنت قد ضعفت فعلًا من إدماني على الإباحية، أم أن مستوى الإثارة منخفض بالنسبة لي أم ماذا، لكن كانت النتيجة طفلاً، وابتعادي شهوراً عن زوجتي، حتى اكتشفت الأمر، وأدهشني ذكاؤها في التعامل معي".

"حاولت مساعدتي، ذهبنا لطبيب مختص في علاج حالات إدمان الإباحية، ووضع لي خطة للتعافي، لكن الأمر صعب، 17 سنة من الإدمان ليس بقليلة، أحاول، وأفشل، وما زلت مستمراً في بعدي عن زوجتي، لا تحدث لي إثارة ولا أستطيع أن أكون معها في غرفة واحدة، سئمت الهروب منها، والفشل حتى أتممت معها ثلاثة أعوام".

دائماً يقارن بين ما يراه على الشاشة والواقع، ومن ثم زاد اهتمامه بالشاشة أكثر، يقول: "زوجتي مهما فعلت لي، لن تقدم ما أشاهده"

قررت زوجته أن تبتعد، وتطلب الطلاق بعد عشرات المحاولات معه.

تتشابه قصة "أ.س" البالغ من العمر 52 عاماً، ويعمل بالتجارة في ضواحي مدينة الزقازيق، مع الحكاية السابقة، يوجز قصته قائلاً لرصيف22: "سأبدأ من النهاية، خسرت بيتي وزوجتين بسبب إدماني على الإباحية، لم أستطع تحمل نظرة زوجتي الأولى لكوني غير مكتمل الرجولة في عينها".

كان الرجل الخمسيني يقضي فترات طويلة في مشاهدة الأفلام الإباحية، وأثرت في أدائه بـ "واجباته الزوجية"، على حد تعبيره، فقرر أن يطلق زوجته ليتخلص من إحساسه بالذنب، الذي يتكرر كلما وقعت عيناه عليها.

تزوج مرة أخرى، يحكي: "قضينا 15 عاماً، تحملت مني كل شيء، إلى أن رأت ابني المراهق يفتح جهازي، ويُرِيها الأفلام التي نسيتُها مفتوحة، في نفس اليوم صممَت على الطلاق، وكان آخر يوم بيننا".

على عكس الرجل الخمسيني، تمكن "م. م"، 35 عاماً، مهندس في منطقة التجمع الخامس بالقاهرة، من "إنقاذ" حياته، يقول: "عشتُ شبابي قبل الزواج مدمناً على الإباحية، وكنت غير مدرك لذلك، عشتُ مستمراً بما أفعل على أمل أن أقلع عنه لما أتزوج، ولكن الحقيقة كانت غير ذلك. لم أستطع المقاومة، قبل انتهاء شهر العسل كنت قد عُدت بشراهة للمشاهدة، ولسوء حظي اكتشفت زوجتي الأمر مبكراً، وأكدت أنها لن تستطيع تقبل ذلك".

"مع مرور الوقت، يتعرض هؤلاء الرجال لفقدان الرغبة الجنسية والعجز الجنسي"

وتردَد الشاب الثلاثيني في خطوة الإنجاب حتى أثبت لها عزمه على عدم العودة للإباحية مرة أخرى، يقول: "كانت عندها خلفية كبيرة عن خطورة الأمر، ساعدتني بترشيح طبيبة متخصصة في علاج حالات الإدمان. تابعت معها العلاج بمراحله، بداية من خطة الـ 90 يوماً إلى يومنا هذا، وهكذا أنقذت حياتي".

أحد المواقع الإباحية الشهيرة يُجري كل عام تحليلاً إحصائياً للبيانات من عمليات بحث المقاطع التي تمت مشاهدتها، وأظهرت النتائج أن أكثر من 100 مليون زيارة يومية، و1000 عملية بحث لكل ثانية، كما وصلت عدد الساعات المرفوعة على الموقع العام الماضي حوالى المليون، مما يعادل 115 عاماً، هذه الإحصائيات لموقع واحد، ناهيك بباقي المواقع.

يواجه 70% من الرجال مشكلة إدمان المواد الإباحية، في مقابل 28% من النساء، بحسب كتاب The Good Girl’s Guide for Great Sex. وأوضحت بام فاريل مؤلفة هذا الكتاب أن تكلفة صناعة الإباحية العالمية حوالى 97 مليار دولار سنوياً، بمعدل 3.075 دولار لكل ثانية.

"زوجة لا تضيء كالأفلام"

"ما يحدث لدماغ الشاب (غير المتزوج) المعتاد على الأفلام الإباحية، عبارة عن تشوه في الخريطة الجنسية"، تقول الدكتورة حُسنية البطريق، استشارية العلاقات الأسرية، والخبيرة بالوعي الحميمي. وتوضح لرصيف22: "يعتاد المخ على مشاهدة الفيلم (الإباحي)، ومن ثمَّ تحدث الإثارة له، ثم يتبعها إما ممارسة للجنس الأحادي أو ممارسات أخرى... وهو في الوقت الحالي غير متاح له في العلاقة الزوجية الطبيعة".

وتضيف: "وعندما يقدم الشاب على خطوة الزواج، يصطدم بصخرة الواقع، زوجة لا تضيء كممثلات الإباحية، إمكانياته غير منافسة لأبطال الأفلام، سعادة أقل من وهم الأفلام، وهنا يبدأ الزوج العزوف تدريجياً عن العلاقة الحقيقية، ويعود سريعاً إلى غرفته المغلقة ليحصل على دوبامينه المعتاد".

وتنتقد البطريق الكلمة الرائجة "لما اتجوز هبطل"، قائلة: "نصيحتي لأي شاب لا تقدم على خطوة الزواج قبل التعافي التام من الإباحية من أجل سعادتك الكاملة في حياتك الزوجية".

خطوات للتعافي

كتب الدكتور محمد عبد الجواد (مؤسس موقع "واعي" لعلاج إدمان الإباحية) في كتابه "متعافٍ"، أنه إذا قمت بجولة في التعليقات والمنتديات التي استضافها موقع جاري ویلسون، أو NoFap، أو Reboot Nation، فإن ما تجده هو صفحة تلو أخرى من القصص عن رجال يعانون الاكتئاب، والانكسار، والصراع، والارتباك، والحيرة، ما هو الخطأ في جسدي؟ لماذا لا يمكنني ممارسة الجنس مع نساء حقيقيات؟

وأضاف عبد الجواد، شارحاً، في كتابه المذكور: " في عام 2011، أصدرت الجمعية الإيطالية للذكورة والطب الجنسي (SIAMS)، وهي أكبر منظمة للمسالك البولية في إيطاليا، نتائج مسح أجري على 28000 رجل يظهر أن الشباب الذين ينغمسون في الاستهلاك المفرط للإباحية على الإنترنت يصبحون فاقدين للحساسية بشكل تدريجي، ومع مرور الوقت، يتعرض هؤلاء الرجال لفقدان الرغبة الجنسية والعجز الجنسي".

ويشير عبد الجواد إلى أن أول "خطوة" في العلاج هي "الإدراك" أي "أن يدرك الشاب حجم المشكلة، ويَعِي أنه كما وصل للإدمان بخطوات سيصل للتعافي بخطوات أيضاً".

ويتابع في كتابه: "البدء تدريجياً ومن ثمَّ قطع سبل التواصل مع أي شيء يجرّك للإباحية، سواءً كان أصدقاء، أو أماكن أو غيرها، وضرورة المتابعة مع استشاري نفسي جنسي، وتوافر صديق للدعم".

"الوعي"، بالنسبة إلى البطريق، هو الأمان الأول ضد الانغماس في الإباحية، وفي النهاية، تنصح مدمني البورنو باستخدام عدة روابط لحماية الأجهزة اللوحية، وأجهزة الكمبيوتر، والمتصفحات من التسلل للمواقع ذات المحتوى الإباحي. 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard