في رد فعل غير متوقع، هاجم مواطنون إيرانيون نشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مذيعة شهيرة بعد إيقافها عن عملها، عقاباً لها على مواقفها السابقة، التي رأوا فيها تأييداً للقمع في الجمهورية الإسلامية المحكومة بقبضة أمنية مشددة.
وكانت السلطات الإيرانية قد فصلت المذيعة روزيتا قبادي وأوقفتها عن الظهور في البرامج التلفزيونية، بعد حلقة أذيعت للاحتفال بـ"ليلة يلدا" في كانون الأول/ ديسمبر الماضي. لأن أحد ضيوفها حثَّ المشاهدين على "الرقص" لمواجهة العزلة والحزن اللذين فرضهما وباء كوفيد-19.
حاولت المذيعة، بعد اعتذارها مراراً، الاستعانة بضغط الشبكات الاجتماعية كي تسترد اعتبارها بعد حرمانها من الظهور على شاشات التلفزيون، إلا أنها فوجئت برد فعل رافض من مستخدمي تلك الشبكات، بدعوى أنها لم ترفع صوتها ضد القمع إلا بعدما تعرضت له بشكل شخصي. ورأى مغردون أن ما تعرضت له قبادي "ليس سوى نزْر يسير من القيود المتشددة للنظام الحالي، وجزاء متوقع لقبول العاملين في المؤسسات الإعلامية الحكومية التدليس على ممارسات الحكومة وقمعها".
مذيعة إيرانية ترفض العودة إلى التلفزيون الرسمي بعد "سحقها" بسبب دعوة أحد ضيوفها الجمهور إلى الرقص في البيوت للتخلص من "توتر كورونا"
وأوقفت رُزيتا قبادي عن العمل إلى أجل غير مسمى في كانون الأول/ ديسمبر الماضي بعدما حث أحد ضيوفها الإيرانيين على إخراج طاقاتهم المكبوتة في الرقص داخل المنزل، مع استمرار الحجر المنزلي على خلفية جائحة فيروس كورونا المستجد. وقال الضيف في إحدى حلقات برنامج "شب يلدا" (ليلة يلدا): "عليكم بالرقص لربما ساعدكم في تخفيف التوتر الناجم عن أجواء كورونا".
أُكرهت قبادي على الاعتذار للمشاهدين والسلطات في الحلقة التالية، ثم في مناسبتين أخريين على الهواء. لكن المسؤولين اعتبروا الاعتذار "غير كافٍ".
"تم سحقي"
بشكل مفاجيء، مساء 12 شباط/ فبراير، خرجت المذيعة في مقطع مصور لتعلن عن طلب المسؤولين منها عودتها إلى العمل ورفضها هي بسبب أنها "كرهتهم" بعد الذي تعرضت له.
مقدمة البرامج الإيرانية #رزيتا_قبادي التي تم فصلها لأن الضيف قال كلمة "الرقص"، ترد بشدة على المسؤولين: أكرهكم، ولن أعمل ثانية في مؤسسة تفصل موظفيها بسبب كلمة "#الرقص" pic.twitter.com/KlZbQrqaBp
— إيران إنترناشيونال-عربي (@IranIntl_Ar) February 13, 2021
قالت: "أكرهكم، ولن أعمل في مؤسسة تفصل بسبب كلمة ‘الرقص‘. اتصلوا بي (مسؤولو التلفزيون) وقالوا: انس البرنامج الذي كنتِ تقدمينه. قلت لهم ليس هناك حاجة أن تقولوا ذلك فأنا لن أعود. لن أعمل في تلفزيون يفصل مقدم برامج بسبب كلمة الرقص. الآن يقولون لي تعالي واظهري يوم السبت على القناة!".
وشددت: "لن أعود. عفواً أن أقول ذلك: أكرهكم. سأتوتر إن رأيتكم، سأتوتر أمام الكاميرات. تم فصلي لأن ضيفاً ذكر كلمة الرقص، ماذا سيحدث إن أخطأت إذاً؟".
وعن اضطرارها للاعتذار، أوضحت: "كنت في غرفة المكياج، وكنت سأقدم حلقةً في ‘ليلة يلدا’، حين سلموا إلي ورقة وقالوا إنه يجب عليَّ قراءة نفس الجمل"، مبرزةً أن الخبير الذي دعا المشاهدين إلى الرقص، طُلِب منه الاعتذار أيضاً، لكنه رفض.
لم يتعاطف إيرانيون كثر مع المذيعة بل اتهموها بأنها كانت أداة للنظام ولم ترفض قمعه إلا حينما طالها، في حين اعتبر البعض موقفها شجاعاً
وختمت بالإشارة إلى شعورها بأنه "تم سحقها"، مضيفةً: "هذه المنظمة معتادة على سحق الناس"، و"المشاهد ليس مهماً بالنسبة لهم… إنهم يسجلون البرامج والعناصر لأنفسهم".
هجوم وانتقاد
أشعل رد فعل المذيعة موجة استنكار عبر مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد عبر وسم: #رزيتا_قبادي، حيث لفت كثيرون إلى أن المذيعة كانت "واحدة من أدوات النظام القمعي" وأنها "لم تكرهه إلا حين مسها القمع".
كتب حساب "يار دبستاني": "روزيتا قبادي مذيعة [هيئة] الإذاعة والتلفزيون [الإيرانية]، بعد أن منعت من العمل وطالبوها بالعودة، رفضت لأنها الآن تكره الإذاعة والتلفزيون. لكن بث الاعترافات القسرية تحت تعذيب لـ(المصارع الشاب الذي أعدمه النظام الإيراني) نويد أفكاري وعشرات الشباب الأبرياء لم يكن له معنى كبير بالنسبة لها!".
واستنكرت "بينازر": "أولاً، تتقدمين للوظيفة هناك بدافع الجشع في مكانة العمل والرواتب، ثم تعتذرين، وعندما يفصلونك تتذكرين أنكِ تكرهينها!".
وسألت هَفْت: "[مسؤولو] الإذاعة والتلفزيون كانوا طيبين حتى طردوكِ؟!"، مرجحةً أن موقف المذيعة ليس بطولياً وإنما خطوة استباقية لإعلان قرار فصلها تماماً ربما. واتفق "بينام" مع هذا الرأي قائلاً: "جميع قوى الخدمة في النظام لها تاريخ انتهاء صلاحية، يتحدد بناءً على نوع خدماتهم!".
فيما قالت واحدة من المغردات إن موقفها من المذيعة كان سيكون أفضل لو لم تعتذر من البداية عن "الخطأ" المزعوم، ودافعت قلة عن موقف المذيعة واعتبرته موقفاً "شجاعاً" وطالبتها بعدم الاعتذار إلى "الطغاة".
بعيداً عن موقف المذيعة نفسها، سخر معلقون من طلب الاعتذار والتحرك ضد المذيعة بسبب كلمة "الرقص"، في حين لم يتعرض المسؤولون "الذين كذبوا ويستمرون في الكذب بشأن قضايا خطيرة" للمساءلة. وضرب معلقون أمثلة لقضايا أهم يجب أن تضع المسؤولين في المواجهة مثل تفشي فيروس كورونا في البلد، أو حادثة الإسقاط المزعوم من الحرس الثوري للطائرة الأوكرانية العام الماضي.
ويواجه النظام الإيراني اتهامات بالكذب في ما يتعلق بالأرقام الرسمية لعدد إصابات ووفيات كورونا المحلية، وبالتدليس في تغطية الإجراءات الحكومية الخاصة بالوباء.
وقالت "بانو بختياري" إن ما حدث يعكس "جزاء إبداء الرأي المخالف، والقمع اللذين يتصاعدان يوماً بعد يوم في إيران"، وأضاف إليها "بهار آزادي" أن هذا خير دليل على "أجواء الدكتاتورية والرقابة في وسائل الإعلام التابعة لخامنئي"، يقصد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...