شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
عزل

عزل "قرقاش" من الخارجية الإماراتية... بدء صعود الجيل الثالث من آل نهيان

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الخميس 11 فبراير 202110:50 م

في تغيير وزاري مفاجئ، أقالت الإمارات وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش من منصبه، وعيّنت عوضاً عنه عضواً من عائلة آل نهيان الحاكمة، في تعديل اعتبره محللون عائداً لأسباب داخلية، إذ يسعى ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى تعزيز سلطته.

الإعلان الذي جاء، الاربعاء 10 شباط/ فبراير، لم تمهّد له مقدمات. إذ من المعروف أن قرقاش كان مقرباً من حاكم دبي محمد بن راشد، ومخلصاً في الحديث باسم الإمارات، ومدافعاً عن سياستها حيال اليمن أو ليبيا أو قطر وباقي قضايا المنطقة.

 لكن اللافت في التعديل هو تعيين عضو العائلة الحاكمة شخبوط بن نهيان في وزارة الخارجية، وهو شخصية يعتبرها المحللون من المقربين من نجل ولي عهد أبو ظبي خالد بن محمد بن زايد.

التعديل الوزاري   

غرّد حاكم دبي ورئيس الوزراء الإماراتي، على تويتر في 11 شباط/فبراير: "أجرينا تعديلاً وزارياً مصغراً في الخارجية الإماراتية، حيث ينضم إليها شخبوط بن نهيان بن مبارك وخليفة شاهين المرر وزيري دولة".

وأعلن بن راشد تعيين أنور قرقاش مستشاراً دبلوماسياً لرئيس الدولة خليفة بن زايد، على الرغم من أن الأخير مريض، ومن المعروف في الدوائر السياسية والإعلامية أن بن زايد هو الحاكم الفعلي للإمارات.

عُيّن مستشاراً دبلوماسياً للرئيس المريض... التغيير المفاجئ لقرقاش يعكس تغييراً في أجندة الإمارات الدبلوماسية 

وأشار بن راشد إلى أن قرقاش "من أهم رواد العمل السياسي الإماراتي، الذين استطاعوا إحداث تحولات كبيرة في عملنا السياسي الخارجي والعلاقات الدولية السياسية والإقليمية".

ولم تحدد الحكومة الإماراتية الأدوار التي سيشغلها شخبوط أو خليفة شاهين المرر.

كما أقيل زكي نسيبة من منصب وزير الدولة للدبلوماسية العامة والثقافية في وزارة الخارجية ليصبح مستشاراً ثقافياً لرئيس الجمهورية.

وشغل قرقاش هذا المنصب منذ شباط/فبراير 2008، بينما عمل شخبوط بن نهيان سفيراً لدولة الإمارات لدى السعودية منذ تموز/يوليو عام 2017.

قراءة في التعديل

اعتبرت الباحثة الإيطالية المختصة في الشأن الخليجي، سينزيا بيانكو، هذا التغيير لأسباب داخلية، أولها، أنه تحوّل في الأجيال، إذ يعدّ شخبوط بن نهيان من أبناء الجيل الثالث في الأسرة الحاكمة منذ إعلان الدولة.

ولفتت إلى أن الأمر يتعلق بقيادة الإمارات، وهو موضوع حساس، إذ بن نهيان أحد أفراد العائلة المالكة، وقريب من ابن ولي عهد أبوظبي القوي خالد بن محمد بن زايد. وليست لديه خبرة كبيرة، وتقتصر خبرته الدبلوماسية على العمل سفيراً للإمارات في السعودية.

وأضافت الباحثة الإيطالية في سلسلة تغريدات: "بالنظر إلى شبابه وقلة خبرته النسبية، من العدل أن نقول إنه على المدى القصير ستبقى ديناميكيات صنع القرار في السياسة الإقليمية الدولية كما كانت. لكن التحولات على المدى الطويل ستعزز قبضة آل نهيان على الإمارات ضد مراكز القوة الأخرى".

وتابعت: "أنور قرقاش سينتقل إلى ديوان رئاسة الإمارات. هذا ليس تخفيض رتبة، كما هو الحال أحياناً في الخليج. ينبغي بالأحرى النظر إليه في إطار زمني طويل الأمد. إذ يخوض محمد بن زايد لعبة طويلة".

وأشارت بيانكو إلى أن شخبوط لن يكون في نفس المنصب من حيث الأقدمية، فهناك وزراء دولة آخرون في وزارة الخارجية أعلى رتبة، منهم خليفة شاهين المعيّن حديثاً.

على العكس مما ذهبت إليه بيانكو، رأى الأكاديمي أندرياس كريغ أستاذ مساعد في قسم دراسات الدفاع في كلية كينغز كوليدج لندن في تغريدة، أنه عندما تتم "ترقية" الشخصيات المرموقة في الخليج إلى "مستشار"، يكون ذلك خفض رتبتهم إلى التقاعد.

ولفت إلى أن شخبوط هو جزء من الجيل المقبل الذي يريد بن زايد تمكينه في الإمارات، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بدولة آل نهيان العميقة التي تحكم وتهيمن على الإمارات.

في الشهر الماضي، ورد في تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، للكاتبين أندرو إنغلاند من بريطانيا وسيمون كير من دبي، نقلاً عن مصادر غربية، ورد أن مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد، "الأخطر في منطقة الشرق الأوسط"، قد يصبح نفوذه مهددًا بسبب صعود أبناء شقيقه ولي عهد أبو ظبي وخصوصًا خالد بن محمد بن زايد.

وذكر التقرير أن حدود قوة طحنون الأمنية والاقتصادية قد تصل إلى سقف معين حينما يتولى أبناء ولي العهد، لا سيما خالد، مناصب بارزة في السياسة الأمنية والاقتصادية.

عام 2016، صدر مرسوم بتعيين خالد بن محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لجهاز أمن الدولة، وعام 2019 أصبح رئيساً لمكتب أبو ظبي التنفيذي، وهو السلطة الأعلى في الإمارة.

وفي نفس العام، صدر مرسوم آخر بتعيين ابن آخر لولي عهد أبو ظبي، وهو ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيساً لديوان والده، خلفاً لعمه حامد بن زايد شقيق طحنون. 

وزير الدولة الراحل عن منصبه كان لسان الإمارات المرن على الساحة الدبلوماسية العربية في ما يتعلق بملفات الصراع في المنطقة

من جانبه، رأى الضابط السابق في الاستخبارات الأمريكية نورمان رول في تغريدة له، أن شخبوط بن نهيان يتمتع بسمعة طيبة كأحد الدبلوماسيين الإماراتيين الواعدين، لافتاً إلى أن عمله سنوات عديدة في الرياض وفّر له روابط قوية مع السعودية باعتبارها الشريك الإقليمي الأكثر أهمية للإمارات. وقال إن أنور قرقاش سيبقى مؤثراً.

تغيير السياسة الخارجية

كان قرقاش أشبه بالمتحدث باسم وزارة الخارجية الإماراتية التي يترأسها عبد الله بن زايد، إذ خصص لغته الدبلوماسية في الدفاع عن مواقف أبوظبي في عدة ملفات، منها الصراع الليبي واليمني والسوري، والخلاف مع قطر وتركيا، وكذلك اتفاق التطبيع مع اسرائيل.

وكان قرقاش مخولاً بالرد على أية انتقادات أو تصريحات تتعلق بالإمارات صادرة في الخارج، لكن في الأسابيع الأخيرة بدأت لغته تتغير حيال قطر وتركيا وباقي قضايا المنطقة بشكل معاكس للغته السابقة.  

ركز قرقاش في خطابه الأخير قبل مغادرته بصفته وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية على التضامن العربي، بعدما كان يستبعد أي مصالحة مع قطر.

في هذا السياق، غرد المحلل التركي علي باكير: "هذا التغيير منطقي، إذ لا يستطيع أن يغزل روايات جديدة تناقض رواياته السابقة، فلن يبدو هذا حقيقياً، وبالتالي لن يخدم أجندة الإمارات".

وكانت عدة تقارير غربية لفتت إلى سعي الإمارات لتحسين علاقتها مع تركيا وإيران بعد المصالحة مع قطر في قمة العلا في الشهر الماضي في السعودية.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image