من الشخصيات التي رسمت حول اسمها دوائر حمراء في منطقة الشرق الأوسط مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد الذي لا يظهر إلا مرتدياً نظارة سوداء حتى في الاجتماعات المغلقة البعيدة عن أضواء الشمس.
يجمع طحنون بين عصبي أي دولة، وهما المال والسياسة، وبين محركي هذين العالمين، التكنولوجيا والأمن، وهو ما ساهم في حجز دور حاسم له في سياسات دولة الإمارات.
وصف تقرير حديث نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، للكاتبين أندرو إنغلاند من بريطانيا وسيمون كير من دبي، نقلاً عن مصادر غربية طحنون بـ"الأخطر في منطقة الشرق الأوسط"، فيما أشارا إلى أن نفوذه قد يصبح مهدداً بسبب صعود أبناء ولي العهد محمد بن زايد.
شبكة نفوذ طحنون
يُفنّد تقرير "فايننشال تايمز" المجالات المختلفة التي يلعب فيها طحنون دوراً بارزاً في الإمارات.
في مفاوضات الإمارات للتطبيع مع إسرائيل، عمل رئيس الموساد يوسي كوهين مع طحنون على هندسة الاتفاق.
وفي مقاربته للأعمال الداخلية في أبو ظبي، حيث تهيمن الأسرة الحاكمة ومجموعة من المساعدين الموثوق بهم على الأمن والقطاعات الرئيسية للاقتصاد، يذكر الكاتبان أن أدوار طحنون طمست الخطوط الفاصلة بين الشركات الحكومية والخاصة.
وعن دوره، تقول كيرستن فونتينروز، وهي المديرة السابقة لشؤون الخليج في مجلس الأمن القومي في ظل إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب: "يشرف على كل شيء. إنه الرجل الموثوق به غير المرئي. وجزء من هذا هو الغموض الذي يحيط به. إنه هادئ وهو دائماً في كل مكان. يكون في الولايات المتحدة، ثم تعرف أنه سيكون في طهران، لكنه لن يخبرك".
من الشخصيات التي رسمت حول اسمها دوائر حمراء في منطقة الشرق الأوسط مستشار الأمن القومي الإماراتي طحنون بن زايد الذي لا يظهر إلا مرتدياً نظارة سوداء حتى في الاجتماعات المغلقة البعيدة عن أضواء الشمس... فما هي حدود سيطرته على أمن الإمارات واقتصادها؟
يدير طحنون، وهو شقيق محمد بن زايد، محفظة من الوظائف مترامية الأطراف، تشمل الأمن القومي وقطاع غامض من الشركات في أبو ظبي.
وفي ما يتعلق بالسياسة الخارجية، يلفت التقرير إلى أن محمد بن زايد يثق بشقيقه طحنون للتعامل مع القضايا الأكثر حساسية وتحدياً، من ملفي إيران واليمن بداية، إلى الأمن والاستخبارات، والتعاون مع الولايات المتحدة وروسيا والمملكة المتحدة، وصولاً إلى أزمة كورونا، وفقاً لمسؤولين غربيين سابقين.
تمتد اهتمامات طحنون في الاقتصاد إلى مجموعة من الشركات الكبرى، فهو رئيس مجلس إدارة شركة "ADQ"، وهي شركة قابضة حكومية تأسست قبل عامين لتصبح واحدة من أكثر المستثمرين نشاطاً في الإمارة.
كما يرأس "بنك أبو ظبي الأول"، أكبر بنك في الإمارات، والذي تمتلك فيه الحكومة والأسرة الحاكمة حصصاً كبيرة، كذلك شركات "رويال غروب". وفي "العالمية القابضة" التي تغطي مصايد الأسماك والرعاية الصحية، تضاعفت الأصول أربع مرات، أي إلى حوالي 4 مليارات دولار عام 2020، وهو العام الذي تولى فيه طحنون رئاستها.
في كانون الثاني/ يناير الحالي، تم تعيينه رئيساً لمجموعة "G42"، وهي كيان اقتصادي مقره أبو ظبي تم تأسيسه عام 2018، ويصف نفسه بأنه شركة للذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، علماً أن الشركة وُلدت من رحم الدور الأمني لطحنون، ويُعتبر هو الراعي لها منذ نشأتها.
وعلى مدار العامين الماضيين، استحوذت شركة العالمية القابضة "IHC" التي يقودها طحنون على شركة "Trust International Group"، وهي شركة دفاعية، كما استحوذت على أصول أخرى من "Royal Group".
وفي إشارة إلى كيفية تداخل المصالح الأمنية والاستراتيجية الوطنية والمصالح المتعلقة بالملكية أو الدولة، كانت "G42" أول شركة إماراتية تفتح مكتباً في إسرائيل بعد التطبيع. كما دخلت في شراكة مع شركة "BGI" الصينية لفتح مختبر لفيروس كورونا في أبو ظبي وإجراء تجارب لإيجاد لقاح.
مع تفشي الوباء، اتجه تركيز أبو ظبي على الصحة والتكنولوجيا والأمن الغذائي، إذ أبرمت الشركات التابعة لطحنون سلسلة من الصفقات في المجالات ذات الاهتمام الاستراتيجي الوطني، فاستحوذت "أبو ظبي التنموية القابضة" مثلاً على حصة غير مباشرة بنسبة 45% في شركة "Louis Dreyfus" العاملة في مجال الزراعة والغذاء، وذلك في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
حسب معلومات الكاتبين البريطانيين، فإن إحدى نتائج انخراط العائلة المالكة المتزايد في مجال الأعمال هو تضييق الحيز المتاح للقطاع الخاص في اقتصاد تهيمن عليه الدولة.
مساعي السيطرة
لطالما كان عدم وضوح الخطوط الفاصلة بين الدولة والمصالح الملكية من سمات دول الخليج. لكنها أصبحت أكثر وضوحاً، لا سيما في الإمارات والسعودية، في وقت أصبح فيه قادة البلدين أكثر استبداداً ووعياً بالأمن وعزماً على تطوير قطاعات جديدة، غالباً ما تكون مرتبطة بالتقدم التكنولوجي.
يقول ستيفن هيرتوغ، وهو خبير شؤون الخليج في كلية لندن للاقتصاد، إن القيادات أصبحت الآن أكثر مركزية، فهناك المزيد من السيطرة في مقابل التراجع في توازن القوى بين الإخوة والأعمام وأبناء الإخوة.
ويضيف: "إنه أمر استراتيجي، ويهدف إلى السيطرة السياسية أكثر من السعي إلى المكسب، ويخضع بشكل كبير لسيطرة محمد بن زايد الذي يشبه إلى حد ما الجيل الجديد من أفراد العائلة السعودية".
مقرّب من محمد بن زايد
طحنون من مواليد 4 كانون الأول/ ديسمبر 1969، وهو أحد ستة أشقاء من أبناء الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من زوجته الثالثة الشيخة فاطمة، وهو خبير فنون قتالية، ويمارس الرياضة، وركوب الدراجات، والجري ولاعب شطرنج متحمس.
عام 1992، أسّس "بنك الخليج الأول" الذي اندمج لاحقاً مع "بنك أبوظبي الوطني" ليشكل "بنك أبو ظبي الأول". و في عام 2013 عُيّن نائباً لمستشار الأمن القومي، ثم رُقي إلى منصب مستشار الأمن القومي عام 2016.
وتقول فونتينروز إن طحنون يتميّز باتساع دوره وقدرته على البقاء "تحت الرادار"( في دائرة الاهتمام)، قائلة: "لا أعتقد أن لديه نظيراً في دول الخليج الأخرى"، بينما يصف دبلوماسي أمريكي سابق طحنون بأنه "رجل يسير في الظل إلى حد كبير، ولديه موهبة حيث تتقاطع السياسة الخارجية والأمن القومي".
طحنون هو واحد من مجموعة من ستة أشقاء أقوياء، برئاسة الشيخ محمد بن زايد، المعروفين باسم "بني فاطمة الستة" في إشارة إلى والدتهم، ومن بينهم الشيخ منصور وهو الملياردير صاحب نادي "مانشستر سيتي" لكرة القدم والآخر هو الشيخ عبد الله الذي يشغل منصب وزير الخارجية.
واحدٌ من بين ستة أشقاء معروفين بـ"بني فاطمة الستة" في إشارة إلى والدتهم. مقرّب من شقيقه ولي عهد أبو ظبي وقيل: "لا نظير له في الخليج"... لماذا يحظى طحنون بن زايد باهتمام المتابعين لسياسات الإمارات واقتصادها؟
بخبرة تسع سنوات فحسب في القوات المسلحة، عُيّن طحنون نائباً لشقيقه هزاع مستشاراً للأمن الوطني في 2013، وحل مكانه بعد ثلاث سنوات.
وتزامن صعوده مع حقبة انتهج فيها بن زايد سياسة خارجية تدخلية، فوظف قدرات أبو ظبي في مواجهة إيران والحركات الإسلامية في جميع أنحاء المنطقة، مع تضييق مساحة النقاش في الداخل.
ويقول دبلوماسي غربي آخر: "لدى محمد بن زايد دائرة صغيرة من الأشخاص الذين يتحدث معهم في هذه النوع من القضايا، سيكون طحنون رقم واحد".
ويصف مسؤولون أجانب طحنون بـ"الواقعية"، إذ يقول دبلوماسي أمريكي سابق إنه كان أول إماراتي كبير أثار احتمالية انسحاب الإمارات من الحرب في اليمن، عام 2016، مدركاً أنه لا يمكن الانتصار فيها، وهو ما تحقق بعد ثلاثة سنوات.
ويضيف الدبلوماسي السابق أن طحنون كان حذراً من دعم الإمارات للجنرال الليبي خليفة حفتر، المسيطر على شرقي البلاد، معترفاً بأنه "ليس قائداً سياسياً قابلاً للحياة" و"قائداً عسكرياً غير منتظم".
"تلاقي أدواره الاقتصادية والأمنية يجعل من طحنون ثاني أكثر رجل مؤثر في أبو ظبي بعد محمد بن زايد، لكن حدود قوته قد تصل إلى سقف معين حينما يتولى أبناء ولي العهد".
يقول مستشار مخضرم في المنطقة إن "تلاقي أدواره الاقتصادية والأمنية يجعل من طحنون ثاني أكثر رجل مؤثر في أبو ظبي بعد محمد بن زايد، لكن حدود قوته قد تصل إلى سقف معين حينما يتولى أبناء ولي العهد، لا سيما خالد بن محمد بن زايد، مناصب بارزة في السياسة الأمنية والاقتصادية".
في عام 2016، صدر مرسوم بتعيين خالد بن محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لجهاز أمن الدولة، وعام 2019 أصبح رئيساً لمكتب أبو ظبي التنفيذي، وهو السلطة الأعلى في الإمارة.
وفي ذات العام، صدر مرسوم آخر بتعيين الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لديوان والده ولي العهد خلفاً لعمه حامد بن زايد.
وعليه يتساءل المستشار: "هل ظهور جيل جديد من القادة يعني أن مسؤوليات طحنون يمكن أن تتضاءل؟".
مع ذلك، يقول خبراء إن طول عمر طحنون يعتمد على مدى دعم مشاريعه لاقتصاد الإمارات.
الأمن التكنولوجي
يُقال إن طحنون من أشد المؤمنين بالتكنولوجيا، والتي ستساعد الإمارات على تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط.
ينظر المراقبون المطلعون إلى إنشاء شركات مثل "G42" على أنه امتداد للأهداف الاستراتيجية الوطنية للإمارة، حيث أنها تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا في قطاعات تتراوح من الأمن إلى الصحة. ومن المتوقع أن تركز علاقتها مع إسرائيل على هذه المجالات.
واتُهمت الإمارات باستخدام التكنولوجيا في مراقبة المنتقدين والمعارضين المحليين، إذ حُكم مثلاً على أحمد منصور، وهو ناشط حقوقي إماراتي، بالسجن 10 سنوات عام 2018 بتهمة إهانة "مكانة وهيبة الإمارات ورموزها". وزعم ناشطون أن هاتفه استُهدف من قبل أجهزة الأمن باستخدام برامج تجسس أنتجتها شركة "NSO Group" الإسرائيلية.
ومن الشخصيات القريبة من طحنون أسامة الأهدلي، وهو جزء من "الشبكة التنفيذية" له والتي تتضمن مساعدين موثوقين في مجال الأعمال. وكان الأهدلي مدرجاً حتى الشهر الماضي كمدير لتطبيق "ToTok" الإماراتي.
في النهاية، يقول مصدر للصحيفة البريطانية: "يسعى طحنون إلى توسيع نطاق أعماله من خلال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والرقمنة. والأمن الاقتصادي هو عنصر أساسي في أهداف الأمن القومي لأية دولة، خاصة في دولة مثل الإمارات تهدف إلى إنشاء اقتصاد أقل اعتماداً على النفط".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 4 أيامtester.whitebeard@gmail.com