زار القنصل الأمريكي في الرباط، مساء الأربعاء 10 شباط/فبراير، اليوتيوبر المغربي- الأمريكي شفيق العمراني، المعروف في وسائل التواصل الاجتماعي بـ"عروبي في ميريكان" (أي بدوي في أمريكا)، وبمواقفه الحادة حيال الدولة المغربية.
وأفادت وسائل إعلام مغربية أن الزيارة جاءت لحمل العمراني الجنسية الأمريكية، وهذا ما حرك اهتمام الجهات الدبلوماسية الأمريكية في المغرب، فيما نفى شقيقه عبر حسابه الرسمي على فيسبوك تعرض العمراني للتعذيب في محبسه.
من مكان إقامته في الولايات المتحدة، وفي تسجيلات يشاهدها الآلاف، طالب العمراني بإسقاط النظام، وهاجم شخصيات بارزة في المؤسسات السياسية والأمنية والعسكرية المغربية.
بعد اعتقاله عند عودته إلى المغرب، أضرب العمراني عن الطعام، فدخلت السفارة الأمريكية على الخط. المتحدث باسمها في الرباط أعلن، الأربعاء 10 شباط/فبراير، أن دولته تقدمُ المساعدة المناسبة للعمراني وزوجته، "لأنها تتحمل مسؤوليتها بجدية في خدمة مواطنيها في الخارج".
وحسب وكالة الأنباء الإسبانية "إفي"، فإن تدخل السفارة الأمريكية يأتي بعدما أعلن العمراني إضرابه عن الطعام في 6 فبراير/شباط، بعد إيقافه بمطار الرباط "سلا" قادماً من بلجيكا.
اعتقال سياسي؟
تقول السلطات المغربية، التي أجّلت جلسة الاستماع إلى العمراني إلى 25 شباط/ فبراير، إنه يشتبه في "ارتكابه أعمالاً تكتسي صبغة إجرامية" بحسب القانون المغربي، بنشره مجموعة من الفيديوهات "تتضمن عبارات مسيئة ومهينة في حق مؤسسات دستورية وهيئات منظمة وموظفين عموميين"، وفق بلاغ حركه المدعي العام.
في حين تقول عائلة العمراني وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إنه معروف بآرائه السياسية، وهو ما يزعج السلطات، بحكم أن "عروبي في ميريكان"، يقدم نفسه "فاعلاً حقوقياً لا يخضع للخطوط الحُمْر، ويقول رأيه بوضوح لا بالرمز".
يقدم نفسه "فاعلاً حقوقياً لا يخضع للخطوط الحُمْر، ويقول رأيه بوضوح لا بالرمز"... اعتقال يوتيوبر مغربي أمريكي معروف بمواقفه الحادة حيال الدولة المغربية لدى وصوله الرباط
وجاء اعتقال العمراني بعدما نشر مقطع فيديو على صفحته في فيسبوك، من مطار "شارل لوروا" في بلجيكا، يعلن فيه ساعة وصول رحلته الجوية إلى المغرب، ويُحَمِّلُ الأجهزة الأمنية مسؤولية ما يمكن أن يتعرض له من مضايقات عند وصوله إلى بلده الأصلي، خاصة بعد تلقيه تهديدات تحذره مما قد يلحق به من أذى بعد عودته إلى المغرب، على حد تعبيره.
هشام شارم، أحد النشطاء على موقع فيسبوك، علّق على الحادث: "الدكتور شفيق العمراني تعرف عليه المواطن المغربي إبان بزوغ حركة 20 فبراير سنة 2011. وهو معروف بفيديوهاته التي يوجه فيها انتقادات لاذعة للنظام الحاكم بالمغرب وللأجهزة الأمنية".
وأضاف الناشط أن العمراني وهو عضو في الحزب الديمقراطي الأمريكي، على حد زعمه، يملك قناة على منصة "يوتيوب"، ينتقد فيها الأوضاع السياسية والاجتماعية بالمغرب.
من جهته، قال مصطفى الحسناوي، صحافي مغربي مقيم بالسويد، إن العمراني معروف بأنه ناشط على عدة واجهات. فهو "معروف منذ عشر سنوات بمساندته لكل المعتقلين، بل حتى معتقلي السلفية الجهادية، والصحافيين ومعتقلي الرأي ومعتقلي الاحتجاجات"، مضيفاً أنه "كان يقوم بما هو أكبر وأخطر من ذلك، فقد ساند سابقاً أم آدم المجاطي (أشهر الجهاديات المغربيات في داعش) وبوشتي الشارف ومحمد حاجب"، وهما معتقلان سابقان في قضايا إرهاب.
وأوضح الناشط المغربي أن العمراني "دعا في حراك عشرين فبراير لإسقاط النظام، ودعا أيضاً لتظاهرة بالأكفان، وساند العدل والإحسان، واقتحام معتقل تمارة، وكان يدخل المغرب ويخرج منه، ولا يعترض أحد" طريقه، مُتسائلاً ما إذا كانت "السلطات تراكم وتجمع له كل هذه الملفات، لتحاسبه حساباً عسيراً".
مراسلة بايدن
لم يتأخر رد عائلة العمراني التي لجأت إلى السلطات الأمريكية، بحكم أن العمراني مزدوج الجنسية. إذ أكد أحد إخوته مراسلة زوجة المعتقل لأعضاء مجلس النواب والشيوخ الأمريكيين بولاية مينيسوتا، لتوضيح ما تعرض له زوجها من "اختطاف في مطار الرباط بناء على تهم واهية تتعلق بحرية التعبير".
وقال موسى العمراني، شقيق المعتقل، إنه راسل الرئيس الأمريكي جو بايدن بهدف أن "يصل صوت أخيه لكل مراكز القرار في الولايات المتحدة والأمريكية، ولإحراج بايدن"، رافضاً "جرأة النظام [المغربي] على المسّ بحرية التعبير ورميه للأقلام الحرة في غياهب السجون"، وفق قوله.
عائلة "عروبي في ميريكان" رحبت بإعلان المتحدث باسم الخارجية الأمريكية "نيد برايس"، الذي أكد أن الإدارة الأمريكية ستعمل على الدفع "إلى إطلاق سراح جميع الأمريكيين المعتقلين بشكل غير عادل في أي دولة"، ورأت أنه قد يكون بارقة أمل في قضية قريبهم.
اعتقل بناءً على بلاغ مشترك من الأجهزة الأمنية المغربية بدعوى "حماية الدولة"... اليوتيوبر المغربي- الأمريكي المضرب عن الطعام عُرف بمهاجمة المسؤولين والأقليات ذات الميول الجنسية المغايرة للسائد
اتهامات أخرى
مباشرةً بعدما أوقف العمراني في ظل ما يعرف الحراسة النظرية (التوقيف الاحتياطي)، لم يتوانَ شاب يدعى محمد آدم، وهو مؤسس مجموعة "أطياف للتعددية الجنسية والجندرية بالمغرب"، عن إعادة اتهام الموقوف شفيق العمراني، بالتحريض والتشهير به، على خلفية ميوله الجنسية.
ووجه العمراني الانتقادات لآدم في وقت سابق ورماه بنعوت قد تصنف في خانة "الهوموفوبيا" على خلفية اتهام الأخير للصحافي سلميان الريسوني المعروف بمواقفه النقدية للأوضاع في البلاد بـ"الاعتداء الجنسي"، بحسب الشاب.
وعبّر محمد آدم عن تشبثه بحقه في اللجوء إلى العدالة ضد العمراني، الذي سبق أن شن ضده حملة تشهير على حسابه على فيسبوك، بنشر صوره ونعته بـ "أبشع النعوت" واصفاً إياه بـ"الشاذ جنسياً" والتحريض ضده بناء على "ميوله الجنسية"، كما يقول.
وتابع في حديثه لإحدى وسائل الإعلام المغربية أن محاميه سيقدم شكوى أمام المحاكم المغربية، وأخرى أمام السفارة الأمريكية في المغرب، ضد شخص "اختار الانسياق وراء فكره المتطرف، غير آبه بقوانين قد تزج به في السجن لمدة طويلة" في وقت اختار "أن يعيش في بلد يحترم حقوق مجتمع الميم عين ويجرّم خطاب الكراهية ضد الأشخاص بناء على الميول الجنسية والهوية الجندرية وتعبيرهم الجنساني".
وتجدر الإشارة إلى أنه، منذ نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي، تقدمت "المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني" والمديرية العامة للدراسات والمستندات" (المخابرات الخارجية) بشكاية أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالرباط، في مواجهة أشخاص يقطنون خارج المملكة، وذلك من أجل "إهانة موظفين عموميين أثناء مزاولتهم مهامهم، وإهانة هيئات منظمة والوشاية الكاذبة والتبليغ عن جرائم وهمية، وبث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة والتشهير".
البلاغ المُشترك للأجهزة الأمنية أوضح أن تقديم هذه الشكاية أمام السلطات القضائية المختصة، يأتي في إطار "ممارسة حق التقاضي المكفول لهذه المؤسسات الأمنية، وفي نطاق تفعيل مبدأ "حماية الدولة" المكفول لموظفي الأمن جراء الاعتداءات اللفظية التي تطالهم بمناسبة مزاولتهم مهامهم، وذلك نتيجة تواتر أفعال التشهير والإهانة والقذف المرتكبة من قبل الأشخاص، موضوع الشكوى". لكن بعض الناشطين يرون فيها حلقة جديدة من حلقات التضييق على الحريات.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...