شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
وفاة اسماعيل العجيلي تنذر بموجة وباء قاسية على الليبيين

وفاة اسماعيل العجيلي تنذر بموجة وباء قاسية على الليبيين

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الأربعاء 10 فبراير 202102:21 م

خبر صادم داهم الجمهور الليبي مساء التاسع من شباط/ فبراير بوفاة الفنان اسماعيل العجيلي، الذي قضى في العاصمة طرابلس متأثراً بمضاعفات فيروس كورونا الذي أصابه قبل أيام، كما أعلنت وسائل إعلام ليبية.

يعتبر العجيلي من أبرز نجوم التمثيل والمونولوج في ليبيا وعرف بأسماء مستوحاة من أعماله من بينها «أم قطمبو» و«سمعة» و«البحبوح» و«الخال» و"الخال سميعين".

وكان العجيلي قد بدأ تجربته الفنية بعد تخرجه ضمن الدفعة الثالثة من معهد التمثيل سنة 1974 مع المخرج محمد القمودي والفنان عبدالرزاق المغربي والمخرج الراحل محمد الكامل.

وقدم الراحل العشرات من الأعمال المنوعة والمسلسلات الكوميدية، مشكلاً ثنائياً متميزاً مع الفنان يوسف الغرياني «قزقيزة» والمؤلف الراحل أحمد الحريري، وحصل من خلالها على العديد من الجوائز والتكريمات، أهمها فوز مسلسله "السوس" بالجائزة الثانية في مهرجان التلفزيون العربي بالقاهرة الأول سنة 1993 بعد مسلسل ليالي الحلمية.

وفاة العجيلي أثارت المخاوف لدى الليبيين في ظل ارتفاع نسبة الإصابات بفيروس كورونا، والتي بدأت تحصد أرواح الكثيرين، إذ فقد الليبيون الكثير من علمائهم واطبائهم وفنانيهم وأعيانهم خلال رحلة المرض التي توشك على إنهاء عامها الأول في البلاد

المفارقة أن حلم العجيلي بتقديم عمل وطني كبير يضم فناني شرق ليبيا وغربها وجنوبها، تبدد بعد الانقسام السياسي في البلاد بعد الثورة الليبية 2011 ورغم ذلك ظل الرجل فخوراً بالثورة ومشاركته فيها.

شبح الموت يثير المخاوف من جديد

وفاة العجيلي أثارت المخاوف لدى الليبيين في ظل ارتفاع نسبة الإصابات بفيروس كورونا، والتي بدأت تحصد أرواح الكثيرين، إذ فقد الليبيون الكثير من علمائهم واطبائهم وفنانيهم وأعيانهم خلال رحلة المرض التي توشك على إنهاء عامها الأول في البلاد.

ومن أبرز الشخصيات التي قضت بكورونا الشاعر عبد المولى البغدادي، والسياسي ورئيس وزراء ليبيا السابق محمود جبريل، وعضو مجلس النواب عمر قرميل، فضلاً عن عضو لجنة صياغة الدستور الليبي عبد القادر اقدورة.

وقد سجّل المركز الوطني لمكافحة الأمراض قرابة الألفي حالة وفاة جراء المرض، في حين تجاوز عدد المصابين حاجز المائة وخمسة وعشرين ألف حالة في عموم البلاد منذ ظهور أول حالة في أذار/مارس الماضي.

هذا الارتفاع في حالات الإصابة والوفاة يتزامن مع نسبة كبيرة من اللامبالاة بالإجراءات الوقائية التي تفرضها السلطات المحلية لمنع انتشار الوباء أو الحد من دائرة انتشاره، فرغم تطبيق حظر التجول الجزئي المفروض من قبل الحكومات الليبية، فإن غالبية السكان لا يلتزمون هذا الحظر.

كما لا تظهر بوادر عن الالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة، ومنع الازدحام في الأماكن المغلقة وغير جيدة التهوية، وهذا ينسحب على الأسواق والمحال التجارية التي لا تلتزم هي أيضاً التدابير، وهو ما ساهم في انتشار المرض بشكل أكثر سرعة من ذي قبل، في ظل عجز المؤسسات الصحية المحلية، وخاصة في المناطق النائية، عن استقبال المرضى وتقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم.

يقول الناطق باسم اللجنة الاستشارية لإدارة مكافحة وباء كورونا صلاح إبراهيم لرصيف22 إن الالتزام بالتدابير الوقائية كان واضحاً في بداية الأمر، كما أن السلطات المحلية كانت حازمة في تطبيق إجراءات حظر التجول ومراقبة مدى التزام المحال التجارية والناس بقواعد منع الازدحامات، ولكن مع الوقت وطول المدة ظهر تهاون كبير وغير"مبرر" فيما يخص الالتزام بالوقاية.

ويضيف صلاح أن اللجنة تمارس بشكل دوري ومنتظم دورها في التوعية بشأن مخاطر المرض، خاصة على كبار السن، وبشأن ضرورة الالتزام بالتدابير الوقائية، لكن ذلك يصطدم دوماً بحالة عدم التصديق عند الكثيرين بوجود المرض، وحالة اللامبالاة التي يعيشها البعض الآخر، وهو ما ينذر بموجة غير مسبوقة من المرض في البلاد، حسب وصفه.

هذا الإهمال يعزوه عضو هيئة التدريس بجامعة سبها مسعود أحمد للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها فئات واسعة من الليبيين، الذين يرون في التدابير الوقائية زيادة في العراقيل التي تقف أمامهم في تأمين لقمة العيش، يقول مسعود لرصيف22 إن الذين يعيشون من العمل اليومي وما يجنونه من هذا العمل يستحيل عليهم الالتزام بالحظر لأيام طويلة، لأن هذا يقطع أمامهم سبل العيش، في ظل عدم تمكن الدولة من توفير ما قد يهون عليهم هذه الخسارة.

انقسام السلطات لا يمنع توحد القرارات الصحية:

ورغم الانقسام الحادث في ليبيا بين حكومة الوفاق التي تسيطر على غرب البلاد والحكومة الليبية المؤقتة التي تسيطر على شرقها، فإن السلطات في الحكومتين تسعيان لاتخاذ تدابير حازمة خلال اليومين المقبلين بحسب صلاح ابراهيم الناطق باسم لجنة مكافحة كورونا، وقد تشمل هذه التدابير إغلاق المساجد والأسواق العامة والمدارس، والعودة لفرض حظر تجول كامل أو جزئي في عموم البلاد.

لكن العائق الذي يواجه تطبيق تلك الإجراءات والتي قد تساهم حال الالتزام بها في منع انتشار المرض، هو العجز القائم داخل المؤسسات الصحية التابعة لوزارة الصحة. علماً أن الأطقم الطبية تواجه نقصاً حاداً، وخاصة في مراكز مدن الدواخل كمدينة سبها والجفرة والقطرون و أوباري وغات، مروراً بتوفير أجهزة التنفس الاصطناعي والأدوية والمعقمات وغيرها، وانتهاء بالعمل على جلب اللقاح والبدء في عملية التطعيمات لعامة الناس.

"من وين نوكل صغاري" يقول لرصيف22 محمد العربي، بائع البقالة في حي الجديد بسبها شارحاً: "أعيش انا واسرتي اللي تتكون من خمسه اشخاص على الدخل المتوفر لي من عملي، بالكاد نكمل الشهر، فكيف تطالبني بالمكوث في المنزل".

العديد من السكان بدأوا يسوّقون لنظرية التعايش مع المرض، الذي يعتبره البعض الحد الأدنى من التدابير الوقائية، وهو، إن تحقق، فسيساهم بشكل بسيط في الحد من انتشار الوباء، وفي نفس الوقت لن يزيد الضغوط والأعباء على المواطن بالقدر عينه الذي تزيده إجراءات الإغلاق التام

محمد قرر أن يتجاهل كل التدابير التي من شأنها إيقاف عمله، فغموض الحيز الزمني للتدابير الاحترازية لا يشجعه على الالتزام بها، خصوصاً أنه بات يرى الموت يكمن فيها أكثر من المرض نفسه، على حد تعبيره.

قرار البقال الشاب بتجاهل المرض والموت والمضي قدماً في السعي خلف لقمة عيشه، لم يكن قرار فردياً، بل نحن إزاء قطاع ليس بالهين من الليبيين سلكوا نفس المسلك، وهو ما يعلق عليه الخبير الاقتصادي محمد الأمين لـرصيف22 شارحاً: "فرض إجراءات الإغلاق التام لن يجد قبولاً واسعاً في ليبيا، لأن اقتصاد البلاد يمر بمرحلة صعبة مع انتخاب الحكومة الموحدة التي لم تتشكل بعد ولم تنل ثقة مجلس النواب، فلا يزال سعر الدولار بالسوق السوداء غير مستقر، كما لم ينجح المصرف المركزي في المقاربة بين سعر الدولار الرسمي والموازي، وهو أمر ينعكس على حياة الناس بشكل مباشر، وخاصة على ذوي الدخل المحدود.

العديد من السكان بدأوا يسوّقون لنظرية التعايش مع المرض، الذي يعتبره البعض الحد الأدنى من التدابير الوقائية، وهو، إن تحقق، فسيساهم بشكل بسيط في الحد من انتشار الوباء، وفي نفس الوقت لن يزيد الضغوط والأعباء على المواطن بالقدر عينه الذي تزيده إجراءات الإغلاق التام.

مع ذلك تظل للموت والفقد وقعهما عند الليبيين، الذين حزنوا لفقد الفنان اسماعيل العجيلي، وكأن المرض يذكرهم كل يوم بخطورته وقدرته على انتزاع حياة من يحبونه، وإن كانوا يحاولون تجاهله أو التقليل من شأنه.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image