شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!

"الفاضي يعمل قاضي"... فنانون عرب يعلنون الحرب على لقاح كورونا

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 16 ديسمبر 202003:34 م

أثارت تصريحات عدد من الفنانين العرب التي تشكك في جدوى أو حتى سلامة لقاحات فيروس كورونا نقاشاً متبايناً خلال الآونة الأخيرة. فبينما رآها البعض ذات وجاهة، حذر آخرون من "الافتاء" في غير التخصص.

في غضون ذلك، استنكر أطباء ومتخصصون التعليقات التي اعتبروها تدخلاً في عملهم، معربين عن تخوفهم من أن تنسف تصريحات المؤثرين العرب "غير المسؤولة" جهود "مَن يواصلون العمل ليل نهار لأجل إنقاذ البشرية من الوباء". 

وفي تصريحات فردية منفصلة، روّج عدد من الفنانين والفنانات للعديد من نظريات المؤامرة المثارة حول اللقاحات التي تتسابق عشرات الشركات لتطويرها على مقربة من بداية العام الثاني للوباء. شملت الشكوك المثارة اتهامات لشركات الأدوية بـ"إعلاء العامل التجاري" و"المخاطرة بأرواح البشر" وحتى "الاتجار" بهم والسعي إلى "تخفيف" عدد سكان العالم.

هيفاء وهبي: اتجار بالبشر

"40 عاماً من البحث المستمر دون إيجاد لقاح للإيدز، و100 عام للسرطان، وأبحاث مستمرة للبرد، وفي أقل من عام وُجد لقاح لكورونا، وتريدون مني أخذه، لا شكراً"، كان هذا تصريح الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي التي انتقدت في تقرير شاركته عبر حسابها الرسمي في تويتر ما وصفته بـ"اللقاح الوهمي" أو "اللقاح السريع".

قالت وهبي إنها لا تقلل من قيمة العلم، ملمحةً إلى شكّها ببدء الاتجار بالبشر استغلالاً لجائحة الفيروس التاجي، مشيرةً إلى أمراض وبائية سابقة لا تزال بعضها مستعصية على العلاج حتى الآن. كما دعمت الزعم القائل بوجود تواطؤ علمي غير مسبوق يهدف إلى أرباح خيالية من وراء هذا الوباء الحالي لا معالجة المصابين حول العالم.

"بدو يخفف عدد البشرية"... فنانون عرب يروجون لفرضيات المؤامرة حول لقاح كورونا بدايةً من السعي وراء أرباح خيالية وصولاً إلى التخلص من عدد كبير من سكان العالم. الحل في رأيهم الدعاء إلى الله والغذاء الصحي

نسرين طافش: لستُ فأر تجارب

روجت الفنانة السورية نسرين طافش لخبر حول "وفاة ستة أشخاص تم تطعيمهم بلقاح كورونا"، زاعمةً أنه "للتعتيم على الموضوع قيل أربعة منهم أخذوا لقاح وهمي"، مشددةً على أنها لن تقبل أن تكون "كمالة عدد أو فأر تجارب". لم تشارك طافش جمهورها مصدر الخبر أو أية تفاصيل إضافية حول أسباب وملابسات وفاة الأشخاص المشار إليهم أو حتى عدد العينة الكلية.

وصحح تقرير لوكالة رويترز الشائعات المثارة حول وفاة أشخاص خلال التجارب على لقاح فايزر بيونتيك، موضحاً أن ستة من 44 ألفاً من المشاركين في التجارب توفوا، بينهم أربعة تلقوا عقاراً وهمياً وليس اللقاح، فيما المتوفيان الآخران بدت وفاتهما طبيعية.

وفي رسالة غير مباشرة إلى جمهورها، أوصت طافش بـ"الوقاية ورفع المناعة الذاتية بالأكل الصحي"، مشيرةً إلى أن "الصحة النفسية هي العامل الأكبر" في الحفاظ على الصحة الجسدية. وذلك على الرغم من توضيحها أنها ناقشت أطباء "متأكدين من أمان تطعيم كورونا".

وطلبت من "الأطباء المتعصبين للقاح كورونا" تقديم "بحث تفصيلي" عن مكوناته، زاعمةً أن الأمر "بات مشبوهاً جداً وعليه ألف علامة استفهام".

ورداً على انتقادات بعض المعلقين، استدركت الفنانة السورية: "أنا أؤمن بالعلم المبني على الأبحاث... ما دام لا يوجد دليل موثوق به وبينة موثوقة شفناها وبما أنو أي لقاح يحتاج سنوات وليس أشهر للتأكد من أنه آمن... فالموضوع غير مضمون النتائج ويحتمل التريث والتفكير على الأقل إن لم نقل الرفض التام". وأردفت: "مو ضروري نكون دكاترة ليكون عندنا مخ منفكر ونقيم وبنسأل وبنبحث... الله خلق العقل لنستخدمو".

راغب علامة: مؤامرة

لدى سؤاله عن موقفه من تناول لقاح كورونا، قبل نحو شهرين، أي حتى قبل اعتماد اللقاحات في أي بلد في العالم رسمياً، قال الفنان اللبناني راغب علامة: "لا. بخاف منه هيدا اللقاح. بيخوفني ما بعرف ليه. هو كورونا نفسه مؤامرة، واللقاح مؤامرة أوسخ"، وشدد على أن الوباء "مؤامرة سياسية عالمية دولية".

عوضاً عن اللقاح، اعتبر علامة أننا البشر "ما إلنا إلا الله ندعي الله أن هو ينقذ البشرية من الأشرار".

نيكول سابا: بدو يخفّف عدد البشرية

مرفقةً تحذيرها بصورة كلب داخل جهاز أشعة، قالت الفنانة اللبنانية نيكول سابا عبر انستغرام نهاية الشهر الماضي: "برأيي عم بحطّوك قدام خيارين أضرب (أسوأ) من بعض: ‏١- يا بتاخد اللقاح وبتموت (إذا متل ما يقال المخطّط بدو يخفّف عدد البشرية) ‏٢- يا بكون مخطّط حتى تخاف من اللقاح وما تاخده وتموت من كورونا وتداعياته".

"نشر للشائعات"

وتباينت التعليقات حول هذه التصريحات. البعض اتفق معها ورأى أن سرعة تطوير اللقاحات يثير الشكوك حول فعاليتها وأمانها، بينما آخرون استنكروا "الإفتاء" أو الحديث خارج التخصص لا سيما أن الأمر يتعلق بلقاح عالمي، واصفين مثل هذه التصريحات المشككة بأنها "نشر للشائعات والأخبار المضللة".

وقال البعض رداً على الفنانين إن مهمتهم "بس تمثلون وتغنون لإسعادنا هاي إذا قدرتم تسعدونا"، معتبرين أن تصريحاتهم دليل على صحة المثل الشعبي: الفاضي يعمل قاضي.

وسخرت الكاتبة الأردنية أمل الحارثي من تصريحات الفنانين العرب قائلةً: "لي صديقة وزميلة دراسة أردنية من أشهر العلماء في العالم، قرأت لها حوارات عن أبحاثها في مرض السرطان في مجلات عالمية ولم أشاهدها لا في التلفزيونات ولا في المجلات المحلية المشغولة بنقل آراء الفنانين والفنانات في العلم".

"مو ضروري نكون دكاترة ليكون عندنا مخ منفكر ونقيم وبنسأل وبنبحث... الله خلق العقل لنستخدمو"... فنانون عرب "يفتون" في الطب، وأطباء يصرخون "اتركولنا شغلنا" 

"اتركولنا شغلنا"

في محاولة لتدارك أثر التصريحات المشككة في اللقاح، سعى أطباء عرب إلى تشجيع متابعيهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي على تسجيل أسمائهم -في البلدان التي سمحت بذلك- تحسباً لبدء عملية التلقيح.

وجادل طبيب الأسنان النشط عبر السوشال ميديا، محمد نبيل الصفي، بأنه خلال نقاشات الفنانين الطويلة "لم يقدم أي منهم دليلاً علمياً واحداً على مزاعمهم، وحجتهم فقط هي العقل، دون المعرفة"، مستدركاً: "عقل بلا معرفة يبقى فارغاً".

وتعجب الصفي أن "منهم من يتخذ الروح دليلاً على قناعاته، وآخرون ‘أدلتهم‘ أنهم يؤمنون بكل ما هو طبيعي والعلاج بالتأمل والغذاء"، متسائلاً: "السرطان طبيعي فهل نعالج الناس أم نتركهم يتعذبون ويموتون لأنه طبيعي؟"، قبل أن يتابع ساخراً "وكأنهم درسوا كورونا في مسلسلات رمضان".

وبأسلوب هزلي، غرد طبيب الأطفال عبد الرحمن بن غازي: "ليش ما تبغى تاخذ اللقاح؟ عشان هيفاء وهبي ونسرين طافش حذروا منه. عجبي! جديدة ذي يؤخذ برأي الفنانات ولا يؤخذ بكلام العلم والأبحاث".

في رد فعل أشد غضباً، وجه الطبيب العربي المقيم في ألمانيا روني محسن رسالةً مصورة، عبر برنامج "جعفر توك"، قال فيها: "اتركولنا شغلنا وكل واحد يعمل شغله. لازم تحترموا عمل الأطباء والعلماء، فيه (منهم) ناس عم تشتغل ليل نهار".

لم ينكر محسن "حرية الرأي" لكل الناس بمن فيهم الفنانون، لكنه أشار: "لمّا تكون شخصية عامة وقدوة يجب عليك أن تكون موزون الكلام، وإذا قلت كلمة خارج اختصاصك، من الأفضل أن تتجه إلى الحيادية".

ورفض محسن الزعم بأن "كورونا مؤامرة"، مؤكداً أنه تعامل مع العديد من ضحايا الوباء، بينهم مقربون له. وعلى عكس الفنانين العرب المشككين، استحسن سرعة تطوير لقاحات كورونا، معتبراً أن "سنة كانت كافية خصوصاً مع تسريع بعض العمليات اللوجيستية والبيروقراطية حتى يحصل اللقاح على الترخيص لأن العالم بأزمة والجميع بدو يرتاح".

وختم محسن التأكيد أن اللقاح "سوف يساعد البشرية جداً للتخلص من هذا الوباء".

بعيداً عن الترويج للمؤامرات، بادر فنانون في حالات منفصلة بتناول اللقاح في محاولة لتشجيع الجمهور على تناوله. كانت الفنانة الإماراتية أحلام أول من أقدم على هذه الخطوة في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي حين أعلنت تناولها جرعتين من اللقاح الصيني الذي طُور بمشاركة بلدها الإمارات. وشددت في تغريدة على أن "التطعيم هو طريقنا للعودة إلى الحياة الطبيعية".

كذلك أعرب الفنان المصري أحمد فهمي عن شعوره بالفخر لمشاركته في المرحلة الثالثة من التجربة الإكلينيكية في مصر، معرباً عن سعادته أيضاً بأن يكون جزءاً من الحملة التي تشجع الناس على "حاجة مهمة ومفيدة لأجل الإنسانية"، داعياً المزيد من الأشخاص إلى الإقدام على التجربة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard