شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!

"نتجاوز الخطوط الحمراء"... ماذا يدور بين النساء في الجلسات المغلقة؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأحد 7 فبراير 202106:27 م

غرفة مغلقة تجمعهن، أو جروب سري على إحدى وسائل التواصل الاجتماعي، يتحدثن دون خوف وبلا رقيب، فما الذي تتحدث عنه النساء إذا ما اجتمعن وحدهن؟

"قلة الأدب"، تقول سهى شاكر (35 عاماً)، اسم مستعار، موظفة بإحدى الهيئات الحكومية المصرية، لرصيف22، توضح: "نجتمع أنا وصديقاتي المقربات، سواء في منزل واحدة منا، أو على 'جروب الواتس' الخاص بنا. لا نتحدث سوى عن العلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة. نعطي بعضنا نصائح، نشتكي من أزواجنا، نتبادل المعلومات عن آخر ما عرفته إحدانا بالتجربة في إثارة الرجال، وأحيانا نتبادل الصور".

على النقيض من سهى، لا تتطرق فاطمة أبو بكر (28 عاماً) مدرسة لغة إنجليزية بإحدى المدارس الخاصة في مدينة دمياط الجديدة، في غروب صديقاتها، إلى العلاقات الخاصة لهن مع أزواجهن، إلا إذا كان هناك أمر طريف حدث أثناء ممارسة العلاقة أو بعدها، يذكرنه على سبيل الدعابة والضحك.

لكن جلساتهن المغلقة تدور دوماً حول المشكلات الزوجية اليومية، والخلافات بينهن وبين رجالهن. "الأمور المعتادة التي تمر بها أي زوجة"، تقول فاطمة.

"فوجئت بجميع الحاضرات قد خلعن ملابسهن، واكتفين باللانجيريهات، وهن يتناولن الشيشة والسجائر، ويتحدثن عن أمور جنسية صريحة"

تقول فاطمة لرصيف22، مشددة على رأي شائع بين الشرائح الاجتماعية المحافظة في مصر، إن "تطرق النساء لتفاصيل علاقتهن الخاصة، أو بالأحرى الحميمية، بأزواجهن مع صديقاتهن لهو أمر خطير جداً، لا تدرك الكثيرات من النساء عواقبه، فهي بحديثها عن صفات زوجها مثلاً، وما يمارسه معها من أفعال تثيرها أو تحقق لها النشوة، قد تلفت نظر إحدى صديقاتها إليه، أو كما نقول بالبلدي: تحليه في عنيها، وتكون البداية لضياع زوجها منها".

تضيف: "أعرف الكثيرات ممن كن يتغزلن برجالهن أمام أخريات، متصورات أن العشرة والصداقة تحميهن من الخيانة، لكن للأسف تم الغدر بهن من أقرب صديقاتهن".

بنات صغيرات وتجمعات خاصة

قد يتصور البعض أن الجرأة في التطرق لموضوعات تعتبرها المجتمعات المحافظة خطوطاً حمراء، أمر يقتصر على السيدات فقط، وهو ما لا تراه قمر فهد (21 عاماً) طالبة جامعية من مدينة الإسكندرية، وتؤكد أن الأمر منتشر جداً في جلسات "البنات صغيرات السن أيضاً، وتجمعاتهن الخاصة".

"دعيت يوماً لحفلة بنات لدي إحدى صديقاتي، وفوجئت بجميع الحاضرات قد خلعن ملابسهن، واكتفين باللانجيريهات، وهن يتناولن الشيشة والسجائر ويتحدثن عن أمور جنسية صريحة. يومها ذُهلت بالمعني الحرفي للكلمة، وانسحبت بعد فترة وجيزة، فلم أتحمل ما يدور حولي".

من ناحية أخرى، تؤكد قمر: "أننا لا نستطيع أن نعمم الأمر، فالموضوع يرجع للبيئة والتربية، فالبعض يرى أنه لا حرج في الأمر مادام يقتصر على الجلسات الخاصة، والبعض الآخر يراه خروجاً على الأدب وتحدياً للعادات، بل وأمراً غير محبب دينياً".

مها إسماعيل (اسم مستعار) مطلقة (30 عاماً)، وهي موظفة بإحدى شركات التسويق في القاهرة، تقول لرصيف22 إن جلساتها النسائية اختلفت/اختفت بعد طلاقها، فبعد أن كانت هي وصديقاتها المقربات يتحدثن في كل أمورهن الخاصة بالتفصيل دون خجل أو تحفظ. منذ انفصالها، لاحظت مع الوقت أن صديقاتها أصبحن متحفظات في الحديث أمامها عن أمورهن الخاصة، وعلاقتهن بأزواجهن.

توضح: "لا أعرف ما إذا كان الأمر مراعاة لمشاعري، أم خوفاً مني على أزواجهن كما أحس كثيراً، وهو شعور قاتل، جعلني أبتعد تدريجياً عن جلساتهن وأسطّح علاقتي بهن، حتى أصبحت وحيدة مع الوقت".

وتنتقد رانيا سعيد، محامية (45 عاماً)، الولع الزائد للنساء هذه الأيام بالتحدث في الأمور المرتبطة بالجنس، أو "قلة الأدب"، على حد تعبيرها (وهي جملة تعني الحديث الإباحي).

"أصبحت جلسات تضم المئات من النساء"

توضح رانيا رأيها: "قلة الأدب أصبحت شعاراً للعديد من الجروبات السرية على فيسبوك، والتي تدعو لها السيدات والبنات صديقاتهن، فلم تعد الجلسات مقتصرة على مجموعة من صديقات العمر أو رفيقات الدراسة أو العمل، اللواتي تربطنا بهن عشرة وثقة وتعامل على أرض الواقع، لكنها أصبحت جلسات تضم المئات من النساء، اللواتي لا يعرف معظمهن بعضهن عن قرب، ينتمين لبيئات اجتماعية وثقافية مختلفة".

"وهنا يكمن الخطر، فأحياناً كثيرة تتأثر إحداهن بأمر اعتادت فتاة أخرى على فعله، لكنه ليس متعارفاً عليه في بيئتها أو مجتمعها، فيؤدي لنتائج عكسية".

"في أحد هذه التجمعات النسائية السرية التي كنت عضوة بها، نصحت إحدى الزوجات باقي العضوات بتنفيذ بعض الأمور مع أزواجهن لإثارتهن وزيادة المتعة، فنفذت نصيحتها عضوة أخرى مع زوجها المتحفّظ الذي تفاجأ واعترض"، تقول رانيا.

وتتخوف رانيا سعيد من انضمام بعض الرجال تحت أسماء مستعارة، وحسابات مزيفة لإحدى تلك المجموعات الفيسبوكية المغلقة، وهو الأمر الذي يعرض العضوات لخطر الابتزاز في كثير من الأحيان.

"منهن عرفت كل ما يخص الجنس... ومن يومها ونحن نتبادل كل ما يزيد من متعتنا داخل غرف النوم، ولا أجد في ذلك حرجاً أو غضاضة"

يقول محمد عطية، صيدلي، إنه لا يسمح في حياته لزوجته بالانضمام لتلك الجروبات في حالة إذا ما كانت "زوجة خفيفة، تقارن دوماً بين حياتها وحياة الأخريات، وما يفعله غيرها، لأنه سيسبب صداعاً لن ينتهي للزوج، سوف تحاسبه على كل تصرفاته، وتقارن حياتها بحياة صديقاتها، بداية من هدية عيد الميلاد ونهاية بالمتعة في الفراش".

ويشير محمد عطية إلى أن "ما يدور بين الرجال قبل الزواج أحاديث منفتحة، تتطرق بحرية للمناطق الشائكة دون محاذير، ولكن بعد الزواج فأغلبهم يحافظ على أسراره الخاصة، ولا يتطرق لما يتعلق بالزوجات أبداً، أما النساء فيفعلن العكس، بحسب ما رأيت".

"عرفنا كل ما يخص الجنس"

تعلق هالة عصمت، مقدمة مشورة زوجية وأسرية، في حديث لرصيف22: "الجلسات النسائية مفيدة كمجال للفضفضة والدعم النفسي، لكنها مضرة جداً إذا كانت إحدى المشاركات لديها مشكلة تحتاج إلى متخصص، لأن الصديقات قد يمنحنها خبرات سيئة جداً، لذلك في الموضوعات الحساسة يجب أن تكون مجموعة الدعم النفسي منتقاة".

توضح عصمت أنه "من الواجب على كل امرأة أن تعرف ما هو المسموح والممنوع في تلك الجلسات، حتى لا تعرض نفسها وحياتها الخاصة للخطر، فيجب أن تتجنّب الحديث عن كل ما يمسّ أطرافاً أخرى، كأسرار البيت وأسرار غرفة النوم وما يدور بداخلها، لأن مثل هذه الأمور تعدٍ صريح على ما يخص الآخرين، لكن يمكن أن تعبر عن مشاعرها وأفكارها وأحلامها وخططها وطموحتها".

وترى عصمت أن لكل مجتمع ما يميز جلساته الخاصة المغلقة بين النساء، توضح: "الجلسات النسائية سمة تميز كل المجتمعات، في المجتمعات الأجنبية لا تتخطى الموضوعات حدود الموضة، لكن للأسف في المجتمعات العربية تصبح فرصة ذهبية لتفريغ الكبت الذي يفرضه المجتمع على المرأة منذ نعومة أظافرها، فتتحرّر المرأة من كل ما تراه يمثل قيداً عليها، دون وعي بالمخاطر".

وتختلف سهى تماماً مع رأي عصمت، فهي ترى أن تلك الأحاديث ليست مجرد "تفريغ كبت"، تقول مشددة على كلماتها: "لقد عاش أغلبنا في بيئات منغلقة، لم نتعرّف على الجنس إلا بعد الزواج، فأنا وصديقاتي من طبقة وسطى، كان من الصعب علينا سؤال الأمهات عن طبيعة علاقة الرجل بالمرأة، لذلك عندما ارتبطت بزوجي لم أجد سوى صديقاتي اللواتي سبقنني بالارتباط، ومنهن عرفت كل ما يخص الجنس أو العلاقة الحميمة بيني وبين زوجي. ومن يومها ونحن نتبادل كل ما يزيد من متعتنا داخل غرف النوم، ولا أجد في ذلك حرجاً أو غضاضة".

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image