شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
اعتبر والدها جمال صوتها

اعتبر والدها جمال صوتها "عاراً"... الست توحيدة التي شغلت الناس قبل اختفاء أثرها

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

ثقافة

الثلاثاء 9 فبراير 202109:05 ص


في أحد أيام السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، عاد الأب إلياس فخر الدين إلى منزله في لبنان في موعد غير متوقع، ليتفاجأ بوجود نساء من القرية في بيته، يجلسن حول ابنته لطيفة، وهي تغني بصوت قوي متدفق.

على الرغم من ولع الأب بالغناء، إلا أنه غضب بشدة وطرد السيدات، وأوسع البنت وزوجته ضرباً. عندما علم أهل القرية بهذا الخبر، اجتمعوا وفكروا في حيلة لمحو ما اعتبروه "عاراً".

استقر الرأي على صنع دواء بطريقة خاصة تشربه الصغيرة يُذهب حلاوة صوتها، إلا أن والدتها تصدت لذلك، ليُدوّن التاريخ اسم الشابة، بعد أن تحول إلى "الست توحيدة" التي سجلت في ما بعد سبقاً في مصر، بعدما وقفت تغني على خشبة المسرح من دون حجاب.

والدة لطيفة... نقطة التحول في حياتها

ينقل الكاتب مكاوي سعيد، في مؤلف "القاهرة وما فيها"، بعض المعلومات عن لطيفة من مقال بقلم حسين عثمان، نُشر في عدد لمجلة "الكواكب" المصرية عام 1956، عن الفتاة الصغيرة التي أصبحت في ما بعد "الست توحيدة".

يقول كاتب المقال إن لطيفة ولدت في لبنان لأب له ولع شديد بالموسيقى، لدرجة أنه اتخذ من منزله مدرسة لتعليمها لأبناء الحي، بجانب الغناء، فهامت الابنة وشغفت بهذا الفن وانساقت وراءه، وحرصت على حفظ كل ما تستمع إليه من مقطوعات موسيقية، رغم صغر سنها، وكان والدها إلياس فخر الدين يجهل هذه الموهبة لديها، حتى عاد إلى بيته ذات يوم ووقع الحادث المذكور.

وركب الدواء الذي من شأنه القضاء على حلاوة صوت لطيفة، بناء على القرار العائلي بإزالة "الدنس" الذي علق بالأسرة، وأعطوا الدواء للأم حتى تجبر البنت على شربه، إلا أنها رفضت أن تقترف هذه الجريمة، وألقت به، وأقنعت الأب بأنها شربته، ولم تعد قادرة على الغناء، بعدما اتفقت معها على هذا الادعاء المقترن بعدم الإقدام على ذلك مرة أخرى.

الست توحيدة... أول ممثلة كوميدية في مصر

يضيف حسين عثمان: "بعد سنوات قليلة توفي الأب إلياس، وعاشت الأسرة على معونات من الأهل، ظلت تتضاءل تدريجياً حتى لم تعد تكفي إعالتهم، ولم تجد الأم إلا التفكير في صوت ابنتها مرة أخرى، وتذكرت قصة شاب من قريتها اسمه جورج داخون، ضاقت به الأحوال في لبنان فشد رحاله إلى مصر، وعمل هناك بالتمثيل، وصار من أصحاب الثروات الطائلة".

وبالفعل، في نهاية عام 1900، سافرت الأم مع أولادها إلى مصر، وبحثت طويلاً عن ابن قريتها، حتى وجدته أخيراً وعرفت مكانه واسمه الجديد، إذ غيره إلى "كامل الأصلي"، وأنشأ مسرحاً في حارة النصارى في الأزبكية، مطلقاً عليه اسم "الابتهاج"، حيث يقدم فيه ألواناً من الفن الفكاهي.

ووفقاً لعثمان، رحب كامل الأصلي بالأسرة القادمة من قريته، وما أن وقع بصره على لطيفة حتى اختارها ممثلة في فرقته، وشرع من فوره يعلمها التمثيل الكوميدي، ورأى أن يختار لها اسمها جديداً تشتهر به، فسماها "توحيدة".

يوضح كاتب المقال: "كانت توحيدة في ذلك الوقت قد اكتملت أنوثتها، وبدت فتاة جميلة ساحرة العينين لها صوت جميل، وبعد مضي وقت قصير أصابتها شهرة كبيرة، وراج مسرح الابتهاج بسببها، وبالرواد الذين أتوا خصيصاً لأجلها، لكنها لم تصب من شهرتها أي عوائد مالية، فقد كانت تقيم هي وأمها وشقيقتها وشقيقها في منزل كامل الأصلي، ونظير إقامتهم لم يقرر أي أجر لها".

بحسب رواية أخرى ينقلها الكاتب أيمن عثمان، في مؤلفه "تراث مصري"، فإن لطيفة أتت من سوريا وليس لبنان، إذ يقول: "كان في حارة النصارى مسرح للتمثيل الفكاهي اسمه الابتهاج، وكان يغني فيه كامل الأصلي، شاب لبناني يجيد الفرنسية، وكان يُمصّر الأعمال الفرنسية الكوميدية، ويمثلها إما على مسرح الابتهاج أو في الموالد، واسمه الحقيقي جورج رضوان، وفي هذه الفترة جاءت من سوريا مطربة عرفها المصريون باسم الست توحيدة، ولجأت إلى كامل؛ فألحقها بفرقته، وبدأت عملها بإلقاء بعض المقطوعات الغنائية بين الفصول الفكاهية، ثم اشتركت في التمثيل، ولما اشتهرت هجرت المسرح، وأنشأت كازينو توحيدة، وبذلك تكون الست توحيدة أول ممثلة كوميدية في مصر".

ويعقب سعيد على ذلك بقوله: "بالنسبة لأدوارها التمثيلية الكوميدية الأولى على مسرح الابتهاج لم تصور سينمائياً حتى بدون صوت".

"ألف ليلة وليلة" يتعاقد مع توحيدة

لم تصمد والدة توحيدة على وضع ابنتها مع كامل، فيروي مؤلف "القاهرة وما فيها" ما حدث بعد ذلك بقوله: "بعد الشهرة المدوية فاتحت والدة توحيدة الأستاذ كامل، وأصرت على أن يعطي لابنتها راتباً شهرياً، فغضب بشدة، ونشبت بينهما مشادة كبيرة، قررت الأم بعدها أن تمتنع الابنة عن التمثيل في مسرحه، وأن تغادر إلى بيت آخر تستأجره".

في أواخر القرن التاسع عشر، عاد إلياس فخر الدين إلى منزله في لبنان ليتفاجأ بابنته تغني بصوت قوي متدفق... قرر الأب صنع دواء يُذهب "عار" صوتها، إلا أن والدتها تصدت لذلك، ليُدوّن التاريخ اسم "الست توحيدة" التي شغلت مصر لسنوات طويلة قبل اختفاء أثرها

سمع أهل الأزبكية كلهم بخبر هذه المشادة، خاصة من يهتم بالفن منهم، وتنافس على التعاقد مع الست توحيدة كثيرون، منهم صاحب ملهى "الإندرادو" و"ألف ليلة وليلة"، وكانت المنافسة شديدة بينهما، حتى نجح الأخير ويدعى مانولي في الفوز بالتعاقد معها.

أدرك مانولي أن توحيدة تتمتع بصوت جميل، وأن رواد الملاهي في ذلك الحين يؤثرون الطرب على فن المسرح، فقرر أن يظفر ملهاه بأكبر نصيب من الشهرة، وعهد إلى الفنان عوض بو جادي، وكان من أشهر المطربين في ذلك الوقت، بمهمة تدريبها على أداء الغناء الصحيح وتلقينها مبادئ هذا الفن، بحسب سعيد.

يقول مؤلف كتاب "القاهرة وما فيها": "خلال فترة بسيطة استطاعت توحيدة تعلم الغناء المصري وحفظ أدوار كبار المطربين، منهم عبده الحامولي ومحمد عثمان وإسماعيل القباني، ولم تكد تظهر على المسرح حتى صادفت نجاحاً كبيراً، واجتذبت جماهير المترددين على الملاهي، في ذلك الحين".

الست توحيدة تتمرد على العادات

بعد مرور فترة وجيزة، قفزت توحيدة إلى صفوف المقدمة الأولى التي تحتلها المطربات الشهيرات، وفي إحدى الليالي قدمت مفاجأة مذهلة بمقاييس ذلك العصر، إذ وقفت على المسرح عام 1905، وقد ارتدت الملاءة الحريرية والفستان الموشى بالذهب، وتحلت بأنماط من الحلى الثمينة، لكنها كانت بغير حجاب يستر وجهها، وكان ذلك بمثابة قنبلة دوت في أرجاء القاهرة.

تحدث الناس في كل مكان عن الجرأة العجيبة التي واتت هذه المطربة الموهوبة، وبهذا سجلت السبق الأول في مغامرة أذهلت أهل مصر، وجعلت الجمهور يتهافت على دخول المسرح الذي تغني على خشبته، بحسب سعيد.

في إحدى الليالي قدمت مفاجأة مذهلة بمقاييس ذلك العصر، إذ وقفت على المسرح عام 1905، وقد ارتدت الملاءة الحريرية والفستان الموشى بالذهب، وتحلت بأنماط من الحلى الثمينة، لكنها كانت بغير حجاب يستر وجهها. 

ويُرجع المؤلف ذلك لسببين، الأول ربما كان لمجرد جذب الجمهور لمسرحها، والآخر قد يكون ثأراً من الأب الذي رأى في مجرد ظهورها وهي طفلة تغني أمام نساء القرية عاراً يستوجب محو صوتها من الوجود.

ويشير سعيد إلى أن "بعض الموسيقيين يعتبرها من أهم المطربات الشرقيات بعد الست ألمظ التي أحبها وارتبط بها سلطان الطرب عبده الحامولي؛ فقد كانت حانتها مدرسة للطرب، وملتقى لكبار الملحنين والمطربين من أمثال الحامولي وداود حسني والقباني وسيد درويش".

ويتابع المؤلف: "تعرفت توحيدة على الملحن القدير محمد القصبجي، وقدم لها لحنه الشهير ′الحب له أحكام′، عام 1917، الذي اشتهرت به وهو من مقام الزنجران، ويعتبر القصبجي أول من استخدم هذا المقام، فسيد درويش لم يلحن ′في شرع مين′ من مقام الزنجران، إلا بعدما استمع إلى الست توحيدة تغني للقصبجي طقطوقة ′الحب له أحكام′".

مانولي يحافظ على الكنز بالزواج

جذب مسرح "ألف ليلة وليلة" الوجهاء بسبب توحيدة، وامتلأت جيوب مانولي بالأموال، لكن قلبه انشغل بها، أو ربما ادعى ذلك، خاصة بعد أن بدأ أصحاب المسارح الأخرى في تقديم العروض السخية لها، من أجل جذبها إليهم.

وبحسب كتاب "القاهرة وما فيها"، خشي مانولي أن يفقد كنزه وقلبه، فحاصرها بحبه، وبمجموعة من الجواسيس ترصد حركاتها ودخائل حياتها، ثم تقدم لها وتزوجها، و"ظلت لسنوات في الملهى تغني أغنيات غيرها، حتى قررت أن تكون لها أغنيات خاصة بها، وقد كان وغنت أغنيتها الأولى ′في البعد ياما كنت أنوح... ومهجتي كادت تروح... لكن لطف ربي سلم′".

وازدادت شهرة الست توحيدة، وكذلك غرام مانولي بها، حتى أقام على زوجته جيشاً من الحراس الأشداء، ينتشرون في المسرح لإبعاد المعجبين الرذلاء عنها، فكانوا يضربون كل متفرج تسول له نفسه أن يبدي إعجابه بأسلوب فج أو يحاول مغازلة الوجه.

غرام شاب بتوحيدة يحرق حراسها

يكشف سعيد واقعة عجيبة حدثت مع أحد معجبي الست توحيدة: "هناك من هام بها جداً، ولم يوقفه حراس، هو شاب من رواد الملهى من أبناء الصعيد، شغفها حباً وواصل الحضور يومياً لعله يظفر بخلوة لدقائق معها، أو للحديث والجلوس بحضرتها، وبذل جهوداً جبارة في هذا الصدد، وفشل، لأن عيون الرقباء كانت تلاحقه لحظة بلحظة".

ويواصل المؤلف سرد الرواية: "فاض الأمر به فجاء إلى الملهى ذات ليلة وقد أفرط في الشرب، وراح يقاطع غناء توحيدة بصرخات هستيرية، فتكالب عليه الحراس يريدون إخراجه، ولم يمهلهم الشاب طويلاً، بل أخرج زجاجة ماء نار من جيبه وقذف بها عليهم متجنباً الست توحيدة، فأصيب بعضهم إصابات شديدة، وأحاط الجمهور بالشاب المعتدي، ونزلت توحيدة من على خشبة المسرح في اتجاه الشاب الذي استطاع الإفلات من بين أيدي الجمهور، ووصل إليها وأمسك بيدها يقبلها في شغف ونهم، وهو يقول: ′ما يهمنيش أي حاجة بعد كده، اللي عايزينه اعملوه′، وصالحوه بعد دفعه قيمة علاج الحراس، على ألا يعود مرة أخرى إلى الملهى".

أتاتورك في ضيافة توحيدة

في عام 1913، عندما زار الضابط التركي الشاب مصطفى كمال الذي سمي في ما بعد باسم أتاتورك مصر، بعد أن فشل الجيش التركي في صد الغزو الإيطالي على طرابلس، قصد ملهى "ألف ليلة وليلة" فرحب به مانولي، وكلف زوجته توحيدة بأن ترحب بالضيف، فأمرت تختها بأن يعزفوا مقطوعات من الموسيقى التركية، وغنت على إيقاع بعضها، فطرب الأول لذلك، ورد تحيتها بأن قدم لها عدة زجاجات من الشمبانيا، وظلت تغني حتى مطلع الفجر.

ولم تضِع هذه الليلة من الذاكرة، فقد كتب أتاتورك في مذكراته التي ترجمت إلى أغلب لغات العالم، فصلاً طويلاً عن بهجة تلك الليلة الفنية الرائعة التي أمضاها مستمتعاً بفن المطربة المصرية توحيدة، حسب ما روى سعيد.

وفاة مانولي... توحيدة تفكر بمشروعها الخاص

تقدم السن بالزوج مانولي، وبدأت توحيدة تتحرر من رقابته وسلطان حراسه، وانتبهت إلى أن أقاربه أظهروا أنياب الجشع، وبدأوا في جمع البيانات عن ثروته، وشرعت تدخر لنفسها ثروة خاصة، وأكثرت من مجالسة المعجبين ومشاركتهم الشراب، مع حرصها على الرجوع إلى منزلها بمفردها، وألا تتجاوز علاقتها بالمعجبين المجالسة داخل الملهى، ورغم ذلك أغدق عليها الأغنياء ثروات طائلة، وبعضهم قدم لها هدايا عقارية ضخمة.

عند وفاة مانولي خاضت مع ورثته من أبناء إخوته وأعمامه معارك قضائية، حتى صفيت تركته ورضيت بنصيبها منها، وكان هذا آخر عهدها بمسارح حي الأزبكية، وفق مكاوي.

اختارت توحيدة إقامة المشروع الفني باسمها في شارع عماد الدين الذي كان آنذاك بمثابة عاصمة للفن في الشرق الأوسط كله، تجاور أساطيره وعمالقته، مثل يوسف وهبي ونجيب الريحاني وعلي الكسار، وافتتحت ملهاها الذي أسمته "البيجو بالاس"، وظلت تغني على خشبته لسنوات، وأغلقت قلبها تماماً أمام المغامرين حتى أدركتها الوفاة عام 1933، ولم تظهر على شاشات السينما مطلقاً.

"يشاع أن الست توحيدة كانت تشترط الغناء في الهواء الطلق، رغبة في إيصال صوتها لكل محبيها وعشاقها، وترفض التسجيل... لذلك لا توجد عنها ولا عن فترتها الطويلة في الغناء الشرقي التي تعدت الثلاثين سنة أية معلومات"

يشير مؤلف "القاهرة وما فيها" إلى أن "ثروة الست توحيدة أحصيت بعد وفاتها، فإذ لديها ستة منازل كبيرة، من بينها منزل كانت قد اشترته من إبراهيم الغربي، تاجر الرقيق المعروف، وقصر فخم في حي الزمالك، وكانت قد فقدت أمها وشقيقتها وشقيقها، ولم يتبق لها من قريب سوى ابنة شقيقتها التي ورثت من ثروتها".

الست توحيدة... مطربة بلا أثر

يصف سعيد الست توحيدة بأنها "مطربة بلا أثر"، فيقول: "من ضروب المستحيلات العثور على تسجيل لصوتها تغني إحدى طقاطيقها أو أغنياتها مثل الست ألمظ، والست ساكنة وبقية المغنواتية الذين فاتهم عصر التسجيلات، لكن المدهش أنها غنت وتألقت في أوج عصر التسجيلات، وتوجد لقريناتها المغنيات أسطوانات وتسجيلات بأصواتهن، ومن أشهرهن السيدة منيرة المهدية".

ويوضح المؤلف السبب وراء ذلك: "يشاع أن الست توحيدة كانت تشترط الغناء في الهواء الطلق، رغبة في إيصال صوتها لكل محبيها وعشاقها، وترفض التسجيل"، مؤكداً أنه "لا توجد عنها ولا عن فترتها الطويلة في الغناء الشرقي التي تعدت الثلاثين سنة أية معلومات".

مرسي عزيز يسرق أغنية الست توحيدة

يكشف سعيد أن الشاعر الغنائي الشهير مرسي جميل عزيز غير كلمة في طقطوقة للست توحيدة ونسبها إلى نفسه.

يقول: "من سوء حظها أن الكتاب الوحيد الذي صدر عام 1922، وعنوانه ′طقاطيق الست توحيدة المغنية الشهيرة في ألف ليلة وليلة′، ضم عشرات الأغاني التي غنتها، ومنها أغنيتها الشهيرة ′يابا القمر ع الباب نور قناديله/ أرد يابا الباب – ولا أناديله′، استبدل الشاعر الغنائي مرسي جميل عزيز كلمة ′يابا′ بـ′ياما′، وأعلن أنها من تأليفه، وغنتها المطربة فايزة أحمد في الستينيات".

في السياق ذاته، تحدث نبيل حنفي محمود، في كتابه "معارك فنية"، عن هذه الواقعة أيضاً، بقوله: "في الصفحة الثانية عشرة من عدد 18 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1961 من ′أخبار اليوم′، كتب جليل البنداري مقالة بعنوان: ′حبك نار... بتلموني ليه... يامه القمر ع الباب... الأغاني التى ألفها غيره واشتهرت باسمه′، وكانت المقالة بمثابة عريضة دعوى أو اتهام لمرسي جميل عزيز، بسرقة مجموعة من الأغنيات".

ومن أشهر الطقاطيق التي غنتها الست توحيدة هي "في البعد ياما كنت أنوح"، و"الحب له أحكام"، و"إن كنت شاريني متتألشي... أكتر من كده ما استحملشي" "والله على شكلك وحلاوتك... يا نقاوة يا طرح البدرية".

واقعة مرسي عزيز ليست الوحيدة

وبالإطلاع على نسخة بصيغة الـpdf لكتاب "طقاطيق الست توحيدة المغنية الشهيرة في ألف ليلة وليلة"، تبين أنه يحتوي على 243 طقطوقة، مرتبة وفقاً للترتيب الأبجدي.

وظهر أن واقعة مرسي جميل عزيز في نسب أغنية "ياما القمر على الباب" إلى نفسه ليست الوحيدة، إذ أن هناك طقطوقة للست توحيدة بعنوان: "أهو دا اللي صار ودي اللي كان... مالكش حق تلوم عليه"، وهي الأغنية المعروفة لسيد درويش، كان بديع خيري قد غيّر بعض كلماتها ونسبت إليه أيضاً. 

كما توجد في الكتاب طقطوقة بعنوان: "الحلوة قامت تعجن في البدرية... والديك بيدن كوكوكو في الفجرية"، وهي الأغنية الشهيرة أيضا لسيد درويش، ونسبت كلماتها كذلك إلى خيري.

وضمن الكتاب طقطوقة أخرى بعنوان: "زوروني كل سنة مرة... حرام تنسوني بالمرة" التي غناها سيد دوريش، والشيخ إمام، وحامد مرسي، وفيروز وحبيبة مسيكة، ونسبت إلى المؤلف محمد يونس القاضي.

وتوجد إحدى الطقاطيق بعنوان "صيد العصاري يا سمك يا بني... تلعب بالميه لعبك يعجبني"، وهي الأغنية التي غنتها المطربة المصرية ودودة المنيلاوية، والسوري صباح فخري، وأخرى "طلعت يا محلاها نورها.. شمس الشموسة" لسيد درويش.

كما توجد طقطوقة حملت عنوان: "كل ماجول التوبة... ترميني المجادير"، والتي غيّر الشاعر عبد الرحمن الأبنودي في كلماتها وأصبحت "أنا كل ما قول التوبه يا بوي.. ترميني المقادير يا عين"، وغناها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ.

وتضمن الكتاب طقطوقة بعنوان "وحوي وحوي إياحه"، والتي تغيرت كلماتها وأصبحت الأغنية الشهيرة المعروفة، الخاصة بقدوم شهر رمضان، من تأليف حسين حلمي المانسترلي، وغناها أحمد عبد القادر، وتقول: "وحوي يا وحوي اياحة... روحت يا شعبان اياحه... وحوينا الدار جيت يا رمضان... هل هلالك والبدر أهو بان". 


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image