شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
غشاء الرعب... احتفال النزف

غشاء الرعب... احتفال النزف

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الخميس 28 يناير 202112:36 م

بينما كانت فتيات العالم يحلمن بقصر وردي وأمير على حصان أبيض، كنت أعيش رعباً أسودَ يمنعني حتى من الحلم! أذكر أن أمّي حكت لي قصة غشاء البكارة عندما كنت في العاشرة من عمري.

قالت لي: "شوفي ماما هون في إشي اسمو غشاء البكارة إذا دخّلتي إصبعك أو أي إشي تاني بيخرب وبينزل دم وإذا نزل دم ما عاد بتتزوجي وبيقتلوكي أخوكي وأبوكي ديري بالك يا أمي".

وقتها، لم أنفك عن التفكير بما قالته لي ولم أستطع بعدها اللعب كباقي الفتيات اللواتي بنفس عمري! صار غشاء البكارة كابوساً لطفلة بعمر عشر سنوات.

بعد أربعة أعوام، أي في عامي الرابع عشر، أذكر تماماً كم كانت صدمتي قويةً عندما رأيت بقعة دم كبيرة على سروالي الداخلي! صرت أبكي وظننت أني فقدت غشائي أو أني سأُذبح.

استمر النزف ثلاثة أيام، كنت فيها غير قادرة على إخبار أمي بما يحصل، خوفاً منها ومن إخوتي وأبي. لكن آلامي كانت أقوى من مخاوفي. أمسكت سروالي وذهبت به إليها وقلت لها: "أنا ما عملت إشي والله بس شوفي إيش صار".

ضحكت في وجهي وسألت: "من أيمت وبيحصل هيك؟". أجبتها بخوف: "ما بعرف". قالت: "مبروك ماما إنت صرتِ صبيّة كبيرة وفينا نزوجك هلأ ورح نعملّك حفلة كبيرة ونعزم خالاتك وعماتك".

وفعلاً... كان وعدها صادقاً. أقامت لي حفلاً كبيراً لأني... أنزف! وتركت آلاف الأسئلة عالقة في رأسي دون أجوبة.

كيف قالت لي إن نزول الدم يعني أنني لن أتزوج وسأذبح، واليوم عندما أخبرتها عن نزول الدم قالت إنها ستزوّجني وأقامت لي حفلاً دون أي شرح لما يحدث!

علمت في ما بعد أنها الدورة الشهرية وأن لها علاقة بالبلوغ ولا علاقة لها بالبكارة، وأن غشاء الأنثى يحدد إذا كانت قد أقامت علاقة جنسية قبل الزواج أم لا.

نزول قطرات دم من مهبلك عند الزواج مقياس لطهارتك وعفتك!

"ما يؤسف أننا حتى عامنا هذا، وبالرغم من كل التقانة والحداثة والتطور الذي نواكبه، هنالك الكثير من الأمهات اللواتي يروين لبناتهن قصة ‘غشاء الرعب’ ويقمن لهنّ ‘احتفال النزف’!"

تعمقت أكثر لفهم المجتمع الذي يقيّم الأنثى بجسدها وتضاريسها وحتى استدارة نهديها، المجتمع الذي يقول فيه الآباء للبنات إن الأنثى كطبق الحلويات ولا أحد يرغب بشراء حلوى مكشوفة، المجتمع الذي تُربّي فيه الأمهات بناتهن على الرضوخ والطاعة، المجتمع الذي يهتم في ما إذا كنتِ ماهرةً في إعداد الطعام أكثر من براعتك وشغفك بالشطرنج!

الأنثى إنسان أيضاً... والإنسان كتلة مشاعر دفاقة، يحق له أن يسأل دون خوف، يحق له أن يتعلم وأن يفهم ما يحيط به.

"سأصير أماً فخورةً بالبطن الذي يحمل في جوفه ‘أنثى’. لن أشغل تفكير طفلتي بغشاء لا تشعر بوجوده بين قدميها. لن أقيم لها حفلاً لأن بويضتها انفجرت في رحمها الصغير لأنها لم تلقَّح وسبّبت لها نزيفاً"

ما يؤسف أننا حتى عامنا هذا، وبالرغم من كل التقانة والحداثة والتطور الذي نواكبه، هنالك الكثير من الأمهات اللواتي يروين لبناتهن قصة "غشاء الرعب" ويقمن لهنّ "احتفال النزف"!

والأكثر أسفاً من هذا كله أنها مسألة عادات وتقاليد، وأنها حكاية متوارثة.

سأصير أماً فخورةً بالبطن الذي يحمل في جوفه "أنثى". لن أشغل تفكير طفلتي بغشاء لا تشعر بوجوده بين قدميها. لن أقيم لها حفلاً لأن بويضتها انفجرت في رحمها الصغير لأنها لم تلقَّح وسببت لها نزيفاً.

لن أكون أمي.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image